استغرقت الجلسة العامة التي عقدها مجلس النواب برئاسة رئيس البرلمان، علي عبد العال، أمس، الثلاثاء، عشرون دقيقة، فقط، وانتهت برفع الجلسة وتأجيل انعقاد المجلس لما بعد عيد الفطر، في التاسع من يونيو.
الجلسة التي جاءت بعد صدام رئيس البرلمان مع رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، عاطف ناصر، أنهاها رئيس البرلمان بسرعة غير متوقعة، متجاهلًا عددًا من البنود التي كانت على جدول أعمال المجلس، مثل مناقشة مشروع تعديل قانون مكافحة المخدرات، ما أدى لحالة ارتباك في أروقة المجلس، خاصة مع تأجيل انعقاد المجلس لما بعد عيد الفطر.
كان الصدام بين عبد العال وناصر، يوم الاثنين، نتيجة اعتراض عبد العال على الصيغة القانونية المقدمة من الحكومة في تعديل قانون مكافحة المخدرات، والذي استهدف تجريم المخدرات العشبية المصنعة، مثل الاستروكس والفودو.
ووجه عبد العال اتهامات لناصر خلال الجلسة، عقب محاولات رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن أخذ الكلمة، وبعد ملاحظة عبد العال لمحاولات ناصر التأثير على النواب للدفع نحو تمرير مشروع القانون المقدم من الحكومة وإعداد وزارة الداخلية، والذي اعتبره رئيس البرلمان "غير منضبط الصياغة" وبه شبهة عدم دستورية، قد تمكّن المتعاطين أو التجار من التحايل.
وتصاعد الأمر، فجر الثلاثاء عقب إصدار مستقبل وطن، بيانًا صحفيًا، أدان فيه كلمات عبد العال وانفعاله على رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، "واستخدم عبارات لم ترد من قبل رئيس مجلس النواب".
واستنكر الحزب في بيانه بعض المصطلحات التى جاءت على لسان السيد رئيس المجلس، وقال إنها "لا تمت بصلة لما نعيشه فى الواقع السياسي المصرى، خصوصًا قول رئيس البرلمان بأن الحزب يمثل مراكز قوى داخل المجلس"، وأضاف البيان الهجومي لمستقبل وطن "أن الحزب لم يتحرك يومًا إلا لتحقيق المصلحة الوطنية لمصرنا العزيزة".
وأضاف البيان "يهيب الحزب بالسيد رئيس مجلس النواب بمراجعة ما يصدر عنه من تصريحات بما يحمله من مسؤولية سياسية وتجنب الخلافات الشخصية والاتجاهات الخاصة، بعيدًا عن ساحات المجلس الموقر، والتى تحيده عن الدور السياسي المنوط به كرئيسًا للبرلمان".
كان عبد العال قال خلال انفعاله "لن أقبل بوجود مراكز قوى في هذا البرلمان"، كما شدد على استقلاله ورفضه الانتماء لأية أحزاب.
صدامات سابقة
صدام عبد العال وناصر لم يكن الأول من نوعه لكنه الأقوى والأبرز، إذ سبقه خلاف آخر ولوم علني لأداء ناصر خلال اجتماع اللجنة التشريعية الأخير لصياغة المواد المعدلة في الدستور قبل الاستفتاء.
رفض عبد العال بشكل قاطع الصيغة المقدمة من النواب، والخاصة بتشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية الذي يرأسه رئيس الجمهورية على أن يكون وزير العدل نائبا للرئيس حال غيابه، ورفض بشكل مطلق تولي وزير العدل هذه المهمة، واتهم ناصر حينها بمحاولة التأثير على النواب لتمرير صيغة تجعل عضو السلطة التنفيذية رئيسًا لرؤساء الهيئات والجهات القضائية.
لكن قيادي في ائتلاف دعم مصر يقول إن هيئة مكتب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية التي ناقشت مشروع قانون مكافحة المخدرات تتحمل مسؤولية ما جرى بسبب تقديم تقرير عن مشروع قانون مواده غير منضبطة.
كما لفت إلى وجود خلاف مسبق بين عبد العال ومستقبل وطن منذ تولي الحزب دفة الأغلبية البرلمانية، وذلك عقب انضمام عدد كبير من النواب له منذ نحو عام، وتراجع دور المجموعة التي كانت تتصدر ائتلاف دعم مصر بقيادة النائب محمد السويدي.
