بعد اجتماع اليوم الذي استمر نحو 5 ساعات؛ انتهى دور لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية التي تلقت مقترحات تعديل الدستور وعقدت 6 جلسات للحوار المجتمعي، ليبدأ البرلمان مناقشة التعديلات والتصويت عليها نداءً بالاسم بعد 48 ساعة.
وكرر عبد العال خلال اجتماع أكثر من مرة على ضرورة وضع دستور جديد "يتم كتابته من أول مادة حتى آخر مادة".
ما قبل الاجتماع
اجتمعت لجنة صياغة التعديلات الدستورية التي يرأسها علي عبد العال، اليوم الأحد، لإعداد الصياغات النهائية للتعديلات المقترحة، فيما بدأ اجتماع اللجنة التشريعية عقب الجلسة الرابعة، ووزعت اللجنة التقرير على الأعضاء قبيل بدء الاجتماع بدقائق قليلة.
وفي الوقت الذي انشغل فيه معظم النواب بالأحاديث الجانبية؛ التف نواب تكتل 25-30 المعارض للتعديلات حول زميلهم ضياء الدين داوود، عضو اللجنة، للاطلاع على التقرير والمواد المطروحة للتصويت النهائي.
وشارك رئيس نادي الزمالك النائب مرتضى منصور في الاجتماع واشتبك مع صحفية اعتقد أنها تلتقط له صورة من شرفة الصحافة أثناء حديثه مع النائبات، بينما احتد منصور على زميله النائب أبو المعاطي مصطفى وقال له "إنت مين؟"، وهو نفس النائب الذي تلقى نفس السؤال بلهجة حادة من الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته في إحدى اللقاءات ومطالبته بتأجيل رفع الأسعار.
الرئيس باقٍ حتى 2030
التعديلات الدستورية التي تقدم بها النائب عبد الهادي القصبي زعيم الأغلبية مرفقة بتوقيع 155 نائبًا، انتهت لعدد من التعديلات أهمها المواد المتعلقة بمنصب رئيس الجمهورية، إذ سمحت التعديلات للرئيس الحالي بالترشح لفترة رئاسية ثالثة، مع تمديد فترته الحالية إلى ست سنوات بدلًا من أربعة.
وأنهى هذا الاقتراح الجدل الذي تفجر قبل يومين مع ظهور مقترحات باستمراره 4 سنوات إضافية أو عامين إضافيين. وبالتالي سيتمتع الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي بالأثر المباشر لتعديل المادة 140 التي نصت على أن تكون مدة الرئاسة ست سنوات بدلا من أربعة.
صياغة مريحة للجميع
وأصبحت التعديلات في صيغتها النهائية كالتالي "ويُنتخب رئيس الجمهورية لمدة 6 سنوات ميلادية تبدأ اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكتر من مدتين متتاليتين".
وأصافت لجنة الصياغة التي ترأسها عبد العال مادة مستحدثة تنظم وضع الرئيس الحالي وتنص على أن "تنتهي مدة رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلانه رئيسًا للجمهورية في 2018 ويجوز إعادة انتخابه لمرة تالية".
ووافق النواب، من أعضاء لجنة الشؤون الدستورية، على المادة 140 فيما اعترض سبعة نواب هم: ضياء الدين داوود، ومحمد العتماني، وجمال الشريف، وأحمد الشرقاوي، وعفيفي كامل، وصلاح عبد البديع، وأبو المعاطي مصطفى.
وقال عبد العال "إن هذه المادة في المقترح الأول للتعديلات كانت تسمح ببقاء الرئيس في منصبه حتى عام 2034، والتغيير جاء استجابة للحوار المجتمعي والمناقشات، ونحن صغناها صياغة مريحة للجميع".
ودافع عبد العال عن صياغة المادة قائلًا "لا وجود لتمديد أو توريث، هناك أثر فوري على كل المراكز القانونية يستفيد منها الرئيس الحالي بالمد سنتين، وبدلًا من حقه في مدتين؛ أصبحت مدة واحدة".
