انتهت نيابة أمن الدولة العليا، عصر اليوم اﻷحد، من التحقيق مع المدون والمبرمج علاء عبد الفتاح في القضية 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، بعد ظهوره في مقر النيابة عقب القبض عليه من محيط قسم شرطة الدقي، الذي يؤدي فيه حكمًا بالمراقبة لمدة 5 سنوات.
أثناء التحقيق مع عبد الفتاح في نيابة أمن الدولة فوجئ محاميه الحاضر عنه محمد الباقر، مدير مركز عدالة الحقوقي، بتوقيفه بموجب أمر ضبط وإحضار لم يعلم عنه شيئًا من قبل، وتم ضمه للقضية نفسها مع عبد الفتاح، وما تزال التحقيقات جارية معه حتى كتابة هذا التقرير، بحسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
من النيابة إلى القضية
سبق الباقر في التعرّض لمثل هذا الموقف، المحامية ماهينور المصري، والتي ألقي القبض عليها مساء يوم 22 سبتمبر/ أيلول 2019، من أمام مجمع محاكم القاهرة بالتجمع الخامس، عقب حضورها تحقيقًا تجريه نيابة أمن الدولة مع أحد موكليها ممن ألقي القبض عليهم عقب مظاهرات الجمعة 20 سبتمبر.
حالة الباقر والمصري كنموذج لإلقاء القبض علي المحامي أثناء تأدية عمله؛ تأتي ضمن حالات أخرى للقبض على محكومين أو متهمين في قضايا سياسية من محيط أقسام شرطة يؤدّون فيها المراقبة أو التدابير الاحترازية.
مراقبة ثم اختفاء ثم قضية جديدة
أعلنت منى سيف، شقيقة عبد الفتاح، قبل ساعات من ظهوره في نيابة أمن الدولة أن الأسرة أرسلت تلغرافًا للنائب العام بخصوص "واقعة اختطاف شقيقها من قسم الدقي أثناء تنفيذه المراقبة واحتجازه في مكان غير معلوم".
وأمضى عبد الفتاح حكمًا بالسجن لمدة 5 سنوات في قضية "أحداث مجلس الشورى"، ويقضي حاليًا العقوبة التكميلية وهي المراقبة في القسم لـ 5 سنوات أخرى، بعد الإفراج عنه في 29 مارس/ أذار الماضي.
شهدت قضية "أحداث مجلس الشورى" صدور قرارات عفو رئاسي بحق متهمين فيها، كان الاستثناء بينهم علاء عبد الفتاح، وعبد الرحمن طارق (موكا)، فكلاهما أتم عقوبة السجن 5 سنوات للأول و3 سنوات للثاني؛ وبالتالي خضعا بعدها لعقوبة المراقبة للمدة نفسها التي قضياها في السجن.
والمراقبة، وفقًا لما يشرحه للمنصّة، المحامي طاهر أبو النصر، هي "حكم يصدر عن محكمة الموضوع، كعقوبة تكميلية، غالبًا ما تكون لمدة 12 ساعة، وتصدر بحق المدانين بأحكام قضائية".
موكا
ما وقع لعبد الفتاح اليوم، حدث قبل 19 يومًا مع "موكا"، إذ اختفى في 10 سبتمبر/ أيلول الجاري، وكان آخر مكان معلوم تواجده فيه هو قسم قصر النيل، حيث يؤدي مراقبته لـ 12 ساعة يوميًا، من السادسة مساءً إلي السادسة صباحًا، وفقًا لما وثّقه مركز حقوقي.
ومثلما فعلت أسرة عبد الفتاح، تقدم المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ببلاغين للنائب العام ووزير الداخلية، بشأن "اختفاء موكا من محيط قسم شرطة قصر النيل في أثناء رحلته اليومية لقضاء ساعات المراقبة الشرطية".
ونقل المركز، في بيان له عقب اختفاء موكا، شهادة أسرته عن الواقعة، والتي أفادت بأنه "توجه لتنفيذ المراقبة، و عقب انتهاء مدتها حاولوا التواصل معه للإطمئنان عليه، لكنهم فوجئوا بأن هاتفه المحمول مغلق، ثم توجهوا للسؤال عنه في قسم الشرطة، لكن المسؤولين هناك أنكروا وجوده".
وفي اليوم التالي، ظهر طارق أمام نيابة أمن الدولة، التي قضت بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق، وذلك بعدما ضمته للقضية 1331 لسنة 2019، والتي تتضمن اتهامات مثل "الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة"، بحسب محامي المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
أكسجين
المدون محمد إبراهيم (أكسجين)، واحد ممن تعرّضوا للوقائع نفسها، وفقًا لما وثّقه محامو الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان. إذ أعلنت الشبكة، في بيان مقتضب لها في 21 سبتمبر الجاري، أن "قسم شرطة البساتين رحّل محمد أكسجين إلى مقر الأمن الوطني أثناء تواجده داخل القسم لتنفيذ التدابير الاحترازية الخاصة به في القضية رقم 621 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، ولم يطلق سراحه حتى الآن وتليفونه ما يزال مغلقًا".
