توفى، اليوم الاثنين، رئيس مصر اﻷسبق مُحمد مرسي، عن عمر يناهز 68 عامًا، أثناء حضوره جلسة محاكمته على ذمة القضية رقم 26458 لسنة 2013 جُنح مدينة نصر، والمعروفة إعلاميًا باسم "قضية التخابر".
وبحسب التليفزيون المصري الذي أعلن خبر الوفاة "طلب مرسي الكلمة وسمح القاضي له بها، وعقب رفع الجلسة أصيب بنوبة إغماء توفى على إثرها، وتم نقله إلى المُستشفى".
وكان القاضي الذي ينظر القضية، قرر قبل عامين منع المصورين والصحفيين من حضور جلسات المحكمة.
وأصدرت النيابة العامة بيانًا كشفت فيه بعضًا من ملابسات الوفاة "تحدث محمد مرسي أمام المحكمة لمدة 5 دقائق وعقب رفع الجلسة للمداولة سقط في القفص. ونقل إلى المستشفى ميتًا في الساعة 4:50 عصرًا".
وقال مصدر طبي للمنصة إن مدير مشرحة زينهم الدكتور أيمن حسان، انتقل إلى مستشفى سجن طرة المركزي، حيث جثمان مرسي، لمعاينته وكتابة التقرير الطبي لملابسات وفاته.
ومحمد مرسي هو أول رئيس مدني منتخب لمصر، وجاء إلى الحكم عقب انتخابات أجريت بعد الثورة عام 2012، حصل فيها على نسبة 51.73% من الأصوات، متغلبًا على منافسه آخر رئيس للوزراء في عهد مبارك، الفريق أحمد شفيق، لكنه لم يستمر في السًلطة سوى عام واحد؛ إثر مظاهرات حاشدة خرجت ضده في 30 يونيو/ تمّوز 2013، قبل أن يقرر الجيش الإطاحة به من السلطة في 3 يوليو/ تموز، واعتقاله في قاعدة عسكرية قبل ظهوره متهمًا في عدد من القضايا.
وأثار خبر وفاة مرسي ردود فعل واسعة، كان من بينها نعي الرئيس التركي رجب طيب أرودجان له، بقوله "ندعو الله أن يتقبل شهيدنا"، وكذلك نائب رئيس الجمهورية السابق الدكتور محمد البرادعي الذي كتب على حسابه في تويتر "رحم الله الدكتور محمد مرسى وألهم آله وذويه الصبر والسلوان".
وبجانب ردود الفعل الرسمية، تصدّر هاشتاج "محمد مرسي"، و"مرسي مات" حسابات مستخدمي فيسبوك وتويتر.
مهندس إخواني
في قرية العدوة بمحافظة الشرقية، ولد محمد مرسي عيسى العياط، في 20 أغسطس/ آب عام 1951. وتخرّج من كلية الهندسة جامعة القاهرة منتصف السبعينات، وسافر إلى الولايات المتحدة لنيل درجة الدكتوراة في الهندسة؛ ثم عاد إلى جامعة الزقازيق أستاذًا.
بعيدًا عن المسار الأكاديمي؛ كان مرسي واحدًا من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ذات النشاط الواسع في دلتا مصر، مسقط رأسه، وتدّرج فيها حتى صار واحدًا من أعضاء مكتب الإرشاد؛ ما أهله في مرحلة ما لأن يصبح واحدًا من أعضاء الكتلة البرلمانية للجماعة، في اﻷعوام الأولى للألفية الثالثة، حسبما ذكرت بي بي سي في تقرير سابق لها عنه.
.. بديل الشاطر
عقب إطاحة ثورة 25 يناير بالرئيس الأسبق حسني مبارك، تنامى دور الجماعة في الشارع، ومعه تنامى طموحها ليصبح أبعد من الفوز بمقاعد برلمانية.
وفي سبيل مزيد من المساحات؛ دشنت الإخوان حزبها السياسي الحُرية والعدالة في في يونيو/ حزيران 2011، ولم يُبد الحزب أو مكتب الإرشاد أو قياداتهما السياسية أي اعتراض على التواصل مع السلطة الحاكمة للبلاد في ذلك الوقت، المجلس العسكري، على الرغم مما كانت الشوارع تشهده من مظاهرات ضد المجلس.
