
وثائق عبد الناصر بعد النكسة.. العيب في النظام
الارتداد التكتيكي من الإطاحة بالـsystem إلى تجميل صورته
في تقييمٍ اتسم بصراحةٍ نادرةٍ، وبعد شهرين من هزيمة يونيو 1967، رسم جمال عبد الناصر صورةً قاتمةً للسنوات الـ15 التي سبقت "النكسة"، واصفًا نظامَ الحكم الذي رسَّخه بأنه غارق في الخوف والفساد الداخلي والشلل وأنه "نظام وصّلنا لآثار سلبية جدًا، وهذه الآثار السلبية أساسًا مبنية على الخوف. الوضع في رأيي بقى rotten (عفن) كرر نفسه، وبقى على جميع المستويات".
في جلسات مباحثات هزيمة يونيو التي وُصفت بأنها "سري للغاية"، والتي اعتمدت فيها المنصة على أرشيف الرئيس الراحل في مكتبة الإسكندرية، تظهر أمارات فقدان الزعيم الأمل في إصلاح النظام الذي صنعه، ونخر الفساد عظامه، وتحدث صراحةً عن "تحرير" البلد منه واستبدال "نظام مفتوح" به.
فخلال اجتماع للجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي العربي في 4 أغسطس/آب 1967، وبعد أن تحدث عن عفن النظام، امتد نقده اللاذع ليشمل نسيج الحكم ذاته، حيث تحسّر على أن "النظام قعد ياكل في بعضه، والنظام نتيجة لهذا كلُّهْ الربع ده بياكل في الربع ده. وهكذا حتى على أعلى المستويات".
وعبَّر عن قلقه العميق من أن مثل هذا النظام "لا يأمن الناس فيه على مستقبلها، لأن الناس مهما أمنتهم مش هيصدقوك يعنى الناس هتخاف مش هتصدقك، إن احنا إذن على هذا الـsystem تحكَّم في البلد ناس لا ضمير لهم ولا أخلاق لهم، أو واحد ممكن يبهدل البلد وممكن تخلص عليه البلد، لكن هو يكون برضه خلص على البلد!".
لم يتعامَ عبد الناصر في لحظة هزيمة مشروعه عن الأثر السلبي الذي تركته علاقته الشخصية بنائبه والقائد العام للقوات المسلحة عبد الحكيم عامر؛ "وبعدين برضه في النظام وفي العلاقات الخاصة المثل بتاع عبد الحكيم بيخوف من العلاقات الموجودة"، و"ليس في النظام الحياة اللى الواحد بيشوفها في داخل الأنظمة".
كان عبد الحكيم عامر محور نقاش جلسة اليوم السابق للجنة التنفيذية، لكن في سياق غياب قائد محترف للجيش، حيث سلَّم عبد الناصر بأن قدرات عامر الفعلية لا تناسب المنصب، في ظل تطور أساليب الحرب واحتياجات القيادة الحديثة.
"عبد الحكيم هو شخص مدني، انتهت معلوماته العسكرية سنة 52، ولابس بدلة عسكرية"، قال رئيس الجمهورية وشدد على أن المشكلة ليست شخصية، بل هيكلية، وتتمثل في غياب آلية دورية لتجديد القيادة، كما تفعل الجيوش المحترفة؛ "كان رأيي إن كل 3 سنين لازم يمشي زي اليهود ما بيعملوا ونكون بنعلم واحد على الحاجات الجديدة علشان ييجي"، مؤكدًا أن غياب هذه الرؤية أدى إلى الجمود والانفصال عن التطورات العسكرية في العالم.
