يبدأ الأمر بتغريدة قصيرة عبر حسابه على موقع تويتر، يعلن فيها عن إلقاء كلمة هامة يتبعها إعلان انسحابه من اتفاقية أو إلغاؤه قانون. هكذا يمضي الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، دونالد ترامب فترته الرئاسية منذ دخوله البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني عام 2017.
منذ تنصيب رجل الأعمال الجمهوري رئيسًا للولايات المتحدة، أعاد النظر في قوانين واتفاقيات، على صعيد السياسة الخارجية والداخلية، أبرمت خلال ثماني سنوات متصلة من تولي الديمقراطيين رئاسة الولايات المتحدة، فيما بات يُعرف بحقبة باراك أوباما.
ترصد المنصة في هذا التقرير أبرز الاتفاقيات والقوانين الملغاة من قبل دونالد ترامب والتي شرعت في حقبة أوباما.
الاتفاق النووي.. عودة طهران وواشنطن إلى نقطة الصفر
"أعلن اليوم أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي الإيراني. في اللحظات القليلة القادمة، سوف أوقع قرار رئاسي للبدء في فرض عقوبات نووية أمريكية على النظام الإيراني. سنقوم بوضع أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية". بهذه الكلمات أعلن ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، رغم مناشدات الأوروبيين بعدم انسحاب واشنطن من الاتفاق.
لم يأت قرار ترامب الأخير تجاه الاتفاق النووي فجأة، سبقه بخطاب جذري ألقاه في أكتوبر، من العام الماضي، بالبيت اﻷبيض، حول تغير السياسة اﻷمريكية تجاه الاتفاق النووي مع إيران قائلًا على المفاوضين الأمريكيين في عهد أوباما: "إن العقلية التي كانت وراء هذا الاتفاق هي نفس العقلية المسؤولة عن توقيع الكثير من الاتفاقات التجارية في الأعوام الماضية والتي ضحت بمصالح الولايات المتحدة التجارية وغلبت مصالح دول أخرى وأضاعت ملايين فرص العمل على أبناء وطننا".
يعكس هذا الموقف سياسات ترامب تجاه القرارات الصادرة عن الرئيس السابق للولايات المتحدة. فبعكس ترامب رأى أوباما أن توقيع الاتفاق النووي انتصارًا للمفاوضيين الأمريكيين قائلاً: "يُظهر أن الدبلوماسية الأمريكية يمكن أن تحدث تغييرًا حقيقيًا وذات مغزى- التغيير الذي يجعل بلدنا، والعالم، أكثر أمانًا وأكثر أمنًا".
لكن بعد قرار انسحاب ترامب، علق أوباما عبر منشور على صفحته في فيسبوك واصفًا إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق بمثابة "قرار مضلل جدًا"، مضيفًا أن التناقض الثابت للاتفاقات التي تكون الولايات المتحدة طرفاً فيها، يخاطر بتقويض مصداقية أمريكا، ويضعنا في خلاف مع القوى الكبرى في العالم".
"اتفاق باريس للمناخ".. شعبوية ترامب في مواجهة دبلوماسية أوباما
"اتفاقية باريس تعوق اقتصاد الولايات المتحدة من أجل كسب المديح في العواصم الأجنبية والنشطاء العالميين الذين سعوا طويلاً للحصول على الثروة على حساب بلدنا. هؤلاء لا يضعون أمريكا في المقام الأول، ولكن أنا أفعل، وسوف أفعل ذلك دائماً" بهذه الكلمات أعلن ترامب انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للحد من الاحتباس الحراري، والذي أقرته ووقعته العديد من دول العالم خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في باريس.
هذا الاتفاق ألزم الدول المتقدمة بتحمل مسؤوليتها في خفض الانبعاثات الحرارية، وتقديم المساعدات المالية سنويًا للدول النامية للانتقال إلى استخدام الطاقة النظيفة. ولكن في الأول من يونيو/ حزيران العام الماضي، أعلن ترامب انسحاب بلاده من الاتفاقية بقوله "بصفتي شخص يهتم جدًا بالبيئة، وهو ما أفعله، لا أستطيع أن أؤيد صفقة تعاقب الولايات المتحدة".