لم يمر الكثير من الوقت؛ حتى أعلنت الجماعة ممثلة في حزبها المشاركة في الانتخابات الرئاسية اﻷولى بعد الثورة، واختارت لتمثيلها الرجل اﻷقوى في مكتب الإرشاد خيرت الشاطر الذي وقفت فترة سجنه حائلًا بينه وبين السباق الرئاسي، إذ خرج من المضمار لعدم استيفائه الشرط القانوني الذي يقضي بمرور ست سنوات من تاريخ انقضاء عقوبة السجن، ليحصل على رد الاعتبار ويتمكن من استعادة حقوقه السياسية.
لم تيأس الجماعة، فقد كان مرسي مرشحها الاحتياطي كبديل للشاطر، وباستبعاد اﻷخير صار هو المرشح أمام أحمد شفيق.
وفي سبيل الحصول على أصوات الناخبين، طرحت الجماعة "مشروع النهضة" باعتباره برنامجًا انتخابيًا يسعى لتحقيق التقدم للبلاد.
.. ورئيس معزول
انتهت الانتخابات، وتحقق الفوز لمرسي، لينتهي بعد قليل منها شهر العسل الذي كان خلال الانتخابات مع بعض القوى المدنية التي دعمته أمام "مرشح الفلول".
وعلى الرغم من وعود مرسي وقت الانتخابات بعدم الاستئثار بالسلطة، إلاّ أن عددًا من زملائه في حزب الحرية والعدالة شغلوا مقاعد وزارية في الحكومة التي ترأسها المهندس هشام قنديل، واختير المشير محمد حسين طنطاوي وزيرًا للدفاع، على الرغم مما كان ضده من أصوات منذ حكم المجلس العسكري، وذلك قبل أن يؤول المنصب للفريق أول عبد الفتاح السيسي، في تعديل وزاري أجري في 12 أغسطس/ آب 2012.
لكن النقطة المفصلية التي رفعت أصوات المعارضة ضد مرسي كانت إقرار دستور لم يحصل على توافق من قوى سياسية مدنية، خاصة وأنه صدر عن جمعية تأسيسية ترأسها المستشار حسام الغرياني وكان أغلب أعضائها من الفصيل الإسلامي، بالإضافة لإصداره الإعلان الدستوري في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012؛ وبموجبه زادت الصلاحيات المسموح بها له، وانطلقت على إثره المظاهرات ضده.
من تلك اللحظة، فقد مرسي جزءً كبيرًا من رصيده، خاصة بعد أحداث الاتحادية التي اندلعت ضد هذا الإعلان، وسقط في مواجهتها التي اندلعت بين المتظاهرين من جانب والشرطة وأعضاء جماعة الإخوان من جانب آخر شهداء، كان من بينهم الحسيني أبو ضيف، وكذلك أعضاء في جماعة الإخوان.
وفي غضون شهور قليلة وقبيل حلول الذكرى اﻷولى لإعلانه رئيسًا، خرجت للعلن حركة "تمرّد" ضد مرسي، من أجل جمع توقيعات تطالب برحيله من السُلطة، وحددت يوم 30 يونيو موعدًا للتظاهر ضده، وبعدها في 3 يوليو/ تمّوز 2013، خرج الفريق السيسي وزير الدفاع وسط عدد من السياسيين ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، مُعلنًا عزل مرسي من السلطة.
من تاريخ عزله وحتى اليوم تاريخ وفاته، صار مُرسي سجينًا، سواء في مرحلة أولى تم احتجازه فيها في قاعدة عسكرية، أو في وقت لاحق حين تم نقله لسجن طره، حيث بقي في حبس انفرادي على ذمة عدد من القضايا، كان من بينها "إهانة القضاء" و"اقتحام الحدود الشرقية"، وكذلك "التخابر مع حماس" التي توفى اليوم أثناء نظرها.