في الوقت الذي انعقدت فيه اللجنة العامة بمجلس النواب ظهر اليوم لمناقشة تقريرها بشأن التعديلات الدستورية؛ بدأ عدد قليل من النواب إصدار بيانات صحفية تكشف موقفهم المعارض للتعديلات، فيما بدأت تحركات خارج البرلمان مساء أمس لرفض التعديلات بدأها نواب تكتل 25- 30 من الحزب الناصري أمس، مع إطلاق عدد من الشخصيات العامة ونواب البرلمان لجنة للدفاع عن الدستور من حزب المحافظين.
وبعد اجتماع مغلق للجنة العامة للبرلمان استمر نحو ساعتين؛ أصدر البرلمان بيانًا صحفيًا يعلن موافقة اللجنة على التقرير الذي أعدته هيئة مكتب المجلس، الرئيس والوكيلان، بشأن التعديلات الدستورية المقترحة.
وقال رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، خلال الجلسة العامة إن اللجنة العامة عقدت اجتماعين، اليوم وأمس الأول، للنظر في الطلب المقدم من 155 عضوًا، أكثر من خُمس أعضاء المجلس، باستبدال وإضافة وحذف بعض مواد الدستور، وبحث مدى توافق التعديل مع الأحكام الواردة في المادة 226 من الدستور والمادة 133 من اللائحة الداخلية للمجلس.
وأشار عبد العال إلى حضور أغلبية أعضاء اللجنة للاجتماع الأول، فيما شارك جميع الأعضاء في الاجتماع الثاني. وقال "بعد مناقشات مستفيضة انتهى رأي اللجنة إلى توافر الشروط الدستورية، ووافق أغلبية أعضاء اللجنة على مبدأ التعديل، وقمت باستعراض مشروع تقرير اللجنة العامة الذي أعده مكتب المجلس، وتمت تلاوته على أعضاء اللجنة ووافق أكثر من ثلثي أعضاء اللجنة".
واستطرد رئيس البرلمان "عملًا بحكم الفقرة الرابعة من المادة 134 من اللائحة الداخلية للمجلس؛ سأتيح التقرير لجميع أعضاء المجلس قبل الجلسة المحددة لمناقشته بسبعة أيام على الأقل".
خلال الجلسة العامة وأثناء إلقاء النواب بيانات عاجلة، قال النائب هاني الحناوي "النصوص التشريعية والدستورية تكون في بعض الأحيان بعيدة عن الواقع، والتعديلات المرتقبة ستكون وثيقة الصلة بالأوضاع على أرض الواقع".
وامتدح الحناوي ئيس الجمهورية "الرئيس السيسي لم يتكاسل في اتخاذ أية إجراءات لإنقاذ الفقير، والعبارة القائلة بأن في مصر 90% فقراء و 10% أغنياء، هي خرافة في العهد الحالي، لأن الرئيس يأخذ بيد الفقير بكل ما أوتي من قوة، وقد منحنا الكثير من الإجراءات حتى لايصبح الفقير فقيرًا وألا يظل كذلك. ونحن مع الرئيس وسنظل نؤيده".
رافضون جدد
قبل بداية الجلسة العامة، بدأ ظهور رافضون جدد للتعديلات الدستورية، فالنائبة نادية هنري، عضو تكتل 25-30 التي لم تشارك في المؤتمر الصحفي أمس، أصدرت بيانًا صحفيًا ظهر اليوم مضمونه رفض طريقة التعديلات، وانطلقت في بيانها من أن "المطالبات بالتعديل أصبحت واقعًا ملموسًا"، مضيفة "ما نحتاجه حاليًا هو خلق نقاش مجتمعى حول آلية التعديل، وتحديد المواد الدستورية الأولى بالتعديل".
