أشفق على نفسي وعلى سكان القاهرة من الانتظار 15 سنة لا نتمتع فيه بما يتمتع به المواطن البورسعيدي وهذا غير دستوري. مجدي مرشد، خلال مناقشة قانون التأمين الصحي
قانون التأمين الصحي الشامل واحد من أهم مشروعات القوانين المنتظر تمريرها خلال دور الانعقاد الحالي، والذي بدأت لجنة الشؤون الصحية مناقشته، وبالفعل وافق النواب عليه من حيث المبدأ في وجود وزير الصحة، أحمد عماد الدين، ورئيس هيئة التأمين الصحي، علي حجازي.
وفي الوقت الذي يواجه مشروع القانون معارضة من بعض الجهات المعنية مثل نقابة الأطباء، وبعض النواب سواء من صفوف الأغلبية أو خارجها، يستعد آخرون للبصم "باليد والقدم" على موافقتهم على القانون.
وجود تأمين صحي شامل هو "حلم" لا خلاف عليه بين النواب والحكومة والمواطنين، ولكن كيف ستسير هذه المنظومة في بلد يعاني من تدني الرعاية الصحية بشكل عام؟ وكم يتحمل المواطن من دخله الذي تنخفض قيمته مع ارتفاع معدلات التضخم؟
فلسفة القانون
عرض وزير الصحة، في لقاء مغلق الأسبوع الماضي بمجلس النواب، القانون وفلسفته، وحضر اللقاء وزير المالية عمرو الجارحي، ونائبه محمد معيط.
وبالأمس جدد وزير الصحة شرحه لمشروع القانون في أول اجتماع مناقشة مفتوح يشارك فيه نواب من لجنة الصحة وآخرون من خارجها وأوضح أن القانون يتكون 67 مادة، وينص على وجود 3 هيئات في مشروع القانون.
وقال إن "هيئة التأمين هى (محفظة تمويل النظام)، ولا يكون لوزير الصحة أي شىء فيها، وتكون تحت إشراف رئيس الوزراء وخاصة بالمساهمات والاشتراكات، والهيئة الثانية هي هيئة الرعاية الصحية وهي أداة الدولة في ضبط الخدمات الصحية".
أما الهيئة الثالثة فهي الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، وتكون تحت إشراف رئيس الوزراء ولها مجلس إدارة يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية واختصاصها الرقابة والتأكد من جودة الخدمات الصحية والترخيص للمستشفيات إذا توفرت فيها جودة الخدمات الصحية.
وأشار عماد الدين إلى الجداول الخاصة بالاشتراكات، 3 بالمئة عن الزوجة وواحد بالمئة عن الابن من الطفلين وفيما بعد ذلك 1.5 بالمئة عن الابن، والدولة تدفع 4 بالمئة عن العاملين بالهيكل الإداري للدولة، وجدول عن المساهمات منها مساهمات على الدواء، والمساهمات الموجودة في هذا القانون موجودة منذ 1992 في قانون التأمين الصحى، بنسبة الثلث 30 بالمئة وبدون حد أقصى، وهي حاليًا موجودة في قوانينا السارية لـ34 مليون شخص فى مصر، والدواء 10 بالمئة فقط فيما عدا الأمراض المزمنة، وغيرها".
وأشار الوزير إلى أن الخزانة العامة للدولة تتحمل نسبة 5 بالمئة عن غير القادرين، ويُطبَّق القانون على 6 مراحل بحد أقصى 15 عامًا، "ولم نحدد المدد، أي كل مرحلة تستغرق كام وقت، وستكون أقصر من المتوقع".
واجه النواب الوزير ببعض التحفظات التي سنتحدث عنها بالتفصيل، وهي تتلخص في مدة التطبيق التي تصل إلى 15 عامًا ويشوبها عدم دستورية، والمساهمات التي يدفعها المؤمَّن عليه في العلاج والأشعات والتحاليل، ومصير العاملين في هيئة التأمين الصحي، ومصير المستشفيات الحكومية وسط وجود مخاوف من خصخصتها.
