في الأيام التي يعتزم فيها المجلس إسقاط العضوية عن بعض النواب، أو تمرير قوانين تصطدم ببعض الفئات، كان النواب حاضرين وجاهزين. لكن اليوم؛ فشل المجلس في استكمال النصاب القانوني لتمرير مشروع العلاوة لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية.
ورفع رئيس مجلس النواب، علي عبد العال الجلسة، مُعلنا عقد جلسة طارئة غدا الأربعاء. وطالب عبد العال جميع النواب بما فيهم من أدلوا بأصواتهم لللحضور من أجل استكمال النصاب القانوني اللازم للتصويت.
محاولة تمرير القانون أتت بعد ضغوط وشد وجذب مع الحكومة، أعادت بعده الأغلبية البرلمانية المداولات حول المادة الخامسة، التي سبق وقررت إلغائها في جلسة الأحد الماضي خلال مناقشة مشروع القانون.
بعد الإلغاء بادرت الحكومة للضغط من خلال التهديد بسحب مشروع القانون، وبالتالي وقف العلاوة، وهو التهديد الذي لوح به وزير شئون مجلس النواب، عمر مروان، منذ إلغاء النواب للمادة، بعدما رأى فيها بعضهم "ظلمًا" للفئات التي يشملها قانون الخدمة المدنية، لكون المادة - المأخوذة نصًا من قانون الخدمة المدنية- تقطع مبلغًا ثابتًا لعلاوة الفئات المعنية، بعد أن كانوا يتلقون تلك العلاوات كنسبة من إجمالي الراتب.
من الأحد للثلاثاء لم تنقطع الاتصالات والاجتماعات وضغوط الحكومة لتمرير القانون كما هو دون إلغاء للمادة الخامسة، التي تنص على: "يستمر العاملون بالدولة من غير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية المشار إليه بحكم المادة الأولى من هذا القانون، فى صرف الحوافز والمكافآت والجهود غير العادية والأعمال الإضافية، والبدلات وجميع المزايا النقدية والعينية وغيرها ـ بخلاف المزايا التأمينية ـ التى يحصلون عليها بذات القواعد والشروط المقررة قبل العمل بأحكام هذا القانون، بعد تحويلها من نسب مئوية مرتبطة بالأجر الأساسى إلى فئات مالية مقطوعة. على ألا يقل فى جميع الأحوال إجمالى الأجر المستحق للعامل، بعد العمل بهذا القانون عن ذلك الأجر الذى استحق له فى تاريخ صدور القانون".
وأعاد المجلس في جلسته اليوم المادتيين السادسة والسابعة المرتبطين بالمادة الخامسة. لكن الخلاف على هذه المادة أنتج العديد من المشاهد اللافتة تحت القبة، منها اضطرار رئيس المجلس لإلقاء كلمة، كما تسببت في مواقف مرتبكة داخل بعض الكتل البرلمانية، إلى جانب خلاف لائحي بين رئيس المجلس ورئيس الكتلة البرلمانية للمصريين الأحرار.
كلمة رئيس المجلس
بدأ عبد العال الحديث عن مشروع قانون العلاوة قائلا: "الشارع ينتظر إقرار قانون العلاوة لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، ولا علاقة للناس بالخلاف على النسب التي تشوب المادة الخامسة من مشروع القانون".
وتابع "لا يصح أن يكون نصف الجهاز الإداري خاضع لهذه المادة، والنصف اﻵخر غير خاضع لها، وإعمال قاعدة الإنصاف والمساواة والعدالة تقتضي خضوع من يوجد في مجلس قانوني واحد لذات القاعدة".
موقف "دعم مصر"
عقد المكتب السياسي لائتلاف دعم مصر - الائتلاف الأكبر تحت القبة- اجتماعا أمس الاثنين، لمناقشة مشروع القانون وتحديد الموقف منه. وأصدر الائتلاف بيانا، أكد فيه على أن الشغل الشاغل للائتلاف هو المواطن المصري وما يتحمله من ظروف معيشية صعبة. "ولذلك كان إصرار ائتلاف دعم مصر علي صرف العلاوة الاجتماعية لغير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية، بما يحقق العدالة بين الخاضعين وغير الخاضعين للقانون".
واعتبر الائتلاف أن "المصلحة العامة تقتضي الإبقاء على المادة الخامسة كما وردت في المشروع المقدم من الحكومة، مع أهمية صرف العلاوه بأثر رجعي. والتأكيد على عدم إضرار أي موظف أو عامل من تطبيق المادة، بحيث لا تقل مستحقاته المادية.. وأن عودة المادة تستهدف تحقيق العدالة بين جميع العاملين في الدولة وتجعل الجميع أمام تحمل الأعباء، كل علي قدر استطاعته دون المزايدة من أحد".
المصريين الأحرار
الحزب الذي يشكل الكتلة البرلمانية الأكبر بعد "دعم مصر"، وكان قد عقد اجتماعا قبل الجلسة العامة لتحديد موقفه من القانون والمادة الخامسة. وقال علاء عابد رئيس الكتلة البرلمانية للحزب في كلمته خلال الجلسة العامة: "إن تمسُّك الحكومة بالمادة الخامسة هو العدالة"، مشيرا الى أن نفس النص يطبق على العاملين الذين يشملهم قانون الخدمة المدنية.
