"داهمت قوة أمنية المنزل، في وقت متأخر من الليل، وأمرتنا بالخروج الفوري منه، وهدمت بعض أجزاء المنزل، عن طريق لودر كان بحوزتهم ..." نبيل الظطن (من سكان العريش)
أربع سنوات من الحرب على الإرهاب فى محافظة شمال سيناء. لم تقتصر معاناة أبناء المحافظة خلالها على التعايش مع الأمر الواقع المفروض عليهم، وهو الحرب التي عصفت بمدنهم وحياتهم، إذ أصبحت حياتهم مليئة بخوف ورعب يتجددان مع وصول كل حملة أمنية إلى حيث يقطنون، فهذا يعني دائمًا أن بعضهم سيتعرض للاحتجاز أيامًا أو أشهر، دون أن توجه إليه اتهامات.
ما استجد مؤخرًا، في أعقاب العملية الإرهابية التي استهدفت مسجد قرية الروضة، التابعة لمدينة بئر العبد، مخلفة 312 قتيلًا و128 مصابًا، أن أهالي شمال سيناء، وبصفة خاصة سكان مدينة العريش، أصبحوا يترقبون أن تسفر الحملات اﻷمنية عن هدم منازلهم. فقد قامت قوات الأمن بالمحافظة بهدم 6 منازل، في الفترة اللاحقة للعملية، بمدينة العريش، بدعوى أن بعض قاطنيها ينتمون أو يساندون أو يمولون العناصر المسلحة.
وكان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، قد أكد في خطابه، في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 ، أن هذا الحادث الإرهابي يهدف لتحطيم المعنويات والتشكيك في قدرات الدولة المصرية. وتابع السيسي مخاطبًا اﻷمة: "سنرد على هذا العمل بقوة (غاشمة)، وسنرد على هؤلاء الشرذمة التكفيريين".
يقول نبيل الظطن، أحد شباب مدينة العريش، ويقطن في منطقة حي الصفا، أنه في 23 من أغسطس/آب من العام 2013، "مرت إحدى التشكيلات الأمنية بجوار منزلنا، فكان أخى يجلس فوق المنزل، وعندما رآهم سارع بالخروج من المنزل، لتلحق به القوات، وتقوم بإطلاق النار عليه، وتصيبه بطلق ناري في الصدر، وآخر في القدم. عندها صرخ أحد الجنود لقائد القوة الأمنية بأنه (تم تصفيته ياباشا!) ثم تركوه غارقًا في دمائه". إلا أن جيران الشاب، قاموا بأخذه إلى مستشفى سيناء التخصصي، القريب من منزله، ليتم علاجه في أسرع وقت، بعد أن تأكدوا أنه على قيد الحياة.
يتابع نبيل: "وماهي إلا لحظات، وفوجئنا بنفس القوة تقتحم المستشفى لتأخذ أخي أحمد، في إحدى المدرعات الأمنية ... وتذهب به إلى مكان لم نعلمه حتى الآن."
ويضيف إنه "بالرغم من عدم معرفتنا لمكان احتجاز أو تواجد أخي حتى الآن، لم تقتصر قوات الأمن على ذلك وأخذت منزلنا محطة. كلما تواجدت حملة أمنية كبيرة لتفتيش المنطقة والبحث عن مطلوبين يكون لمنزلنا النصيب الأكبر من التفتيش، حتى يسألوننا عن أخي احمد فيكون ردنا لهم 'أحمد عندكوا'".
وأخيرًا يقول نبيل أنه فى 10 من ديسمبر/كانون الأول الجاري "قامت قوة أمنية بمداهمة المنزل، في وقت متأخر من الليل، وأمرتنا بالخروج الفوري منه، وقامت بهدم بعض أجزاء المنزل، عن طريق لودر كان بحوزتهم، بعد سؤالنا [كالمعتاد] عن مكان تواجد أحمد".
تتبع قوات الأمن بشمال سيناء في الوقت الحالي إجراءات أمنية مشددة في مخلتف المناطق، لملاحقة العناصر المطلوبة أمنيًا، التي تقول إن لهم صلة بالتنظيمات الإرهابية. حيث تقوم بمداهمة منازل المطلوبين لديها، وتقوم بهدم المنزل دون إخراج أثاثه، ودون السماح لأصحاب المنزل بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من متعلقاتهم.
عبده جبارة، أحد شباب مدينة العريش، المعروف عنه أنه صاحب مطعم مأكولات لبيع سندوتشات البرجر، بوسط مدينة العريش. فوجىء أهالي مدينة العريش منذ فترة، بنشر صورته على جدران المدينة، وقد كتب أسفلها "إرهابي هارب". ثم فوجئوا في 11 من ديسمبر الجاري بهدم منزله الكائن بمنطقة شارع القاهرة، بوسط مدينة العريش، بعد عدم تمكن قوات اﻷمن من العثور عليه.
أحد جيران عبده، أكد أن قوات الأمن قد احتجزته عدة مرات، قبل أن تفرج عنه دون أن توجه أي اتهام له. "إلا أننا فوجئنا باختفائه، بعد آخر مرة تم احتجازه فيها، ومنذ ذلك الوقت، وقوات الأمن تقوم بمداهمة وتفتيش المنزل في أوقات مختلفة."
هدمت قوات الأمن 3 منازل أخرى تعود لأحد المواطنين (رفض ذكر اسمه) بمنطقة الخزان بمدينة العريش، بدعوى انتماء أبنائه الثلاثة إلى التنظيمات الإرهابية، بعد أن قامت قوة أمنية بمحاصرة المنطقة، وأمرت قاطني المنازل الثلاثة بإخلائها فورًا، تمهيدًا لهدمها. قبل ذلك داهمت القوة المنازل الثلاثة، وقامت بتحطيم أثاثها وتخريب الأجهزة الكهربائية، وتم هدم المنازل الثلاثة قبل أن يتم إخلاؤها مما تبقى من أثاثها، لتبيت الأسر الثلاثة فى العراء دون مأوى لهم.
يحيى حسين أيوب، أحد المحامين المهتمين بالدفاع عن أبناء سيناء، والمهتم بالبحث عن المختفين قسريًا، أكد لـ"المنصة" ان ما تقوم به قوات الأمن يمثل تحولًا في شكل الإجراءات التي تتبعها بحق المطلوبين على ذمة قضايا جنائية. وأكد أن هدم منازل المطلوبين أمنيًا جريمة يعاقب عليها القانون، ومخالف لمواد الدستور. وأوضح أنه تم التواصل مع عدد من نواب محافظة شمال سيناء، لعمل التوكيلات اللازمة من أصحاب المنازل المهدمة لرفع قضية لتعويض الأهالي المتضررين.