قدرت ورقة بحثية، صدرت الشهر الجاري، أن شركات الأسمدة المقيدة في البورصة المصرية تستطيع تصدير ما يتراوح بين 40-60% من إجمالي إنتاجها، ما يفسر الإيرادات القياسية التي حققتها شركات هذا القطاع حتى يوليو/تموز الماضي.
يستعرض في هذا التقرير كيف استطاع قطاع الأسمدة أن يربح من التعويم، على عكس أنشطة أخرى تكبدت خسائر كبيرة بسبب قوة الدولار.
إيرادات استثنائية في تاريخ القطاع
بحسب نتائج الأعمال التي أعلنتها شركة أبو قير للأسمدة، التي تنتج نحو نصف الأسمدة النيتروجينية في مصر، استطاعت مضاعفة قيمة إيراداتها بين العامين الماليين 2021-2023 مرة ونصف، بنحو 145%.
وتقول شركة العربي الإفريقي الدولي في ورقة بحثية صدرت هذا الشهر "نتوقع أن تنجح شركات قطاع الأسمدة في أن تنمي أرباحها خلال 2023، على أساس سنوي، بفضل قوة الدولار والتصدير".
وتعكس نتائج العديد من شركات الأسمدة في البورصة أداء قويًا أيضًا حيث حققت موبكو إيرادات بـ 9.4 مليار جنيه خلال النصف الأول من 2023، وهو ما يزيد عن ضعف مبيعاتها في 2021.
وتعكس بيانات صادرات الأسمدة، الصادرة عن البنك المركزي، قدرة هذا القطاع على تنمية إيراداته، حيث زادت الصادرات من أقل من مليار دولار في 2018/ 2019 إلى 2 مليار دولار في 2021/ 2022.
"شركات الأسمدة المصرية لها حضور قوي في السوق الهندي، أحد أكبر مستوردي الأسمدة على مستوى العالم، بجانب السوقين الأوروبي والخليجي"، كما تقول محللة متخصصة في تغطية القطاع بأحد بنوك الاستثمار، فضلت عدم ذكر اسمها.
وتشير أبو قير للأسمدة، في بيانها عن نتائج أعمالها الأخيرة إلى أن صادراتها أصبحت تصل لأكثر من 30 دولة.
وتمثل صادرات الأسمدة أحد الموارد الرئيسية للنقد الأجنبي للبلاد، حيث مثلت 11.3% من الصادرات تامة الصنع، في العام المالي 2021/ 2022.
أسباب زيادة الصادرات
يتمتع قطاع الأسمدة بمركز تصديري قوي، حيث تقدر الحكومة أن مصر رابع أكبر مُصدِّر لأسمدة اليوريا، ما أهل القطاع لكي يستفيد من الارتفاع القوي في أسعار الأسمدة عالميًا، وأن يعزز من أرباحه.
وكان سعر طن سماد اليوريا عالميًا ، المادة الخام لأنواع من الأسمدة، قفز بأكثر من 200% خلال الفترة بين 2020 و 2022 وتراجع خلال 2023 لكن لم يعد إلى مستوياته السابقة، حيث استقر عند 300 دولار للطن.
"استفادت مصر بقوة من العقوبات المفروضة على روسيا بعد حربها على أوكرانيا بحيث صارت مصدرًا بديلًا لصادرات الأسمدة" كما يقول المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، محمد مجيد، لـ المنصة.
وقبل الحرب التي اندلعت في 2022، كانت روسيا تمثل 14% من إجمالي التجارة العالمية لأسمدة اليوريا.
واستطاعت شركات الأسمدة المصرية المنافسة في السوق العالمية، رغم أن الحكومة غيرت في 2022 طريقة تسعير الغاز لمصانع الأسمدة الأزوتية إلى معادلة سعرية ترتبط بسعر تصدير اليوريا، ما قد يكون تسبب في زيادة تكلفة الإنتاج مع ارتفاع الأسعار العالمية خلال الأشهر الماضية.
ويمثل الغاز مكونًا رئيسيًا في تكلفة إنتاج الأسمدة، حيث تعكس نتائج أعمال موبكو أنه يمثل 67.5% من تكاليف الإنتاج.
لكن المحللة تقول إن " سعر الغاز في مصر لا يزال أقل من أسعار أسواق أخرى مثل الغاز الأوروبي، ما حافظ على تنافسية المنتج المصري في الأسواق الدولية".
هل جاءت الصادرات على حساب السوق المحلية؟
ويقول المحلل المالي بشركة مباشر لتداول الأوراق المالية، طه السيد "إن التضخم القوي في الأسعار المحلية كان مصدرًا أساسيًا لأرباح شركات الأسمدة، بجانب التصدير".
وكان سعر طن اليوريا قفز في السوق الحرة بمصر من 7000 جنيه في منتصف 2022 إلى 9200 جنيه في الوقت الراهن.
وتفرض الدولة على شركات الأسمدة توريد 55% من إنتاجها من أسمدة اليوريا لوزارة الزراعة، لكي تبيعها للفلاحين بسعر مدعم، 4800 جنيه للطن، لحماية هذا القطاع الاستراتيجي من معدلات التضخم المتفاقمة.
وأمام هذه القيود يبدو نشاط التصدير أكثر جاذبية في أنظار منتجي الأسمدة، ما قد يهدد بنقص الأسمدة محليًا مع ارتفاع سعرها، لذا نبه الجهاز المركزي للمحاسبات شركة أبوقير إلى عدم التزامها بتوريد كامل الحصة المحلية في2023، لكن الشركة نفت ذلك في بيان للبورصة.
وأكد 3 مزارعين، تحدثت معهم المنصة، على توافر الأسمدة في الجمعيات الزراعية، واستلامهم كامل حصصهم المخصصة في الموسمين الصيفي والشتوي والتي تختلف باختلاف زراعتهم.
ونفى مصدر مسؤول بوزارة الزراعة، طلب عدم ذكر اسمه، عدم انتظام توريد الشركات لمقررات الوزارة من الأسمدة والبالغة 55% من كامل إنتاج اليوريا، مؤكدًا أن تسليم الحصص المتفق عليها مربوط بإمكانية التصدير.
ويقول المصدر بوزارة الزراعة "سعر الطن المدعم من اليوريا يبلغ 4800 جنيه، وهذا يوفر شيكارة السماد للفلاح بأقل من نصف ثمنها في السوق الحر، والتي ارتفعت أسعارها لأكثر من 500 جنيه خلال الشهور الأخيرة".