وأضاف عبد العال: "مافيش دولة تسمح بالفوضى، والمحكمة الدستورية حصنت هذا القانون من الألف للياء... ولذلك أتمنى أن نوافق على هذه المادة [العاشرة] مع رفض إجراء أي تعديل على قانون التظاهر".
في جلسة واحدة استمرت 4 ساعات مرر مجلس النواب قانون التظاهر، وقانون الهيئة الوطنية للانتخابات، وقرض صندوق النقد الدولي، وقانون الهيئات القضائية.
وباستثناء الأسبوع الأول الذي مرر فيه المجلس عشرات القرارات الجمهورية بقوانين التي صدرت قبل انعقاده، تعد هذه المرة الأولى التي يحسم فيها المجلس موقفه من كل هذا الكم من القوانين في جلسة واحدة ، ولكنها مرت بسلاسة باستثناء بعض المشادات والخلافات غير المؤثرة على التصويت النهائي الذي كاد ان ينتهي بالموافقة النهائية لولا غياب الأعضاء الذي عطل الحصول على النصاب الدستوري المقدر بثلثي أعضاء المجلس.
الهيئة الوطنية للانتخابات
وافق المجلس مبدئيا على مشروع القانون الخاص بالهيئة الوطنية للانتخابات، وقرر إحالة المادة 34 المتعلقة بالاشراف القضائي على الانتخابات إلى لجنة الشؤون التشريعية والدستورية مناقشات استمرت أكثر قليلا من نصف الساعة.
وبدأ كان المجلس بدأ أمس الأحد مناقشة مشروع قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، والذي أسفرت المناقشات المتعلقة به عن خلاف حاد في القاعة بشان الإشراف القضائي على الانتخابات، والذي اتحد نواب الأغلبية والمعارضة على التمسك به، رغم أن رئيس البرلمان حاول الدفع باتجاه إسقاط النص على ضرورة الإشراف القضائي.
وأسفرت الخلافات التي قادها موقف عبد العال، عن تحويل النائب هيثم الحريري للجنة القيم لاتهامه رئيس المجلس بـ"الاخلال" باللائحة، وهو النقد الذي لم يتحمله رئيس المجلس وأخذ تصويت الأعضاء على إحالة زميلهم للجنة القيم.
اليوم تجدد الحديث مرة أخرى عن الإشراف القضائي على الانتخابات، وعن النائب الذي "ارتكب جريمة سب وقذف مكتملة الأركان ضد رئيس المجلس"، بحسب تعبير عبد العال نفسه. وعند حديثه عن أزمة الأمس مع الحريري، قال عبد العال"اتُهِمْت من البعض أني لا أعرف دستور ولا أعرف لائحة".
وخلال تجدد الحديث عن الإشراف القضائي قال النائب أحمد السجيني "هذه المادة سببت لنا مشهد لم نكن نريده أمس، وأخشى أن تستمر وسط حالة الانقسام حول الإشراف القضائي، وهذا يحملنا مسؤولية كبيرة جدا".
وأضاف "أنا شهدت بالأمس سجال قانوني بين فقهاء نُقرهم، وأطالب بإحالة هذه المادة للدراسة المستفيضة في لجنة هادئة تضم خبراء، فالموضوع يحتاج هدوء أكثر من القاعة والجلسة العامة، نحن تأخرنا في هذا القانون لا يضر أن نتاخر 48 ساعة أخرى".
من جهته قال النائب عبد المنعم العليمي لعبد العال الذي يتخذ موقف رافض للإشراف القضائي ويعتبره غير دستوري "نحن نحترم رأيك الدستوري وأنت كنت أحد أعضاء لجنة العشرة، لكن نحن نقول دولة المؤسسات والذي يقول عدم دستورية هي المحكمة الدستورية العليا والطريق رسمه الدستور والقانون للطعن أمام المحكمة". فرد عليه عبد العال قائلا "شكرا سيادة النائب هذا كلام في السياسة".
أما النائب محمد أبو حامد قال "أنا لا أزايد على وجهة النظر التي قلتها بالأمس وتعلم ما أكنه من تقدير واحترام، لكن تجارب الانتخابات كانت قاسية جدا"، فقاطعه عبد العال "لو تكلمنا عن التجارب كان هناك تزوير".
