بعد انتهاء المناقشة والموافقة المبدئية على الموازنة العامة للدولة، خلال واحدة من عدة جلسات جرت دون حضورهم؛ عاد نواب تكتل 25/30 إلى مقاعدهم في الجلسة العامة اليوم، للمرة الأولى منذ إقرار الأغلبية البرلمانية لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي تنازلت مصر بموجبها عن جزيرتي تيران وصنافير.
من بين 16 نائبًا في التكتل، حضر اليوم حوالي عشر نواب، منهم هيثم الحريري الذي ظهر تحت القبة مطلقا لحيته للمرة الأولى. وكذلك النائب أحمد الطنطاوي الذي أحاله رئيس المجلس علي عبد العال للتحقيق والتزم الصمت طوال الجلسة، بينما جلس النائب ضياء الدين داوود في استراحة الوزراء، وتجمع آخرون في البهو الفرعوني. ورغم أن النواب استقبلوا زملاءهم العائدين بالتحيات الحارة؛ إلا أن وجوه قيادات التكتل كانت حزينة.
التحقيق مع الطنطاوي
عودة النواب لمقاعدهم يأتي مع اقتراب دور الانعقاد الثاني من الانتهاء، ويتزامن مع الاستعداد لاتخاذ إجراء عقابي ضد النائب أحمد الطنطاوي، الذي أجرت معه لجنة القيم تحقيقا أمس، انتهى بالتوصية بحرمانه من حضور دور الانعقاد المقبل.
وأحالت هيئة مكتب البرلمان النائب أحمد الطنطاوي للجنة القيم بعد اتهامه بمخالفة اللائحة الداخلية والتقاليد البرلمانية والإخلال بواجبات العضوية، واتلاف ميكروفون. وذلك بعد اعتراضه على كلمة ئيس الجمعية الجغرافية التي تدّعي سعودية جزيرتي تيران وصنافير، أمام لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية خلال جلسات مناقشة الاتفاقية.
بعد إعلان لجنة القيم قرارها أمس بشأن الطنطاوي، انتشر خبر منسوب لمناصب قيادية في ائتلاف دعم مصر (تكتل الأغلبية)، يرفض فيه الائتلاف توصية الحرمان من دور الانعقاد، ويطالب بالتصعيد بإسقاط العضوية، وهو التصريح الذي نفاه رسميا عدد من نواب الائتلاف منهم مجدي مرشد، وصلاح حسب الله، اللذان أكدا عدم مناقشة الأمر داخليًا، وكذّبا إصدار أية بيانات عن الائتلاف، رغم أن البيان المكتوب على لسان مصادر مجهولة، تلقاه الصحفيون على هواتفهم المحمولة من خلال مجموعة على تطبيق "واتس آب" خصصها الائتلاف لإرسال بياناته للصحفيين.
في الوقت نفسه، أبدى بعض نواب 25 /30 تخوفهم من التصعيد وعدم الاكتفاء بحرمان الطنطاوي من المشاركة دور الانعقاد. وحذر النائب ضياء الدين داوود من أية قرارات متعلقة بإسقاط العضوية، مؤكدا أن نواب التكتل سيكون لهم رد فعل جماعي بهذا الشأن، ملوحا بالاستقالة من البرلمان.
دعم مصر يمتص الغضب
عقد ائتلاف دعم مصر اجتماعين اليوم قبيل الجلسة العامة، وكان الهدف منهما احتواء الغضب أو حسبما صاغها الائتلاف "مساندة المواطنين المتضررين من الإجراءات الاقتصادية الأخيرة".
الاجتماع الأول كان للمكتب السياسي للائتلاف، الذي ناقش مقترحات لمساندة الطبقات المتأثرة بالزيادات الأخيرة في الأسعار. وعقب هذا الاجتماع عقد رئيس الائتلاف محمد السويدي اجتماعا ثانيًا مع النواب منسقي المحافظات، لتوصيل قرارات المكتب السياسي لهم لاحتواء غضب المواطنين.
محمد السويدي رئيس الائتلاف وزعيم الأغلبية، كان أول المتحدثين في الجلسة العامة التي ناقشت بيانات عاجلة، صب معظمها في خانة زيادات الأسعار الأخيرة المرتبطة بتطبيق شريحة جديدة من ضريبة القيمة المضافة على السلع وخدمات مياه الشرب والاتصالات، بالإضافة لزيادة أسعار شرائح استهلاك الكهرباء وأسعار الوقود.
لم يتجه أداء السويدي لشيطنة الحكومة، أو فتح نيران الانتقادات ضدها؛ في الوقت الذي حاول فيه الظهور كزعيم أغلبية يحمل هم مصالح المواطنين ويدافع عنهم، من خلال اقتراح اجراءات وسياسات محددة، عوضًا عن توجيه النقد.
