بدأت جلسة الحوار المجتمعي الأولى لمناقشة التعديلات الدستورية المقترحة بالسلام الجمهوري في قاعة الشورى في مقر مجلس النواب، بمجموعة من تعليمات رئيس البرلمان علي عبد العال قصرت الحديث على الضيوف فقط من أساتذة الجامعات ورؤساء تحرير وإدارات الصحف والإعلاميين وممثلي الأزهر والكنيسة، فيما مُنع النواب الحاضرين من الحديث وطلب منهم الاستماع فقط.
خلت مداخلات الحضور من اعتراضات على فلسفة التعديلات المطروحة، وطالب عدد منهم بدستور جديد، بينما حاول اقترح عدد من الحضور بأن تكون "فترات الترشح مفتوحة" جزءًا من الدستور، وليس مادة انتقالية تخص إعادة ترشح الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي فقط، بجانب اقتراحات بإلغاء مقترح تخصيص كوتة للمرأة، وإلغاء النِسَب المحددة دستوريًا للإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي.
تعديلات مجلس سرور
انتقد رئيس المجلس على عبد العال التعديلات الدستورية السابقة التي جرت في عهد رئيس مجلس الشعب الأسبق فتحي سرور.
عبد العال لم يذكر اسم "سرور" في حديثه لكنه قال "التعديلات السابقة لم أشارك فيها، وكنت متابعًا لها بحكم التخصص. أتحدث كأستاذ قانون دستوري.. كانت تعديلات ذات مغزى معروف وكان الهدف خاصًا ومحددا وفات على مقدمي التعديلات وإقرارها في هذا الزمن أن تكتب الاسم صراحة"، في إشارة إلى ما أثير وقتها أن التعديلات تهدف لتوريث الحكم لنجل الرئيس الأسبق جمال مبارك.
الأزهر والكنيسة يدعمان التعديلات
دعمت كلمات ممثلي الأزهر الشريف والكنيسة مشروع التعديلات المقدمة. وبعد الدعوات لمصر وللحاضرين وتوجيه الشكر وتلاوة آيات قرآنية، قال رئيس أكاديمية الأزهر العالمية الدكتور عبدالمنعم فؤاد "الأزهر يعلم أن هناك تحديات تواجه البلاد، ومستجدات تحدث كل يوم، الأعين على مصر ناظرة، وهناك أفكار تترصد بمصرنا لابد أن نتضامن وأن نكون كلمة واحدة"، مختممًا كلمته المؤيدة للتعديلات بـ "تحيا مصر".
فيما استعرض الأنبا بولا ممثل الكنيسة، أسباب تأييد التعديلات، رغم عضويته السابقة في لجنة الخمسين التي وضعت الدستور الحالي، قائلًا "القائمون على دستور 2014 كانت عيونهم مسلطة على سلبيات الماضي، مما أدى لوجود تحفظات في بعض الأحيان، مبالغ فيها عند صياغة الدستور".
وبشأن عودة مجلس الشورى تحت مسمى مجلس الشيوخ قال الأنبا بولا "لم يتم الأخذ بإلغائه لأسباب فنية متعلقة بعمل المجلس في ذلك الوقت، ولكن لظروف اقتصادية كانت تعيشها البلاد. على المستوى الشخصي شعرت يومها كما لو كنا ندفن هذا الكيان العظيم وهو ينبض بالحياة. القائمون على دستور 2014 كانوا يدركون احتياجهم لتعديل المادة 226 التي تضع آلية لتعديل الدستور".
فتح مدد الرئاسة لأي رئيس
ولتجنب أزمة المادة الانتقالية المخصصة حصرًا للرئيس عبد الفتاح السيسي دون الرؤساء القادمين بعده، اقترح المشاركون في جلسة الحوار المجتمعي بفتح مدد الرئاسة وعدم تحديدها، وهي الدعوات التي جاءت على لسان أساتذة في القانون الدستوري، وكتاب صحفيين من المشاركين.
الدعوة الأولى لفتح مدد الرئاسة جاءت على لسان الدكتور صبري السنوسي عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة وأستاذ القانون الدستوري، الذي شدد على مشروعية التعديلات المقدمة، قائلًا "نحن أمام نزاع بين تداول السلطة، وحرية الترشح والمنافسة وهو الأساس. ولذلك لا يجوز القياس على الأنظمة الغربية وخاصة الـنظام الأمريكي".
وأضاف "نحن أمام نزاع بين تداول السلطة وحرية الترشح والخيار للشعب، إما أن نفتحها أو نقيد السلطة في انتخابه (الرئيس) للحفاظ على المساواة".
فترة ثالثة ورابعة وخامسة
رئيس المجلس الأعلى للإعلام مكرم محمد أحمد، اقترح أن تكون المادة "التي تمس الرئيس في صلب الدستور"، وأن تكون هناك مادة دائمة لـ "أي رئيس للجمهورية يستطيع تنمية الدخل القومي أن يكون له الحق في فترة ثالثة ورابعة وخامسة لأنه هنا يؤدي وظيفة واضحة ويحقق انجازًا ملموسًا، وكي تكون حافزًا لرؤساء الجمهورية".
واعتبر مكرم أن إلغاء المادة الانتقالية التي تخص الرئيس الحالي فقط وفتح المدد، سيؤدي لقبول أوسع للتعديلات ويجعلها تحوز على توافق وطني.