"تحرير البلد من النظام"
خلاصة نقاشات الجلستين، عبَّر عنها عبد الناصر في لقاء الرابع من أغسطس/آب، بقوله إن الطريق إلى الأمام لن يمر عبر تعديلات طفيفة، بل أعلن بشكل قاطع "أنا في رأيي تصحيح العيوب بالـ system الموجود مستحيل"، معتبرًا أن الثقة العامة "تحطمت". وكان الحل المقترح جذريًا "إذا هذا النظام اللى هو النظام المقفول، أنا رأيي لازم إن إحنا نحرر البلد منه بأي شكل وننقل البلد إلى نظام مفتوح" و"لازم نقضي على نظام الشلل".
لكن لم تكن هذه هي البداية التي انطلق منها عبد الناصر عقب الحرب، بل كانت النتيجة التي استغرق شهرين للوصول إليها، وربما عبَّرت لقاءاته مع الرؤساء العرب عن تطور نظرته لما حدث.
لقاء الأتاسي: الصدمة الأولى
لقاء عبد الناصر بنظيره السور ي نور الدين الأتاسي ظهيرة 16 يونيو/حزيران، بعد أيام من الهزيمة، كان الأول له مع رئيس عربي. وفيه يسرد وقائع العدوان بعبارات تكشف حجم الصدمة "إحنا كنا حاطين قواتنا أساسًا على طول، وواضعين خططنا على أساس إن أي هجوم على سوريا هنهجم على طول، ولكن في يوم الاثنين الساعة 9 الصبح انضربت كل المطارات".
كان عبد الناصر وقتها ما زال يبحث عن أسباب الهزيمة في الخارج، فيؤكد أن "الموضوع كان مدبر"، مستعرضًا التسليح الكثيف الذي وصل إلى إسرائيل من الغرب قبل أيام من العدوان. يتحدث عن طائرات "مستير" فرنسية، ومعدات أمريكية لا تمتلك مثلها سوى واشنطن وموسكو. ويضيف زكريا محيي الدين، نائب الرئيس الذي كان حاضرًا في اللقاء، أن "الطيارات بتيجي من حلف الأطلنطي عبر الدنمارك وهولندا". هكذا يُستكمل المشهد بمبررات تحمل في طياتها بذور الخطاب الرسمي بعد الهزيمة.
لقاء بومدين: تفكيك الهزيمة
ثم بعد أكثر من شهر، وصل الرئيس الجزائري هواري بومدين في العاشر من يوليو/تموز إلى قصر القبة، حيث عقد لقاءً مع عبد الناصر، بدا فيه الأخير أكثر تواضعًا في حديثه بأن ما حدث في يونيو 1967 لا يزال خارج الفهم الكامل لقيادة الدولة؛ "الحقيقة إحنا لغاية دلوقتي ماحناش فاهمين اللي حصل حصل إزاي"، رغم ما أنفقته مصر من موارد ضخمة على الجيش "يعني صارفين ألف مليون جنيه تسليح".
بهذا الاعتراف، يفتح عبد الناصر عينيه لتنظرا إلى الداخل في محاولة فهم الهزيمة، في اعتراف بأن الأسباب لم تكن تتعلق فقط بدعم الغرب لإسرائيل سياسيًا وعسكريًا.
يحاول عبد الناصر اكتشاف أسباب الهزيمة في الداخل أكثر قائلًا "الثقة في النفس أكثر من اللازم، بل وصل الأمر إلى يعني التبجح بهذه الثقة. صدقنا إن احنا نستطيع أن نتصدى لإسرائيل والأسطول السادس".
سبب ثانٍ أشار إليه الرئيس الراحل يتمثل في غياب الكفاءة عن القيادات العسكرية، حيث يقرُّ بإسناد مواقع حساسة في الجيش إلى أشخاص غير مؤهلين، تحت غطاء "الأمن"، مما أدى إلى انهيار القيادة الميدانية عند أول اختبار.
