أسئلة بلا إجابات وافية، ووعود شفهية وشروط تخالف نص القانون.. ذلك بعض مشاهد سادت يوم أمس اﻷحد، الذي كان أول أيام تلقي المجلس اﻷعلى للإعلام لطلبات تقنين المواقع الإلكترونية، وفقًا لما تنص عليه مواد القانون رقم 180 لسنة 2018، وذلك على الرغم من عدم صدور لائحته التنفيذية حتى الآن.
وصدر القانون في 110 مادة، تحت مُسمّى "قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى للإعلام"، وأقرّه الرئيس عبد الفتاح السيسي القانون، في 27 أغسطس/ أب 2018، وصار الحكم في تقنين أوضاع المواقع الإلكترونية في مصر.
وكان من المُفترض أن تصدر اللائحة التنفيذية للقانون بقرار من رئيس مجلس الوزراء، خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به، لكن أمين عام المجلس أكد للمنصّة أن التطبيق والتقنين ممكن في غياب اللائحة.
موقف ملتبس
تسبب بدء التقنين دون صدور اللائحة التنفيذية للقانون في "عدم وضوح الإجراءات سواء للساعين إلى التقنين أو الموظفين المسؤولين عن التقنين في المجلس اﻷعلى للإعلام"، وفقًا لما ذكره للمنصّة، محمود إسماعيل، المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة.
إسماعيل الذي كان من بين مَن توجّهوا أمس لمقر المجلس الأعلى للإعلام، لبدء إجراءات تقنين ثلاث مواقع إلكترونية يُمثّلها قانونيًا، قال "في ظل غياب اللائحة، صرنا مُضطرين لأخذ مواده وتفسيراتها على علاتها؛ ما تسبب في عدم وضوح جوانب كثيرة أمام المتعاملين، حتى أن موظفي المجلس لم يكن لديهم الخلفية القانونية الكاملة عن الإجراءات المطلوبة".
ودللّ إسماعيل على قوله هذا ببعض مما لمسه بصورة شخصية خلال تواجده في مقر المجلس، بقوله "معظم الأسئلة التي وجهها المحامون للموظفين متعلقة بالقانون وتنفيذه والتصاريح الإضافية، لكن الموظفين مش عارفين التفاصيل كلها، وقالوا لنا هناخد الورق في خلال أسبوعين بس، ولما تطلع اللائحة التنفيذية هنشوف لو فيه حاجات جديدة هنطلبها منكم".
"القانون يكفي"
خلال تواجده في المقر، استمع إسماعيل، حسبما ذكر للمنصّة، لعدد من الوعود الشفهية، من قبيل "استثناء المواقع التي ستتقدم للتقنين في خلال هذين الأسبوعين من بعض اﻷحكام التي قد تأتي في اللائحة التنفيذية"، واستدرك قائلاً "لكن من وجهة نظري هو أمر نسبي، ولو أرادوا تطبيق القانون بحذافير هسيفعلوها".
ينصّ القانون على عدد من الشروط الخاصة بتقنين المواقع الإلكترونية من بينها أن يكون مالكها مصريًا وغير محروم من مباشرة حقوقه السياسية، وأن يكون المسؤول عن إدارة الموقع مقيدًا في أي من نقابتي الصحفيين أو الإعلاميين.
ويضم القانون عددًا من المواد التي قوبلت بـانتقاد حقوقي، باعتبارها "تمارس الرقابة على الإنترنت، ووضع نظام للمراقبة الشاملة على الحسابات والمدونات والمواقع الشخصية، وتمكين المجلس الأعلى للإعلام من ملاحقة المواطنين الذين يعبّرون عن آرائهم عبر الإنترنت".
بجانب الوعود، استمع إسماعيل لعدد من الشروط الشفهية التي لا تتوافق مع نصوص القانون وشروط الترخيص، على حد قوله "من المفترض رسميًا أن مهلة التقنين ستة شهور، ولا أعلم سببًا لقرار الأسبوعين كما أن الموظف فاجئني اليوم بقوله إن البت في طلب التقنين في مدة لا تتجاوز 60 يومًا، مع أن الشروط تنص على 90 يومًا".
لاقى قول الموظف حول الستين يومًا كمهلة للبت في طلبات التقنين ومنح التراخيص، تأييدًا من أحمد سليم، اﻷمين العام للمجلس اﻷعلى للإعلام، الذي قال "ومش هنقعد 60 يوم، وهنبت (في التراخيص) في مدة أقل".
وردًا على ما سببّه بدء التقنين في ظل غياب اللائحة التنفيذية للقانون، قال سليم للمنصّة "اللائحة بتوضح النقط اللي فيها التباس، لكن لا يوجد التباس والنصوص واضحة في القانون، كما أن هناك نموذج على الموقع الإلكتروني للمجلس يوضح كل اﻷمور".
يقدّم المجلس اﻷعلى، عبر موقعه الإلكتروني الرسمي عددًا من الوسائل المساعدة من أجل التقنين، من بينها شروط تتعلق بكل من ملكية وإدارة وسيلة إعلامية، وشروط مزاولتها لعملها، ونموذج التزامات المرخص له بممارسة العمل الإعلامي.
وفي مؤتمر صحفي، انعقد مساء أمس، شدد وكيل المجلس اﻷعلى للإعلام عبد الفتاح الجبالي، على أن من لم يحصل على تراخيص من المجلس سيكون وضعه غير قانوني.
وفي السياق نفسه، أكد سليم أن هناك "إقبال والتزام" في اليوم اﻷول للتقنين من عدد من المواقع، مُشيرًا إلى أن تطبيق العقوبات بعد أسبوعي التقديم من عدمه لم يُحسم بعد، وسيتوقف على عدد المتقدمين للتقنين وغير المتقدمين.
اقرأ أيضًا: البرلمان يوافق على 3 قوانين للصحافة.. و"الأعلى للإعلام": حماية من الفوضى
في انتظار اللائحة
لاقى بدء التقنين ترحيبًا من محمد سمير، رئيس التحرير المناوب لمجموعة أونا للصحافة والإعلام، والذي اعتبر القانون "خطوة جيدة جدًا بالنسبة للمواقع، وبداية محتملة لاعتماد صحفييها نقابيًا، ما قد يمثل حلًا لمشكلة حقوق آلاف الصحفيين العاملين في المواقع وليس الصحف الورقية".
وكشف سمير، أن هناك إجراءات تتم حاليًا بالفعل نحو التقنين، من جانب المجموعة الإعلامية التي تضم مواقع إعلامية من بينها أونا ومصراوي ويلا كورة.
وعن تأثير التقنين والقانون نفسه على العمل الإعلامي، في ظل وجود مواد تعرّضت لانتقاد "حقوقي" باعتبارها "فضفاضة" وتُقيد العمل، كالمتعلقة باعتبارات اﻷمن القومي، أو أخرى تُمثل توسيعًا في صلاحيات المجلس تجاه المواقع، قال سمير "المحافظة على الأمن القومي أمر طبيعي، ولن نجد من يقول نعم أريد استباحته. أما الصلاحيات فهي موجودة منذ بدأ المجلس ممارسة مهامه، لكن لا اعتقد أن أي آلية ستتم بمعزل عن نقابة الصحفيين، فاللائحة التنفيذية لم توضع حتى الآن، ومن المؤكد أنه سيكون له دور بموجبها".