4 أصوات معارضة فقط انطلقت بالأمس خلال جلسة الحوار المجتمعي الرابعة المخصصة للأحزاب السياسية في مجلس النواب، والتي امتدت لأكثر من 8 ساعات متواصلة، استمع خلالها رئيس البرلمان علي عبد العال لرأي رؤساء الأحزاب وممثلين عن "تنسيقية شباب الأحزاب"، في التعديلات الدستورية المطروحة.
تحدث المعارضون دون مقاطعة أو توجيه طلبات لهم بالاختصار، وحاول رئيس البرلمان عدة مرات تجديد تقديم ضمانات للمعارضين بجدية الحوار المجتمعي والشفافية في نقل الجلسات، مشيرًا لدور الإعلام والمحررين البرلمانيين الذين ينقلون كل كلمة. وتعهد في نهاية الجلسة بالعمل بدءًا من اليوم للإفراج عن المحبوسين، وقال "عندي أمل كبير أن أوفق في ذلك".
فيما غاب رئيس حزب المحافظين النائب أكمل قرطام عن جلسة الحوار المجتمعي رغم توجيه الدعوة له، ويأتي غيابه مكملًا لمشهد رفضه التعديلات وانسحابه من التصويت المبدئي عليها تحت القبة قبل نحو 40 يومًا.
أما المؤيدون للتعديلات من القيادات الحزبية، فقدم بعضهم اقتراحات تتفوق على نصوص التعديلات المقترحة، مطالبين بفرض مزيد من القيود على استقلال القضاء والإعلام، بخلاف بعض الاعتراضات المتعلقة بكوتة المرأة ومصطلح الدولة المدنية الذي لم يرفضه سوى المتحدث باسم حزب النور.
كان البرلمان وجّه الدعوة لجميع رؤساء الأحزاب المشهرة وفقًا للقانون، فيما دعا عدد من التكتلات والمجموعات السياسية والشبابية التي تدعم الرئيس والتعديلات الدستورية المطروحة.
مؤيدون ولكن
قال رئيس حزب مستقبل وطن النائب أشرف رشاد في كلمته التي استغرقت ثوانٍ "الحزب ليس لديه أي تعليق على مشروع التعديلات الدستورية شكلًا وموضوعًا".
وانضم أيضا حزب الشعب الجمهوري إلى المجموعة الحزبية المؤيدة للتعديلات، إلا أن رئيس الحزب حازم عمر طالب بمنح اختصاصات تشريعية لمجلس الشيوخ، مستشهدًا بتجربة مجلس الشورى على مدار عقود، وقال "إن المادة الخاصة بمجلس الشيوخ تتطابق مع نص مجلس الشورى في تعديل دستور 1971 عام 1980، جربنا النص لمدة 27 عاما حتى 2007، ولم يحقق طموحات المواطنين"، وتابع "الحقيقة لا نريد الرجوع 40 عامًا للخلف".
أما الكوتة فاعترض على صيغتها المطروحة بالشكل الحالي والتي تمنح المرأة ربع مقاعد مجلس النواب، وطالب باقتصار التمييز الإيجابي على مقاعد مجلس الشيوخ فقط، ويترك التمثيل في مجلس النواب عامًا، وبرر ذلك بضمان حرية المواطن في اختيار ممثليه في المجلس المختص دون غيره بالرقابة على أعمال الحكومة ومنحها الثقة.
رد محكمة النقض
طرح رئيس حزب مصر الحديثة، نبيل دعبس مجموعة من الاقتراحات المتعلقة بمجلس الشورى والقضاء، مطالبًا بوضع نص في التعديلات لإنشاء مكتب فني يتبع المجلس الأعلى للقضاء يكون له الحق في رد محكمة النقض. "نتمنى أن يكون تبعه مكتب فني يقدر يرد أحكام محكمة النقص، فمحكمة النقض لا ترد، لكن كل جهة في الدنيا ممكن تخطئ خطأ جسيم. الناس تروح فين؟ عايزين جهة الناس تقدر تروح لها لما يطلع حكم خاطئ من محكمة النقض".
اقتراح آخر طرحه دعبس يتعلق بمجلس الشيوخ مطالبًا بضم اختصاصات جديدة له تشمل سلطته على الإعلام. "الإعلام حاجة مهمة جدًا في مصر، أقترح أن مجلس الشورى يتابع الإعلام وميثاق الشرف الإعلامي، لأنه يوجه الشباب والناس كلها عايزين مجلس الشورى له يد قوية مع الإعلام، يقدر ينتقد الإعلام أي وقت، ويوجهه في أي وقت، ويُظهر إنجازات الحكومة والدولة للشعب المصري كله".