يضرب مثالًا صريحًا بقائد الطيران صدقي محمود، قائلًا إنه كان معروفًا بانهياره في الأزمات منذ عام 1956، ورغم ذلك "فضل في محله". وحتى عندما حذّره عبد الناصر من أن إسرائيل ستبدأ الضربة يوم الاثنين، وأن الهدف الأول سيكون الطيران المصري، هذا التحذير لم يجد آذانًا مصغية. والنتيجة؟ كما قال ناصر "وصلت الطائرات الإسرائيلية إلى مطاراتنا بدون ما حد يحس بيها".
لقاء عارف: انهيار القيادة
بعد يومين من لقاء بومدين، وصل الرئيس العراقي عبد الرحمن عارف إلى قصر القبة، وسأل مباشرة في بداية اللقاء عن سبب الهزيمة، وهو ما أجاب عنه عبد الناصر بما يشبه المكاشفة.
يخبر عبد الناصر ضيفه العراقي عن لحظة الانهيار من قلب غرفة عمليات الجيش المصري "حصل انهيار برضه في القيادة.. في قيادة الجيش! من أول يوم بالليل حصل انهيار، ومن الصبح حصل انهيار.. أنا رحت القيادة الصبح قبل ما أقابل حتى طاهر يحيى (رئيس الوزراء العراقي) وأنا قابلت طاهر يحيى بعد ما مشيت من القيادة وحسيت المعركة راحت من إيدينا الساعة 10 الصبح".
وحين تطرق عارف إلى الحديث عن احتمالات "الخيانة"، نفى ناصر وجود تآمر مباشر، موضحًا أن ما جرى كان نتيجة تقدير خاطئ للموقف العسكري "النقطة اللي سببت كارثة أكثر؛ إن احنا كنا مستعدين على أساس إن إذا العدو بدأ فاحنا هنهجم، كان فيه وحدات واخدة مواقع تعرضِّية؛ وعلى هذا الأساس كانت هذه الوحدات مش متخندقة.. وهي لو متخندقة كانت تقعد تحارب أكثر من كده".
ويعترف ناصر بتفوق الخصم من حيث التدريب والتنظيم "والحقيقة اليهود أحسن مننا وتدربوا واشتغلوا أحسن مننا.. في كل حاجة يعني أحسن مننا، وأنا مصدوم".
أما عن الضربة الجوية الإسرائيلية، فيسرد الرئيس مشهدًا قاسيًا من صباح الاثنين الأسود "الطيارات اليهودية دخلت عندنا ضربتنا كأننا قطاع من المعيز.. ولا حد خد خبر!". ويقارن، بمرارة، بين الجبهة المصرية والجبهة العراقية التي أسقطت ثماني طائرات إسرائيلية رغم ضعف الإمكانات "والله كنتم أحسن مننا".
ويستمر ناصر في كشف أو استكشاف أسباب الهزيمة الداخلية، التي يرى أن عبد الحكيم عامر كان أحد أركانها، بأسلوبه في الانسحاب يوم 6 يونيو، قائلًا "الموقف خرج من إيدنا ولازم ننسحب، ولم يكن هناك مفر من الانسحاب"، مضيفًا أن انسحاب القوات من سيناء أثناء العدوان الثلاثي عام 1956 كان "مضبوط الحقيقة"، أما في 1967 فـ"كان كارثة حقيقية".
محاولة الانقلاب
في الشهر التالي لاجتماعات عبد الناصر مع نظرائه الثلاثة، ترأس في 27 أغسطس اجتماعًا لمجلس الوزراء، تحدث فيه عن "مؤامرة عبد الحكيم عامر لقلب نظام الحكم" التي قال إنه أجَّل الحديث عنها مرارًا، حتى قرر إخبار وزرائه بأنه تلقى اتصالًا من وزير الحربية شمس بدران بعد إعلانه التنحي في التاسع من يونيو، يبلغه بأن "المشير بيطلب إنك تبت في موقفه دلوقتي، وإنه عنده 500 ضابط في البيت بيطالبوه بالعودة!".
