أغلق مجلس النواب اليوم الإثنين ملف النواب المستقيلين من البرلمان، بعد أن أعلن النائب الوفدي محمد فؤاد سحب استقالته التي تقدم بها بعد تمرير اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، واعتبار أسبابها "كأن لم تكن"، واعتذر لزملائه مثلما فعل النائب أكمل قرطام أمس الأحد.
فؤاد نائب دائرة العمرانية كان هو النائب الوحيد الذي أعلن استقالته وقدمها لرئيس المجلس مسببة، عقب الموافقة على اتفاقية ترسيم الحدود التي أثارت الكثير من الجدل، وأعلن حينها أن علاقته بالمجلس انتهت، رغم استمراره في العمل عبر موقعه الحزبي على مشروعات القوانين التي يعدها حزب الوفد واستمر في خدمة أهالي دائرته طوال الأشهر الماضية مستخدمًا معظم الأليات البرلمانية.
ورغم تحفظ النائب الشاب على الحديث عن الاستقالة على مدار الأشهر الماضية لكنه كرر أكثر من مرة خلال تواصلي معي أنها بالنسبة له استقالة نهائية والأمر متروك لتصويت النواب، لكن تحفظ فؤاد على النشر كان يُبقي بابًا مواربًا على الدوام لعودته تحت القبة مرة أخرى.
ما جرى في مجلس النواب اليوم وبالأمس كشف أن التخلي عن عضوية البرلمان ليس بالأمر السهل، وبالتأكيد ليس قرارًا منفردًا لنائب أراد أن يجذب الأنظار، أو أن ينسحب عن قناعة اعتراضًا على الأداء العام في المجلس، والأكيد هو وجود الكثير من المناقشات والاتصالات والكواليس التي شابت سحب الاستقالتين.
فاليوم عاد فؤاد وقدم الاعتذار وأعلن سحب الاستقالة، وأن أسبابها الخاصة بطريقة إدارة البرلمان لعدد من الملفات "كأن لم تكن". وقال فؤاد خلال كلمته في الجلسة العامة "تحية شكر وعرفان وتقدير أن أمثل أمام القاعة، وأخص بالتقدير رئيس المجلس، على ما غمرني به من سعة صدر ومعاملة نبيلة، أؤكد أن استقالتي لم تكن في مضمونها مزايدة أبدًا".
وأشار إلى أنه لم يتوقف عن ممارسة عمله البرلماني عقب تقدمه بالاستقالة، وقال: "وإن دل ذلك على شيء وإنما يدل على احترامي للزملاء وللعمل المؤسسي، وأوضح سريعًا بعض ما جاء فيها؛ لم أنكر أي مجهود للبرلمان".
وأضاف: "إنني قد شرفت في العديد من الأحوال في التعامل مع الزملاء باللجان النوعية، في العمل بالعديد من المشروعات القانونية"، واستطرد: "وبناء عليه؛ واستجابة لما لمسته من جانب السيد الدكتور رئيس المجلس، واستجابة لما لمسته من السادة الزملاء الأجلاء، واحترامًا لرغبة الأهالي الذين أتشرف أن أكون ممثلهم تحت القبة، لذلك إنني أعلن وبكل وضوح سحب استقالتي".
كلمة فؤاد عقبها كلة لزعيم الأغلبية محمد السويدي، الذي تعامل بنفس الطريقة التي تعامل بها مع قرطام أمس والتي توحي باستياء من الاستقالات وطلب أن يسمع من النائب "عدوله عن كل بند ذكر في الاستقالة وزوال أسباب هذه الاستقالة".
ثم تحدث النائب بهاء أبو شقة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الوفد الذي اعتبر أن استقالة فؤاد كانت "ثورة غضب"، فيما قال النائب الوفدي طلعت السويدي معلقًا على اتهام زميله فؤاد بالخطأ: "إذا أخطأ فكلنا نعتذر".
أما رئيس المجلس فوجه كلمة إطراء في حق فؤاد وتحدث عنه بود بالغ وناداه عدة مرات بـ "الابن العزيز"، وقال: "استعنت به في كثير من المناسبات وكان نعم النائب ويؤدي عمله بمهنية وأشهد أمام المجلس الموقر أنه يتحلى بدماثة الخلق وأدب المعاملة، ويعرف كيف يخاطب الزملاء وكيف يخاطب رئيس المجلس".
لكن الود والمحبة التي يحفظها عبد العال لفؤاد لم تثنه عن الموقف الحاسم وإن كان عبر عنه بلهجة أخف من تلك اللغة والأداء الحاد الذي استخدمه مع النائب أكمل قرطام أمس.
وقال رئيس المجلس لفؤاد: "لكن هناك إجراءات دستورية، هناك استقالة انطوت على أسباب، ويجب أن يعلم الجميع أن أي استقالة من أي برلمان، ياخذ بها علم البرلمان الدولي، لذا كما انطوت على أسباب وطبقًا لما تم مع قرطام أطلب من الابن العزيز أن يقف معلنًا سحب الاستقالة وما تنطوى عليها من أسباب".
فقال فؤاد: "أعتذر"، وأضاف: "ثابت على نفس الكلام أعلن سحب الاستقالة وما بها من أسباب كأن لن يكن"، ورحب رئيس المجلس قائلا "أهلا بك عضوًا فاعلًا في هذا المجلس وشكرًا على الشجاعة والالتزام".
وطلب بعض الأعضاء طرح الاستقالة للتصويت فقال عبد العال: "مافيش تصويت الاستقالة سحبت كأن لم تكن".