وقالت "لا يمكن اتخاذ توجه واحد تجاه قضية التعديل على اختلاف الآراء بشأنها، فتعديل الدستور ليس حكرًا على أحد ولا لنظام قائم، إن تعديل الدستور هو حق لكل الأجيال ومن حق المصريين تعديله ما دام هناك اتباع للإجراءات الدستورية المنصوص عليها في الدستور الحالي والمستفتى عليه من الشعب المصري".
هل تحاصر الدعاوى القضائية التعديلات؟
وشككت هنري في أحقية البرلمان إجراء التعديلات، وقالت "قبل إثارة الجدل حول تعديل مدة الرئاسة، دعونا نبحث مدى أحقية البرلمان فى طرح تعديل غير مخوّل له في الدستور الحالي"، متوقعة رفع دعاوى قضائية ضد الهيئة الوطنية للانتخابات لوقف عرض مشروع الدستور للاستفتاء، بسبب مخالفة نص المادة 226 من الدستور".
وأكدت هنري أن الحاجة لتعديلات تتطلب حوارًا مجتمعيًا واسع مع رؤساء الأحزاب المصرية، ورؤساء منظمات المجتمع المدني المصري باتحاداتها وجمعياتها الأهلية، ورؤساء النقابات المهنية والعمالية، وأساتذة القانون الدستوري بالجامعات المصرية، وممثلين عن المؤسسات والأندية القضائية".
.. واقتراح بـ "ملكية دستورية"
على غرار هنري أصدر النائب سمير غطاس بيانًا صحفيًا لم يعلن فيه بشكل واضح رفض التعديلات، لكنه رهن موافقته على أية تعديلات بوجود 3 بنود أساسية تتضمن نصًا صريحًا على مدنية الدولة، وتغيير نظام الحكم من النظام الرئاسي إلى البرلماني، لتداول السلطة سلميًا بين الأحزاب التي تتنافس بشكل ديمقراطي للحصول على الأغلبية، وقال "يمكن في هذا الإطار الدعوة إلى اعتماد نظام الملكية الدستورية المعمول به في الكثير من الدول الديمقراطية حيث يملك الملك ولا يحكم".
واشترط غطاس أيضا تعديل نظام الإدارة المحلية، الذي وصفه بالفاسد، واستبداله بنظام حكم محلي كامل الصلاحيات، واختتم بيانه قائلًا "نعم لتغيير الدستور وصياغة دستور جديد لدولة مدنية ونظام سياسي برلماني وحكم محلي كامل الصلاحيات".
لجنة للدفاع عن الدستور
بدأت التحركات خارج البرلمان منذ مساء أمس الاثنين عقب إعلان التعديلات الدستورية باجتماع في مقر حزب المحافظين الذي يرأسه النائب أكمل قرطام، وانتهى اللقاء إلى تشكيل لجنة "الدفاع عن الدستور".
وشارك في الاجتماع عدد من الشخصيات العامة ورؤساء الأحزاب الرافضين للتعديلات منهم المرشح السابق للرئاسة حمدين صباحي، و رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، ووزيرا القوى لعاملة الأسبقين أحمد البرعي وكمال أبوعطية، ورئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، والنائبين طلعت خليل، ومحمد عطا سليم.
وأصدر صباحي بيانا نشره على صفحته الرسمية على فيس بوك عقب الاجتماع، وصف فيه ما يحدث بـ "جريمة العبث بدستور البلاد، ومحاولة نسف أساس التوازن المجتمعي الحالي وقطع الطريق على المضي نحو بناء الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة، وأساسها التداول السلمي للسلطة والفصل بين السلطات واحترام الدستور والقانون".
حزب المحافظين الذي استضاف الاجتماع ويرفض رئيسه التعديلات الدستورية، يشهد انقسامًا بشأن الموقف من التعديلات، فالنائبة هالة أبو السعد رئيس الكتلة البرلمانية لنواب الحزب وافقت خلال اجتماع اللجنة العامة على التعديلات، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر وجود خلافات حادة بين موقف الحزب ورئيسهمن جانب، والهيئة البرلمانية من جانب مقابل.