أعادت جلسة تمرير قانون الطوارئ للذهن، مشهد تجديد حالة الطوارئ في عهد مبارك، وبرلمان 2005 الذي كان يرأسه فتحي سرور، باستثناء مشهد نواب الإخوان والمستقلين الذين صوتوا وقتها ضد تمديد الطوارئ.
اليوم لم يعترض أو يناقش أحد تقريبًا، ففي المجلس: "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة".
ظننت أن متابعتي لزوايا القاعة لم تكن كافية لأرصد موقف تكتل 25/30 من إعلان حالة الطوارئ، فأرسلت عقب التصويت رسالة إلى أحد أعضاء التكتل للتأكد من موقف الكتلة المعارضة فأجاب: "نعمين.. مع الطوارئ".
أما عن تفاصيل اليوم فغلبت عليها هي أيضًا حالة الطوارئ، بدءً من الترتيبات الأمنية في البرلمان الذي كان يستعد صباحًا لاستقبال رئيس الوزراء شريف إسماعيل، مرورًا بمناقشة تعديلات القانون ووصولاً للتصويت والموافقة.
كانت إجابة نواب البرلمان واضحة وقاطعة خلال التصويت المبدئي وقوفا، والتصويت النهائي برفع الأيدي على قرار رئيس الجمهورية. ليعلن بعدها رئيس مجلس النواب الموافقة بالإجماع على إعلان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر.
البداية كانت عبر البيان الذي ألقاه رئيس الوزراء شريف إسماعيل، على النواب وقال فيه: "أقول لأبناء مصر مسيحييه[م] ومسلميه[م]؛ إننا معكم قلبا وقالبا، نشعر بكم ونستشعر أحزانكم. والدماء التي سالت لن تذهب هباءً، بل تقوى إرادتنا لاجتثاث خطر الإرهاب واقتلاع جذوره نهائيا من أرضنا الطيبة". وشدد على أن الحكومة "تعمل على توفير أقصى درجات الرعاية والدعم لأسر الشهداء والمصابين".
واستكمل: "بات واضحًا للعيان أن مصر تواجه هجمة شرسة تستهدف النيل من أبناء الوطن. ولدى الدولة اليقين التام الذي لا يخالطه شك، بأن تلك الهجمة الإرهابية يقف ورائها من يقدم دعما". مؤكدًا أن من يقومون بهذه العمليات "يتلقون دعمًا ماليًا وتمويلاً بلميارات الجنيهات، ودعم لوجيستي من متفجرات وأجهزة اتصالات".
وأضاف "تلك الأعمال الإرهابية الخسيسة التي ارتكبها الإرهابيون، تستوجب اتخاذ إجراءات استثنائية؛ لتتمكن الدولة من حشد قواها"، واستطرد "الأمر معروض على ممثلي الشعب لإقرار ما يرونه بشانه".
وفور انتهاء إسماعيل من كلمته، دعا علي عبد العال إلى عقد اجتماع للجنة العامة للبرلمان، لإعداد تقرير بشان البيان الذي ألقاه رئيس الوزراء، على أن يُعرض على النواب في الجلسة العامة فور انتهاء اجتماع اللجنة.
وبعد مرور نحو ساعة إلا ربع الساعة، انعقدت الجلسة مرة أخرى وعرض النائب كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي تقرير اللجنة الذي أيد اعلان حالة الطوارئ وجاء فيه: "في ضوء الأحداث الإرهابية المتمثلة في التفجيرين في كنيسة مارجرجس في طنطا ومارمرقس في الأسكندرية، ووقوع ضحايا في صفوف الأمن والمدنيين على حد سواء؛ وفي ضوء ما تموج به المنطقة من أحداث وظروف دولية اقتضت العديد من التحديات غير المسبوقة، خلقت نوعا من عدم الاستقرار....". وهي مقدمة الأسانيد التي رأت اللجنة معها ضرورة الموافقة على فرض الطوارئ.
رسائل عبد العال
وقبل التصويت، وجه علي عبد العال رئيس المجلس عدة رسائل للمواطنين وللإعلام وقال "إن إعلان حالة الطوارئ يستلزم تحريك قانون الطوارئ للتطبيق، وهناك فقرة تم تعديلها في المادة الثالثة من قانون الطوارئ لمواجهة حالات معينة ولمواجهة ظروف معينة ولمواجهة حالة ضرورة"، في إشارة إلى المادة التي ناقشتها اللجنة التشريعية والتي وافق عليها النواب لاحقا في جلسة اليوم.