البيان حديث الساعة
كان بيان مستقبل وطن حديث الساعة بين النواب والصحفيين والعاملين في مجلس النواب، صباح الثلاثاء.
إذ نوهت عدة مصادر نيابية لغضب عبد العال الشديد من بيان الحزب الذي يؤدي لتصعيد الأمور داخل المجلس وخارجه.
وأوضح قيادي في ائتلاف دعم مصر ورئيس هيئة برلمانية أنه تلقى اتصالًا من عبد العال، صباح الثلاثاء، أعرب فيه عن غضبه الشديد من البيان واعتبره إهانة ومساسًا بهيبة رئيس البرلمان.
وأضاف قيادي الائتلاف للمنصة إن إصدار بيان بهذه الصيغة وهذه اللغة خطأ في حق المجلس كله وليس رئيس البرلمان فقط.
ووصف القيادي في ائتلاف دعم مصر، هذا البيان بأنه "مراهقة سياسية، ويعبر عن افتقاد الخبرة والحنكة لمعالجة الأزمات"، مشيرًا إلى أن سبب الخلاف بدأ من نواب الأكثرية (مستقبل وطن) الذين كانوا مستعدين لتمرير القانون الذي أعدته وزارة الداخلية، إلا أن تحفظات رئيس البرلمان على صياغات المواد منعت ذلك.
وقالت مصادر نيابية متعددة إن حزب مستقبل وطن حشد نوابه، لجلسة الثلاثاء، وصدرت توجيهات لهم بالحضور والتواجد في الجلسة العامة لدعم رئيس الهيئة البرلمانية في مواجهة رئيس المجلس، بل حاول مستقبل وطن ضم نواب من خارجه لدعمه في هذه المواجهة.
وقال مصدر قيادي بحزب مستقبل وطن إن المخطط كان أن يطلب ناصر الكلمة ويتحدث عن رفضه لما قاله عبد العال في الجلسة العامة، وبعدها ينسحب النواب من الجلسة، مضيفًا أنه أييد بيان الحزب فيما بعد وكان رافضًا أسلوب تعامل رئيس البرلمان مع ممثل الهيئة البرلمانية.
تصريحات القيادي في مستقبل وطن تطابقت مع تصريحات نائب مستقل للمنصة أشار فيها إلى حشد الحزب والتخطيط لاستكمال المواجهة مع عبد العال ثم الانسحاب من الجلسة.
مناورة
عقب انهاء عددٍ من الاتفاقيات الدولية، والموافقة على منحة بقيمة 4 ملايين يورو مقدمة من بنك التنمية الإفريقي، فاجأ عبد العال الجميع بإنهاء الجلسة العامة وإعلان عقد أول جلسة مقبلة بعد عيد الفطر.
التأجيل كان عكس المتوقع حيث كان من المقرر مناقشة مشروع تعديل قانون مكافحة المخدرات خلال جلسات الأسبوع المقبل.
وتجمع عدد من النواب من أحزاب وتيارات مختلفة للذهاب لمكتب رئيس البرلمان منهم النائب مرتضى منصور، والنائب علاء عابد والنائبة سولاف درويش، لتهدئة رئيس البرلمان والتوسط لحل الأزمة بينه وبين الحزب".
التأجيل يصفه قيادي في حزب مستقبل وطن، على أنه "مناورة ذكية لمنع التصعيد"، يوضح المصدر "أنهى عبد العال الجلسة العامة بشكل مفاجئ للنواب مع تأجيل الجلسات لما بعد عيد الفطر ".
وقال المصدر للمنصة "أمامنا تقريبًا شهر على عودة الجلسات وخلال هذا الشهر تكون المياه عادت لمجاريها"، مؤكدًا رفضه لبيان الحزب، ووجود خلافًا داخل الحزب بشأن إصدار البيان.
فيما قالت نائبة أخرى من ائتلاف دعم مصر للمنصة عقب خروجها من مكتب عبد العال "يجب احتواء الأزمة ولا يمكن المساس بهيبة رئيس المجلس، لدينا قوانين مكملة للدستور لابد من الانتهاء منها".