قبل أيام بدأت مصلحة الضرائب نشر حملة دعائية واسعة للتحذير من عواقب التهرب من ضريبة الثروة العقارية، في محاولة للاستفادة من عمليات التأجير الواسعة للعقارات خلال فصل الصيف.
وكانت الدولة أصدرت قانونًا في 2020 لتشديد الرقابة على التهرب من الالتزامات الضريبية، وبينما تسعى لاستغلاله هذا العام لحصر نشاط التأجير العقاري، لا يزال الكثير من ملاك العقارات لا يعلمون بأهمية الإبلاغ عن أنشطتهم، أو يخلطون بين أنواع الضرائب العقارية المختلفة.
ضريبة على الشركة والمصيف
في 31 يوليو/تموز الماضي، نشرت مصلحة الضرائب بيانًا موجهًا لملاك العقارات الذين يؤجرون وحداتهم، تخطرهم فيه بضرورة إخطار مصلحة الضرائب بنشاط التأجير الذي يقومون به، سواء كان إيجار مفروش أو محدد المدة، خلال ثلاثين يومًا من توقيع العقد، وإلا اعتبروا متهربين من الضريبة.
وأشار البيان إلى مخاطبته الأفراد الذين يمتلكون "وحدة سكنية أو وحدة مصيفية أو محل".
البيان جاء تطبيقًا لقانون الإجراءات الضريبية الموحدة، الذي أصدرته الدولة قبل نحو ثلاثة أعوام بهدف تشديد الرقابة على حالات التهرب الضريبي، والذي نص في المادة التاسعة منه على ضرورة إخطار مصلحة الضرائب بنشاط الإيجار السكني.
"حالات التهرب في تلك الضريبة تحدث دائمًا عند تأجير الوحدات السكنية، لأن كثيرين ممن يؤجرون شققهم لا يخطرون مأمورية الضرائب التابعين لها"، كما يقول مدير المكتب الفني السابق لرئيس مصلحة الضرائب، طلعت عبد السلام، للمنصة.
ويضيف عبد السلام "هناك تركيز من المصلحة خلال الفترة الحالية لمحاولة رفع الحصيلة الضريبية من تأجير الوحدات السكنية بعد الزيادة التى شهدتها قيمة الإيجارات مؤخرًا".
وبحسب تقرير لشركة بروبرتي فايندر المتخصصة في التسويق العقاري، ارتفع متوسط إيجارات العقارات السكنية في مصر خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 24% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
السماسرة لا يعرفون عنها شيئًا
وضريبة إيرادات الثروة العقارية، هي نوع من أنواع الضرائب على الدخل المفروضة على الأفراد أو الكيانات الاستثمارية، وبحسب اللائحة التنفيذية لقانون الإجراءات الضريبية من المفترض أن يقوم كل مؤجر عقار تنطبق عليه هذه الضريبة بملئ إقرار ضريبي معروف باسم "1 حصر " وإرساله للمصلحة.
لكن بسؤال أحد السمسارة بمنطقة مرسى مطروح، سامح البلكيمي، عن الضريبة، قال إنه لم يسمع بها، رغم عمله في هذه المهنة منذ سنوات طويلة.
ويُضيف البلكيمي للمنصة، أنه "ليس من المعتاد كتابة عقد بين المالك والمستأجر خلال فترة المصيف، فقط يتم تأجير الشقة لفترة زمنية معينة، يدفع خلالها المستأجر قيمة الإيجار، ورسوم التنظيف، ورسوم تأمين يستردها بعد انقضاء فترة الإيجار".
وعن أسعار إيجار الشقق بمطروح، يقول إن إيجار الشقق السكنية لفترة المصيف يتراوح بين 550 إلى 700 وحتى 1000 جنيه في اليوم، حسب حجم الشقة وموقعها وتشطيبها.
ويوضح مدير المكتب الفني السابق لرئيس مصلحة الضرائب طلعت عبد السلام أنه قبل الحملة الأخيرة كانت غالبية من يخطرون مصلحة الضرائب بنشاط الإيجار هم مؤجرو الوحدات الإدارية أو التجارية، لأن هذه الوحدات لها ملف ضريبي وبالتالي من السهل التعرف عليها، أما في الوقت الراهن فالمصلحة تسعى للتوسع في تغطية العقارات السكنية.