لم يتطرق ناصر في خطاب التنحي إلى مصير عامر، الذي صدرت قرارات إعفائه من مناصبه في نفس يوم الخطاب، ولم يعُد إليها عندما عاد ناصر إلى رئاسته. تطورت الأمور إلى تجمع أكبر، حيث قيل لعبد الناصر إن "حوالى 700 ضابط بيطالبوا بعودة عبد الحكيم إلى الجيش! ثم بلغوني إن هؤلاء الضباط راحوا إلى القيادة بناء على إشارات تليفونية".
يصف ناصر كيف حوَّل حكيم منزله إلى قلعة محصنة بـ"خنادق ودشم وسلاح". رفض أوامر الرئيس، الذي اتهمه بتشكيل نواة تنظيمٍ داخل الجيش، وخطَّط لتوزيع منشورات ضد القيادة.
رد عبد الناصر كان حاسمًا؛ أطاح بكبار قادة الجيش، وعيّن الفريق محمد فوزي قائدًا عامًا، ثم أمر بحصار منزل عامر في الجيزة. ومع تصاعد التوتر، أُجبر عامر في النهاية على الاستسلام، وجُرِّد رجاله من السلاح، ونُقل موضع إقامته إلى آخر تحت الحراسة، ليموت بعدها المشير منتحرًا في رواية تحيط بها الكثير من الشكوك.
وتقول رواية أخرى نقلتها صحيفة الأهرام القومية إن ضباطًا رفيعي المستوى خيّروه في مقر إقامته الجبرية بين البقاء والخضوع للمحاكمة بتهمة الخيانة، أو الموت بتجرع السم، فاختار أن يتجرع السم.
https://www.youtube.com/watch?v=P9wi1_B-A6w&ab_channel=%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8Aحلم مجهض بنظام مفتوح
يسهب عبد الناصر خلال اجتماع للجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي يوم 4 أغسطس، في الحديث عن تفكك نظامه إلى أحزاب، مع تشكّل تكتلات حول أربع شخصيات رئيسية هي عبد الحكيم عامر وزكريا محيي الدين وعلي صبري نائب الرئيس والوزير المقيم لمنطقة القناة، بالإضافة إلى عبد الناصر نفسه. وصاح محذرًا "كل ربع فينا يحاول يخلَّص على الربع الآخر؛ والنتيجة الأربع أرباع بتروح".
وأكد أن هذه "نقطة البدء" الضرورية لمصر جديدة، معترفًا بأن "المعارضة لا يمكن أن تُختلق، يجب أن تكون معارضة حقيقية، ويكون فيه صراع والبقاء للأصلح والأقوى".
وطرح عبد الناصر فكرة الانتقال إلى نظام مفتوح يقوم على وجود حزبين، بل وسمى شخصيات محتملة لقيادة الحزب المعارض، كمال الدين حسين وعبد اللطيف البغدادي، وهما من الضباط الأحرار وشغلا مناصب قيادية استقالا منها في النصف الأول من الستينيات.
وأقرَّ الرئيس بأن وجود حزبين من شأنه تمكين المنافسين من الوصول إلى السلطة، وبالتالي فعليه خوض غمار التحدي السياسي "إذا السبيل الوحيد إن نعمل الحزبين ويبقى هناك تحدى. وإلا كمال حسين هياكلنا".
كانت رؤيته تهدف إلى استبدال هيكل أقوى بالهيكل الهش القائم، مشيرًا إلى أن النظام كان يبني "بيوت من الرمال" طوال 15 عامًا، وأن الوقت قد حان للبناء "بالأسمنت المسلح".
أعضاء آخرون في اللجنة مثل أنور السادات وعلي صبري وزكريا محيي الدين أبدوا تحفظات وآراء مختلفة، خاصة فيما يتعلق بتوقيت تطبيق نظام الحزبين قبل ما كان يسميه الصحفي محمد حسنين هيكل بـ"إزالة آثار العدوان".
