أصدر النائب العام اليوم الثلاثاء قرارًا بتجديد حبس المغنية شيماء أحمد لمدة أسبوع على ذمة التحقيقات معها بعد ظهورها في فيديو كليب يحمل "إيحاءات جنسية".
ووفقًا لما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية، ألقي القبض على المغنية المعروفة باسم "شيما"، يوم السبت الماضي، بتهمة "التحريض على الفجور"، والموجهة إليها بناءً على فيديو كليب أغنيتها "عندي ظروف".
في مسار موازٍ لتحرك الشرطة والنيابة العامة ضد المغنية، اتخذت نقابة المهن الموسيقية إجراء لم يكن في صالح "شيما"، ويُذَكّر بموقف اتخذته النقابة منتصف نوفمبر/تشرين الأول الجاري بحقّ المُغنية شيرين عبد الوهاب، وكان تقريبًا على الدرجة نفسها من الصرامة.
اعتذرات غير مُجدية
"لم أكن أتخيل أن كل هذا سيحدث، وأنني سأتعرض لمثل هذا الهجوم القوي من الجميع" قالت شيما في إطار اعتذارها للأشخاص الذين رأوا أن الفيديو يحتوي على "مناظر غير لائقة".
وعلى الرغم من هذا قررت نقابة المهن الموسيقية سحب تصريح شيما وعدم التعامل معها، وبالطبع عدم تقديم الدعم القانوني لها أمام النيابة العامة التي تحاسبها بنصوص قانونية لا تربطها صلة بالأعمال الفنية، إذ يتضمنها قانوني العقوبات ومكافحة الدعارة.
قبل أيام قليلة من انشغال قطاع عريض من المُجتمع بواقعة شيما، كانت المغنية الشهيرة شيرين عبد الوهاب بطلة حديث دار بين الجمهور في الشارع و عبر الإنترنت، بسبب سخريتها من مياه النيل فيما عُرف بـ"واقعة البلهارسيا"، التي جلبت عليها هجوم تنوعت أوجهه بين بلاغ للنيابة العامة من المُحامي سمير صبري يتهمها فيه بـ"إهانة مصر والإساءة لها" وبين وتعليقات هجومية وقرار من "المهن الموسيقية" بوقفها عن العمل.
وعلى الرغم من اعتذار عن الأمر سارعت شيرين بنشره في حسابها على تويتر، إلا أن النقابة قررت المُضي قدمًا في معاقبتها، وقال النقيب هاني شاكر في تصريحات إعلامية "الاعتذار قرأته وكأني لم أقرأه، ولا بد أن تمثل أمام الشؤون القانونية في النقابة للتحقيق وتوضح موقفها، والشؤون القانونية تعرض على مجلس الإدارة العقوبات المقترحة.. ونحن نختار".
إشكاليات دستورية وقانونية
يُفرّق الباحث القانوني والمُحامي بمؤسسة حُرية الفكر والتعبير محمود عُثمان، بين موقفّي شيما وشيرين، إذ أن الأولى ليست نقابية وتعمل بموجب تصريح مؤقت على العكس من الثانية التي تعدّ عضوًا بالنقابة؛ ما ينعكس باختلافات على موقف كلٍ منهما، وفقًا للقانون المنظم لعمل اتحاد نقابات المهن التمثيلية والسنيمائية والموسيقية رقم 35 لسنة 1978.
فيما يتعلّق بشيما، قال "عُثمان" لـ"المنصّة"، إن مُحاكمتها على عمل فني بموجب مواد قانوني العقوبات ومكافحة الدعارة مع حبسها أمور تعدّ "غير دستورية".
تنصّ المادة 67 من الدستور على أنه "… لا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكري...".
لكن سبق وأن صدرت عقوبات بالسجن عن محاكم مصرية بسبب أعمال فنية، كما كان في عام 2015 بحق المغنية رضا الفولي صاحبة كليب "سيب إيدي" إذ صدر بحقها حكمًا بالسجن لمدة عام تقرر تخفيفه في مرحلة الاستئناف لستة شهور فقط، وكذلك بحق الراقصتين شاكيرا وبرديس بالسجن ستة شهور لكل منهما، وكانت الاتهامات في القضيتين تدور حول "خدش الحياء العام والتحريض على الفسق".
وأما عن موقف النقابة من شيما، فيقول المُحامي المتخصص في قضايا الإبداع الفني، إن قانون النقابة لا يذكر أي شيء بخصوص وقف التصاريح، ما يعني أن قرارها بشأن شيما "غير شرعي"، لا سيما وأنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنصّ قانوني"، وأنه بغياب النص القانوني فإن الأحكام القضائية قد تُفسّر الوضع فيما يتعلق بسلطات النقابة وحدودها.
واستند "عُثمان" في رفضه لقرار النقابة بشأن شيما إلى الحكم الصادر عام 2016 في الدعوى 8330 لسنة 70 قضائية من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ويقضي بأن النقابة "لا تملك إلا التصريح بمزاولة العمل الفني، وهو عمل إداري محض، ولا شأن لها بالأعمال التي أداها (حامل التصريح) بعد صدوره، ولا بقيمتها أو زمن إنجازها، ولا بقبولها ممن يتلقونها، أو إعراضهم عنها".
وأما عن شيرين، فأوضح "عثمان" أن العقوبة صدرت بسبب واقعة مرّ عليها أكثر من عام، مشيرًا إلى "مشكلة" أخرى تكمن في نص الدستور على أن لكل مهنة نقابة واحدة فقط تنظم عملها، وأن قانون النقابات التمثيلية والسنيمائية يحظر مزاولة الشخص للمهنة بدون تصريح النقابة؛ ما يعني في حالات سحب التصاريح أو تجميد العضوية أنه يكون قادرًا على منع أي شخص من حقّه في العمل بمعنى كسب الرزق، وكذلك حقه في الإبداع.
ولفت "عثمان" إلى ضرورة وجود تعدد في النقابات، وتغيير النص الذي يمنح النقابة حق احتكار سلطة السماح والمنع من العمل؛ ما سيُتيح للفنانين حرية أكبر في العمل والانتساب لأي نقابة يرون أنها تمثل مصالحهم.