تجري أجهزة الأمن في شمالي سيناء تحقيقاتها في واقعة السطو المسلح على أموال مكتب بريد قرية الروضة في مركز بئر العبد صباح اليوم، في حادثة يُعتقد أن تنظيم ما يسمى ولاية سيناء هو مَن يقف خلفها.
وذكر مصدر أمني أن قوات معززة وصلت إلى قرية الروضة لتمشيط المناطق المحيطة، بجانب عمليات حصر للأموال التي استولى عليها المهاجمون، والاستماع إلى روايات شهود العيان من موظفي مكتب البريد.
فيما رجح موظف يعمل في المكتب أن "إجمالي الأموال التي استولى عليها المهاجمون تصل إلى نحو 75 ألف جنيه".
وبحسب روايات سكان من القرية للمنصة فإن "سيارة بيك-أب بيضاء توقفت أمام المكتب صباح اليوم وترجل منها 3 ملثمين يحملون أسلحة رشاشة احتجزوا الموظفين في غرفة بالمكتب تحت تهديد السلاح، قبل الاستيلاء على الأموال، والخروج من المكتب".
أوضح مصدر أمني أن السيارة التي استخدمها المهاجمون أبلغ في وقت سابق عن سرقتها.
تابع شهود العيان أن العناصر انطلقوا بسيارتهم من أمام مكتب البريد إلى جنوب القرية حيث يوجد محل بقالة اشتروا منه مواد غذائية، ثم انطلقوا بسرعة إلى الجهة الصحراوية جنوب القرية.
الظهير الصحراوي الجنوبي للقرية هو نفس الطريق الذي جاء منه عناصر تنظيم ولاية سيناء الذين نفذوا مذبحة مسجد قرية الروضة في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2017، والتي خلفت 305 قتلى، و124 مصابًا وفق التقديرات الحكومية.
تخضع قرية الروضة منذ مذبحة المسجد لتواجد دائم لقوات إنفاذ القانون من الجيش والشرطة التي تتمركز عند مسجد القرية الذي شهد المذبحة، ويعتلي أفراد من الأمن مئذنة المسجد شاهقة الارتفاع للرصد البعيد، وتتمركز أحيانًا مدرعة في مدخل القرية المطل على الطريق الساحلي الدولي الرابط بين بئر العبد ومدينة العريش.
ويقع مكتب بريد القرية على بعد أمتار قليلة من الطريق الدولي مجاورًا للوحدة المحلية في الجهة الغربية للقرية، وغالبًا ما تقوم أرامل ضحايا المسجد بصرف المعاشات الحكومية من هذا المكتب.
وعقب ساعتين من الحادث، رصد أهالي مدينة العريش الأهالي تحليق طائرات حربية في الأجواء الجنوبية، يرجح قيامها بأعمال تمشيط لضرب البؤر التي انطلقت منها العناصر التي قامت بعملية السطو.
التأصيل الفقهي للسطو
ونشر تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية تأصيلًا فقهيًا لعمليات السطو المسلح على مَن أسماهم "الأعداء" وذلك في عددين متتالين من نشرته الأسبوعية النبأ، في شهر يوليو/ تموز عام 2017.
تأتي واقعة السطو الجديدة بعد عامين تقريبًا من عملية سطو مسلح على فرع البنك الأهلي وسط مدينة العريش، حيث قامت مجموعات من العناصر التي تحمل أسلحة في 16 أكتوبر 2017 بالهجوم المسلح على فرع البنك الأهلي المخصص لعملاء مركزي الشيخ زويد ورفح، والهجوم على ارتكازات أمنية مجاورة، ما أسفر وقتها عن مقتل 7 أفراد بينهم مواطن مدني يعمل كحارس للبنك، وسيدة تصادف مرورها بالشارع، والبقية من أفراد الأمن.
"استولى المهاجمون في عملية السطو على البنك على 10 ملايين جنيه" بحسب تصريحات حازم حجازي المدير التنفيذي للبنك، ونشرتها صحيفة المصري اليوم، في حين أشارت مصادر أخرى إلى أن حصيلة السطو قُدرت بـ 20 مليون جنيه.
ولم يتبن تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية، أو فرعه الذي يطلق على نفسه اسم ولاية سيناء، المسؤولية بشكل رسمي عن واقعة السطو على مقر فرع البنك الأهلي في العريش، وذلك على غرار مذبحة قرية الروضة التي لم يتبناها التنظيم أو فرعه بشكل رسمي.
حرب العصابات
و تتزامن عملية السطو على أموال مكتب بريد قرية الروضة مع الذكرى الخامسة لمحاولة تنظيم ولاية سيناء السيطرة على مدينة الشيخ زويد في 1 يوليو 2015 حيث حاول التنظيم وقتها للمرة الأولى، والأخيرة، الاستيلاء على مساحة واسعة من الأرض، متكبدًا جراء هذه المحاولة خسائر كبيرة في المقاتلين والمعدات جراء عمليات القصف الجوي المركّز.
وعقب محاولة الاستيلاء على المدينة؛ عادت عناصر التنظيم لأسلوب حروب العصابات من شن للهجمات على الكمائن الثابتة لقوات الأمن، وعمليات القنص وزرع العبوات الناسفة على الطرقات، أو تنفيذ كمائن سريعة على الطرقات الرئيسية قبل الانسحاب السريع، والقيام بعمليات خطف واغتيال.
وقبل يومين، نشرت وكالة أعماق، الذراع الإعلامية لتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية، بيانًا عن إعدام 3 أسخاص، قالوا إنهم متعاونين مع الأمن المصري، جنوب مدينة العريش، ولم يحدد البيان هوية الأشخاص الذين تمت تصفيتهم، فيما تناقل الأهالي روايات عن وجود 6 جثث مفصولة الرؤوس بمنطقة المغارة، ولكن لم تتأكد هذه الروايات من مصدر طبي موثوق.
ونشط التنظيم في عمليات اختطاف المواطنين في شهر يونيو/ حزيران الماضي، إذ اختطف 14 مواطنًا بينهم محاميان خلال كمين الطريق الدولي بمنطقة سبيكة غرب العريش. أفرج التنظيم عن 4 منهم لاحقًا. كما اختطف أيضًا شيخًا ونجله من قبيلة الأحيوات من مزرعة قرب قرية الروضة ولم يعرف مصيرهما حتى الآن، كما اختطف 4 من قرية الروضة وقتل اثنين منهم وأفرج عن الآخرين لكنهما قتلا في قصف جوي بالخطأ عقب الإفراج عنهما يوم 26 يونيو الماضي.