قال شهود عيان للمنصة إن القذيفة التي سقطت على منزل بالعريش، مساء أمس الأربعاء، وقتلت 9 مدنيين، بينهم طفل عمره 12 سنة، أطلقتها طائرة بدون طيار، وأن من بين القتلى اثنين اختطفهما ما يعرف بتنظيم ولاية سيناء في رمضان الماضي، وتم الإفراج عنهما، وعقب عودتهما لجئا إلى ديوان العائلة، وبمجرد وصولهما تم قصف المنزل.
وأفاد مصدر طبي للمنصة أن أسماء القتلى هي، نور محمد سليمان سلامة، 12 سنة، وحمد سليمان سلامة، 30 سنة، ومحمد سليمان سلامة، 35 سنة، وراضي سالم رشيد، 33 سنة، فتحي سالم رشيد، 35 سنة، ورضوان سالم رشيد، 18 سنة، ومحسن أبو حسّان ونجله، وأشلاء مجهولة الهوية.
https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Falmanassanews%2Fposts%2F2368629619842815&width=500وذكرت الروايات الأهلية أن مقذوفًا سقط فجأة على ديوان عائلي قرب مدرسة في تجمع الصالحين، الذي يقطنه أغلبية من أبناء قبيلة السواركة، وبينهم نازحين من قرى الشيخ زويد.
الانفجار القوي خلف وفقا للمصادر الطبية 9 قتلى من أسرتي سلامة ورشيد، من أبناء قبيلة السواركة، وحوّل ثلاث جثث منها إلى أشلاء.
ونشر المهتم بشؤون القبائل، عبد القادر مبارك، رواية عن تفاصيل الواقعة قائلا "تبين أن من ضمن الذين استشهدوا أمس من المدنيين فى كيلو 17 اثنين كانا مختطفين من قِبل داعش، وتم الإفراج عنهما، وأثناء عودتهما لجئا إلى ديوان هذه العائلة ليعودا إلى أهلهما فى قرية المزار، وبمجرد وصولهما تم قصفهم، ليصل عدد الشهداء من قبيلة السواركة إلى 9 أفراد، حيث تم العثور على بطاقاتهم فى مكان الحادث".
وتابع "كانت العناصر الإرهابية قد اختطفت 4 مواطنين من قرية المزار، أواخر شهر رمضان، والشهيدان محسن أبو حسّان ونجله كانا مختطفين وتم الإفراج عنهما أمس، ولم يمهلما القدر طويلًا باستشهادهما مع أبناء عمومتهما".
وذكر شاهد عيان، فضّل عدم كشف اسمه، أن القصف تم من خلال طائرة بدون طيار ، أو ما يسميها اﻷهالي "الزنانة"، التي كانت تراقب المنطقة. ما ينفي رواية استهداف الديوان بقذيفة مدفعية أو هاون كما تناول ذلك عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
و قال شهود العيان إن تجمع الصالحين لا يبعد كثيرًا عن كمين الكيلو 17 وكمائن أخرى، حيث يقع تجمع الصالحين على مسافة مئات الأمتار جنوب الطريق الدولي الساحلي، ولكن دقة إصابة الديوان غالبًا لا تحققها قذائف المدفعية، ما يعزز رواية الاستهداف بطائرة.
وكانت قذيفة رجّح شهود العيان أنها من طائرة حربية استهدفت منزلًا في قرية الجورة جنوب مركز الشيخ زويد، أسفرت عن مقتل ٥ مواطنين وإصابة 8 آخرين، في يوم 27 مايو/ آيار من الشهر الماضي.
في قلب المدينة
وتأتي تلك الواقعة بعد 24 ساعة من مقتل 7 عناصر من قوات الشرطة العاملة في مدينة العريش، ومواطن من سكان المدينة، وإصابة 5 شرطيين وسيدة وطفل، في هجمات نفذها عناصر من تنظيم ما يسمى ولاية سيناء، الذي نقل معاركه إلى وسط مدينة العريش لأول مرة منذ واقعة الهجوم على فرع البنك الأهلي والسطو على أمواله، واستهداف كمائن أمنية مجاورة في 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2017.