أما الكوتة التي وافق عليها دعبس، فقال "نشجع جدًا نسبة 25% لأنها يُدخل فيها المرأة التي لها ظروف معينة مثل المسيحيين".
لا للدولة المدنية
كان الاعتراض الأساسي لحزب النور منذ طرح التعديلات المادة 200 التي تحدد اختصاصات القوات المسلحة وتنص على أن من بنيها الحفاظ على "مدنية الدولة".
وخلال جلسة الحوار، جدد مساعد رئيس حزب النور للشؤون القانونية، طلعت مروزق، اعتراض الحزب على هذه المادة بنصها الحالي.
وطالب بالنص على مدنية الحكومة التي وردت في ديباجة دستور 2014 وليس مدنية الدولة، وقال مرزوق "عندما يذهب هذا النص بهذه الصياغة لابد للمشرّع الدستوري أن يتساءل لماذا عدل عن اللفظة الورادة في الديباجة التي أسندت المدنية للحكومة، ثم عاد وأسندها للدولة؟ لعله لا يريد أن توصف الدولة بالعسكرية، ولا نعارض ذلك، ولا يريد أن توصف بالثيوقراطية، ولا يوجد أي اعتراض على ذلك، لأنها الدولة الدينية بالمفهوم الغربي ونرفضها رفضًا كاملًا، والكلمة تضيف معنى ثالثًا هو العلمانية، وهو ما نرفضه".
وقال مرزوق "لماذا نترك للقاضي الدستوري هذه الحيرة وعندنا البدائل متوفرة وكثيرة وسوف أطرحها، وإن كان المعنى واضحًا عند هذا الجيل لماذا نترك للأجيال القادمة معانٍ ملتبسة تحمل معانٍ متعددة".
واقترح النص على مصطلح مدنية الحكومة، وصف الدولة بأي من المصطلحات التي وردت في وثيقة الأزهر التي صدرت في 2011 والتي نصلت على دولة ديمقراطية حديثة.
وأوضح عبد العال في تعقيبة على كلمة ممثل حزب النور أن "اللجنة التشريعية ستحسم في مرحلة الصياغة النص، ولكنه أضاف "العلمانية ترفض الدين والمدنية لا تناهض الدين".
الرئيس لا يستفيد من التعديلات
"توجد 14 فئة تستفيد من التعديلات الدستورية ليس من بينها رئيس الجمهورية" بحسب مجدي علام نائب رئيس حزب الحرية، مؤكدًا أن التعديلات تخدم المرأة والأقباط والشباب وذوي الإعاقة والمصريين في الخارج.
وفيما يخص المواد التي ذكرت الرئيس قال علام "هي 4 مواد فقط، منهم المادة الخاصة بالمجلس الأعلى للقضاء"، ودافع علام في مداخلته عن النص المقترح الذي يعطي الرئيس حق رئاسة المجلس ووزير العدل ينوبه في حال غيابه، وقال "ماجابش رئيس الوزارة حتى لا يتصور البعض أن السلطة التنفيذية تدير القضاء، فيحل محله قاضي. صحيح أن منصبه وزير العدل لكنه قاضي جاي من محكمة وجمعية عمومية للمحكمة".
أما النص الخاص بتعيين وزير الدفاع فاعتبر علام أنه "تقييد لسلطة الرئيس لأنه أضاف شرط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة".
الرئيس ليس مقاولًا
أكد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي مدحت الزاهد رفضه التعديلات، قائلًا "لا نقلل من قدر الرئيس أو غيره لكننا نتحدث عن تعديلات تحافظ على استقرار مؤسسات الدولة".
وأضاف "مهمة رئيس الجهمورية قيادة سياسات، فهو ليس مدير مشروعات. وإلا فإننا نقضي بذلك على فكرة مدنية الدولة الحديثة وتوازن السلطات، وعلى رئيس الجمهورية ألا يكون مهتمًا بالمقاولات، وضمانة المجتمع تتحقق باستمرار الإنجازات وتأدية مؤسسات الدولة دورها بالحفاظ على المجتمع، وهو ما يؤدي لتحقيق إنجازات تخدم المواطنين".
