لعل الملمح الأساسي لانتخابات التجديد النصفي بنقابة الأطباء والتي ستجرى يوم الجمعة القادمة 11 أكتوبر/ تشرين الأول هو أنها ستكون مثل سابقتها، انتخابات فاترة، مع العلم بأن هذه الدورة تتضمن، بالإضافة إلى نصف مقاعد النقابة العامة، ونصف مقاعد المجالس الفرعية، مقعد النقيب العام، ونقباء النقابات الفرعية بالمحافظات أيضًا.
ولعل سبب هذا الفتور هو أن المنافسة على مقعد النقيب العام، ومقاعد مجلس النقابة العامة، تكاد تنحصر بين ثلاث قوائم تتسم جميعها بالضعف وإن اختلفت أسبابه. والمقصود هنا أنه ليس هناك من قائمة أو عدة قوائم ذات جماهيرية عريضة لتعطي لهذه الانتخابات الزخم المفقود.
وقبل التعليق على أوضاع تلك القوائم، يجب التأكيد على أن هذا الأمر ليس جديدًا، فمنذ سيطرة تيار الإخوان المسلمين على نقابة الأطباء لأكثر من عشرين عامًا، تلتها ثماني سنوات سيطر فيها ما يسمى بتيار الاستقلال، لم تتجاوز نسبة من قاموا بالتصويت 6% من مجمل الأطباء في معظم الدورات الانتخابية التي تتكرر كل عامين، كل مرة على نصف المقاعد بالتبادل.
ولا بد من اعتبار تدني نسب التصويت، وفشل انعقاد العديد من الجمعيات العمومية، وانصراف الأطباء عن العمل النقابي، نتيجة وسببًا في نفس الوقت لضعف الأداء النقابي.
لم يستطع الأطباء أبدًا تقديم الممثل النقابي الذي يحظى بدعم قوي قابل للتجسد في أية لحظة من عموم الأطباء، ولم تتحول نقابة الأطباء إلى قوة ضغط، كما هو المفروض، للحفاظ على مصالح الأطباء، وهو ما تجلى في حقيقة الضعف المزمن لهذه النقابة، وهذا ما أطلق يد الجهات التنفيذية في فرض النظام الطبي الذي تراه، بصرف النظر عن صراخ الأطباء بسبب تدني الرواتب وسوء ظروف العمل وعدم توفر الأمن، وتوقف الدعم والتطوير فيما يخص الغالبية العظمى من الأطباء أي الأطباء العاملين بوزارة الصحة.
قائمة الاستقلال
مجموعة قائمة الاستقلال هي التي تسيطر على النقابة منذ ثماني سنوات، ومرشحها لموقع النقيب هو حسين خيري النقيب الحالي.
ملمح قوة هذه القائمة الوحيد، من وجهة نظري، يعود لإمتلاكها ماكينة انتخابية هادره تتشكل من مجموعة من الأطباء المتحمسون في كل لجنة فرعية على مدار جميع محافظات مصر بدون استثناء تقريبًا، تعمل جميعًا بشكل مركزي شديد الالتزام، ومن هنا قدرتها على السيطرة على معظم مقاعد النقابة العامة ومقعد النقيب بصرف النظر عن عدد اللجان الفرعية التي تتمكن منها.
أما نقاط ضعف هذه القائمة فهو بشكل أساسي يعود لإحساس معظم الأطباء بأنها لم تقدم لهم شيئًا خلال مدة قيامها على شؤون النقابة في فترة السنوات الثماني المنصرمة.
اقرأ أيضُا: كيف تستعيد نقابة الأطباء "شبابها" المفقود قبل غضب يوليو؟
قائمة المستقبل
تعد قائمة المستقبل انشقاقًا طوليًا على قائمة الاستقلال، ومرشحها لمقعد النقيب هو أسامة عبد الحي، وكيل نقابة الأطباء الحالي.
ملمح قوة هذه القائمة الأساسي يعود إلى كونها خروجًا ديموقراطيًا على تعاليم مؤسس حركة أطباء بلا حقوق، د. مني مينا، زعيمة تيار الاستقلال الذي سبقت الإشارة إليه، الملمح الآخر لقوة قائمه المستقبل هذه، يعود إلى تواجدها في العديد من اللجان الفرعية، على حساب قائمة الاستقلال في معظم الأحيان.
أما ملمح الضعف الأساسي هنا، فأظنه في عدم قدرتها على التمايز البرنامجي عن القائمة الأم، في الحقيقة لقد كانت فرصة طيبة جدًا لتبني برنامجًا يختلف جذريًا عن برنامج قائمة الاستقلال المطلبي المعيب، كان يجب الانتباه لوضع الأغلبيه المنسية في وزارة الصحة بلا تعليم وبلا تدريب وتضييق خانق في فرص الحصول على الشهادات الطبية، التي ما زالت إلى يومنا هذا، هي الأساس في التنافس على أي فرصة للترقي، كان تبني مثل هكذا برنامجًا كفيلًا في ذاته لإعادة غالبية الأطباء لجادة العمل النقابي، وهذا هو الطريق الصحيح لنقابة أقوى للأطباء، ولكن هذا لم يحدث.
قائمة أطباء مصر
مرشحها لمقعد النقيب أحمد رؤوف، ولعل أبرز ملمح من ملامح ضعف هذه القائمه هي عدم تواجدها في معظم اللجان الفرعية، إذ يبدو أنها قد تكونت فعليًا بعد أن تم إغلاق باب الترشح.
قد تسيطر هذه القائمة على بعض اللجان الفرعية ولكن حظوظها بالنسبة للنقابة العامة وموقع النقيب، فيما أظن، تعد فقيرة، ملمح قوة هذه القائمة تتمثل في وجود النجم الساطع في سماء نقابة الأطباء، د. خالد سمير، المنظر والمدافع القوي عن النظام الطبي القائم وكذلك عما تقوم به الإدارة من تطوير ومن فرض لقوانين ولوائح جديدة لزوم هذا التطوير.
بخصوص بقيه المرشحين على مقعد النقيب العام الثلاثة عشر الذين لا تدعمهم أية قوائم كبيرة، فهم جميعًا في مهب الريح، صحيحًا أن بعضهم قد يحصل على عدة أصوات هنا أو هناك، لكن التراكم الضروري لدفع أحدهم لمنطقة الصراع على القمة لا يمكن أن يحدث بهذه العشوائية.
أما بالنسبة للقوائم الانتخابية المحلية، أي تلك التي تتنافس فقط على مستوى مجالس النقابات الفرعية، وهذه ما أكثرها في معظم المحافظات، وهذه القوائم عادة ما يشكلها أحد مديري المستشفيات أو الإدارات الحكومية الكبيرة في تلك المحافظات، الملاحظة الأولى هنا، أن مثل تلك القوائم عادة ما تتصدى للأمور الخدمية فقط، ولا تهتم كثيرًا بمسألة نقد أو حتى محاولة فهم اتجاهات تطور النظام الطبي في مصر ككل.
الملاحظه الثانية، أن هذه القوائم المحلية تتعدد في أغلب الأحيان وهنا عادة ما يحدث تفتيتا مهلكة للأصوات وتتلاشى جميعًا لصالح القوائم القطرية.
اقرأ أيضًا: طريق ثالث: هكذا يخرج الأطباء من النفق ويتوقف المواطن عن ضربهم
اقرأ أيضًا: في انتظار النقيب القادم: توحّش المستشفيات الجامعية وامتيازات أساتذة الكليات