الخوف من الفشل
حذر النائب سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، من فشل التأمين الصحي في مرحلته الأولى في حالة عدم توفير التمويل اللازم لإنجاح النظام الجديد، وقال خلال مشاركته في اجتماع اللجنة "يا ريت الحكومة تبقي إيديها حنينة علينا في التحصيل والأموال التي يتم تجمعيها لتمويل النظام الجديد رغم أنها ضرورة حيوية لاستمرار النظام".
بصمة بالإيد والرجل
خلال كلمته قال النائب أحمد العرجاوي، عن حزب النور: "لو طلبتوا سنبصم بإيدينا ورجلينا على هذا القانون".
ودخل العرجاوي في وصلة ثناء ومدح للحكومة، ووجه النائب تحية للقيادة السياسية وقال إن "مناقشة القانون الذي يعد حلمًا لكل المصريين دليل على وجود رؤية للقيادة السياسية التي أتت بوزير خصيصًا لإخراج هذا القانون للنور"، بحسب تعبيره.
وطالب العرجاوي بالنص على الطب الوقائي وتنظيم الأسرة في هذا القانون.
مناقشة بلا دراسة
ظل مطلب حصول النواب على الدراسة الاكتوارية الخاصة بالمشروع حاضرًا لدى النائب هيثم الحريري الذي طالب بالحصول عليها خلال الاجتماع المغلق السابق الذي حضره وزير المالية، وجدد الطلب مرة أخرى بالأمس مع غياب عرض الدراسة وتقديمها للنواب.
وعقب رئيس اللجنة النائب محمد العماري، وقال إنه تواصل مع وزير المالية وقرر عقد جلسة في الأسبوع المقبل لعرض الدراسة الاكتوارية على النواب.
فرد الحريري قائلًا: "ما زال عندي تحفظ، لست خبيرًا اكتواريًا ولا أحتاج أن الوزير يشرح لي"، مشيرًا إلى أن الوزير سيشرح من وجهة نظره المدافعة عن الوزارة، وطالب بحصول النواب على الدراسة، وقال "أريد الحصول على الدراسة وأرجع للمتخصصين الذين أثق بهم ونراجع الأساس الذي تمت بناء عليه الدراسة فهي مربط الفرس في هذا القانون".
شبهة عدم دستورية
لاحق النواب وزير الصحة باحتمالات شبهة عدم دستورية واحدة من أهم ركائز مشروع القانون والتي تنص على تطبيقه خلال 15 عامًا، عبر ستة مراحل من خلال التقسيم لعدد من المحافظات.
وقال النائب مجدي مرشد، عضو ائتلاف دعم مصر، إنه موافق على مشروع القانون من حيث المبدأ، لكنه أبدى تحفظه على طريقة التطبيق وتقسيمها إلى ست مراحل عبر 15 سنة، وانتقد ما اعتبره تجاهل وجود 54 مليون مستفيد حاليًا من هيئة التأمين الصحي يدفعون اشتراكات.
وقال مرشد: "إن هيئة التأمين الصحي الحالية ممكن تخلّي الناس في نعيم إذا كانت قادرة أن تقوم بـ 54 مليون شخص من خلال 11 مليار جنيه".
وأضاف: "تحصيل الاشتراكات بعد تغيير خطة المراحل الست الواردة في مشروع الحكومة سيكون نقلة كبيرة في المنظومة، التي من الممكن أن تتحسن بشكل كبير خلال خمس سنوات"، وتابع مرشد: "أشفق على نفسي وعلى سكان القاهرة من الانتظار 15 سنة لا نتمتع فيه بما يتمتع به المواطن البورسعيدي وهذا غير دستوري"، في إشارة إلى بورسعيد التي تبدأ منها الحكومة التنفيذ إذا حصلت على الموافقة على مشروع القانون.
واعترض مرشد أيضًا على وجود نسب للمساهمات يدفعها الشخص المشترك المؤمن عليه في الأدوية والتحاليل والأشعات والإقامة في الأقسام الداخلية في المستشفى.