هذه التصريحات كانت بمثابة الشئ ونقيضه بالقياس على تصريحات أوباما الذي سعى خلال توليه رئاسة الولايات المتحدة إلى الوصول لاتفاقية عالمية للحد من الانبعاثات الحرارية، وهو ما احتفى به أوباما خلال التوقيع على اتفاقية باريس في نيويورك، عام 2016، قائلاً: "قبل عشرة أشهر، في باريس، قلت أمام العالم إننا بحاجة إلى اتفاقية عالمية قوية للحد من تلوث الكربون ولوضع العالم على مسار خفض معدلات الكربون. وكانت النتيجة اتفاقية باريس".
"أوباما كير" حلم استبداله بـ"ترامب كير"
"كما قلت دائمًا ، دعوا نظام أوباما كير يسقط، وهيا بنا نجتمع ونضع خطة لنظام رعاية صحية عظيم" بهذه الكلمات غرد ترامب على تويتر عقب تصويت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية طفيفة على إلغاء قانون الرعاية الصحية والمعروف باسم "أوباما كير" وهو القانون الذي يدرج كافة الأمركييين تحت مظلة الرعاية الصحية حتى في الحالات التي لا تندرج تحت التأمين الصحي للأفراد من قبل الشركات، مرورًا بإلغاء التنافسية في القطاع الصحي.
حلم ترامب لإسقاط أو إلغاء القانون تحطم أمام رفض مجلس الشيوخ الأمريكي في يوليو/تموز من العام الماضي إلغاء نظام الرعاية الصحية والمعروف بـ "أوباما كير" ما دفع دونالد ترامب إلى نشر تغريدة على تويتر قائلاً: "نظام أوباما كير يعذب الشعب الأمريكي. لقد خدع الديمقراطيون الشعب لفترة كافية. علينا إلغاؤه أو استبداله، لدي قلم في يدي".
قبل أن يلوم الديمقراطيون مجددًا بعد رفض مجلس الشيوخ إلغاء نظام أوباما للرعاية الصحية، قائلاً: "فلينهار نظام أوباما كير من الداخل.. لقد خذل ثلاثة جمهوريين و48 ديموقراطيين الشعب الأميركي".
حياد الإنترنت.. "أجيت باي" فتى ترامب في التكنولوجيا
لم يمر سنتان على احتفاء أوباما بتطبيق مبدأ حيادية الإنترنت، إلا وبات موضع تهديد مع تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، إذ أسند ترامب- عقب تنصيبه بثلاثة أيام، مهام عمل لجنة الاتصالات الفيدرالية إلى الجمهوري، أجيت باي، خلفًا للديمقراطي توم ويهلر، لينهي ترامب ما اعتبره كثير من الديمقراطيين إنهاءً لحقبتهم في تولي مناصب لجنة الاتصالات الفدرالية - FCC - والتي امتدت لتسع سنوات متصلة.
ليلغي حيادية الإنترنت والتي كانت تضمن عدم قيام مزودي خدمات الإنترنت من حجب أو إبطاء محتوى أي موقع بعينه، أو إنشاء ما يسمى بـ"الممرات السريعة -Fast Lane " للشركات الراغبة في دفع أموال إضافية من أجل تقديم محتواها وخدماتها بشكل أسرع وأكبر للمستخدمين.
هذا المبدأ المنظم لعمل الشركات الكبرى للإنترنت أصبح يواجه تعثر عقب قيام لجنة الاتصالات الفيدرالية ممثلة في الجمهوري أجيت باي المدعوم من ترامب، بتقديم مشروع يحد من حيادية الشبكة، وهو الأمر الذي يسمح لمزودي خدمات الإنترنت بحظر أو إبطاء المواقع.
