في الوقت الذي يناقش فيه مجلس النواب قوانين الصحافة والإعلام، كانت هيئة الرقابة على المصنفات الفنية توقع قرارًا بمنع عرض فيلم كارما للمخرج خالد يوسف، عضو مجلس النواب، الذي انقطعت صلته بالبرلمان منذ عام تقريبًا عقب إقرار المجلس لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، إذ اتخذ موقفًا رافضًا للاتفاقية ولم يدخل البرلمان منذ الموافقة عليها.
دقائق قليلة فصلت بين صدور قرار الرقابة على المصنفات الفنية بمنع فيلم "كارما"؛ وبين رد فعل نواب تكتل 25/30 تحت قبة البرلمان.
الخلافات السياسية مع المخرج لا تخفى على أحد
استغل النائب أحمد الشرقاوي، عضو المجلس عن دائرة المنصورة، حصوله على الكلمة ليتحدث مع عبد العال عن قرار منع الفيلم قبل يوم واحد من العرض الخاص، والمدعو لحضوره عدد كبير من النواب.
وقال الشرقاوي "إني لا أتحدث عن النائب، خالد يوسف، وإنما الفنان الذي حصل على تصريح رسمي بالعرض، وقبل العرض الخاص بيوم واحد وجميعنا مدعوين له، يسحب ترخيص الفيلم بعد صرف ملايين من أجل الدعاية وتوجيه الدعوات، هذه رسالة قاسية لحرية الرأي والتعبير في مصر".
وأضاف "بهذا القرار تقول الدولة إن لا حرية في التعبير أو الرأي في جمهورية مصر العربية".
وعلق رئيس المجلس قائلا "نحن دولة مؤسسات كل سلطة تمارس اختصاصتها وفقًا للقانون"، وأكمل: "باب التظلم واللجوء للقضاء مفتوح". فانفعل نواب التكتل المعارض تحت قبة البرلمان وحاول عدد منهم استكمال موضوع الجلسة والرجوع لقوانين الإعلام.
وأمام ضغوطهم سمح عبد العال للنائب أحمد الطنطاوي بالحديث فقال: "إن الفيلم حاصل على ترخيص وتم إخطار المخرج تليفونيًا بسحب الترخيص ومنع عرض الفيلم"، مضيفًا "لا يخفى على أحد الخلافات السياسية مع النائب مخرج الفيلم".
"نحن دولة مؤسسات"
وعقّب عبد العال: "أتفهم وجهة النظر تمامًا وأتعهد بالسؤال عن دوافع هذا المنع ونحن دولة مؤسسات، أنت تكلمني عن أمر لا أعرف دوافعه وأسبابه وأعدكم بالسؤال عن الدوافع، ونعمل على الوصول لحل لهذه المسألة، الموضوع مفتوح للتظلم".
وشهدت الجلسة نفسها جمع النائب، محمد عبد الغني، عضو التكتل، توقيعات من النواب اعتراضًا على منع عرض الفيلم، وحينما لاحظه عبد العال طلب من النواب عدم التوقيع على أية أوراق خلال الجلسة، وهو طلب ليس جديدًا من رئيس المجلس، إذ تكرر عدة مرات اعتراضه على توزيع الأوراق المتضمنة أية مواقف أو بيانات، ويعترض على جمع التوقيعات خلال الجلسة.
لكن الورقة وقع عليها 35 نائبًا أدانوا منع الفيلم، وبالطبع ليس كلهم من تكتل المعارضة، بل منهم أعضاء في ائتلاف الأغلبية مثل النائب مصطفى الجندي والنائبة مي محمود، وعضو في حزب مستقبل وطن مثل النائبة منى جاب الله، وأيضًا النائب مصطفى بكري، والنائب حسني حافظ من حزب الوفد.
الصحافة والإعلام.. الرئيس يختار الرئيس
على جانب آخر استكمل المجلس، اليوم، مناقشة قوانين الصحافة والإعلام، ووافق على مشروع قانون الهيئة الوطنية للصحافة، ومشروع قانون الهيئة للإعلام في مجموعهما، وقرر رئيس البرلمان إحالتهما لمجلس الدولة لنظرهما وإرسال الملاحظات الدستورية بشأنهما قبل إقرارهما نهائيًا.
مشروع قانون الهيئة الوطنية للصحافة معني بتنظيم إدارة الصحف المملوكة للدولة من خلال الهيئة التي ستتشكل من 9 أعضاء، يختار رئيس الجمهورية رئيس الهيئة ويتنوع باقي الأعضاء بين ترشيحات نقابة الصحفيين ومجلس النواب ومجلس الدولة ووزارة المالية ويختار الرئيس الأعضاء من بين هذه الترشيحات.