ورفض الزاهد تولي الرئيس رئاسة المجلس الأعلى للقضاء، قائلًا "لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يصبح رئيسًا للقضاة"، وأضاف "لا نريد أن نعصف باستقلال القضاء حتى لا نعصف بما تبقى من أمل، حتى لا تنتشر الفوضى، فنحن من حيث المبدأ ضد المساس باستقلال السلطة القضائية".
وانتهز الزاهد فرصة الحديث الممنوح للمعارضين في البرلمان منتقدًا الهيمنة على الإعلام من جانب واحد ومنع ظهور الأصوات المعارضة للتعديلات في الإعلام. وطالب بالإفراج عن الشباب المقبوض عليهم لرفض التعديلات المقترحة، وقال "أُدخل الشباب السجون وأسلمهم للإرهابيين هو ممكن يطلعوا لي إيه؟"
الإفراج عن المعتقلين
استشهد رئيس حزب الكرامة محمد سامي بالحراك الذي شهدته الجزائر والمطالبة بعزل الرئيس عبد العزيز بوتفيلقة، قائلًا "لا يصح أن يظل رئيس للدولة لما بعد سنة 2030، لازم نأخذ عبرة من الماضي، يقعد 14 سنة يبقى حرام. 12 سنة أخرى لدولة زي مصر حمل هائل. الرئيس يعمل 16 و17 ساعة فى اليوم ، فنضيف عليه 12 سنة أخرى. دا كثير جدًا".
ورفض سامي ما اعتبره تدخلات في التعديلات من الرئاسة أو الجهات الأمنية، وهو ما استدعى تعقيب عبد العال الذي قال "أقسم بالله الرئاسة لم تتدخل بصورة أو بأخرى فى التعديلات الدستورية المقترحة".
عودة السادات للبرلمان
كان المشهد الأبرز في جلسة الحوار أمس عودة محمد السادات النائب الذي أسقط البرلمان عضويته، لأروقة المجلس مشاركًا في مناقشة التعديلات بصفته رئيسًا لحزب الإصلاح والتنمية.
استطاع رئيس الحزب الحصول على مساحة وزمن للحديث لم يتمكن وهو نائب من الحصول عليه تحت القبة خلال الفترة التي قضاها وتخللها عدة مواقف حادة بينه وبين رئيس البرلمان، الذي وصفه بالأمس بالأخ العزيز.
وقال السادات "إن قطار التعديلات انطلق وسيصل محطته المنشودة، ولن يؤثر في طريقة اعتراض بعض الشخصيات العامة، وأن مايدور الآن من جلسات حوار المجتمعي، نوع من إضفاء الشرعية على التعديلات".
وأضاف "أقدم رأيي لله والوطن والتاريخ"، وتساءل عن "الضرورة الملحة التي تجعلنا نطلب تعديلات في الوقت الحالي". مضيفًا "تعديلات 1980 كانت سببًا في بقاء الرئيس مبارك لـ 30 عام، رأينا جمودًا وفسادًا لحين قامت ثورة 2011، والرئيس السيسي نفسه قال في أكثر من مناسبة أنه يحترم المدد والفترات، والسيد رئيس مجلس النواب أكد أن مدد الرئاسة موضوع ومقطوع ولن يتم فيه أي نوع من التعديلات، وهو مايدفعنا للسؤال عن السبب الحالي للتعديلات".
وبشأن النص الخاص بنائب الرئيس طالب السادات أن يكون نائب الرئيس في بطاقة انتخابية مع الرئيس، تجنبا للتوريث، ورفض عودة مجلس الشورى الذي سيكلف الدولة 750 مليون جنيه وقال "أرفض التعديلات الدستورية من أجل الدماء التي سالت من أجل مبادئ يتم العصف بها الآن".
وعقب عبد العال مدافعا عن الحوار المجتمعي مؤكدا أنه ليس شكليا، وقال "ليس لدينا تعديلات معلبة، وإنما اقتراحات حتى الآن"، واستكمل "ليس هناك على الإطلاق بقاء في السلطة للأبد، الجميع يعلم أن الرئيس السيسي عازف عن الحكم، وذهب الجميع إليه وهو وزير للدفاع وكان متردد".
أوقفوا الطوارئ
كان وقف العمل بحالة الطوارئ أحد أبرز المطالب التي طرحها رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، الذي رفض التعديلات، قائلًا "لأول مره أرى مادة توضع لحالة واحدة أو شخص واحد".