اتفق سياسيون، ونواب برلمانيون، وممثلو عُمّال، اليوم الاثنين، على مخاطبة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمُذكّرة تطالبه بالتدخل ضد مشروع القانون، الذي يُناقشه مجلس النواب حاليًا، بشأن المنظمات النقابية.
جاء ذلك خلال مؤتمر، "قانون النقابات العُمالية ومصادرة الحق في التنظيم"، الذي عقدته دار الخدمات النقابية والعمالية في مقرّها، بالمُشاركة مع حملة الدفاع عن الحريات النقابية، ومؤتمر النقابات المصرية الديمقراطية، احتجاجًا على مشروع القانون، المقدم من الحكومة، بعد إدخال لجنة القوى العاملة بمجلس النواب تعديلات عليه، والذي يراه منظمو المؤتمر قانونًا "مُحاطًا بشُبهات عدم الدستورية، ومفترقًا عن معايير العمل الدولية واتفاقية العمل رقم 87 المُوَقّع عليها من الحكومة المصرية".
وشهدت أروقة مجلس النواب، خلال الأسبوع الأول من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، مناقشات حادة حول مشروع قانون التنظيمات النقابية، الذي ترددت الأقاويل عن اتجاه بعض النواب، داخل لجنة القوى العاملة لـ"تمرير القانون سريعًا"، وهو ما بدا في عقد جلسات للجنة يوم الجُمعة، "في سابقة لم يشهد المجلس مثيلًا لها، منذ بداية جلساته"، وفقًا لما ذكره بيان وزّعه منظمو المؤتمر يحمل عنوان "وقائع ما جرى في مناقشة البرلمان لقانون النقابات العُمالية".
وأشار البيان، الذي حصلت "المنصّة" على نسخة منه، إلى أن هذا "الاستعجال" سببه الرغبة في إصدار القانون "قبل زيارة وفد منظمة العمل الدولية" لمصر، وقبل الاجتماع الذي سيعقده مجلس إدارة المنظمة، لمناقشة حالة الدول الموجودة بقائمة الحالات الفردية (اللائحة السوداء)، والدول التي صدرت في حقها تقارير خلال العام الجاري، ومن بينها مصر، "التي لم تزل تُطبق قانونًا للنقابات العُمالية صدر منذ 41 عامًا"، في إشارة للقانون رقم 35 لسنة 1976.
جاءت الدعوة لطلب تدخل السيسي، في أمر مشروع القانون، من العضو السابق بمجلس النواب، ورئيس حزب الإصلاح واالتنمية محمد أنور السادات، الذي حذّر من أن الجميع، "سيدفعون ثمن الأخطاء التي تتكرر الآن"، في إشارة لغضب العُمال من مشروع القانون الذي يلاقي رفضًا من قطاعات مختلفة، مُطالبًا الأحزاب السياسية والنواب، والمعنيين بالقانون، بتوقيع مّذكرة مشتركة بينهم، قبل رفعها للرئيس، للإعراب عن رفضهم لمشروع القانون، ومطالبته بالتدخل لصالح العُمال.
وطالب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، بالتكاتف ضد القانون، الذي قال عنه، إنه مرفوض "حتى من رجال الأعمال"، مُضيفًا "قدرنا هو المحاولة أكثر من مرّة، فالمعركة طويلة، وحتى لو [خطف مجلس النواب] القانون؛ فلن تكون النهاية، ﻷن الأمر لا يقتصر على العُمّال ومعاناتهم فقط".
وانتقد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مدحت الزاهد، الأجواء التي صدر فيها القانون، قائلاً، إن هناك حملة لتصفية المجال السياسي، كما يبدو من قانون التنظيمات النقابية، الذي لا يمكن فصله عما يحدث من حجب للمواقع، وإقرار قوانين مثل الجمعيات الأهلية، على حد تعبيره، معلّقًا بالقول إنه "من الغريب أن يحدث هذا في عام الانتخابات الرئاسية".
وفي وقت سابق من العام الجاري، صدر قانون الجمعيات الأهلية الجديد، رقم 70 لسنة 2017، مُحاطًا بجدل واعتراضات عليه، حتى من جهات حكومية، لما يضمه من مواد جعلت قوى سياسية ومدنية مصرية ومنظمات دولية، بل وحكومات دول كبرى، تنظر إليه منذ كان مُسوّدة، باعتباره "يقضي فعلياً على المجتمع المدني"، بعد أن أضيف له قبل إقراره برلمانيًا، عقوبات سالبة للحريات.
وحذّر الزاهد من أن سدّ المسارات السياسية السلمية، هو ما يؤدي للإرهاب، فيما شدد عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، جورج إسحاق، على أنه لا تنازل أو تخلٍ عن فتح المجال العام، وناشد المعنيين بالحقوق العُمالية بالتكتل خلف تغيير مشروع القانون الحالي، وكذلك قانون الجمعيات الأهلية.
وكشف عضو مجلس النواب خالد عبد العزيز شعبان، بعضًا من كواليس مناقشة مشروع القانون، بقوله إن الصراع عليه "لم يكن بين النواب والحكومة، بل بين طرفين هما رجال الأعمال، والمنحازين لعمال مصر"، واصفًا ما حدث في آخر جلسة انعقدت لمناقشته بأنه كان "ازدراء لعُمال مصر".
وقال "شعبان" إن وزير القوى العاملة، كان مُنحازًا للنواب المعارضين للقانون، في بعض النقاط، مضيفًا "فوجئت بتَوحُّش من رجال الأعمال (في المجلس)، ﻷنهم لا يرغبون في (تطبيق) حق التنظيم النقابي من الأساس".
وأضاف عضو مجلس النواب، أن زملائه في تكتل 30/25 قدّموا طلب مداولة، في لجان المجلس حول مشروع القانون، ﻷنه سيُمرر بموافقة ثُلثي أعضاء المجلس، مشيرًا إلى أن تركيزه في معارضة مواد القانون سينصبّ باﻷساس على المواد رقم 2 و3 و11، مختتمًا بقوله "لو عرفنا نعدّلهم؛ القانون ده هيكون معقول ومتوازن".
ووجه وزير القوى العاملة الأسبق أحمد البُرعي انتقادًا للقانون، خاصًا بالذكر مادته الثالثة، التي قال إن مشكلتها ليست في كونها "تمييزية" فحسب، بل في كونها ستُثير مُشكلات تتعلق بالمهلة الخاصة بتوفيق الأوضاع وإجراء الانتخابات.
وقدّمت الجهات المنظمة للمؤتمر مُلخصًا باعتراضاتها على مشروع القانون، وحددت المواد رقم 2 و3 و10 و11 و12 و42 و43، واعتبرته "ليس قانونًا جديدًا، بل محاولة مُقَنّعة لإعادة الحياة إلى قانون النقابات العُمالية الحالي 35 لسنة 1976، رغم أنه منتهي الصلاحية منذ سنوات".
ودارت اعتراضات منظمي المؤتمر على المواد الواردة في مشروع القانون، في بنود كان منها على سبيل المثال أن "أحدها يتغافل عن حقوق بعض الفئات، والآخر ينطوي على تمييز، وأن منها ما يفرض نموذجًا واحدًا للتنظيم النقابي، يُعدّ استنساخًا للاتحاد العام لنقابات عُمال مصر بنموذجه الهرمي"، وطالبوا بإلغاء المادة 41 بينما اقترحوا نصوصًا بديلة لبقية المواد محلّ الاعتراض.