أما النائب حاتم عبد الحميد فقال أخشى من وزير المالية، وأضاف في هجوم واضح على نائبه محمد معيط "أعلم أن أي حاجة مالية فيها معيط؛ هو يفتش المصريين"، موضحًا أن القانون في عباءة وزارة الصحة لكن أصول تطبيقه تتحملها وزارة المالية، ورغم ذلك أعلن موافقته على مشروع القانون من حيث المبدأ، رغم طرحه تساؤلات عن مفهوم محدودي الدخل الذي يتحدث عنهم القانون والذي تتكفل بهم الدولة.
أما النائب عبد الحميد الشيخ فوافق على مشروع القانون من حيث المبدأ ورحب به ولم يبد تحفظات تذكر عليه ولكنه تحدث عن المنظومة "الفاشلة" الحالية، ودون أي تحفظ من الوزير أو رئيس هيئة التأمين الصحي قرر رئيس اللجنة محمد العماري حذفها من المضبطة.
تحذيرات من الخصخصة
حذرت النائبة هالة مستكلي من أن يكون مشروع القانون بابًا خلفيًا لخصخصة المستشفيات الحكومية متسائلة عن ضمان عدم خصخصتها.
كما وجهت تساؤلات للوزير بشأن المستشفيات الخاصة ودورها، وقالت "ما الضامن إني ما افضلش واقعة في إيد مستشفى خاص؟"، وطالبت بقوانين صارمة لتحديد سعر الخدمة وتطبيق عقوبات على المخالفين.
وقاطعها رئيس اللجنة محمد العماري قائلًا: "وبناء عليه"، في محاولة للخروج بنتيجة فردت مستكلي: " لا تنتزع مني الموافقة أو عدم الموافقة، لا تنتزعها مني في قعدة بدون السماع لكل الأطراف وأجد إجابة على التساؤلات التي أطرحها".
وأصرت على رفض إبداء رأيها في مشروع القانون من حيث المبدأ، سواء بالموافقة من عدمها.
الوزير يدافع
رد الوزير على بعض الانتقادات والتساؤلات، وبشأن تطبيق النظام على مدى 15 عامًا قال إن "أول دراسة اكتوارية أجرتها الحكومة منذ سنوات كانت على أساس تطبيق النظام الجديد على 6 سنوات، إلا أن الدراسة أثبتت أنها ستفشل ماليًا بالسنة الثالثة".
وأضاف: "ما اقدرش افتح النظام الجديد لكل المحافطات مرة واحدة وإلا سيفشل النظام ماليًا، وبالتالي كان الاختيار أن تكون محافظة بورسعيد باعتبارها الأكثر جاهزية على مستوى المستشفيات والأطباء لتطبيقه".
وبرر عدم البدء بالمحافظات الأكثر فقرًا قائلًا إن هذ سيؤدي إلى عدم استمرار الاستدامة المالية لنظام التأمين الصحي الجديد، لعدم وجود تراكم من اشتراكات المواطنين، وأشار إلى الاستعانة بشركة عالمية كانت مسؤولة عن وضع الدارسة الاكتوارية لنظام التأمين الصحي طلبت بيانات مفصلة ودقيقة لوضع الدراسة.
فقال مرشد إن التطبيق على محافظات وجعل محافظات أخرى تنتظر هو أمر غير دستوري، فقال الوزير: "إن القانون عرض على مجلس الدولة لمراجعته دستوريًا"، فقاطعه الحريري: "أخطأ"، فرد الوزير منفعلًا: "مجلس الدولة لا يخطئ هذا يمثل مصر"، واستكمل الوزير : "الصحة تساوي صرف، الغرزة لها ثمن".
وردًا على التساؤلات المتعلقة بتحمل الدولة لغير القادرين، قال وزير الصحة إن 30 بالمئة من الشعب المصري مصنف من ضمن غير القادرين، وأوضح أن الحديث عن عدم دستورية تطبيق قانون التأمين الصحي الجديد على 6 مراحل غير دقيق لأن هناك نظامًا قائمًا بالفعل خاص بالتأمين الصحي مطبق بكافة المحافظات. وأوضح أن نصيب الفرد من نظام التأمين الصحي الحالي 118جنيهًا سنويًا.