بخروج علاء عبد الفتاح من قسم شرطة الدقي في ساعة مبكرة من صباح اليوم، تنتهي القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث مجلس الشورى"، بعد ست سنوات من تداولها بين ساحات النيابات والمحاكم، بخروج آخر المحبوسين على ذمتها، مع استمرار أحكام المراقبة.
بدأت وقائع القضية بمظاهرة في محيط مجلس الشورى يوم 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، على خلفية تنظيم مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" وقفة احتجاجية أمام المجلس الذي كان مقرًا لانعقاد اجتماعات لجنة الخمسين لصياغة الدستور، ومطالبتهم برفض المادة التي تسمح بمحاكمة المدنيين عسكريًا.
في ذلك الوقت، طبّقت السلطات على المقبوض عليهم نصوص قانون التظاهر، الذي أقرته الحكومة قبل يومين فقط من تنظيم الوقفة، ثم ألقي القبض في يوم 28 نوفمبر 2013 على علاء عبد الفتاح من منزله، ووجهت إليه اتهام بـ"التحريض على التظاهر دون ترخيص".
ووجهت النيابة لبقية المقبوض عليهم في القضية التي حملت رقم 12058 لسنة 2013 جنح قصر النيل، برقم كلي 1343 لسنة 2013 وسط القاهرة، اتهامات بـ"سرقة جهاز لاسلكي مملوك للمقدم عماد طاحون، والتجمهر والتظاهر دون إخطار، والتعدي على موظفين عموميين أثناء تأدية عملهم، وإحداث إصابات للمقدم عماد طاحون، واستعراض القوة والتلويح بالعنف، ومقاومة السلطات، وفرض السطوة، وتعطيل تطبيق اللوائح والقوانين، وحمل سلاح أبيض، وقطع الطرق وتعطيل حركة المرور والإخلال بالأمن والنظام العام".
يقول المحامي طاهر أبو النصر "علاء عبد الفتاح هو آخر مَن بقي في السجن على ذمة القضية؛ وبخروجه ينتهي أمرها وتُحال إلى الحفظ، ﻷن الأحكام صدرت وتم تطبيقها بالفعل، بما فيها المراقبة التي سيخضع لها مَن خضع للعقوبة وأتمّها".
وأوضح أبو النصر، في تصريحات للمنصّة، أن مَن سيخضع للعقوبة التكميلية، المراقبة لمدة 5 سنوات، في هذه القضية، هم اثنان فقط مَن بين جميع المحاكمين، وهما علاء عبد الفتاح وعبد الرحمن طارق "ﻷن بقية المحكومين خرجوا بعفو رئاسي؛ والتالي لن تسري عليهم العقوبة، وإن كانوا قد خضعوا للسجن لفترة ما بالفعل".
ومَثُلَ للمحاكمة في القضية 25 شخصًا، خرج جميعهم بموجب عفو رئاسي صدر في سبتمبر/ أيلول 2015، باستثناء علاء عبد الفتاح وأحمد عبد الرحمن، لكن اﻷخير لحق بقوائم العفو الرئاسي بعد عامين من العفو الأول، بموجب قرار مماثل صدر بحقه في يوليو/ تمّوز 2017.
وشهد مسار القضية تحولًا في عام 2014، حين بدأت إعادة إجراءاتها في 27 أكتوبر/ تشرين الثاني أمام هيئة محكمة جديدة، بعد أن تنحت هيئة المحكمة اﻷولى عن نظرها، بناءً على طلب رد لها قدّمه علاء عبد الفتاح.
وعما يمكن اتخاذه من إجراءات حيال العقوبة التكميلية لعلاء، قال أبو النصر إن اﻷمر يتوقف على خروج علاء ومن ثم التشاور معه قبل اتخاذ أية إجراءات قانونية، مُشيرًا إلى أن الإجراءات لا يمكن بأية حال أن تلغي المراقبة "ﻷنها صارت باتّة واستُنفِذَت جميع طرق الطعن عليها".
وكانت أول جولة في "أحداث مجلس الشورى" انتهت في يونيو/ حزيران 2014 إلى حكم بسجن جميع المتهمين 15 عامًا وتغريمهم مبلغ 100 ألف جنيه من كل متهم، ووضعه تحت المراقبة لمدة 5 سنوات.
وفي وقت لاحق، أصدرت محكمة جنايات القاهرة بهيئة قضاة أخرى جديدة حُكمًا آخر، وذلك بعد تنحّي الهيئة اﻷولى، حُكمًا بسجن كلاً من علاء عبد الفتاح وأحمد عبد الرحمن 5 سنوات وتغريمها 100 ألف جنيه وإخضاعهما للمراقبة لمدة مماثلة، وسجن بقية المتهمين 3 سنوات ومثلها مراقبة وغرامة 100 ألف، وهو ما أيدته محكمة النقض فيما بعد.
وفسّر أبو النصر سبب استحالة إلغاء المراقبة بقوله "لقد صدرت بموجب حُكم محكمة؛ فبالتالي أخذت حُجّية مُرتبطة بحُجّية حكم السجن الذي نفّذه علاء بالفعل؛ ما يعني أن إجراءاتنا ستقتصر على محاولة تحسين ظروف المراقبة وأوضاع علاء خلال هذه الفترة، خاصة وأنه بموجبها سيكون مُقيد الحُرية لمدة 12 ساعة من السادسة مساءً وحتى السادسة صباحًا لمدة 5 سنوات".
وتُعد الخمس سنوات هي الحد اﻷقصى لعقوبة المراقبة، حسبما ينص قانون العقوبات في مواده رقم "28 و29 و38"، والذي منح أيضًا للقاضي سلطة خفض مدة المراقبة أو القضاء بعدمها جملة، كما نصّ على معاقبة مَن يخالفها من المحكومين بالحبس مدّة لا تزيد عن عام واحد.
وتواجه عقوبة المراقبة انتقادات حقوقية، باعتبارها تنطوي على "انتهاكات" من قبيل "الإجبار على تنفيذها داخل أقسام الشرطة، وانتهاك الحق في آدمية مكان المراقبة، وإجبار المُعَاقبين على تنفيذ أعمال خدمية داخل الحبس خارج إطار العقوبة"، بجانب ما تستتبعه من آثار مثل "تقييد الحق في العمل، وانتهاك الحق في التنقّل داخل البلاد، وتقييد الحق في المشاركة السياسية".
وقال أبو النصر، فيما عن الجهة التي سيخضع فيها علاء للمراقبة وحيثيات الاختيار، إنها لم تكن لتخرج بين احتمالين، أولهما قسم الدقي باعتباره التابع له محل سكنه، وثانيهما قسم قصر النيل باعتباره محل وقوع أحداث القضية.