دستور جديد
أمام مطالبات عدد من المشاركين بوضع دستور جديد، قال رئيس مجلس النواب "نحن في حاجة لدستور جديد لكن المجلس غير مؤهل من الناحية الدستورية لوضع دستور جديد لابد من سلطة تأسيسية تقوم بهذا العمل".
وأمام انتقادات عدد من المشاركين من بينهم المذيع نشأت الديهي ورئيس تحرير الوفد يحيى زين الدين لديباجة الدستور التي تنص على الحفاظ على مكتسبات 25 يناير و30 يونيو؛ دافع عبد العال عن لجنة العشرة التي كان أحد أعضائها ومهدت الطريق للجنة الخمسين لوضع دستور 2014 بديباجته الحالية.
وقال الديهي في كلمته "إن حزمة التعديلات المعروضة جاءت في الوقت المناسب وتمثل تصحيحًا للمسار التشريعي والدستوري، والوطن في أمس الحاجة"، وقال "مصر ليست ثورة يناير ولن تكون. فيه ثورات كثيرة من 1919، ولا يجب أن تُختزل في ثورة يناير. أرجو حذف هذه العبارة".
عبد العال يتبرأ من الديباجة
ومنع عبد العال النائب أحمد الطنطاوي من التعقيب على كلمة الديهي، قائلًا "المُضيف لا يتحدث. عليه أن يسمع الضيوف. نحن لنا القاعة ولك الحق أن تقول ما تشاء وتعلق على ما تشاء".
وأكد رئيس البرلمان أن لجنة العشرة ليست مسؤولة عن هذه الديباجة التي وضعتها لجنة الخمسين. قدمنا ديباجة بمعايير دستورية لم يؤخذ بها، وكانت لجنة الخمسين هي صاحبة القرار النهائي.
وأمام مطالب البعض أيضا بتعديل المواد الدستورية التي تُلزم الدولة بإنفاق نسب محددة من الناتج القومي الإجمالي على الصحة والتعليم والبحث العليم قال عبد العال إن "لجنة العشرة بريئة من المواد التي نصّت على ضرورة تخصيص نسب الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي".
تعديلات أخرى
وطالب رئيس تحرير صحيفة اليوم السابع خالد صلاح بتعديل المواد المخصصة للإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي "لقد فتحنا باب التعديلات، لماذا لا نكمل المسار وننظر نظرة متأنية لكثير من المواد الأخرى؟".
وتحدث صلاح عن تطبيق النسب المنصوص عليها في الدستور الحالي، قائلًا "هذه المواد محل جدل، وإن كانت الحكومة لا تستطيع الالتزام بها الفترة الماضية؛ فلا أعرف مبررًا للإبقاء عليها".
وشدد عبد العال على التزام البرلمان والحكومة بدستورية الموازنة ومراعاة نسب الإنفاق الخاصة بالصحة والتعليم والبحث العلمي "اطمئنوا أنتم في أيدٍ أمينة".
الهيئات القضائية
نالت التعديلات الخاصة بالهيئات القضائية استحسان المتحدثين، فيما ظهرت اعتراضات محدودة جاءت من عميد كلية الحقوق بجامعة المنصورة، شريف خاطر "أرفض تقليص صلاحيات مجلس الدولة فى المادة 189 فيما يخص مراجعة العقود، فهو اختصاص أصيل لمجلس الدولة".
لكن الصحفي خالد صلاح، ر عليه قائلًا "شوفنا مشكلات كبيرة في مسألة مراجعة العقود وأحكام شديدة، دفعت بسببها مصر ثمنًا غاليًا في قضايا التحكيم".
بينما ذهب رئيس تحرير جريدة الوفد وجدي زين الدين، بعيدًا في تأييد المواد الخاصة بالهيئات القضائية وطرق اختيار رؤسائهم، قائلًا "لماذا لا نترك الاختيار لرئيس الدولة هل يوجد من هو آمن على الدولة من رئيس الجمهورية هل هناك آمن منه؟ أرى ترك الحرية له لاختيار رؤساء الهيئات القضائية، لا أرشح 5 ولا 7 ولا 6 هو حر".
فيما قال رئيس تحرير جريدة الجمهورية سعد سليم إن "التعديلات تصب في المصلحة العامة خاصة الهيئات القضائية وتوسع فرص الاختيار لرؤساء الهيئات القضائية".
اعتراضات على الكوتة
تفاوتت آراء المشاركين في جلسة الحوار المجتمعي الأولى بشأن كوتة المرأة وتخصيص 25% من مقاعد مجلس النواب للنساء، إذ رفض عميد كلية الحقوق بجامعة المنصورة، شريف خاطر تخصيص هذه النسبة، قائلًا "المرأة ليست أقل من الرجل وتحتل أكثر من منصب سياسي، وتخصيص نسبة ستؤخذ علينا خارجيًا فهى قادرة على المنافسة فى الانتخابات. أخشى من نظرة المجتمع الدولي بعد تخصيص كوتة تضمن ظهورها فى الحياة السياسية".
وطالب رئيس تحرير جريدة الوفد وجدي زين الدين بإعادة النظر في الكوتة "هي تمييز في حد ذاتها، لماذا لا نترك المسألة مفتوحة؟ تشارك المرأة كما تشاء، وتفوز. مش نقول خايفين على الستات ونحدد لهم نسبة، إحنا مصر بلد واحد وكيان واحد".