واستكمل أبو حامد "ليس لدي عزوة وماليا على قد حالي ،وتجربتي الانتخابية في دائرتي.. بعد رحمة ربنا وإحسانه فما نفعني أن كان في قضاء"، واستطرد "كان في أماكن لا يمكن أن أدوسها بقدمي، لما كنت أذهب لبعض المدارس كنت أذهب وأنا متخفي"، وصفق عدد من النواب لأبو حامد بعد الانتهاء من كلمته.
وقال عبد العال "ضميري المهني يحتم علي ألا أكون جالسا على المنصة لآخذ التصويت على المادة"، وأوضح أنه ينتظر وكيل المجلس ليأخذ الرأي على هذه المادة.
ثم أعطى عبد العال الكلمة للنائب محمد السويدي زعيم الأغلبية الذي قال "بالأمس كانت كلمتنا واضحة قلنا لو ليس بها مخالفة دستورية نحن مع الإشراف القضائي"، فصفق النواب وحذر عبد العال من مخالفة اللائحة وقال "نفس طريقة الفوضى التي بدأت أمس من هذا الركن"، مشيرا الى يسار المجلس الذي يجلس فيه نواب تكتل 25/30. وأيد السويدي الاقتراح الخاص بإعادة دراسة المادة لضمان عدم مخالفة الدستور.
ووسط النقاش استرجع عبد العال الاتهام الذي وجهه له هيثم الحريري "بنفهم القانون الدستوري كويس جدا ودرسته في جامعات أجنبية، الذين يقولوا إننا لا نفهم في الدستور ولا اللائحة هذا أمر يدعوا للألم والحسرة على الوضع الذي وصل اليه عدد من النواب في المجلس".
قانون التظاهر
وافق المجلس على تعديلات قانون التظاهر، فيما أرجأ الموافقة النهائية على مشروع القانون لحين اكتمال النصاب القانوني، إذ كانت القاعة شبه خاوية.
كان عدد من النواب اتخذوا مواقفًا تدعو لمزيد من الحريات في قانون التظاهر إذ قال النائب علاء عابد، رئيس الكتلة البرلمانية للمصريين الأحرار، ورئيس لجنة حقوق الإنسان: "كنت أتمنى أن يعرض على لجنة حقوق الإنسان مع اللجنة التشريعية والأمن القومي".
وقال عابد إن "المجلس قدم الكثير من الهدايا للشعب المصري، منها قانون ترميم الكنائس، كنت أتمنى أن نقدم هدية للشعب الذي ثار وخرج في ثورة من أجل الحرية، ويكون قانون التظاهر بلا عقوبات سالبة للحرية، لأن العقوبات السالبة للحرية في قانون التظاهر تدل على أننا لم نتقدم في مجال الحريات".
وأضاف "حرية الرأي كالطيور، لا يمكن أبدا أن يمنعها مجلس أو كائن من كان من الطيران، ويجب أن يعاد النظر في الحبس في قانون التظاهر، خاصة أن من يخرج للشارع للتظاهر يخرج للتعبير عن رأيه، والشعب ظل لا يستطيع التعبير عن رأيه في وجود أنظمة مستبدة 60 عاما".
فرد عليه رئيس المجلس "أنا مقدر إنك رئيس للجنة حقوق الإنسان، لكن لا تنس أنه كان تحت بصر المحكمة الدستورية وانتهت المحكمة إلى دستورية هذه العقوبات".
الموقف ذاته تبناه النائب طارق الخولي الذي مازحه عبد العال "أنت بتحب تفرج عن الناس"، في إشارة الى دور الخولي في اللجنة الخاصة بالعفو عن عدد من السجناء على خلفية قانون التظاهر.
وقال الخولي "إن قانون التظاهر قد صدر في مرحلة كانت صعبة جدا، والغرض منه مجابهة الإخوان المسلمين الذين سعوا لوجود تظاهرات مستمرة في الشارع، وأضاف "لكن نحن أمام حالة من حالات الاستقرار النسبي في الشارع، وكان لابد من إعادة النظر في القانون".
وتابع الخولي "إن المحكمة نظرت مادة واحدة ، وهذا لا يمنع البرلمان من إعادة النظر في القانون كله وإعادة النظر في فلسفته".
لكن عبد العال رد قائلا "نحن في مرحلة تثبيت المؤسسات الدستورية وهذه مرحلة تستغرق وقت كثير جدا، خاصة في هذه المنطقة التي تموج بكثير من الأحداث، والمحكمة الدستورية قالت إن العقوبات تتناسب مع الجريمة".