وأضاف عبد العال: "مبادئ الشرعية العادية كما هو معلوم تتوقف بإعلان حالة الطوارئ، وتبدأ الشرعية التي تفرضها حالة الضرورة التي تعمل بالقواعد الاستثنائية المنصوص عليها. في قانون حالة الطوارئ يتوقف كل ما هو عادي ويطبق كل ما هو استثنائي".
وتابع "لا يجوز التكلم عن ما هو موجود في القوانين العادية، حالة الطوارئ تُعلن للمحافظة على الدولة، والتي تعلو على كل القوانين بما فيها الدستور. هذه رسالة للمواطنين للطمأنة لا يمكن أن يمس قانون الطوارئ حياة المواطنين العادية وأي ملتزم بأحكام القانون".
واستطرد: "حالة الطوارئ لمواجهة خطر الإرهاب، هذا الخطر الذي يمتد ليشمل كل دول العالم، هذه مسئولية أخلاقية ووطنية ودستورية. ومفروض عليكم باعتبار أنكم ممثلين للأمة، عليكم التزام آخر توعية وتبصير المواطنين في دوائرهم".
وقال "إن إعلان الطوارئ لن تكون مثل الماضي، استمرت 30 سنة دون مبرر لفرضها". مضيفا "حاليا المبررات توافرت لفرض حالة الطوارئ، طبقا للدستور المبررات موجودة، وعلى الجميع أن يراعي مصالح الوطن العليا... عليه أن يخضع للإجراءات الأمنية المفروضة. وهذه إجراءات مقصود بها فئة ضالة معينة لابد من مواجهتها بإجراءات استثنائية".
وأضاف "حالة الطوارئ تستلزم من الجميع اليقظة والحذر، بما فيها وسائل الإعلام والصحافة. والالتزام بالمحددات الوطنية والدستورية. وبالمناسبة صدر القرار الخاص بتشكيل الهيئات الإعلامية، المجلس الأعلى للصحافة والإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام"
تحذيرات أمنية
في السياق نفسه طالب علي عبد العال أعضاء البرلمان بالتعاون مع الأمن والالتزام بتعليماته، منوها إلى وجود معلومات "لا يمكن أن أتجاوزها".
وقال "لابد من رفع سقف الأمن واجراءات الدخول للمجلس. أرجو التعاون تماما لمصلحتنا جميعا، لمصلحة المجلس والبلد، والإجراءات ليس فيها أي تقليل. المعلومات التي لدي تؤكد أنه لابد من رفع سقف الإجراءات الأمنية داخل المجلس. أرجو الالتزام بتعليمات الأمن".
تعديل قانون الطوارئ
فور الموافقة على حالة الطوارئ؛ بدأ المجلس في مناقشة تعديل بعض أحكام القانون التي ناقشتها اللجنة التشريعية ظهر اليوم. وذلك في إطار استكمال سلسلة من القوانين التي أخذ المجلس على عانقه الانتهاء منها في أسرع وقت ممكن.
وقام النواب بالتصويت على فقرات في المادة الثالثة للقانون التي ألغيت مادتها الأولى بقرار من المحكمة الدستورية العليا في يونيو/ حزيران 2013، والتي كانت تنص على إمكانية "القبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام، واعتقالهم والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية".
وتضمنت التعديلات إضافة المادتين "3 مكررا"، و"3 مكرر(أ)" إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارىء.
ونصت (المادة 3 مكررا) في مشروع القانون على أن :"لمأموري الضبط القضائي متى أُعلنت حالة الطوارئ التحفظ على كل من توافر في شأنه دلائل على ارتكابه جناية أو جنحة مع إخطار النيابة العامة بذلك، وما قد يحوزه بنفسه أو في مسكنه، وكافة الأماكن التي يشتبه إخفائه فيها أي مواد خطرة أو متفجرة، أو أسلحة أو ذخائر أو أي أدلة أخرى على ارتكاب الجريمة، وذلك استثناءً من أحكام القوانين الأخرى". كما نصت "المادة 3 مكررا (أ)"، على أنه :"يجوز لمحاكم أمن الدولة الجزئية طوارئ بناء على طلب النيابة العامة احتجاز من توفر فى شأنه دلائل على خطورته على الأمن العام لمدة شهر قابل للتجديد".
ووافق النواب على التعديلات، وأحالها رئيس المجلس إلى مجلس الدولة. ووجه عبد العال الشكر للأغلبية والمعارضة، وقال "عبر يومين، القضايا القومية التي عرضت كشفت عن معدن هذا الشعب، والنواب، لا فرق بين أغلبية ومعارضة عندما يستشعر الجميع الخطر، ما فيش فرق بين الأغلبية والمعارضة".