هتافات مصرية تيران وصنافير داخل مجلس الدولة- خاص للمنصة- تصوير: صفاء سرور

ما كان من يوم الحُكم.. احتفالات "تيران وصنافير" تنعش قلب القاهرة

منشور الاثنين 16 يناير 2017

 

يوم بدأ بالترقب والقلق، داخل قاعة 12 بمجلس الدولة، حيث انعقدت جلسة دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، لإعلان القرار الفاصل في الطعن المُقدم من الحكومة المصرية على حكم بطلان اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وانتهى بسعادة غمرت حضورها، فرحًا بالحكم الذي انتصر لمصرية جزيرتي تيران وصنافير.

اليوم الذي أعلنت فيه مصرية الجزيرتين، بدأ كذلك باستنفار من مختلف الجهات، الحكومية والحقوقية والسياسية، وانتهى باحتفالات لم تقتصر على الشوارع المحيطة بمقر مجلس الدولة، بل امتدت إلى مقر حزب العيش والحرية (تحت التأسيس)، حيث انتهى اليوم بعقد مؤتمر صحفي، لعرض حيثيات الحكم القضائي.

صباح غير عادي

هكذا يمكن أن توصف بداية 16 يناير/ كانون أول، بالنسبة لمن مروا بحي الدقي- مقر مجلس الدولة-، الذي شهد تعزيزات أمنية منذ ساعات الصباح الباكر،  بدت في انتشار سيارات الأمن المركزي والعمليات الخاصة ووحدات التدخل السريع، بدءً من محطة مترو الأوبرا- على أقل تقدير- وصولاً لمجلس الدولة.

                              

قوات الأمن المركزي والعمليات الخاصة أمام مقر مجلس الدولة اليوم- خاص للمنصة- تصوير: صفاء سرور

وانتشر على جانبي الطريق جنود وضباط وقيادات أمنية، فضلاً عن عناصر من قطاع المرور، كما تمركزت سيارتي إسعاف وإطفاء أمام مبنى المجلس. ولم تسمح قوات الأمن التي طوقت بوابة المبنى بمرور أي شخص إلا ببطاقة هوية، تُبيِّن جهة عمله وطبيعتها.

الاستنفار الأمني تكرر بصورة أكثر تشددًا، أمام القاعة 12، التي لم يسمح سوى لعدد محدود من المتضامنين والنشطاء بدخولها لحضور الجلسة، أما الإعلاميين فكان دخولهم بموجب ورقة "تفويض" لتغطية الجلسة، لم يتنازل مسؤولو تأمين القاعة عن شرط إبرازها. وكانت تلك التضييقات سببًا في إثارة غضب المحامي الحقوقي خالد علي، الذي دخل في مشادة كلامية مع مسؤولي القاعة، احتجاجًا على هذه "المهازل".

دقائق فاصلة

بعد انتظار امتد لقرابة نصف الساعة حتى العاشرة و45 قيقة تقريبًا، لم يعلو أي إحساس فيها فوق الترقب والقلق، قطع ضجيج سارينة سيارات الشرطة، المتسلل إلى القاعة، إعلان انعقاد هيئة المحكمة.

اقرأ أيضًا: تيران وصنافير.. الفخ الذي صنعه السيسي فوقع فيه

 وبعد جلوسه للمنصة، تحدث المستشار أحمد صالح الشاذلي، نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس المحكمة، عن مسار القضية منذ بدايتها وحتى اليوم، وانتقل من فوره إلى منطوق الحكم الذي جاء فيه:

"استقر في عقيدة المحكمة أن سيادة مصر على تيران وصنافير مقطوع بها، وأن دخول الجزيرتين ضمن الأراضي المصرية ما انفك راجحًا رجحانًا يسمو لليقين، وذلك كأثر لسيادتها المستقرة من ناحية، وأن الحكومة لم تقدم ثمة وثيقة أو شيء آخر يغير أو ينال من هذا اليقين". وعندما أشارت عقارب الساعة إلى 11 ظهرًا، نطق المستشار "الشاذلي" بتلك العبارات، معلنًا و"بإجماع الآراء" تأييد حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، ورفض طعن الحكومة عليه.

لم يُكمل "الشاذلي" منطوق وحيثيات الحكم، بعد أن ضاع صوته وسط هتافات حضور الجلسة والمحامين "عيش، حرية، الجزر دي مصرية"، والتي توقفت للحظات، عندما علا صوت هيئة الدفاع بالنشيد الوطني، الذي ردده خلفه الحضور، في لحظات سجلتها الكاميرات والهواتف المحمولة، حتى تلك الخاصة بأفراد الشرطة، الذين لم يُخفِ بعضهم ابتسامته بعد الحكم.