من جهته رفض النائب مصطفى بكري إجراء أية تعديلات على قانون التظاهر غير المادة العاشرة التي أقرت المحكمة الدستورية بطلانها.
وقال بكري "أدعو كل من يطالب بإحداث تعديل آخر في قانون التظاهر أن ياتي لنا بالقانون الأمريكي والبريطاني، فالحرب على مصر مازالت موجودة".
وأضاف "مافيش دولة تسمح بالفوضى، والمحكمة الدستورية حصنت هذا القانون من الألف للياء، ولم تتحدث عن تغيير سوى في المادة العاشرة. ولذلك اتمنى أن نوافق على هذه المادة مع رفض إجراء أي تعديل على قانون التظاهر".
وأغلق رئيس مجلس النواب باب المناقشة على قانون التظاهر بعد مشادة مع النائب خالد يوسف. بعد أن طلب يوسف الكلمة وقال: "الحرية هي الفطرة التي فُطر عليها الإنسان قبل أن توجد الدساتير والدول، والدستور جاء لخلق ضمانات لازمة للوصول لحرية الإنسان وليس تكبيل هذه الحرية".
وأضاف "هذا القانون الظالم الجائر الذي طُبِّق على الشباب طوال السنوات السابقة، خلَّف وراءه اأاف الأسر المكلومة وساوى بين التنظيم الارهابي الذي خرج على المصريين بالسلاح وبين شباب نقي حتى لو اختلفتم معهم".
وشدد على أن اقتصار التعديل على المادة 10، "يكون تعديل مخل يختصر روح 25 يناير و 30 يونيو"، بحسب تعبيره. وأضاف يوسف العضو بكتلة 25/ 30: " لو المحكمة الدستورية قالت إن العقوبة دستورية لا يعني أن لا أعدلها، هذا حق المشرع، من حقه وفقا للظرف إجراء التعديل".
فرد عبد العال "المادة كانت محل الطعن والمحكمة قالت إنها مادة دستورية في خلاف بين الحكم وقراءتك للحكم، مثلما أنت رجل مخرج وتستطيع أن تبدع أيضا القانونيين يتكلموا، فقراءتك للحكم بمنظور سياسي".
فرد يوسف "أنا نائب لي الحق أن أقرأه بأي منظور. أنا نائب عن هذه الأمة وهذا حقي، لا تقول لي أنت مخرج". وبعدها انقطع صوت الميكروفون عن يوسف، واستطلع عبد العال رأي النواب في إنهاء النقاش العام والانتقال إلى التصويت على المواد وهو ما وافق عليه النواب الحاضرين.
قانون الهيئات القضائية
وافق المجلس على قانون الهيئات القضائية المقدم من النائب حلمي الشريف، وقرر إحالته إلى مجلس الدولة.
وشهد النقاش اعتراضات غير مؤثرة خلال التصويت الذي تم برفع الأيدي، وكانت البداية من النائب علاء عبد المنعم، الذي قال "إن الدستور ينص على أن يؤخذ رأي الهيئات القضائية في مشروعات القوانين المنظمة لشؤونها. هذا النص مفاده أن أخذ الرأي للجهات القضائية في مثل هذا المشروع أمر حتمي ووجوبي، ومن غير المتصور ألا نلقي أي بال لهذه الآراء".
وأضاف "الثابت يقينا أن جميع الهيئات القضائية رفضت هذا القانون، فهل يُتَصَوَّر أن يسن المجلس قانون يتعلق بها، ونغفل رأي هذه الجهات؟ هل هذا مبدأ الفصل بين السلطات الذي نصت عليه المادة الخامسة؟ هذا القانون يخالف روح نص المادة 185، هذا النص يخالف الوضع السياسي في مصر. نحن لسنا في حاجة لإشعال أزمات جديدة". فقاطعه عبد العال "تكلم في المادة الدستورية لا تتكلم في السياسية".
من جهته قال النائب أحمد حلمي الشريف، مقترح مشروع القانون "لم يصلنا بعد ردٌ مكتوب [من الهئيات القضائية]".
