مكالمة تليفونية،ثم اجتماع مفاجئ، فموافقة.. كان هذا مسار التعديل التشريعي على قانون الضريبة المضافة، الذي رفع الضرائب على السجائر، والمنتجات الدخانية. ليصبح هذا أسرع تشريع يقرّه مجلس النواب، على الإطلاق. فمشروع القانون وصل للمجلس صباح يوم أمس الثلاثاء، لتناقشه لجنة الخطة والموازنة ظهيرة اليوم نفسه، ويوافق عليه النواب في الجلسة العامة عصرًا.
مسار القانون
بدأت كواليس القصة من اجتماع لجنة الخطة والموازنة، برئاسة النائب حسين عيسى، يوم الاثنين، والتي كانت تناقش مشروع قانون آخر يتعلق بالمناقصات. وتلقى عيسى، خلال رئاسته للاجتماع، مكالمة تليفونية، ورد عليها، على غير عادته، وعقب الانتهاء منها أبلغ الأعضاء بعقد اجتماع صباح الثلاثاء، ولم يوضح سبب الاجتماع، ولا طبيعة المكالمة، كما لم يكشف هوية من اتصل به، وجعله يقطع الجلسة التي يديرها.
في صباح الثلاثاء، وبشكل مفاجئ، ودون ترتيب مسبق، وصل رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، إلى مقر مجلس النواب، وعقد اجتماعًا مع رئيسه علي عبد العال، وزعيم الأغلبية، محمد السويدي، وبحسب المصادر فإن الاجتماع ارتبط بمشروع تعديلات على قانون القيمة المضافة، لرفع الضريبة على السجائر والمعسل، وهو التعديل الذي ترغب الحكومة في تمريره بأسرع وقت.
بعد الاجتماع، أحال عبد العال التعديلات المقترحة إلى لجنة الخطة والموازنة، التي اجتمعت، في حوالي الثانية ظهرا، وناقشت القانون، في اجتماع مغلق، حضره وزير المالية، عمرو الجارحي، ثم سلمت اللجنة تقريرها، في أقل من ساعة، وناقشته الجلسة العامة، ووافق عليه النواب.
وقال رئيس المجلس، في الجلسة العامة، إن أسعار السجائر في مصر هي الأرخص، بالنسبة لجميع دول المنطقة. بينما قال السويدي "أنا لا بدخن شيشة ولا سجاير، وأتمنى أن ينتهي المواطنون من هذه العادة"، معلنًا موافقته على التعديلات.
وبالطبع، تضمنت المذكرة الايضاحية لهذا التعديل أن الزيادات الضريبية ستدخل في الانفاق على الصحة، والتأمين الصحي، وبرامج الحماية الاجتماعية، وهي المبررات التي تقدمها الحكومة دائمًا، في الزيادات المماثلة السابقة على السجائر.
وبحسب بيان صادر عن وزارة المالية؛ أبقت التعديلات على الضريبة النسبية التي تبلغ 50 بالمئة من قيمة بيع السجائر، فيما زادت الضريبة القطعية بنحو 75 قرشاً للشريحة الأولى لتصل قيمة الضريبة إلى 3.5 جنيه، بدلاً من 2.75 جنيه للعلبة. كما تمت زيادة الضريبة القطعية بـ125 قرشاً للشريحة الثانية، لتصل إلى 5.5 جنيه للعلبة. وبـ125 قرشاً للشريحة الثالثة، لتصل إلى 6.5 جنيه للعلبة. وتتوقع الوزارة أن يصل الأثر المالي السنوي لهذا الإجراء نحو 8 مليارات جنيه.
نائب يسقط وعبد العال ينفعل
خلال مناقشة مشروع قانون نقابة الأثريين، طلب الكلمة النائب، محمد سليم، عضو مجلس النواب عن محافظة أسوان، وعندما جاء دوره، وقف وقال بصوت مبحوح "مش قادر أتكلم يا سيادة الريس"، ثم سقط مغشيا عليه.
بمجرد سقوط سليم رفع رئيس البرلمان الجلسة لمدة خمس دقائق، التف خلالها حوله زملاؤه وطلبوا طبيب المجلس، وأوصلوه محمولًا إلى سيارة الإسعاف، ثم عادوا في صمت إلى مقاعدهم الشاغرة، ووجوههم قلقة على زميلهم.
الحدث كان جللًا بحق، حتى أن حجرة الصحفيين سادها الصمت، لبعض الوقت. ولكن عودة الجلسة، أعادت الصخب مرة أخرى، وذلك عندما طلب النائب، خالد عبد العزيز شعبان الكلمة، واعترض على وجود طبيب واحد فقط، لينفعل رئيس المجلس بشدة، ويقاطعه قائلًا "أنا آخر واحد بمشي من المجلس"، مشيرًا إلى حضوره يوميا في الصباح الباكر ورحيله من مكتبه في وقت متأخر.
وواصل عبد العال في سرد إنجازاته إذ اعتبر أن "مافيش رئيس مجلس عمل اللي عملته"، واستطرد "الخدمات كلها أصبحت إلكترونية، لا أتناول هنا إلا كوباية المية وكوباية الشاي، وقلصت عدد الموظفين وخدمات على أعلى مستوى".
بعد ذلك، تحدث النائب علاء عابد، وعدد آخر من النواب، وأشادوا بأداء رئيس البرلمان، ليطلب بعدها خالد عبد العزيز شعبان الكلمة، مرة أخرى، ويقول لرئيس المجلس "إنت عارف إني بحترمك وبقدّرك في الإدارة، وكل الكلام الذي تقوله، وماذا فعلت في المجلس، والضغوط التي عليك، لكن كل اللي قصدته أن يكون في دكتورين"، مطالبا بطبيب قلب في الحجرة المجاورة للقاعة.