مع دقات العاشرة صباحًا كان زعيم الأغلبية عبد الهادي القصبي في مكتبه بمجلس النواب استعدادًا لتقديم مذكرة التعديلات الدستورية الموقعة من خُمس أعضاء البرلمان إلى رئيس المجلس الدكتور على عبد العال، لينطلق رسميًا قطار تعديل الدستور، الذي من المتوقع أن يُستفتى عليه الشعب في مايو/ أيار، بحسب الجدول الزمني للمناقشات وفقًا للائحة الداخلية للبرلمان.
ومع سرية المواد تضاربت الأخبار الخاصة بالمواد محل التعديل، وتراوحت تصريحات النواب بين تعديل 6 مواد و14 مادة، ولم يتح للمنصة التأكد من دقة هذه المعلومات، إذ بقيت المذكرة سرًا بالتزامن مع رفض المصادر الإفصاح عن "نصوص التعديلات" ولو بشكل مجهّل.
بدأ نواب ائتلاف دعم مصر الذي يشكل الأغلبية البرلمانية التوافد على مكتب القصبي لتحيته، وهنأوه ببدء التحرك لإجراء التعديلات الدستورية، وقال أحدهم "هو ده الشغل"، وقال آخر "إحنا طالبنا من فترة واتقال لنا استنوا شوية".
في مكتب زعيم الأغلبية
في مكتبه بمجلس النواب استقبل القصبي المحررين البرلمانيين، سيطر الهدوء على مكتب زعيم الأغلبية وبقيت شاشة التليفزيون تبث آيات القرآن الكريم، وهو الطقس الذي لا ينقطع من مكتب القصبي الذي يرأس أيضًا المجلس الأعلى للطرق الصوفية.
أكد القصبي أن النواب استخدموا حقهم مستندين إلى المادة 226 من الدستور ، ومواد اللائحة الداخلية لمجلس النواب، مشيرًا إلى أن القرار في النهاية للشعب، وقال موجهًا حديثه للصحفيين "خدوا العنوان ده بقى الشعب هو الذي يملك تعديل الدستور، وهو صاحب السيادة".
رافضًا الإفصاح عن عدد المواد محل التعديل، قائلًا "دعونا لا ندخل في هذا الجزء فالباب مفتوح لجميع الاقتراحات ولا نرغب في إغلاقه".
وخلال استعراضه للمواد محل التعديل بدأ القصبي اقتراح إضافة غرفة نيابية تحت مسمى مجلس الشيوخ، مضيفًا "التوجه هو الحفاظ على تمثيل كافة أطياف المجتمع، وتخصيص 25% من مقاعد المجالس النيابية للمرأة، مع الحفاظ على تمثيل مناسب للأقباط والشباب وذوي الإعاقة".
ثم انتقل زعيم الأغلبية لمادة الرئاسة، وقال "تطلعًا لاستدامة حالة الاستقرار والخطط التنموية؛ اقترحت مد فترة الرئاسة لست سنوات".
في الطريق لرئيس المجلس
القصبي الذي تلقى إخطارًا بوصول رئيس المجلس، علي عبد العال في الحادية عشرة صباحًا؛ بدأ يستعد للقائه ووضع أوراقه في ظرف، وبسؤال الصحفيين له عن مذكرة التعديلات الدستورية، أجاب "تاخدوها من رئيس المجلس".
وخلال انتقال القصبي إلى مكتب رئيس البرلمان الذي يبعد عنه خطوات قليلة تبعه الصحفيون لطرح مزيد من الأسئلة، مبديًا الامتعاض والضيق من بعضها، ومحذرًا من نقل أية تصريحات غير التي قالها بشكل رسمي.
ورفض مقدّم التعديلات الدستورية الإفصاح عن طبيعة الترتيبات المعدة بعد تمريرها والتي تعدل مدة الرئاسة وتجعلها ست سنوات، وقال "دعونا لا نسبق الأحداث وسنتلقى كل المقترحات من النواب ودعونا لا نحجر على أحد".
فيما أبدى القصبي انزعاجه من السؤال عن وجود تعديلات تتعلق بمنصب شيخ الأزهر، محذرًا من وضع الدولة في مواجهة مع شيخ الأزهر.
المادة 226؟ مزيد من الضمانات
أما بشأن الفقرة الأخيرة من المادة 226 التي تقيد تعديل المواد الخاصة بمدة الرئاسة والحقوق والحريات، فعلق القصبي قائلا "المادة تسمح بتعديلها في حال وجود مزيد من الضمانات وتعديلاتنا تتضمن المزيد من الضمانات ولا تتعارض مع النص الدستوري".
ودخل القصبي إلى مكتب رئيس المجلس ولم يخرج قبل مرور نحو ساعة، أعلن بعدها التقدم بالتعديلات رسميا.
خلال اجتماع القصبي مع رئيس المجلس بثت الإذاعة الداخلية لمجلس النواب نغمات السلام الجمهوري في واقعة لا تتكرر إلا في المناسبات القومية.
المصلحة العليا
عقب انتهاء الاجتماع اعتلى عبد العال منصة الجلسة العامة، معلنًا تلقيه مذكرة التعديلات من خُمس الأعضاء وأعلن عقد اجتماع للجنة العامة اليوم لمناقشة المذكرة وإعداد تقرير بشأنها، وهي الجلسة التي لاتزال جارية حتى الآن.
وأكد عبد العال أن حضور اللجنة العامة اليوم سيكون حصرًا لأعضاء اللجان الخاصة ورؤساء الهيئات البرلمانية "لا حضور للحكومة في اللجنة العامة اليوم، فالمداولة والحوار في تعديل الدستور للأعضاء فقط في الجلسة العامة، واللجنة العامة".
وحاول رئيس البرلمان إرسال رسائل مطمئنة قائلًا "سأفسح المجال للجميع لإبداء الرأي من داخل المجلس وخارجه وكل القوى السياسية الممثلة في اللجنة التشريعية، وأطمئن المواطنين أن هذا التعديل إذا ما عرض على المجلس سيكون لصالح المواطن المصري والوطن الغالي علينا جميعا"، وهي العبارة التي صفق بعدها النواب تأييدًا.
وأضاف""لا ننتقص من الحريات التي نص عليها الدستور ولا نتعرض لمبدأ المساواة في قريبه أو بعيده. فنحن ننطلق من مصالح الدولة العليا ومصالح الشعب المصري".
التعديلات سرية
ورغم تأكيد رئيس البرلمان على أن التعديلات تنطلق من المصلحة العليا للبلاد ومصلحة الشعب ظلت التعديلات المطروحة سرية، ولم يطلع النواب على المذكرة أو يتعرف الصحفيون على المواد المطلوب تعديلها.
الأمر الذي تحدث عنه عدد من النواب دون تفاصيل كثيرة هو تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، واستحداث مجلس للشيوخ، وإلغاء الهيئات الإعلامية، فيما بقى الحديث بشأن تحديد دور القوات المسلحة في الحفاظ على مدنية الدولة، أو إنشاء مجلس لحماية الدستور، غير مؤكد.