فعلي الرغم من المحاولات المستمرة داخل الولايات المتحدة من عرقلة تمرير مشروع قانون إلغاء حيادية الإنترنت والمعروف إعلاميًا بقانون "أجيت باي" من خلال جمع التوقيعات وتكوين تحالفات من النواب الديمقراطيين والمؤسسات المعنية بحرية الإنترنت، أعلنت لجنة الاتصالات الفدرالية أن تطبيق القواعد الجديدة للإنترنت سيدخل حيز التنفيذ الفعلي في 11 يونيو/ حزيران المقبل. وهو ما يعني إلغاء قوانين حيادية الإنترنت المشرعة في عهد أوباما.
"DACA".. إلغاء برنامج أخر لأوباما لحماية المهاجرين
أقر أوباما برنامجًا لحماية المهاجرين القصر الذين دخلوا إلى أراضي الولايات المتحدة بشكل غير شرعي، من الترحيل الإجباري، ويسمح لهم بالبقاء داخل الولايات المتحدة للعمل أو الدراسة.
احتفى أوباما بالقرار باعتباره حلاً لمشكلة ترحيل المهاجرين الصالحين، لكن تراب قال عنه من خلال تغريدة في أبريل/نيسان من العام الماضي "برنامج DACA ميت، يجب بناء الجدار وتأمين حدودنا مع التشريعات المناسبة المنظمة للحدود". وهو اﻷمر الذي انتقده أوباما وهو خارج البيت الأبيت واصفًا إياه بالقرار الخاطئ عقب إلغاء ترامب برنامج "DACA" قائلاً: "تحركت إدارتي لرفع شبح الترحيل عن هؤلاء الشباب، حتى يتمكنوا من مواصلة المساهمة في مجتمعاتنا وبلدنا".
"TPS".. ترامب يوقف العمل ببرنامج الحماية المؤقت للمهاجرين
"TPS" هى اختصار لثلاث كلمات "Temporary protected status" وتعني حالة الحماية المؤقتة المنصوص عليها في قانون الهجرة الأمريكي، وأقرت من قبل الكونجرس عام 1990، وهو برنامج إنساني يتمثل المبدأ الأساسي فيه على حظر وتعليق عمليات ترحيل المهاجرين بشكل مؤقت والذين قدموا إلى الولايات المتحدة من بلدانهم التي تشهد نزاع وصراعات مسلحة بسبب الحروب أو كوارث طبيعية. كان أوباما قد مد فترة العمل بهذا القانون وضم عدد من البلدان التي تشهد نزاعات مسلحة.
إلا أن إدارة ترامب قامت بإلغاء تمديد العمل بالقانون وهو ما يهدد مئات الآلاف من الأجانب المقيمين في الولايات المتحدة من دول هاييتي، وهندوراس، والسلفادور بالترحيل خلال مدة حددتها إدارة الهجرة الأمريكية لا تتجاوز 18 شهر، في خطوة تسعى فيها سياسات ترامب من تقليل العمالة الأجنبية في الولايات المتحدة.
قرارات ترامب بالانسحاب من اتفاقيات وإلغاء قوانين، كانت تعد مكسبًا للدبلوماسية الأمريكية في حقبة أوبامًا، بدى جليًا خلال توقيعه لقرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، إذ لم يبدي ترامب اهتمامًا لسؤال صحفية بشكل متكرر حول كيف سيجعل قرار الانسحاب من الاتفاق الولايات المتحدة في أمان، وهو ما أعقبه إجابة مقتضبة من ترامب قائلاً: "أن هذا القرار سيجعل الولايات المتحدة أكثر أمانًا".
https://www.facebook.com/plugins/video.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2FNowThisPolitics%2Fvideos%2F2043681618996651%2F&show_text=0&width=476
استمرار محو حقبة أوباما انعكس بتباين المواقف داخل الحزب الجمهوري بانقسام الجمهوريين على أنفسهم داخل الكونجرس عند التصويت على إلغاء قانون أوباما كير، لينتقد ترامب، نصًا، النواب الجمهوريين داخل الكونجرس لتعطيلهم تمرير قرار حاول إلغاء قانون الرعاية الصحية المعروف عالميًا باسم "أوباما كير".