وحدد السويدي عدد من الإجراءات، التي شدد على أن تكون مُلزِمة للحكومة على أن يتابع مجلس النواب تنفيذها، وتتعلق في معظمها بالفلاحين وشراء المحاصيل الزراعية بأسعار محددة.
وقال السويدي: "لما اتخذت الإجراءات الاقتصادية الأخيرة تم الاتصال برئيس الوزراء، الذي أكد على ضبط الأسعار، لكن حتى الآن الإجراءات غير كافية على الإطلاق، وضبط الأسعار له معايير وأسس".
وأضاف: "نحن أقرينا حزمة المساعدات الاجتماعية للمواطن ممثلة في بطاقة التموين والمعاشات الاستثنائية"، مقترحا عدد من الإجراءات الأخرى "نتقدم باقتراحات أولها ما يمس الفلاح المصري وهي أسعار السلع الزراعية".
وأشار إلى طلب النواب من الحكومة العام الماضي شراء االشعير من الفلاح ب 3000 جنيه وهو ما لم يحدث، وقال "قبل ما تجمع المحاصيل نطالب الحكومة بأن يكون 4000 جنيه لطن الشعير، وتكون ملزمة بشرائه من الفلاح قبل ما يكون فريسة للتاجر ويضطر لبيعه بسعر أقل، وهو سعر عادل للفلاح ولن يؤدي لزيادة على المواطن".
وأضاف السويدي "نطالب الحكومة ونلزمها بشراء طن القصب ب 850 جنيه للطن، والبنجر 500 جنيه للطن وهو حاليا 370 [جنيه]". وبالنسبة للقمح الذي انتهى موسم توريده بالفعل، طالب السويدي الحكومة بشرائه من الفلاحين مقابل 650 جنيه للأردب، وأن يتراوح سعر شراء القطن المصري -[حسب نوعه]- بين 2000 و2200 جنيهًا للقنطار الواحد".
ووجه السويدي انتقادات للحكومة "التي لا تنفذ الاجراءات المطلوبة" وقال:"لا تُلزِم [الحكومة] أحدًا بتنفيذها، ولا تُلزٍم الجهات المعنية بتنفيذها". مضيفًا: "تكلفة الإنتاج زادت. ما حدث في الأرز العام الماضي سببه عدم اتخاذ قرار في الوقت المناسب".
وأشار إلى تهريب الأرز وقال: "لو الحكومة اشترته هتقدر تصدًّره وتحقق مكسب، لكنها لم تأخذ القرار في الوقت المناسب". وطالب السويدي بتحديد الجهة التي تشتري القطن وقال "لابد أن نُبلَّغ بالجهة التي تشتريه". موجهًا دعوة لشركات القطاع الخاص لتقديم دعم لجميع العاملين في زراعة وتوريد المحاصيل الزراعية بمبلغ يتراوح من مائة إلى مائتي جنيه، "لمساعدتهم على سداد تكلفة الإنتاج في هذه المرحلة"، وقال "أتمنى أن أسمع من الوزير عمر مروان متى نُبلغ بالجهات التي تشتري المحاصيل؟".
وللمرة الأولى ينفعل السويدي بشكل حاد تحت القبة على وزير شؤون مجلس النواب عمر مروان، الذي عقّب على كلمة رئيس الائتلاف محاولا التخلص من الالتزامات، فقاطعه السويدي وقال "إن هذا الملف تم دراسته باللجان المختصصة وتم تحديد الأسعار ، وبالتالى نلزم الحكومة بتنفيذها".
غدا كامل العدد
بشكل واضح وصريح كرر رئيس المجلس علي عبد العال، دعوته لأن يحضر جميع النواب غدا للجلسة العامة كي يكون المجلس "كامل العدد" بحسب تعبيره.
دعوات عبد العال للحضور "كامل العدد" مقابل خلو القاعة في الأسبوع الأخير لدور الانعقاد، غرضها الانتهاء من عدد من الملفات العالقة والتي تتطلب أخذ الموافقة النهائية وتحتاج أغلبية الثلثين.
من الملفات المنتظر الانتهاء منها خلال يومي الثلاثاء والأربعاء من هذا الأسبوع: أخذ الرأي النهائي على قانون الهيئة الوطنية للانتخابات الذي يتطلب الموافقة بأغلبية الثلثين، وأخذ الرأي النهائي على الموازنة العامة للدولة بعد وصول تقرير مجلس الدولة بشأنها، وتجديد حالة الطوارئ، وتقرير مصير النائب أحمد الطنطاوي.