وعقب اختفائه بيوم ظهر محمد إبراهيم كواحد من المحتجزين على ذمة قضية مظاهرة 20 سبتمبر الجاري الذين تجاوز عددهم حتى الآن ألفي مواطن.
يوضح المحامي طاهر أبو النصر، أن التدابير الاحترازية هي بديل للحبس الاحتياطي، وأنها عبارة عن عدد ساعات تقدّرها جهة التحقيق، يقضيها المتهم في قسم الشرطة التابع له عدد مرات معين في الأسبوع أو طوال أيام الأسبوع.
ويضيف أبو النصر أن التدابير تخضع في إجراءاها للقواعد نفسها الخاصة بالحبس الاحتياطي فيما يتعلق بـ"البت في موعد تجديدها، ومدته"، مشيرًا إلى أن الحد الأقصى لها سنتان.
ويفرّق المحامي الحقوقي بين المراقبة والتدابير في أوجه عدّة، من بينها أن المراقبة تكون لمدة 12 ساعة، بينما التدابير تكون لمدة 3 ساعات كل 3 أيام، ويتم تخفيض مدتها مع الوقت.
وعلى الرغم من الاختلافات، تلقى كل من المراقبة وكذلك التدابير الاحترازية انتقادات حقوقية، إلاّ أن المحامي طاهر أبو النصر يرى أنه ومع التوسع في الحبس الاحتياطي مؤخرًا "صار أمل المحامين هو إخلاء سبيل موكليهم، ولو حتى مع التدابير الاحترازية".
.. ومحمد عادل وهيثم محمدين
من بين المقبوض عليهم أثناء تنفيذ المراقبة الشرطية، الناشط السياسي محمد عادل، أحد مؤسسي حركة 6 إبريل، والذي ألقت الشرطة القبض عليه، في يوليو/ تموز 2017، أثناء خروجه من مركز شرطة أجا، عقب تسجيل المراقبة اليومية لمدة 3 سنوات، وتم ضمه فيما بعد لقضية نشر أخبار كاذبة عبر صفحته على فيسبوك.
وأيضًا، تكرر نفس الموقف مع المحامي هيثم محمدين قبيل أدائه التدابير الاحترازية في قسم شرطة الصف بمحافظة الجيزة، وذلك من قبل قوة أمنية غير تابعة للقسم الذي أكد عدم تواجده في موعد التدابير؛ ما قد يستتبع إجراءات قانونية ضده، باعتباره "متهربًا من أداء التدابير"، وفقًا لما أخبره لمحاميه فيما بعد، حين ظهر كمتهم على ذمة القضية القضية 741 لسنة 2019 حصر أمن الدولة، والتي يواجه فيها اتهامات مثل "ارتكاب جرائم مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، وتلقي تمويل بغرض إرهابي".
ويثبت المتهم الخاضع للتدابير الاحترازية التزامه بها من خلال دفتر يوميات يتسلمه من السلطات، ويوقّع فيه بمواعيد حضوره وانصرافه، وفقًا لأبو النصر الذي لا يرى في الالتزام بالمراقبة أو التدابير حماية من ضمه لقضية جديدة، خاصة وأن تطورات الأحداث الجارية مؤخرًا أدت إلى حالات إلقاء قبض على مواطنين لا يخضعون لتدابير أو مراقبة ومن أماكن مختلفة وليس من دائرة قسم الشرطة.
حالات متكررة
وتأتي الحالات التي استعرضها هذا التقرير كجزء من حملة أمنية موسعة ألقي فيها القبض على أكثر من ألفي مواطن وفقًا لحصر بالأسماء تجريه مراكز محاماة مستقلة، بعد دعوات الاحتجاج التي أطلقها الممثل والمقاول محمد علي ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم الجمعة 20 سبتمبر.
ولاقت هذه الحملة انتقادات حقوقية محلية ودولية، إذ طالبت منظمة العفو الدولية، في بيان لها الأسبوع الماضي، السلطات المصرية بـ"إنهاء موجة الاعتقالات الجماعية التعسفية، والإفراج عن جميع المعتقلين لممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير والتجمع"، وكذلك بيان للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، التي انتقدت حملة الاعتقالات الأخيرة، لترد وزارة الخارجية المصرية معتبرة هذه الانتقادات غير صحيحة وأن إجراءات القبض تأتي في سياق مخالفة هؤلاء للقانون المصري.