استطاع مصدرو مواد البناء في مصر تنمية مبيعاتهم في أربع دول بمعدلات تتجاوز الضعف خلال أول 5 أشهر من 2023، مقارنة بنفس الفترة من عام 2022، لأسباب من أبرزها الزلزال التركي وحرب روسيا وأوكرانيا.
وتأتي هذه الظروف مع مساعي المصدِّرين المصريين للتوسع في البيع للخارج لتدبير العملة الصعبة اللازمة لاستيراد مدخلات الإنتاج، في ظل ندرة المعروض من النقد الأجنبي، بحسب مصدّرُون تحدثت معهم المنصة.
لكن مجمل صادرات القطاع لم تزد بأكثر من 2% خلال أول خمسة أشهر من العام الجاري مقابل نفس الفترة من العام السابق، ما يعكس المنافسة القوية التي يواجهها المصدّرون، والتي ساهمت في تراجع قوي لصادراتهم في أسواق مثل الإمارات وكندا، كما يظهر في البيانات المنشورة على موقع المجلس التصديري لمواد البناء.
زلزال هنا وحرب هناك
"مصر استفادت من أحداث الزلزال التركي في تعزيز صادراتها، وكذلك زادت الصادرات لرومانيا بفضل الحرب الروسية الأوكرانية" كما يقول رئيس المجلس التصديري لمواد البناء والصناعات الحرارية، وليد جمال الدين.
وكانت تركيا أطلقت حملة ضخمة لإعادة الإعمار بعد الخسائر الكبيرة التي جنتها من زلزال في فبراير/شباط الماضي، ما خلق طلبًا قويًا على مواد البناء.
من جهة أخرى، ارتفعت تكاليف البناء بقوة في رومانيا، بتأثير من الحرب الروسية الأوكرانية.
"تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية تسببت في ارتفاع أسعار المواد العازلة والحراريات والأسمنت عالميًا، مما دفع العملاء في رومانيا للاتجاه إلى مصر بسبب أسعارها التنافسية خلال تلك الفترة"، كما يقول وكيل المجلس التصديري ورئيس شعبة المواد العازلة، محمد خطاب، لـ المنصة.
ويحاول القطاع طرق أسواق جديدة مثل ساحل العاج، في ظل ازدياد الحاجة للعملة الصعبة، وفقًا لجمال الدين.
ويضيف جمال الدين "يسعى المصدّرون المصريون للتوسع في سوق ساحل العاج منذ نحو عامين، واستطاعت مصر تحقيق معدلات نمو قوية في صادراتنا من حديد التسليح والأسمنت لهذا السوق".
العملة وسعر الطاقة
ويعتبر خطاب أن ثمة عوامل دولية ساعدت قطاع مواد البناء على التوسع في التصدير، حيث يشير إلى ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا خلال الفترة الأخيرة، الذي ساهم، بحسب قوله، في زيادة تكاليف الإنتاج في الأسواق المنافسة وجعل الصادرات المصرية أكثر تنافسية.
وشهدت أسعار الغاز العالمية طفرة خلال 2022، مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما أثر في تكلفة إنتاج مواد البناء، باعتبار العديد منها من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وكانت الحكومة ضاعفت سعر الغاز المباع لمصانع الأسمنت في أكتوبر/تشرين الأول 2022، ليصل إلى 12 دولار لكل مليون وحدة حرارية، بينما ظل حديد التسليح والبتروكيماويات والأسمدة يتمتعون بالسعر القديم الذي أُقرَّ في 2021 عند 5.7 دولار.
من جهة أخرى يشير رئيس غرفة المواد العازلة باتحاد الصناعات،كمال الدسوقي، إلى دور التعويمات المتكررة للجنيه في تخفيض سعر الصادرات المصرية في الأسواق الأجنبية، ومن ثم تعزيز تنافسيتها.
ومر الجنيه بثلاثة تعويمات، منذ مارس/آذار 2022، بحيث تضاعَف تقريبًا السعر الرسمي للدولار، عند 30.8 جنيه.
لكن بيانات المجلس التصديري تشير إلى أن مصدّري مواد البناء المصريين لم يتمكنوا من تحقيق معدلات نمو قوية في أكبر الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية، باستثناء تركيا، ما ساهم في الحد من الرقم الإجمالي لصادرات البلاد.
ليبيا لا تزال فرصة واعدة
يقول ممثلي قطاع مواد البناء إن ثمة فرص واعدة تبزغ في ليبيا هذه الأيام، قد تجعلها من أهم الدول المستقبلة لصادرات البلاد.
"المصدّرون المصريون استفادوا من عمليات إعادة الإعمار التي بدأت في ليبيا منذ عام 2022 في زيادة صادرات مثل الحديد والصلب، والرخام والجرانيت، والأسمنت والمواد العازلة والحراريات"، كما يقول الدسوقي.
ويشير خطاب إلى أن التقارب الجغرافي بين مصر وليبيا يعزز من تنافسية الصادرات المصرية، نظرًا لانخفاض تكلفة الشحن.
الجديد في السوق الليبية هو كارثة إعصار دانيال، الذي اجتاح شرق ليبيا في 10 سبتمبر/أيلول وتسبب في خسائر جسيمة، أبرزها في مدينة درنة، مع انهيار سدي "البلاد" و "بومنصور". وعلى إثر ذلك دعت ليبيا لمؤتمر دولي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل لإعادة إعمار البلاد.
وذكرت تقارير صحفية أن رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي، أسامة حماد، التقى خلال الشهر الجاري ممثلين عن الشركات المصرية في ليبيا بهدف تنسيق جهود إعادة الإعمار.
"من المتوقع المزيد من التعاقدات التصديرية إلى ليبيا خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد كارثة إعصار دانيال" كما يقول جمال الدين.
لكن جمال الدين يشير إلى أنه لا يزال غير واضح طبيعة السلع التي سيزيد عليها الطلب من لبيبا، لأن مخططات إعادة الإعمار لا تزال قيد التحضير.