ختان الإناث، تفضيل الذكور عليهن، العنف البدني والجنسي ضدهن، التحرش بهن، واغتصابهن على يد أزواجهن، هذه الجرائم المرتكبة بحق المرأة المصرية تلازمها منذ لحظة الميلاد.
وتواجه مصر انتقادات دائمة لاقترابها من رأس قائمة الدول الأعلى ممارسة لختان الإناث، وقلة الحظ من التعليم الأساسي، بالإضافة لظلمهن اقتصاديًا في فرص العمل والأجور، وصولا للقائمة البارزة المتعلقة بنسب تعرض النساء للتحرشات والاعتداءات الجنسية، والتي تنافس مصر فيها دولاً كالهند وأفغانستان والكونجو على المراكز الأولى.
وتنتهي جرائم العنف ضد النساء خاصة الجنسي منها إلى وصم النساء، واتهامهن بالمسؤولية عما يتعرضن له من اعتداءات، تبدأ عند التحرشات اللفظية وتصل إلى الاغتصاب المصحوب بتشويه. وتعددت الشكاوى التي تتهم جهات الأمن بالتضييق على ضحايا التحرش بالذات والضغط عليهن لعدم السير في الإجراءات القانونية التي قد تنتهي بسجن المُعتدي.
وفي أحيان تطالَب النساء بالصمت درءًا للفضيحة، لكن عن أي فضيحة يتحدث المتحدثون؟ فضيحة ستعود على الضحية أم ستعود على المجتمع؟
في الخامس من فبراير/ شباط دعت المنصة إلى حملة للكتابة، غرضها نقد سلوك التمييز ضد المرأة، وطرح حلول اجتماعية لوقفه، بالإضافة لتعريف توصيفات العلاقات وحدوها، بين ما هو مرحب به وما يُعد تعديًا لا يمكن القبول به.
قوبلت دعوتنا بالتحرج ممن لهم إسهامات نظرية لها أهمية في هذا الشأن خوفًا من السخرية أو الهجوم الوارد تعرضهم له.
وتزامنت الدعوة التي أطلقناها للكتابة حول مسألة التحرش بتجدد الجدل في قضية اتهام عضو سابق بحزب العيش والحرية (تحت التأسيس) ووكيل مؤسسيه، بارتكاب انتهاكات جنسية في حق زميلة سابقة لهما، ما فرض جدلاً لم يتطور لحدود النقاش الناضج حول محددات البيئة الآمنة لعمل وحركة النساء في المجتمع، سيما المجتمع المدني، وهو نقاش ضروري نرحب بأن تكون المنصة ساحة لطرحه والإسهام فيه.
كما نرحب في هذا الملف بكافة المشاركات والإسهامات التي تسعى لإيضاح الحدود التي يجدها بعض أبناء الجنسين ملتبسة بين محاولات التقارب، وبين التحرش والتعدي الجنسي المرفوض. وتدعو المنصة النساء لمشاركة تجاربهن في التعرض للتحرش الجنسي ومقاومته، والحدود التي يجدن أن على الجنس الآخر مراعاتها والتوقف عندها. وندعو الرجال لمشاركتنا تجاربهم ورؤاهم سعيًا لخلق ساحة نقاش هادئ بين الجنسين، يستهدف في النهاية أن يتوصل الجنسان لخلق مساحات آمنة للطرف الأكثر تعرضًا للانتهاك والتضييق.
1- سلافوي جيجيك: لنوقّع عقدًا قبل ممارسة الجنس
الحرية التي تتمتع بها النساء تزعج جميع أنواع الأصوليين، بداية من المسلمين الذين حظروا على المرأة مؤخرًا لمس ثمار الموز، وغيرها من الفواكه التي تشبه القضيب واللعب بها، إلى الشوفينيين الذكور العاديين [في عالمنا غير المسلم]، الذين ينفجرون عنفًا ضد المرأة التي "تستثيرهم" أولًا ثم ترفض تقربهم.
2- نص ملخص تقرير لجنة التحقيق في اتهامات ضد عضوين بحزب "العيش والحرية"
وقد تحققت المنصة عبر مصدرين مستقلين على صلة بلجنة التحقيق وبالحزب؛ من مدى صدقية التقرير. وننشر هنا نصًا رسميًا صادر عن لجنة التحقيق يلخص النتائج التي توصلت إليها، وتوصياتها التي انتهت إليها بعد تحقيق داخلي، تعذّر فيه الحصول على شهادة مباشرة من المدعية وأحد الشهود المباشرين على الوقائع المنسوبة لعضوي "العيش والحرية"، بناء على رسالة بريد إلكتروني رائجة شكّلت مصدرًا لتلك الاتهامات.
