في الوقت الذي مرر فيه مجلس النواب الموافقة على قرض جديد، وسط معارضة محدودة وانفعال من رئيس المجلس على المعترضين، أغلق المجلس باب المطالبات المجتمعية بتجريم الحرمان من الميراث والذي تتضررت منه أعداد كبيرة من النساء خاصة في الصعيد، وإليكم كواليس اليوم:
النصاب الغائب
استمرت ظاهرة غياب النواب التي أرغمت رئيس المجلس علي عبد العال على إرجاء الموافقة النهائية على ستة قوانين في يوم واحد، وجميعها تتطلب موافقة ثلثي النواب، باعتبارها مكملة للدستور.
واضطر عبد العال إلى تأجيل الموافقة النهائية على مشروع قانون التنظيمات النقابية، والذي يواجه معارضة من النقابات المستقلة وبعض الجهات الداعمة لحقوق العمال، كما أرجأ الموافقة النهائية على مشروع قانون تنظيم تداول واستيراد الطائرات المحركة آليًا ولا سلكيًا، ومشروع قانون تعديل محاكم الأسرة، ومشروع قانون تنظيم الهيئات الشبابية، ومشروع قانون خاص بنظام اختيار نائب الوزير، ومشروع التعديلات على قانون المواريث.
تجريم الحرمان من الميراث
الحرمان من الميراث هو إحدى القضايا التي شغلت منظمات المجتمع المدني والمجلس القومي للمرأة على مدى سنوات طويلة، وكانت المطالب بإصدار تشريعي يجرم الممتنع عن تسليم المرأة ميراثها ضمن قائمة المطالب والتوصيات والمناشدات التي توجهها الجهات المهتمة بقضايا المرأة للحكومة وللمجالس التشريعية المتلاحقة.
فبحسب المجلس القومي للمرأة تلقت لجنة الشكاوى 466 شكوى منذ عام 2002 وحتى 2015 تتعلق بحرمان المرأة من ميراثها، ومعظمها شكاوى من مناطق الصعيد، وتتعلق بامتناع الأخ عن تسليم الأخت ميراثها، أو امتناع أهل الزوج عن تسليم أرملته حقها في الميراث، ولا يوجد حتى الآن حصر دقيق بنسب النساء المتضررة من عدم تسلم ميراثها.
اليوم وافق المجلس على مشروع القانون المقدم من الحكومة، بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث، في مجموعه، وحال النصاب غير المكتمل دون الحصول على الموافقة النهائية على مشروع القانون.
وقال عبد العال إن هذا القانون عُرض على المجلس القومي للمرأة وهيئة كبار العلماء، ومجلس القضاء الأعلى.
وحرص على توضيح أن القانون "لا يمس المواريث من قريب أو بعيد"، قاصدًا طبيعة التقسيم الواردة في النصوص القرآنية، وقال "لكنه يجرم بعض التصرفات، حيث يتحدث القانون عن عقوبات لضبط مسألة عدم تسليم أعيان التركة لمستحقيها ذكورًا كانوا أو إناثًا".
وينص مشروع القانون على "العقاب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز مائة ألف جنيه، او بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث رضاء أو قضاء نهائيًا".
واقترح عدد من النواب إضافة تعديل إذ كان المشروع المقدم من الحكومة "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حجب سندًا يؤكد نصيبًا للوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أي من الورثة الشرعيين".
ووافق النواب على اقتراح النائب إسماعيل نصر الدين على أن تكون العقوبة واحدة لمن حجب المستند أو من امتنع عن تسليم الميراث لصاحب التركة، بحيث يعاقب كليهما بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر أما الغرامة فلا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد عن مائة ألف.
وينص مشروع القانون أيضًا على أن "في حالة العود لأي من الأفعال السابقة تكون العقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة، وللمجني عليه أو وكيله الخاص ولورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة أو المحكمة".
ووفقًا لمشروع القانون الذي وافق النواب عليه في مجموعه على أن "يجوز الصلح في أية حالة كانت عليها الدعوى وبعد صيرورة الحكم باتًا، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية، ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر".
بعض النواب أبدوا اعتراضهم على عقوبات الحبس الواردة في القانون ومنهم النائب سامي المشد، والنائب نور الدين عبد الرازق، مطالبين بالاكتفاء بالغرامة مستندين إلى الحديث عن العلاقات الأسرية التي تتضرر، فداعب عبد العال النائب عبد الرازق قائلًا "إنت ناوي ولا إيه".
في مقابل التعاطف والمطالبة بتخفيف العقوبة تعالت أصوات مطالبة برفعها وقال النائب علاء عابد، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار: إن هذا الموضوع يهدد الأمن الاجتماعي للأسرة وفيه ناس تقول لا ترث الأنثى لأنها تذهب لأسرة أخرى، وأعترض على العقوبة وأطالب بتشديدها لمن يخالف الشرع والعدالة الاجتماعية".
أما النائب أيمن أبو العلا من المصريين الأحرار أيضًا فطالب برفع نسبة الغرامة التي تفرض على المخالفين للقانون، وقال أبو العلا: "ما قيمة عشرين ألف جنيه في تركة تقدر بالملايين".
القرض الجديد
في إطار سياسة القروض المستمرة؛ مرر اليوم مجلس النواب الموافقة على اتفاقية قرض جديد، بقيمة 290 مليون يورو لشراء ما يصل إلى 100 جرار جديد لصالح الهيئة القومية لسكك حديد مصر، بين مصر والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
الموافقة التي انتزعها رئيس المجلس جاءت بعد اعتراضات النواب وتساؤلات بشأن عدم وضوح نسبة الفائدة على القرض، والاعتراض على مبدأ الاقتراض المستمر وتحميل الأجيال المقبلة لفوائده، منهم النائب كمال أحمد، والنائبة هالة أبو علي.
ودافع علي عبد العال عن اتفاق القرض، وقال في مواجهة اعتراضات عدد من النواب "مضطرون للقروض وكل الدول تلجأ للقروض".
وقال منفعلًا عقب كلمة النائبة هالة أبو علي: "أقوى اقتصاد في العالم مقترض أكبر قرض في العالم"، واستطرد بينما النائبة ما زالت واقفة لم تكمل كلمتها "هل توافقون على إغلاق باب المناقشة"، وسريعًا قال "موافقة" بعدما رفع البعض أيديهم.
طرح الاتفافية للتصويت ووافق عليها أغلبية النواب الحاضرين، وقال رئيس البرلمان: "على هذا الشعب أن يعمل كمل تعمل الشعوب الأخرى"، وتابع خلال مناقشات القرض: "الدواء المر، نحن نعاني من عجز كبير جدًا، الامور ليس بالصورة التي تتصورونها".