التعديلات "الخبيثة"
التعديل الذي يتيح للرئيس عبد الفتاح السيسي البقاء في الحكم حتى عام 2030، لا يعتبره النائب أحمد الطنطاوي تغييرًا جوهريًا في فلسفة التعديلات التي كانت ستسمح له قبل تغييرها بالبقاء حتى عام 2034.
الطنطاوي قال في تصريح للمنصة "من الخطأ التعامل مع التعديل على أنه قضا أخف من قضا"، واعتبر التعديلات في كل الأحوال "كارثية وخبيثة"، وأشار إلى أن التعديل يؤجّل مواجهة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالناخبين لأن مدته كان من المفترض أن تنتهي في 2022، بينما تمدها التعديلات إلى 2030.
وأوضح الطنطاوي خلال حديثه مع المنصة أن الانتخابات المقبلة ستتزامن مع انتهاء الإشراف القضائي على الانتخابات الذي ينتهي بمرور 10 سنوات من صدور دستور 2014.
لفت إلى التصريحات المتكررة لرئيس المجلس التي أكد فيها على ضرورة وضع دستور جديد، والتي كررها مرتين اليوم خلال اجتماع لجنة الشؤون الدستورية، إذ قال في المرة الأولى إنه خلال 10 سنوات سيوضع دستور جديد للبلاد، وفي منتصف الاجتماع أكد أنه لن تمر 5 سنوات دون وضع دستور جديد.
مقاعد المرأة
تمسكت لجنة الصياغة بمقترح المادة 102 التي تمنح المرأة ربع مقاعد البرلمان على الأقل، ووافقت اللجنة التشريعية بأغلبية أعضاءها على هذا المقترح، فيما رفضه عدد من نواب تكتل 25-30 المعارض.
وأكد عبد العال أن النص دستوري وقال "لن أمرر نصًا دستوريًا يتصادم مع نص آخر في ذات الدستور، أو نصًا يتصادم مع المبادئ العليا للدستور"، فقاطعه النائب سيد بريدعة قائلًا "النص يتصادم معاه. بتحاولوا تفهمونا القاعدة من جديد. عندكم قواعد ما كناش نعرفها".
واستكمل عبد العال موضحا أن النص يتسق مع الاتفاقية الدولية لالغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة والتي تعد جزءً لا يتجزأ من النظام الدستوري بعد انضمام مصر لها، وقال إن هذه الاتفاقية تشترط نسبة 30% على الأقل من مقاعد البرلمان للمرأة.
كما أضافت التعديلات مادة تحصن مجلس النواب من الحل، بحيث تطبق كوتة المرأة في الانتخابات المقبلة.
ماذا عن استقلال القضاء؟
أثارت المادة 185 المتعلقة باستقلال القضاء خلافًا بين أعضاء اللجنة، وكاد النقاش يتأجل عليها يومًا إضافيًا، إذ كانت تنص المادة على تشكيل مجلس أعلى للهيئات القضائية برئاسة رئيس الجمهورية، ويحل محله وزير العدل وهو الأمر الذي رفضه عبد العال وأكد عدم استجابته على الإطلاق لتمرير مثل هذا النص.
أوضح عبد العال خلال حديثه عن المادة وجود اتجاه لدفع أعضاء اللجنة للموافقة على النص الذي اعتبره رئيس البرلمان "يهدم استقلال القضاء تمامًا".
وشهد الاجتماع تحركات للنائب عاطف ناصر ممثلة الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن بين نواب اللجنة التشريعية لحثهم على التصويت لصالح المادة التي تجعل من رئيس السلطة التنفيذية رئيسًا للسلطة القضائية، إلا أن عبد العال عاتبه عدة مرات وطالبه بالتوقف عن ممارسة ضغوط على أعضاء اللجنة، إلا أن ناصر لم يتوقف واستمر في حركاته فقال عبد العال له "غير لائق وإنت زي ابني أن تمر على الأعضاء هكذا".
