تشير البيانات الأخيرة لوزارة الصناعة لاجتماعات متكررة للوزير مع ممثلين لصناعة الأبواب، كونها واحدة من الصناعات التي تكلفنا واردات كبيرة على صعيد الأخشاب أو الأكسسوارات.
تمتلك مصانع الأبواب في مصر الفرصة لمنافسة المنتج الأجنبي، مع ضخامة القاعدة الصناعية، لكنها مضطرة لاستيراد مدخلات الإنتاج، لذا تحاول وزارة الصناعة أن تشجع إنتاج الأبواب من الأخشاب المصنَّعة أو الأبواب المعدنية والتي يمكن أن تكون محلية 100%، حسبما قالت المصادر لـ المنصة في هذا التقرير.
الباب محلي والخشب مستورد
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قابل وزير الصناعة والنقل، كامل الوزير، ممثلين عن صناعة الأبواب الحديدية، لبحث فرص التوسع فيها بمصر، وخلال نوفمبر/تشرين الثاني الجاري التقى بمصنّعين للأبواب المصنعة من أخشاب غير طبيعية. تعكس هذه المقابلات رغبة الوزير في البحث عن بدائل للأبواب المصنعة من الأخشاب الطبيعية، نظرًا لاعتماد الأخيرة على استيراد كميات كبيرة من الأخشاب.
وحسب بيانات مركز تحديث الصناعة، التابع لوزارة الصناعة، يوجد نحو 1204 مصنعًا متخصصًا في إنتاج الأبواب والنوافذ الخشبية بمصر. وساهم هذا العدد الضخم من المصانع في إغنائنا عن استيراد الأبواب تامة الصنع، إذ اقتصرت قيمة وارداتها على أربعة ملايين دولار في 2022، بينما لم يتم تسجيل أي واردات في العام التالي الذي شهد اشتداد أزمة نقص النقد الأجنبي، وفقًا لبيانات غرفة صناعة الأخشاب، اطلعت عليها المنصة.
لكن في المقابل، تساهم صناعة الأبواب المحلية في زيادة فاتورة استيراد الأخشاب، التي بلغت قيمتها 1.14 مليار دولار خلال أول 11 شهرًا من عام 2023، وفقًا لنشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
من التجارب الناجحة تأسيس شركة لصناعة أخشاب "إم دي إف" من مخلفات مصاصة القصب
"في حالة صناعة الأبواب من أخشاب طبيعية، نعتمد بالكامل على الأخشاب المستوردة في صورتها الخام، والتي نطلق عليها الخشب الغشيم" كما يقول إبراهيم شعراوي، عضو غرفة الاخشاب باتحاد الصناعات، لـ المنصة.
ويشير شعراوي، إلى أن الاعتماد على الخشب المستورد كان السبب في ارتفاع أسعار الأبواب الخشبية خلال السنوات الأربعة الماضية بنحو 300%، بالتزامن مع الانخفاضات المتوالية في قيمة الجنيه أمام الدولار.
الاستغناء عن الخشب الطبيعي
"هناك شركات مصرية تنتج بالفعل أبوابًا محلية 100%، وهي التجربة التي تسعى الوزارة لدعمها في الفترة المقبلة" حسب مصدر في وزارة الصناعة مطلع على ملف صناعة الأبواب.
يرصد المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، التجارب الناجحة في هذا المجال ومن بينها تأسيس شركة لصناعة أخشاب "إم دي إف" من مخلفات الباجاس أي مصاصة القصب، التي استطاعت إمداد السوق المحلية بأخشاب مصنعة بالكامل داخل مصر، بجانب مصانع الأبواب الحديدية والمصفحة التي شهدت توسعًا في الفترة الأخيرة.
"هي صناعة وليدة في مصر بدأت منذ 2020 تقريبًا، لتلبية احتياج محلي كبير يقدر بنحو 150 ألف باب مصفح سنويًا" يقول المصدر المطلع على ملف صناعة الأبواب.
تعتمد صناعة الأبواب المصفحة على خامات يمكن توفيها محليًا، وهي عبارة عن مزيج من خشب الـ"إم دي إف" ومادة الأكريلك غير القابلة للخدش أو الكسر، بجانب صاج من الحديد والحشو من الصوف الصخري العازل للصوت.
ويدرس مركز تحديث الصناعة في الوقت الراهن دعم توطين لصناعات الأبواب من الخامات البلاستيكية، كبديل إضافي للخشب الطبيعي حسب المصدر.
فاتورة الأكسسوارات بملايين الدولارات
في المقابل، لا يرى علاء نصر الدين، عضو مجلس إدارة غرفة الأخشاب والأثاث، أن منافسة الأبواب الأجنبية تعد تحديًا كبيرًا أمام المصانع المصرية في الوقت الراهن، يقول لـ المنصة "تُنتج كميات كبيرة من الأبواب الخشبية، لكن الأزمة تكمن في استيراد مستلزمات وأكسسوارات الأبواب".
مركز تحديث الصناعة يقدم دعمًا فنيًا لصناعات الأبواب يمكن أن يوفر على المصنّعين جزءًا من تكاليف الإنتاج
وحسب بيانات غرفة صناعات الأخشاب، التي اطلعت عليها المنصة، بلغت قيمة واردات أكسسوارات الأبواب نحو 423 مليون دولار، خلال العام الماضي. تشمل الأكسسوارات المستوردة المفصلات والتركيبات والأوكر والمسامير ومواد الحشو والغراء والدهانات، حسب نصر الدين.
"هناك شركات محلية تحاول إمداد السوق بأكسسوارات مصنعة محليًا بنسب تصل إلى 85%، وهناك إقبال متزايد على شرء هذه المنتجات، لكن السوق لا تزال بحاجة إلى مزيد من الشركات" كما يقول الشعراوي.
تعد تركيا والصين وإيطاليا من أبرز المنافسين للمنتجين المحليين في صناعة الأبواب أو الأكسسوارات، لكن الشعراوي يعتقد أن "مصر لديها فرصة ذهبية للاستفادة من ارتفاع سعر صرف الدولار والاستغناء عن المستورد منها، حيث تكاد تكون المنتجات المصرية بنفس الكفاءة".
كيف تدعم الدولة صناعة الأبواب
"أقل رأس مال ممكن لصناعة أكسسورات الأبواب يتطلب نحو خمسة ملايين جنيه، ما يستلزم تدخل الدولة لمساعدة صغار المصنعين للتوسع في هذا المجال" كما يقول نصر الدين.
ويعدد نصر الدين أشكال الدعم التي يمكن تقديمها لتعزيز التوسع في هذه الصناعة، من تسهيل إجراءات الترخيص إلى مساندة المصانع المتعثرة، والإعفاء من ضريبة القيمة المضافة وإتاحة الأراضي للمصانع بأسعار رخيصة، وهي المطالب التي قدمتها الغرفة بالفعل لوزير الصناعة.
بجانب الدعم المادي وتسهيل الإجراءات، التي لا تزال وزارة الصناعة تدرس تقديمها، يؤكد المصدر في وزارة الصناعة أن مركز تحديث الصناعة يقدم دعمًا فنيًا لصناعات الأبواب يمكن أن يوفر على المصنّعين جزءًا من تكاليف الإنتاج.
إذ يقدم المركز خدمات التدريب والاستشارات الأخرى في مجالات مثل التسويق والطاقة و تنمية الصادرات والجودة بمقابل يتراوح بين 5 و10% من تكاليف هذه الخدمات في الكثير من الحالات.