3- ما نعرفه إلى الآن: دليلك لفهم قضية "فتاة الإيميل"
لجنة لتقصي الحقائق تصدر تقريرها في واقعة اتهامات بالاغتصاب بحق عضو في حزب العيش والحرية واتهامات أخرى بالتحرش بحق وكيل مؤسسيه، شهود رئيسيون امتنعوا عن الإدلاء بأقوالهم. صاحبة الشكوى ترفض التعاون مع اللجنة لأنها "لم تحاول توفير مناخ آمن"، وكيل المؤسسين يتقدم باستقالته في بيان للرأي العام، والمدّعي عليه في واقعة الاغتصاب يعتزم مقاضاة مَن "شاركوا في تشويه سمعته"، وحزب سياسي في مهب الريح.
4- هيوجو شويزر: في ثقافة الاغتصاب.. كل الرجال مذنبون حتى تثبت براءتهم
أعرف أن هنالك بعض "الرجال السيئين"، لكني أشعر بالألم من عدم ابتسام النساء لي في الأروقة أو في الشارع، لأنهن جمعنني مع كل الرجال الآخرين! لقد تعبت من دفع الثمن، وهو عدم ثقة النساء، لفشل وخيانة وسوء تصرف الرجال الآخرين. لماذا لا ترى النساء أنني رجل جيد؟
5- شادي لويس يكتب: الانتهاك المُتجدِّد لـ"دورا".. جيجيك ضد الصوابية السياسية
" في الغرب على الأقل، صار كل الناس واعين بشكل هائل بمدى القهر والاستغلال في العلاقات الجنسية"، هكذا يبدأ جيجيك مقالته. تخدم الافتتاحية هدفين. فأولًا يتجهز الكاتب للنقد الذي سيُوجَّه له بأن يهوّن من المعاناة المتضمنة في العنف الجنسي بدعوى أن الأمر أضحى واقعا ولا يجهله أحد، على الأقل في الغرب. لكن الجملة تحمل أكثر من هذا، فضمنًا؛ تبدو مهمة فضح العنف الجنسي ومقاومته قد تمت بالفعل، وبالتالي؛ فإن أية جهود لاحقة في هذا الشأن تبدو من باب المبالغة والهوس، وبالطبع فإن نتائجها ستكون عكسية بالضرورة.
6 - باسم حافظ يكتب: عن"فتاة الإيميل" وثقافة الاعتذار.. استقيموا وغلاوة هياتم!
الاعتذار عن الخطأ يستلزم الندم على ارتكابه ومحاولة تصليحه، ولو الخاطيء في موقع مسؤولية فعليه المبادرة بهدم الثقافة المؤدية لتكرار الخطأ، أو بناء ثقافة بديلة تمنع تكراره. لكن الاعتذار عما قد تشعر به الضحية لا يعني الندم أو العمل على عدم تكرار الخطأ.
بقراءة تفاصيل بيان خالد يتضح لنا سياق أبوي غير ديمقراطي وغير منصف، وتغوله على ضحية كانت من الوعي بعدم التعاون مع لجنة التحقيق المُشكَّلة من الحزب.
7- حنان البدوي تكتب: في المناطق الرمادية لـ"فتاة الإيميل".. الكل خاسر
لم يكن تعامل أي من الأطراف المعنية بقضية "فتاة الإيميل" جيدًا، كما أن التحقيق الذي أُجري دون مشاركة صاحبة الشكوى لا يمكن اعتباره تحقيقًا منصفًا. وجاء التقرير الناتج عنه مليء بالاشكاليات الذكورية الأبوية في بعض توصياته. ولم تتح معلومات كافية عن أسباب عدم مشاركة صاحبة الشكوى في ذلك التحقيق، أو ما إذا كانت لجأت لجهات أخرى سواء لإجراء تحقيق أو لطلب المساندة.
8- إسلام عوض عبد الحميد يكتب: عن نسوية الوصم.. "نعم" و"لا" غير صالحتين
من وجهة نظري، كلا المعيارين "نعم" و"لا" غير صالح، لأن هناك فكرة قانونية واحدة تعبر عنهما معًا وتتجاوزهما وهي فكرة "الرضا"، ولتوضيح أهمية هذه الفكرة علينا الإيضاح أولًا بأن القوانين العقابية "الوضعية" بما فيها القانون المصري- الجرائم المنصوص عليها بالباب الرابع من قانون العقوبات، وفق ما يشرح الفقيه الراحل نجيب حسني، تجرم الاعتداءات الجنسية، ليس بوصفها اعتداءات تقع على الفضيلة الاجتماعية أو الأخلاق كما يلتبس الفهم على الكثيرين، وإنما بوصفها اعتداءات على الحرية الجنسية.