عبد الناصر نفسه، رغم طرحه القوي لفكرة الحزبين، أشار في موضع ما إلى أن النقاش لا يزال مفتوحًا "المناقشة مستمرة، وما زلت غير مقتنع، لا مبدأ ولا توقيت، ولا بد أن نتكلم في هذا الموضوع في شهر يناير".
لكن رغم الحماسة الظاهرة في طرح فكرة التعددية الحزبية، جاء التراجع عنها سريعًا. بعد مراجعة المنصة لجميع اجتماعات اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي ومجلس الوزراء بعد النكسة وحتى رحيل عبد الناصر، لم يظهر أي توجه فعلي لتنفيذ ما تحدث عنه عبد الناصر في أغسطس 1967.
طغت على تلك الاجتماعات نبرة الإصلاح الاقتصادي، والحرب مع إسرائيل، وعلاقات مصر الدولية. وركزت أيضًا على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، وتغيير قيادات الشركات، وإجراء تعديلات وزارية محدودة، كان عبد الناصر يربطها دائمًا بـ"التمثيل السياسي للشعب".
بدا أن "المعارضة الحقيقية" التي دعا إليها، لم تكن لتخرج من رحم النظام. وحتى هذه المعارضة لم يكن النظام مستعدًا لمنحها شرعية حقيقية.
قدم ناصر قادة الطيران للمحاكمة، وبعد صدور الأحكام بحقهم في فبراير/شباط 1968، اندلعت في القاهرة مظاهرات طلابية وعمالية واسعة تحتج على العقوبات التي رأوها مخففة، لتتحول خلال أشهر قليلة مظاهرات التأييد العارمة التي طالبته بالعدول عن تنحيه إلى مطالب بإصلاحات جذرية في نظامه.
امتدت الهتافات لتطالب بـ"تقوية البناء السياسي"، و"حل مجلس الأمة لأنه لا يعبر عن شيء"، و"حرية الصحافة"، و"إبعاد المخابرات والمباحث عن الجامعات"، وهي مطالب أقرَّ عبد الناصر بأهميتها في اجتماع الاتحاد الاشتراكي.
لم يشفع للمتظاهرين ترديدهم مطالب يتفق معها عبد الناصر، فقد واجهتهم السلطة بالقوة، وتطورت الأحداث إلى اشتباكات، خاصة حول كوبري الجامعة وميدان التحرير، حيث فُرِّق المتظاهرون بعنف واعتُقِل عدد كبير منهم.
وفي أول اجتماع للوزارة الجديدة في مارس/آذار 1968، أكد عبد الناصر أن الوزراء الجدد لا يُمثلون الشعب تمثيلًا رمزيًا أو فنيًا، بل تمثيلًا سياسيًا حقيقيًا، قائلًا "كل واحد فيهم مارس العمل السياسي في موقعه، هم كلهم لهم خبرة في الأعمال العامة سواء في الكليات أو في الاتحاد الاشتراكي أو في المكاتب التنفيذية".
ولكن معظم الوزراء الجدد جاءوا من داخل الاتحاد الاشتراكي؛ التنظيم ذاته الذي وصفه من قبل بأنه "عاجز عن إنتاج معارضة حقيقية"، بعد تنقيته الأضلاع الثلاثة الأخرى للمربع الذي ذكره سابقًا؛ عامر بالانتحار، وصبري ومحي الدين بالاستبعاد من الحكومة الجديدة.
عاد عبد الناصر بحزمة إصلاح، ليلتف بها على رؤيته الجذرية التي طرحها بضرورة التخلص من النظام الذي رسخه طوال عقد ونصف العقد، ليتضح أن ما بدا في حينه تحولًا جذريًا لم يكن أكثر من ارتداد تكتيكي تحت وطأة مرارة الهزيمة، ولكن دون تغيير حقيقي في قواعد اللعبة التي وُضعت في منتصف الخمسينيات.