المادة الأبرز في هذا القانون والتي أثارت جدل كبير في القاعة هي المادة المتعلقة بتشكيل الجمعيات العمومية للمؤسسات الصحفية القومية، وهي نفس المادة التي تثير مخاوف واعتراضات قطاع من الصحفيين العاملين في هذه المؤسسات.
وتنص المادة التي وافق عليها المجلس دون تعديل على أن يكون لكل مؤسسة صحفية قومية جمعية عمومية تشكل بقرار من الهيئة الوطنية للصحافة من 17 عضواً على النحو الآتى:-
1. رئيس الهيئة الوطنية للصحافة.
2. ثلاثة من أعضاء الهيئة الوطنية للصحافة من غير المنتمين للمؤسسة الصحفية.
3. سبعة من الخبراء المتخصصين في المسائل الاقتصادية والمالية والمحاسبية والقانونية من خارج المؤسسة تختارهم الهيئة.
4. ستة من العاملين بالمؤسسة الصحفية القومية يتم انتخابهم بالاقتراع السري المباشر، اثنان من الصحفيين واثنان من الإداريين واثنان من العمال، وتنتخب كل فئة ممثليها وفقاً للقواعد التي تضعها الهيئة الوطنية للصحافة.
وفى جميع الأحوال يشترط في العضو المنتخب أن يكون قد أمضى 5 سنوات عمل متصلة بالمؤسسة الصحفية.
ويرأس الجمعية العمومية رئيس الهيئة الوطنية للصحافة وفي حالة غيابه جاز له أن ينيب أحد أعضاء الهيئة أو يتولى رئاسة الجمعية أكبر أعضاء الهيئة سناً.
اقرأ أيضًا: يوميات صحفية برلمانية| قانون الإعلام الجديد: التأسيس بالإخطار والقيود بعد الإصدار
رئيس الهيئة رئيس الجميع
ولم يستجب المجلس لتحفظات واقتراحات النائب مصطفى بكري؛ الذي اعترض موضحًا أن القانون المعمول به الآن ينص على تشكيل الجمعيات العمومية للصحف القومية من 35 فردًا، منهم 4 أشخاص فقط من خارج المؤسسة، أما التعديل الوارد في مشروع القانون ينص على تشكيل الجمعية العمومية من قبل 17 شخصًا منهم 11 من خارج المؤسسة، وعضوية اثنين فقط من الصحفيين.
كما اعترض بكري على أن يرأس الجمعية العمومية للمؤسسة، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، وهو في هذه الحالة سيرأس كل الجمعيات العمومية للمؤسسات القومية.
وقال بكري "مؤسسة الأهرام والأخبار متنافسين كيف يكون يكون رئيس الهيئة رئيس جمعيتهما في نفس الوقت".
واقترح بكري النص على رئاسة رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية للجمعية العمومية وتوسيع دائرة عضوية المنتمين للمؤسسة في الجمعية العمومية، بحيث يكونوا 10 أشخاص منهم 4 صحفيين.
شكوك على طريق الخصخصة
وتحدث بكري بشكل صريح عن مخاوفه من وجود اتجاه لخصخصة الصحافة القومية، وقال "ما معنى جمعية عمومية من خارج المؤسسة ولا يكون الصحفيين شركاء في إدارة المؤسسة ما الذي يقول إنهم أكثر حرصًا على المال العام؟".
لكن عبد العال أكد عدم وجود أي نوايا لخصخصة الصحف القومية، وقال: "لا خصخصة للصحف القومية"، مشيرًا إلى أن الأمر كان محسومًا من قبل لجنة العشرة أثناء الإعداد لدستور 2014، وقال: "كان في اتجاهين إما خصخصتها وتصفيتها وتصبح مؤسسات خاصة أو إيجاد بديل لمجلس الشورى يدير هذه المؤسسات باعتباره مالكًا لها"، وأضاف: نظرًا للظروف المحيطة بالدولة في هذا التوقيت فقد رؤي العدول عن تصفية هذه المؤسسات وكان البديل الهيئة الوطنية لتكون المالك لهذه الصحف تلقائيًا، ولابد أن يكون المالك على رأس الجمعية".
وأصر عبد العال والنائب أسامة هيكل على بقاء النص كما هو دون تعديل، مستندين لمبدأ الفصل بين جهة الإدارة والمحاسبة.
لكن المناقشات لم تخل من بعض التعليقات اللافتة لعبد العال، فخلال مناقشة إحدى المواد قال إن بعض النواب يطرحون تعديلات بهدف إضاعة الوقت، لافتًا إلى النائب عفيفي كامل، وقال إن بعض التعديلات الهدف منها تعطيل القانون وعلى رئيس المجلس عدم عرضها.
أما مشروع الهيئة الوطنية للإعلام فمعني بإدارة وتنظيم الإعلام المرئي والمسموع المملوك للدولة ولم يتخلله مناقشات أو خلافات ملحوظة.