أبراج شاهقة بواجهة زجاجية، فيلات قائمة على أعمدة رومانية، وأخرى بطراز حديث بحمامات سباحة. هذه المشاهد وغيرها؛ ستقابلك وأنت تتجول في موقع شركة التسويق العقاري سيتي إيدج، المملوكة للدولة.
تعبِّر سيتي إيدج عن مرحلة تحول مهمة في نمط استثمارات الإسكان، من التركيز على إتاحة الإسكان الاجتماعي، إلى الدخول في منافسة مع مطوري القطاع الخاص على الإسكان الفاخر، وهو ما تطلب إنشاء شركة تحمل شعارًا باللغة الإنجليزية، وتستهدف عميلًا قادرًا على سداد 35 ألف جنيه قسط شهري أو أكثر.
يستعرض هذا التقرير أبرز مشروعات سيتي إيدج، ومدى نجاح الشركة المملوكة للدولة في تسويق وحداتها الفاخرة، بين طبقات لا تبحث عن مجرد السكن؛ ولكن تتطلع للرفاهية.
أبرز مشروعات سيتي إيدج
عند الإعلان عن تأسيسها في 2017، قدمت سيتي إيدج تقليعة جديدة بتنظيم حفل فني كبير، أحياه المطرب راغب علامة، وهو ما أصبح تقليدًا متكررًا فيما بعد بين الشركات العقارية المؤسسة حديثًا.
لكن الأهم من الحفل؛ هو طبيعة المشروعات التي عهدت لها وزارة الإسكان بتسويقها، والتي منحتها شهرة واسعة، بدءًا من أبراج العلمين الجديدة، والمجمعات السكنية في المنصورة الجديدة، وهي مجتمعات سكنية بدأ إنشاؤها في 2018، ضمن ما يعرف بمدن الجيل الرابع، مثلت مساحة للدولة للعمل في أنماط فاخرة من النشاط السكني والتجاري.
وأكبر مدن الجيل الرابع هي العاصمة الإدارية الجديدة، التي تتولى فيها سيتي إيدج تسويق وحدات كومبوند المقصد، الذي تتنوع وحداته بين المساكن الفاخرة والفيلات ذات الطرز العصرية.
"الشركة أعلنت منذ اليوم الأول أنها ستعمل في مجال الإسكان الفاخر فحسب، الإسكان منخفض التكلفة لا يحتاج لتسويق فهناك قائمة من مئات الآلاف من المواطنين ينتظرون وحداته" كما يقول خبير تسويق عقاري، لـ المنصة، طلب عدم ذكر اسمه.
"سيتي إيدج واحدة من مجموعة شركات عقارية كبرى تستحوذ هيئة المجتمعات العمرانية على نسبة ملكية كبيرة فيها، والتي تشمل أيضًا هايد بارك والسعودية المصرية، وجميعهم يخاطبون فئات طالبي الإسكان غير الاقتصادي (فوق المتوسط والمميز)"، كما يقول الشريك المؤسس لمؤسسة 10 طوبة، يحي شوكت، لـ المنصة.
وتملك هيئة المجتمعات العمرانية نسبة 75% في سيتي إيدج، بينما لبنك الإسكان والتعمير وإحدى شركاته التابعة حصة 25% من الشركة.
ويشير شوكت إلى أن التحول في طبيعة استثمارات الهيئة خلال الفترة الأخيرة؛ استدعى التوسع في هذا النمط من الشركات "حيث تمتلك الهيئة نحو 50 ألف وحدة وفيلا وتوين هاوس في الحيين الخامس والثالث بالعاصمة الإدارية الجديدة، وسجل أقل سعر للوحدة منهم خلال العام الجاري أكثر من 2 مليون جنيه".
وفي قلب العاصمة القديمة أيضًا كان لسيتي إيدج حضورًا قويًا، إذ استطاعت الحكومة أن تزيح السكان القدامى في منطقتي مثلث ماسبيرو وسور مجرى العيون، لتؤسس أبراجًا شاهقة ووحدات تجارية وسياحية، عهدت بها لذراعها التسويقية؛ سيتي إيدج.
بجانب دورها الواسع في التسويق العقاري، تتولى سيتي إيدج تطوير 3 مشروعات، يغلب عليها أيضًا الطابع الفاخر، وهي إيتابا، وإيتابا سكوير بالشيخ زايد، وV 40 بالقاهرة الجديدة.
في الوقت الراهن تحتل سيتي إيدج المرتبة الخامسة بين أكبر عشرة مطورين عقاريين، من حيث حجم المبيعات، لتصبح واحدة من أهم مصادر الإيرادات لهيئة المجتمعات العمرانية، لكن ذلك لا يعني أن طريقها كان ممهدًا بالكامل.
