بنجامين والاس ويلز
ترجمة عن النيويوركر
قبل عام من انتخابه، وفي لقاء إذاعي مع ستيف بانون، قال دونالد ترامب: "لديّ شعور قوي حيال ذلك. عندما يذهب شخص ما إلى جامعة هارفارد أو ييل أو برنستون أو بن أو ستانفورد أو أي من الجامعات الكبرى، ويتخرج، ولا يتخرج فحسب بل يكون من الممتازين، ثم نرميه خارج البلاد ولا يتمكن من العودة، أظن أن ذلك شيء بشع. علينا أن نُبقي الناس الممتازين في هذا البلد. علينا أن نخلق صانعي وظائف".
سَرَد ترامب القصة التي سمعها، عن شاب التحق بهارفارد وأراد أن يبقى في الولايات المتحدة ولكنه لم يستطع، ثم عاد إلى الهند، حيث أنشأ "شركة ناجحة للغاية" بحسب قول ترامب. "أراد أن يفعل ذلك. علينا أن نكون حريصين يا ستيف. علينا أن نُبقي الناس الموهوبين في هذا البلد". بدا المرشح مهتمًا بالطريقة التي سيرد بها المذيع: "أعتقد أنك تتفق معي. ألا تتفق معي يا ستيف؟".
لم يوافق بانون. وتطوع بذكر حقيقة مختلفة – أنه من ثلثين إلى ثلاثة أرباع الموظفين التنفيذيين في وادي السيليكون من "جنوب آسيا أو آسيا". (وهذه ليست حقيقة). قال بانون: "البلد تتجاوز كونها مجرد اقتصاد. نحن مجتمع مدني". كان هناك أخذ ورد. ذكّر بانون ترامب بأن "عليك أن تتذكر بأننا شبكة برايتبارت اليمينية، نحن المتبجحون الجهلاء، بالتالي نحن دومًا على يمينك سياسيًا في هذا الأمر".
كان هذا حوارًا مبكرًا بين الرجل الذي سيصير رئيس الولايات المتحدة، والرجل الذي سيُعيَّن كبير مخططيه الاستراتيجيين. كان ترامب وبانون يجربان نظرياتهما على بعضهما. المرشح كان يختبر اليمين الوطني، الذي يعرفه فقط بالحدس. والمتبجح الجاهل كان يختبر الرجل الذي سيصير بطله. العديد من التزامات ترامب كانت واضحة بالفعل، وكان حتى هذه اللحظة أبرز الجمهوريين الوطنيين المشاركين في السباق الانتخابي، هو الذي بنى ترشحه على العداء لـ "المهاجرين غير الشرعيين". حتى في تلك الحالة، كانت هناك فجوة حقيقية فَصَلَت بين موقف ترامب وموقف بانون. وَصَف ترامب شخصًا اعتبره المهاجر المرغوب فيه، المهاجر الذي يحتاجه البلد؛ ريادي أعمال هندي أمريكي شاب تخرج من هارفارد بدرجات عالية. بالنسبة لبانون، المسألة لا تتعلق بإذا كان المهاجرون يسهمون في المجتمع ولكن هل يُغَيِّر المهاجرون من طبيعة "المجتمع المدني". ما يتبقى من السؤال الآن، بعد منع السفر، هل الفجوة بين وجهتين النظر ما زالت قائمة؟
المصلحة الوطنية
القرار التنفيذي الذي أصدره ترامب يوم الجمعة قبل الماضي الذي مَنَع جميع اللاجئين والناس الذين بحوزتهم جوازات سفر من سبعة بلاد ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة، قيل إنه يهدف إلى منع الإرهاب، ولكن هذا لم يكن مقنعًا على الإطلاق. لاحظ الكثيرون أن القائمة تخلو من السعودية، وهي موطن معظم المتورطين في هجمات 11 سبتمبر، في هذه الأثناء، لا يوجد شخص واحد من البلدان السبعة المتضمنة في القرار ارتكب جرائم قتل إرهابية في الولايات المتحدة منذ عام 2001. ضمت القائمة دولًا شيعية وسنية، بلاد تعمل حكوماتها بجانب الولايات المتحدة، وبلاد تعتبر عدوة صريحة لها. والمؤسسات التي كان يمكن أن تساعد في قياس الخطر التي قد تجلبه بلدان بعينها، ومن ضمنها وزارة الأمن الداخلي ووزارة الخارجية، لم تُستَشَر في القرار. قيل إن من كتب القرار هو مستشار سياسي شاب للرئيس هو ستيفن ميلر، بالإضافة إلى بانون.