وقال عبد العال "أنا لا أسعى إلا لمصلحة عامة، مستقبلي خلف الظهر لا يمكن أن أمرر نصًا يتصادم مع النصوص الأخرى". وانفعل عبد العال متسائلًا عن مبرر التمسك بوزير العدل وأن يحل محل الرئيس في رئاسة هذا المجلس الذي وصفه بأنه "مجلس سياسات".
أضاف "هذا منطق يتصادم مع استقلال القضاء لا أقدر أن أمررّه، جايز حد تاني يمرره أنا ما أقدرش أمرره"، وبشأن التقاطه تحركات ناصر وضغوطه على النواب قال "لم أكن سياسيًا ولم أكن حزبيًا، بس أنا بدأت حياتي في اتحاد طلاب كلية الحقوق جامعة عين شمس. أنا السياسة أعرفها كتاب مفتوح أمامي لسبب بسيط، سني ده كله أدرّس قانون دستوري ونظم سياسية وعشت في دولة يتجرع شبابها ليل نهار السياسة، حافِظ السياسة وأعرفها بلغة العيون".
وقبيل انتهاء اجتماع اللجنة اقترح عبد العال أن يحل محل رئيس الجمهورية من يختاره الرئيس من أعضاء الهيئات القضائية، رافضًا النص على أن يتولى رئاسة المجلس رئيس محكمة النقض أو رئيس المحكمة الدستورية العليا لتجنب "إحداث فتنة"، وترك الأمر للرئيس.
ولاقى اقتراح رئيس البرلمان تأييد نواب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية مع استمرار اعتراض المعارضة الممثلة في تكتل 25-30.
ماذا عن المحاكمات العسكرية؟
وافقت اللجنة التشريعية على نص الفقرة الثانية من المادة 204 على أنه "لا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها أو المنشآت التي تتولى حمايتها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرًا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم".
وحذفت التعديلات كلمة "مباشر" من نص المادة التي كانت تنص على "الاعتداء المباشر على المنشآت العسكرية (..)".
كيف تحمي القوات المسلحة مدنية الدولة؟
تجدد الجدل بشأن المادة 200 التي تضيف اختصاص للقوات المسلحة يتعلق بالحفاظ على مدنية الدولة والديمقراطية، حيث أكد نائب حزب النور، محمد صلاح خليفة اعتراضه على كلمة "مدنية الدولة".
فيما حاول عبد العال تطمين المعترضين على هذه الكلمة مؤكدًا أنها لا تعني العلمانية بأي حال من الاحوال، خاصة مع وجود نص يؤكد أن الإسلام دين الدولة.
وأمام مخاوف نائب حزب النور الذي قال إن المحكمة الدستورية لا تأخذ بما جاء في مضابط هذه الجلسات، طرح عبد العال كلمة "مدنية الدولة" للتصويت، ولاقت تأييد أغلبية نواب اللجنة التشريعية، الذين وافقوا لاحقًا على المادة.
ماذا يناقش مجلس الشيوخ؟
رغم عدم اقتناع رئيس المجلس باستحداث مجلس الشيوخ، إلا أن اللجنة التشريعية وافقت على وجوده، دون منحه صلاحيات تشريعية. إذ تنص اختصاصاته نظر الاقتراحات الخاصة بتعديل مواد الدستور، ومشروعات القوانين المكملة للدستور، ومشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومعاهدات الصلح والتحالف، وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، ومشروعات القوانين التي يحيلها إليه رئيس الجمهورية، وما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها في الشؤون العربية أو الخارجية.
ويجب ألا يقل عدد أعضاء مجلس الشيوخ المقترح عن 180 عضوًا، وتكون مدته خمس سنوات.