هل هي شركة ناجحة؟
فشلت سيتي إيدج في الترويج لمشروع الأبراج بمدينة المنصورة الجديدة خلال عامي 2020، و2021، وردّت مقدمات الحجز للعملاء الذين سددوا بالفعل. و كان السبب وراء ذلك هو سوء التخطيط للمشروع من البداية. وقال رئيس مجلس إدارة الشركة وقتها، أشرف سالمان، إن سكان المناطق المحيطة بالمنصورة الجديدة كانوا يتطلعون أكثر للوحدات السكنية التقليدية، لذلك ركز المشروع فيما بعد على استكمال مراحل الفيلات والشقق.
كذلك لم تبع الشركة وحدات في أبراج العلمين التي تُسوقها، والبالغ عددها 15 برجًا، سوى 20% من إجمالي الوحدات، بحسب مصدر مطلع على هذا الملف بهيئة المجتمعات العمرانية، تحدث لـ المنصة، طالبًا عدم ذكر اسمه.
تأتي محدودية الوحدات المباعة رغم الإقبال القوي على الشراء في أبراج العلمين، في بداية طرح الوحدات بها خلال 2018، والذي وصل بسعر المتر آنذاك إلى 42 ألف جنيه.
لم يكن ضَعف الإقبال هو السبب هذه المرة ولكن التضخم، إذ أحجمت سيتي إيدج عن طرح عدد كبير من وحدات أبراج العلمين في ظل القفزات المستمرة في أسعار مواد البناء مع التعويمات المتكررة للجنيه، وفضلت طرح الوحدات المنتهية فقط، حتى يتم تسعيرها وفق تكلفتها النهائية، كما أوضح المصدر بهيئة المجتمعات العمرانية لـ المنصة.
في المقابل استطاعت سيتي إيدج إثبات قوتها التسويقية في أبراج ماسبيرو، فاتجهت لطرح وحدات تجارية وإدارية في هذه الأبراج في بداية أبريل/نيسان 2022 بأسعار تصل إلى 160 ألف جنيه للمتر، وقبل نهاية الشهر كانت انتهت من بيع جميع الوحدات المعروضة.
الدولة كمستثمر خاص
بشكل عام، استطاعت سيتي إيدج تحقيق إيرادات سنوية فوق مستوى 10 مليارات جنيه، منذ بدء عملها في 2018، ويرى خبراء أن الشركة تتمتع بامتيازات خاصة من الدولة، وسط سوق عقاري يعاني من ضغوط التضخم والتعثر في تنفيذ المشاريع، ما ساعدها على تنمية إيراداتها بسرعة لافتة.
"تبعية سيتي إيدج لوزارة الإسكان تجعل العملاء يثقون في إتمام تنفيذ المشروع الذي تقوم بتسويقه" كما يقول مدير وحدة البحوث في شركة ذا بورد كونسالتنج، حازم حمدي، لـ المنصة.
ويضيف حمدي أن عملاء سيتي إيدج يستطيعون الحصول بسهولة أكبر عن التمويل العقاري "أي وحدات مملوكة لوزارة الإسكان تُعفى من شرط التسجيل في الشهر العقاري أو القابلية للتسجيل، حتى يحصل العميل على تمويل عقاري لشرائها، وهو ما جعل وحدات سيتي إيدج تستفيد من مبادرة المركزي في 2021 بتمويل وحدات عقارية بفائدة 3% فقط".
ويضيف حمدي أن سيتي إيدج تستفيد من الدعاية التي تقوم بها الدولة للمشروعات القومية، المسؤولة عن تسويق جانب كبير منها، وهي تشارك في معارض خارجية كجزء من وفد وزارة الإسكان المصرية.
منافس للقطاع الخاص
لا تقتصر الانتقادات الموجهة لنموذج سيتي إيدج؛ على كونه يعبر عن تغير في توجهات هيئة المجتمعات العمرانية نحو توجيه قدراتها للإسكان الفاخر، ولكن كون الشركة تنافس القطاع الخاص منافسة غير عادلة.
"المساهم الأكبر في الشركة هو جهة الولاية على أغلب أراضي التطوير العقاري في مصر ،هيئة المجتمعات العمرانية، بكافة المدن الجديدة، والمناطق السياحية أيضًا بعد انتقال تبعية هيئة التنمية السياحية لوزارة الإسكان قبل نحو عامين، وهو ما يمكنها من الحصول على أفضل قطع الأراضي بأفضل الأسعار وبشروط ميسرة" كما يقول خبير تسويق عقاري، لـ المنصة، طلب عدم ذكر اسمه.
ويرى خبير التسويق العقاري أن دور سيتي إيدج "يضر بالمنافسة ككل خاصة مع أوضاع السوق العقاري المضطربة حاليًا، التي تتسبب في تعثر العديد من المطورين في التنفيذ وتسليم الوحدات".