في يوم الثلاثاء، نقلت الواشنطن بوست أن هناك مسودة قرار تنفيذي آخر عن الهجرة يتم تداوله في البيت الأبيض. لا نعرف إذا كان الرئيس سيوقعه أم لا، ولكن المسودة تجعل نظرة الإدارة الجديدة للمهاجرين أكثر وضوحًا. وفقًا للواشنطن بوست، فمسودة القرار المتداول ستسحب تأشيرات العمل من ذوي الجنسيات الأجنبية الذين لا تصب وظائفهم في "المصلحة الوطنية". سيجعل هذا وزارة الأمن الداخلي تنظر في إمكانية طرد مهاجرين شرعيين تلقوا دعمًا عامًا في الأعوام الخمسة الأولى من مجيئهم. يحتاج القرار أيضًا من وزارة الأمن الداخلي أن تصدر تقارير نصف سنوية عن عدد العمال الذين ولدوا في بلاد أجنبية لتؤكد إذا كان وجودهم شرعيًا أم لا.
إحدى العناصر الأساسية المثيرة للغضب في منع المهاجرين الأول هو أنه لا ينطبق فقط على المهاجرين الجدد والطلاب والمسافرين من تلك الدول ذات الأغلبية المسلمة، ولكنه ينطبق أيضًا على الناس الذين يحملون البطاقات الأمريكية الخضراء – السكان الشرعيين المقيمين في الولايات المتحدة – الذين جاءوا في الأصل من تلك الأماكن. بعض من حاملي تلك البطاقات الخضراء يعيشون في الولايات المتحدة بشكل شرعي منذ عقود. مع نهاية الأسبوع، تراجعت الولايات المتحدة، وقالت إن المنع لم يعد ينطبق على الناس الذين يحملون البطاقات الخضراء. للحظة، بدا أنه من الممكن أن استهداف المهاجرين الشرعيين لم يكن هو الذي تفكر فيه الإدارة الجديدة أو تقصده، إنما هو جزء من فوضى تلك الأيام المبكرة من إدارة ترامب.
مسودة القرار تجعل الأمر عسيرًا على التصديق. مثل الإقصاء المبدئي لحاملي البطاقات الخضراء، تبدو فلسفة القرار أنها تُغيِّر التمييز القديم الذي حَكَم السياسات المحافظة تجاه الهجرة؛ كان التمييز بين هؤلاء الموجودين هنا بشكل شرعي وهؤلاء الموجودين بشكل غير شرعي، وتحول إلى تمييز أكثر قبحًا بين هؤلاء الذين وُلدوا هنا وهؤلاء الذين لم يولدوا هنا. تعامُل الإدارة مع الهجرة لا يبدو أنه لا يتعلق بالإرهاب أو الوظائف، إذ أن الحجاب سقط على مراحل هذا الأسبوع.
فقدان المواهب
في ظهيرة يوم الإثنين، نظَّم ألفين موظف في جوجل في فروعها بجميع أنحاء العالم إضرابات متزامنة اعتراضًا على قرار ترامب التنفيذي. المشهد الرئيسي كان في مقر الشركة بمدينة ماونتين فيو، حيث تحدث العديد من المديرين التنفيذيين بالشركة، تحدث مروان فواز، المهاجر من لبنان، والذي يدير شركة نيست الفرعية، وساندار بيشاي، المهاجر من الهند، والمدير التنفيذي بجوجل، وسيرجي برين، المهاجر من روسيا، وهو واحد من الاثنين المؤسسين لجوجل. كان يومًا مشرقًا في كاليفورنيا، ارتدى بيشاي وبرين ملابس غير رسمية ونظارات شمس. وجودهم جعل المظاهرات مؤثرة بشكل خاص: لم يأتوا فقط من قلب السلطة الاقتصادية، ولكنهم كانوا يتحدثون الإنجليزية بلهجة غريبة قليلًا.