ومن الطابق الثاني، حيث القاعة 12، وصولاً لبوابة مجلس الدولة، ثم شارع شارل ديجول، صاحبت الزغاريد والهتافات خروج المحامين في طريقهم لمقر حزب العيش والحرية. ولم ينس المحامون والمتضامنون الثورة المصرية، بهتاف "يناير ظلموها، وأولاد الثورة صانوها"، في إشارة إلى انتماء المدافعين عن مصرية الجزيرتين إلى معسكر 25 يناير.

لم يخل الأمر من مناوشات، بين أفراد الأمن، الذي حاولوا فض تجمع المحتفلين أمام مجلس الدولة، وحصروا وجودهم في شارع أمين الرافعي، وخلف حواجز حديدية، منعوهم من تخطيها إلى الشارع الرئيسي.

 

الأمن يطوق عدد من المحتفلين بالحكم، في شارع أمين الرافعي، أمام مجلس الدولة- خاص للمنصة- تصوير: صفاء سرور

ولم يطل مقام المحتفلين هناك، إذ تحركوا في مسيرة رددوا فيها هتافات "يسقط حكم العسكر" و"لساها ثورة يناير"، للحاق بمؤتمر عقدته هيئة الدفاع الحقوقية، في مقر حزب العيش والحرية (تحت التأسيس).

اقرأ أيضًا: طعن ورد واستشكالات.. دليلك لفهم"قضايا" تيران وصنافير

"مكملين"

بدا مقر حزب العيش والحرية، ضيقًا جدًا، أمام الحشود التي تجمعت لحضور المؤتمر الذي غلب عليه الطابع الاحتفالي، واختتمه الحقوقيون والنشطاء بترديد النشيد الوطني، كما كان في المحكمة.

ولفت المحامي الحقوقي خالد علي، بعد تلاوته حيثيات الحكم، إلى أن ممثل مصر في التوقيع على الاتفاقية هو رئيس مجلس الوزراء، لكن مجلس الوزراء لا يتحمل وحده مسؤولية التفريط، موضحًا أنه من الأساس لا يحق لرئيس الوزراء التوقيع، الذي كان مفترضًا أن يكون لرئيس الجمهورية. معتبرًا ما حدث "تدبيسًا" أي (توريطًا) للمهندس شريف إسماعيل. مذكرًا بأن وزير الدفاع رفض التوقيع.

وأكد "علي" أنه استنادًا لنص المادتين 1 و151 من الدستور المصري وغيرهما، "الأراضي المصرية لا يجوز التنازل عنها"، وإن أي وثيقة توقع في هذا الشأن هي "باطلة، وقّعها من لا يملك، وأعطى لمن لا يستحق، أرضًا لا يجوز التنازل عنها. وهذا ما قالته المحكمة".

وشدد المحامي الحقوقي على أن البرلمان المصري لا يجوز له مناقشة الاتفاقية، وأن أي عرض على البرلمان لوثيقة ستكون باطلة، وأن البرلمان لا يجوز له التنازل عن هذه الأرض، متعهدًا في حالة وقوع أي من الافتراضات السابقة، بتصدي فريق الدفاع نفسه للأمر، بالقانون.

 

هيئة دفاع تيران وصنافير خلال انعقاد مؤتمر حزب العيش والحرية

ونظر المحامي الحقوقي ناصر أمين، رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء، إلى الحكم، باعتباره "لحظة فارقة، تؤسس لإمكانية مُساءلة كل من تورط، بالقول أو الفعل، أو التوقيع على أي مستند ينفي مصرية الجزيرتين".

وفي هذا الصدد، أكد المحامي الحقوقي طارق العوضي، أن هيئة الدفاع تعتزم مُلاحقة "كل من وقَّع أو طلب التوقيع أو روج للتنازل عن الجزيرتين، أو ساهم في تزييف الوعي". ولم يستثن من هؤلاء رئيس الجمهورية، وذلك بتهمة "الإضرار بوحدة الوطن وسلامة أراضيه".

وفي أوج الاحتفالات، لم يغب المسجونين بسبب مظاهرات "جمعة الأرض" وعيد تحرير سيناء وغيرها من التظاهرات المدافعة عن مصرية الجزيرتين عن بال حضور المؤتمر. فأجاب المحامي زياد العليمي على سؤال أحد الحاضرين عن الموقف القانوني الحالي للسجناء بعد حكم مصرية "تيران وصنافير" بقوله: "إن قضاياهم بتحقيقاتها ومحاكماتها، لاتزال منظورة، لأنهم متهمين بمقتضى قانون التظاهر".

اقرأ أيضًا: دمٌ.. رشوة وجزيرتان.. حدوتة مصرية