أما النائب أحمد للشرقاوي، فقال إن "المادة 185 [من الدستور] توجب أخذ رأي الجهات القضائية، وما يحدث مخالف لنص المادة... بما أنه لم يرد رأي مجلس القضاء الأعلى حتى الآن، والأمر متعلق بتعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس محكمة النقض، والدستور لم يحدد مدة، فكيف تقدرها هل يعود [التقدير] للمقرر واللجنة التشريعية ؟ لا طبعا".
فعقب رئيس المجلس علي عبد العال قائلا "أعتقد أن في مواضيع كثيرة أوجب الدستور أخذ الرأي فيها، وهذا لا يعني أن ننتظر الرد أولا أو نتبع ما جاء في الرد، الهدف من أخذ الرأي هو للاستئناس به، وليس هناك وجوب. وعلى أي شخص يتحدث يرجع للأعمال التحضيرية أخذ الرأي لا يعني أن نتبع ما انتهى إليه".
وأضاف عبد العال "القانون المعروض يخص إدارة مرفق القضاء، وليس عمل مرفق القضاء، ونحن تقدمنا على العديد من دول العالم في هذا الأمر".
وتابع "هذا المشروع لا شأن له بإدارة العدالة أو التدخل في شؤونها. إذا قورنت نصوص هذا المشروع بالنصوص القائمة المعمول بها سنجد أن النصوص الحالية الأقرب إلى استقلال القضاء".
من جهته قال النائب ضياء داوود إن النائب الذي تقدم بمشروع القانون أجرى عليه تعديلا كليا، ولم يرسل التعديل للهيئات القضائية، ولم يعرض عليها المشروع المعروض على النواب في الجلسة.
فرد عبد العال"أنا هنا السلطة التشريعية لو كل واحد قال لا تشرع، محامين وأطباء ومهندسين وأساتذه جامعة، سينتهي الأمر أننا نشرع لفئتين العمال والفلاحين فقط".
علاء عابد، رئيس الكتلة البرلمانية للمصريين الأحرار، قال "أنا هنا ساتحدث عن استقلال المجلس وحقه في التشريع".
أما زعيم الأغلبية النائب محمد السويدي فقال "من الأمس حصل نقاش كثير عن احترامنا للقضاء وإصرارنا على أنه يضمن لنا النزاهة، ومشروع القانون يضمن أكثر استقلالية القضاء، لما أطلع قانون أختار رئيس الهيئة من خلال ترشيح ثلاث أشخاص من بين أقدم سبعة نواب لرئيس محكمة النقض، بدلا من اختيار الأقدم وفقا للقانون الحالي، نحن نأخذ التعديل على عاتقنا لضمان استقلال القضاء أكثر".
فيما قال عبد العال "لو شعرت أن في واحد على عشرة في هذا القانون ما يمس استقلال القضاء، ما مررته في هذه الجلسة".
قرض الصندوق
في قاعة شبه خاوية لم يتواجد بها أكثر من 100 نائب على الأكثر، أعلن رئيس مجلس النواب ، موافقة المجلس على قرض صندوق النقد الدولي.
ولم تستمر المناقشة أكثر من ربع ساعة، تخللتها اعتراضات محدودة. إذ تحدث النائب ضياء الدين داوود منتقدًا حصول الحكومة على القرض قبل موافقة المجلس، وقال "ليس غريبا على هذه الحكومة أن تنتهك اختصاصات مجلس النواب، لقد أبرمت اتفاق بالمخالفة لنص الدستور".
من جهته قال النائب إيهاب الخولي موجها حديثه لرئيس المجلس " في الجلسة دي والقاعة دي والحكومة دي اتفاقية اليابان لما جت كان فات 100 يوم على توقيعها، وسيادتك قلت والنواب قالوا يجب احترام المجلس"، واستطرد "من أجل كرامة السلطة التشريعية أعبر عن رفضي واستيائي".
فيما عقب وزير المالية عمرو الجارحي: "لا يوجد عقد لقرض موجود بين طرف أول وبين طرف ثاني، لكنه برنامج إصلاح اقتصادى قدمته مصر تجاه وضع اقتصادى حرج".
وأضاف "الصندوق لا يسلف أحد، لكن لما بنعرض البرنامج وبيتفقوا معانا ، ومجلس إدارة الصندوق بيوافق عليه، فيُحول المبلغ على حسابنا".
وانتهت الاعتراضات إلى تمرير القانون على كل حال، من خلال تصويت الأعضاء الموجودين.