برين، الذي حضر المظاهرات المبكرة في مطار سان فرانسيسكو الدولي، قال إنه شعر بغضب شخصي كلاجيء. قال برين: "جئت هنا إلى الولايات المتحدة مع عائلتي، في عمر السادسة، قادمًا من الاتحاد السوفيتي، الذي كان في هذا الوقت أعظم عدو للولايات المتحدة – وربما ما زال كذلك بشكل ما. في ذلك الوقت، كانت هناك خطورة في أن تُدخِل هؤلاء الأجانب القادمين من بلد قد يتجسس عليك، وأن يعرف أسرارك النووية، وكانت هناك حوادث تجسس عديدة – تلك المخاطر كانت أعظم من مخاطر الإرهاب التي نواجهها اليوم، ولكن مع ذلك، كان هذا البلد شجاعًا ومُرَحِّبًا". أضاف برين أنه إذا لم تكن الولايات المتحدة "بلدًا شجاعًا، وقف في صف الحرية ودافع عنها، لم أكن أصل إلى المكانة التي أنا عليها الآن ولم أكن سأعيش نمط الحياة الذي أعيشه اليوم". لم يكن برين بحاجة إلى أن يقول إن جمهور مستمعيه لم يكن ليحظى بوجود شخص يوظّفه، وأن بقيتنا كان سيعيش بدون جوجل.
كان هذا جزءًا من سرد برين للعلاقة بين جوجل والولايات المتحدة، التي تمثل الموضوع الذي يشعر فيه الموهوبون بأنهم آمنون ومرغوبون. هذا الذي يجعلك تتعجب من طبيعة نظرية بانون ونظرية ترامب.
أمريكا بدون آبل
المظاهرات ضد حظر ترامب للسفر كانت غاضبة، وجاءت من زوايا مخلفة. إحدى التيارات الرئيسية جاءت من الجامعة ورواد صناعة التكنولوجيا مثل برين، إذ يرون أن البلد يخاطر بالتعرض لنزيف في العقل. على المدى القصير يكلفنا المنع عدم اجتذاب المواهب والابتكارات، وعلى المدى الطويل، سيكلفنا وفرة الوظائف وعدم تحقيق التميز. يُذَكِّر العديد من الناس بعضهم أن أبا ستيف جوبز مهاجر سوري. في موقع فينتوربيت، وضع آدم جهراماني قائمة لأعمال التكنولوجيا التي تدين بوجودها إلى الأمريكان الإيرانين، إي باي بالتأكيد، وتندر، ويمكن أن نقول أوراكل وتويتر. رؤساء الجامعات قلقون من أن المواهب العلمية المولودة في أرض أجنبية والذين يساهمون في العمل في المدارس ويقودون البحث والابتكار، سيفكرون في التوجه إلى بلاد أخرى. عبّر بعض الجمهوريين عن قلقهم وتساءلوا ما الذي سيحدث لنظام الرعاية الصحية إذا أُقصي الأطباء والممرضون والباحثون المولودون في أرض أجنبية أو عُزِلوا. عبر المدير التنفيذي لشركة فورد عن اعتراضه، وكذلك المدير التنفيذي لبنك جولدمان ساكس. وهناك قلق مواز لدى القطاعات الأقل نخبوية. يقول عنوان رئيسي لوول سترين جورنال: "مدن وسط الغرب وحزام الصدأ تقول إنها بحاجة إلى المهاجرين". في اقتصاد كبير كاقتصاد أمريكا، يعيد ابتكار نفسه على الدوام وعلى كل المستويات، يحتاج الأمر إلى دفقات متجددة من الناس.
ولكن إذا كان البيت الأبيض مهتمًا بترحيل المهاجرين الشرعيين الذين يحتاجون إلى مساعدة عامة، أو يحصر عدد العمال الذي وُلدوا في أراض أجنبية بغض النظر عن شرعية هجرتهم، فليس من المؤكد أن الحجج القادمة من وادي السليكون ستؤثر في المسؤولين به. إذا بدأ المهندسون والعلماء في الموهوبون في مغادرة البلاد لأماكن أخرى، هل سيزعج هذا البيت الأبيض؟
تيم كوك، المدير التنفيذي لآبل، الذي قيل إنه يفكر في اتخاذ مسار قضائي ضد إدارة ترامب بسبب القرار، قال إنه يتحدث مع "ناس كبار للغاية" في الإدارة عن أهمية المهاجرين لآبل وللبلد. ما يريد معرفته من تلك الحوارات هو هل ما زال الرئيس يعتقد أن الفوائد التي يجلبها المهاجرون إلى أمريكا جزءًا أساسيًا من حساباته، مثلما كان الحال منذ 15 شهرًا، أم أن الوضع تغير؟