ونجحت قوات الأمن في إحباط هجمات على ارتكازات للشرطة مساء الأربعاء في حي المساعيد، الواقع في الجهة الغربية للعريش، حيث تم إطلاق الرصاص على ارتكازين الأول عند مركز شباب المساعيد المحاذي لشارع البحر، والاستهداف الثاني كان لارتكاز حماية مقر الاستراحات الكنسية بالمساعيد، وأسفرت الهجمات عن إصابة أمين شرطة ومجند.
ودفعت تلك الواقعة قيادات الأمن ﻹرسال تعزيزات كبيرة دعمتها القوات المسلحة بعربات الهامفي، إلى مقر الاستراحات الكنسية، و تنفيذ أعمال تمشيط داخل حي المساعيد.
نهج مختلف
وتمثل تلك العمليات المتتالية نهجًا جديدًا للعنف، استحدثه ما يسمى بتنظيم ولاية سيناء بداية من 12 يونيو/ حزيران الماضي، بدأ بعمليات اختطاف ممنهج للمواطنين العابرين للطريق الدولي الساحلي غربي مدينة العريش، ثم استهداف كمين البطل 14 جنوب العريش أول أيام عيد الفطر المبارك، مرورًا باستهداف العاملين المدنيين في إنشاء سور حرم مطار العريش، وصولا إلى اقتحام وسط العريش لأول مرة منذ عامين، واستهداف ارتكازات أمنية.
ويتزامن هذا النشاط المتزايد مع أحداث محلية ودولية مهمة، وهي فعاليات بطولة الأمم الأفريقية، وانطلاق مؤتمر المنامة الذي يسوق للتفاصيل الاقتصادية لما يعرف بـ "صفقة القرن"، التي تروج لها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال صهره جاريد كوشنر، وتأتي خلال الشهر أيضًا ذكرى أحداث 30 يونيو، التي أزاحت نظام الأخوان المسلمين عن الحكم.
و الأحداث الثلاثة مفتاح هام لقراءة طبيعة عمل ما يسمى تنظيم ولاية سيناء، وقيامه بأعمال ينجح من خلالها في تصدر المشهد و إثبات أنه لاعب أساسي وليس احتياطيًا في ميدان المعارك السياسية والأحداث الهامة، ربما للتأثير السلبي عليها أو الاستفادة من النقل الإعلامي، وإثبات قدرته على أنه الفرع الأنشط لما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بين الولايات المزعومة للتنظيم الأم، الذي تعرض لهزائم مفصلية في منشأه الأصلي العراق وسوريا.
استقطاب عناصر جديدة
علاوة على حاجة التنظيم إلى استقطاب عناصر جديدة، حيث بدا من خلال إصداراته الإعلامية الأخيرة أن أغلبية العناصر من أصحاب الأعمار أقل من 20 عامًا، وثبت ذلك أيضًا في العناصر الانغماسية أو الانتحارية التي قتلتها قوات الشرطة خلال هجمات وسط العريش، وهم أقل من 20 عامًا.
وهي إشارات هامة من التنظيم الفرعي إلى عناصر التنظيم اﻷم في العراق وسوريا للتوافد إلى سيناء، ميدان الجهاد المفتوح على حسب رؤيتهم، ورغبة في عدم انفراط عقد التنظيم الذي انكمش خلال الأشهر الماضية في مناطق صحراوية، وتلقى ضربات في قطاعات الإمداد والتموين المعيشي.
وفي تلك الأجواء يتباهي تنظيم ولاية سيناء من خلال بياناته الدعائية بقدرته على تنفيذ هجمات متزامنة ومختلفة، وصلت لعمق مدينة العريش، عاصمة شمال سيناء، بعد مرور أكثر من عام على العملية الشاملة سيناء 2018، التي أطلقها الجيش المصري "لمحاربة الإرهاب في سيناء".