خلال التصويت الذي تم نداءً بالإسم، لم تلتزم الكتلة البرلمانية بأكملها بالقرار، اذ امتنعت النائبة منى جاب الله عن التصويت، وتغيب نواب اخرين.
تكتل 25/30
كان الاتجاه التصويتي للتكتل معارضًا لمشروع القانون، فيما عدا النائب خالد عبد العزيز شعبان الذي حاد عن الموقف العام للتكتل وأعلن موافقته مع التحفظ على المادة الخامسة. فيما امتنع بقية أعضاء التكتل عن التصويت، واكتفوا بكلمة النائب محمد عبد الغني التي ألقاها في الجلسة، ليعلن فيها رفض نواب التكتل للمادة الخامسة.
قال عبد الغني في كلمته: "الإشكالية التي نمر بها، وقعت منذ الموافقة على قانون الخدمة المدنية". واعتبر أن الحكومة ليس لديها أي مرجعية لرقم الـ 18 مليار جنيه الذي تستند إليه في مطلب الإبقاء على المادة الخامسة، وترى فيه عبئًا على الموازنة في حال إلغاء المادة. وتساءل: "هذه المادة صوتت القاعة على إلغائها لماذا نعيد ماقشتها؟"
عبد العال VS عبد المنعم
ورغم اتفاقهما على الموقف من القانون ومادته الخامسة، شهدت الجلسة خلافًا بين رئيس المجلس ورئيس الكتلة البرلمانية للمصريين الأحرار علاء عابد، وذلك بشأن تفسير لائحة المجلس.
عبد المنعم كان غاضبًا من إعادة المادة للمداولة بعد حذفها وقال علاء عبد المنعم "نتحدث وتحضرنا جميعا والحكومة، اللائحة التي صدرت بقانون أقره المجلس، وهي التي تحكم أعمالنا، هذا المجلس أصدر قرارًا بتصويت جماعي بحذف المادة، ومن ثَم لا يجوز للحكومة طلب إعادة المداولة في مادة محذوفة". فصفق عدد من النواب متفقين مع رأي عبد المنعم، فعقب عبد العال "أرجو من الأعضاء... الكلام لم ينته بعد وهناك رأي قانوني عليه".
واستكمل عبد المنعم "النص اللائحي الذي استُنِدَ إليه في طلب إعادة المداولة لا يكون إلا في مادة منظورة أقرت الأغلبية تعديلها، أما المادة المحذوفة أصلا بقرار من المجلس وبتصويت جماعي لا يجوز للحكومة أو النواب طلب إعادة المداولة بشأنها".
وعقب رئيس المجلس: "من الناحية اللائحية، هناك فرق بين إعادة المناقشة وإعادة المداولة، ويبدو أن هناك لبس من النائب".
وبدأ عبد العال في شرح الفرق بينهما قائلا "إعادة المناقشة في ذات الجلسة، وإعادة المداولة قبل الموافقة النهائية، وأعتقد أن كتب القانون الدستوري لطلبة السنة الأولى تفرق بين إعادة المناقشة والمداولة".
واستطرد "المادة 72 من اللائحة تنص على مداولة ثانية في بعض مواد مشروع القانون سواء حذفت أو لا ".
واختتم عبد العال كلمته "على من يتكلم في اللائحة والدستور أن يلم إلماما تاما بهما، وبالسوابق البرلمانية وكل صغيرة وكبيرة، قبل أن يتحدث في ذلك. من السهل أن نتكلم في السياسة لكن من الصعب أن نتحدث في الدستور والقانون".
مشاكل في التصويت
شهدت الجلسة بعض المشاكل والارتباك الملحوظ خلال عملية التصويت منها:
نادى علوم حميدة مدير المكتب الفني لرئيس المجلس على النائبة ياسمين أبو طالب لتعلن قرارها التصويتي على مشروع قانون العلاوة الخاصة لغير الخاضعين لأحكام قانون الخدمة المدنية، رغم أنه سبق لها أن صوتت من قبل خلال الجلسة.
وحاول بعض النواب تنبيهه أنها صوتت من قبل، ولكنه رد قائلا "النائبة ياسمين أبو طالب لم تصوت". عقب ذلك طلب زعيم الأغلبية محمد السويدى الكلمة وقال: "النائبة ياسمين أبو طالب صوتت، فى حاجة غلط بتحصل هنا".
- النائب سيد حجازي قال خلال الجلسة إنه لم يصوت، موضحا أن رقم عضويته 147. لكن قال له مقرر الجلسة "أنت صوت بالموافقة"، فأوضح حجازي أنه كان خارج القاعة أثناء مناداة اسمه، مما يكشف عن تصويت شخص آخر مكانه، وقال حجازي "مين اللي صوت"، ليرد عبد العال "المهم موافق أم غير موافق؟".