وتراهن الدولة على تحسين إيراداتها من "الثروة العقارية"، مع توقعات الموازنة العامة لسنة 2023-2024 بنمو إيرادات هذه الضريبة بنحو 15%، لكن تظل إيرادات هذه الضريبة محدودة للغاية إذ تمثل 1% من إجمالي إيرادات الضرائب المفروضة على الأفراد (الأشخاص الطبيعية).
ليست الضريبة العقارية
لا تعد ضريبة الثروة العقارية هي الضريبة الوحيدة المفروضة على الملكية العقارية، ولكن هناك نوعان آخران يحذر الخبراء من الخلط بينهما وبين هذه الضريبة.
هناك الضريبة العقارية، وهي ضريبة على الثروة المملوكة للأفراد، لذلك عليهم سداد قيمتها سواء كانوا يستخدمون العقار في السكن، أو يتركونه خاليًا.
وتُحتسب الضريبة العقارية كنسبة من القيمة الإيجارية السنوية للعقار، ويعاد تقييم العقارات كل خمس سنوات.
وسعر الضريبة العقارية 10% من القيمة الإيجارية السنوية، بعد خصم المصروفات التي يتكبدها المكلف بأداء الضريبة بما فيها الصيانة، وبدأ فرض هذه الضريبة في 2008 وهي امتداد لضريبة قديمة معروفة باسم "العوايد".
وهناك ضريبة ثالثة تحت اسم ضريبة التصرفات العقارية، آخر تشريع منظم لها هو تعديل في قانون الضرائب على الدخل تم في 2018، وتُفرض هذه الضريبة بنسبة 2.5% على قيمة التصرف (البيع) للعقارات أو الأراضي، سواء تم البيع بعقود مشهرة أو غير مشهرة.
كيف تُحتسب ضريبة الثروة العقارية؟
أما عن ضريبة الثروة العقارية فتُحتسب على نصف الإيجار السنوي، حيث يُخصم 50% من قيمة الإيجار باعتباره مصروفات وتكاليف.
"على سبيل المثال اذا كانت القيمة الإيجارية في الشهر 1000 جنيه فإجمالي الإيجار السنوي 12 ألف جنيه، وبالتالي تُحتسب الضريبة على ستة الآف جنيه فقط من إجمالي القيمة الإيجارية"، كما أوضح مستشار رئيس مصلحة الضرائب، سعيد فؤاد، للمنصة.
ويشير فؤاد إلى أن حد الإعفاء من هذه الضريبة هو 21 ألف جنيه، "على سبيل المثال في حالة إذا كانت إجمالي القيمة الإيجارية 120 ألف جنيه في السنة الواحدة، فإن الوعاء الضريبي لها 60 ألف جنيه، ويُخصم مبلغ 21 ألف جنيه من هذا المبلغ ثم تُحتسب الضريبة على المبلغ المتبقي"، يشرح فؤاد.
ولأن "الثروة العقارية" ضريبة دخل، فتُحسب نسبتها بنفس نسب ضرائب الدخل المفروضة على الأفراد الذين يطلق عليهم القانون اسم "الأشخاص الطبيعيين".
"سعر الضريبة يبدأ من 2.5% حتى 27.5% وفقًا لمستوى شرائح صافي الربح"، كما يقول فؤاد.
وكان البرلمان المصري وافق في مايو/أيار الماضي على رفع أعلى سعر لضريبة الدخل من 25% إلى 27.5%.
كما يظهر من تنويهات مصلحة الضرائب، فإن صيف 2023 قد يكون البداية لحصر قطاعات واسعة من مؤجري العقارات وإخضاعهم لضريبة الثروة، بل إن مسؤولي المصلحة يقولون إن المسألة لن تقتصر على الصيف فقط.
"الضريبة ليست موسمية كما يعتقد البعض"، يقول فؤاد، مشيرًا إلى اهتمام المصلحة بحصر ممولي ضريبة الثروة العقارية على مدار العام كله.