الأمس؛ كان وسيظل يومًا تاريخيًا في سجل مجلس نواب ما بعد 30 يونيو، فقد تذكر رئيس المجلس للمرة الأولى دوره ودور المجلس في مراقبة آداء الحكومة ومحاسبتها، ليخلع عبد العال عباءة الدفاع المستمر والتماهي مع الحكومة، ويبدأ في توجيه بعض الانتقادات لأدائها، على خلفية أزمة السيول التي أدت لسقوط العديد من الضحايا في البحر الأحمر والصعيد.
وأعلن علي عبد العال عن تشكيل لجنة لزيارة المحافظات المتضررة من السيول، وتحديد مسئولية الوزارات المُقصِّرة التي تسببت في الكارثة. وقال "إن هذه الواقعه لن تمر مرور الكرام".
مطالبات بمحاسبة الحكومة
خلال الجلسة العامة؛ وجه النواب سهامهم للحكومة، وطالبوا بمحاسبة المسؤولين بدءً من كبار المسئولين في الوزارات المعنية بالتصدي للسيول، مرورا بالوزراء، وانتهاءً برئيس الوزراء.
النائب محمد السويدي زعيم الأغلبية- رئيس ائتلاف دعم مصر- استنكر خلال كلمته أداء الحكومة، التي كانت لديها معلومات بتوقيتات وأماكن محددة لهطول السيول، وقال "عندي تحفظات على الاستعدادات، والتحذيرات غير مناسبة لحجم الموضوع وحجم السيول. لم نر دفاع مدني وأماكن إيواء عاجل تحسبًا للمواجهة، الموضوع معروف وغير مفاجئ".
النائب مجدي ملك قال: "في البلاد المتقدمة السيول والأمطار نعمة، وفي مصر نقمة وخسارة. والسبب [هو] انعدام الضمائر والذمم التي خربت لدى المسؤولين في وزارات التنمية المحلية والنقل والري. وأطالب بتحقيق شامل لكل المسؤولين ومحاسبة المقصرين في كل الوزارات المعنية".
النائب زكريا حسان قال "إن ما حدث ليس سيول، ولكن الكارثة بفعل فاعل؛ من سنة 1995 كان مفترض إنشاء مخر للسيول، لأسباب عندهم عملوا سد غير مطابق للمواصفات الهندسية. وأنفقت عليه الدولة خمسة مليون جنيه، وتدفق المياه أدى لانهيار السد وتدفقت المياه في السادسة والنصف صباحًا على الطرق، ووصلت للمنازل وغمرتها حتى ارتفاع 3 أمتار. لو نزلت سيول زي 94 ستأخذ معها الأخضر واليابس".
النائب محمد بدراوي، عن حزب "الحركة الوطنية" شن الهجوم الأعنف على الحكومة، وصفق له النواب بعد انتهاء كلمته التي قال فيها: "لا عزاء للحكومة التي كانت تعرف ولم تتحرك. والمشكلة ستتكرر، لكن الحكومة غرقانة ولا تتحرك في كل المواقف. اللي ما رماش نفسه في البحر -مشيرا لمحاولات الهجرة غير المنظمة- المية جت له. الحكومة اللي غرقانة في الديون والسيول".
حمل المسئولية كاملة لوزارة الري والتنمية المحلية ورئيس الوزراء فصفق له النواب، واستطرد "الوحيد اللي باقي هو الرئيس السيسي".
النائبة سوزي رفلة أطلقت على ضحايا السيول لقب "شهداء الوزارة". وشنت هجوم على وزارة التنمية المحلية وقالت: "هذه وزارة رد فعل، نفس السيناريو مرة في اسكندرية، ومرة في الصعيد".
واستنكرت حضور وزير التنمية المحلية فقط عقب هذه الكارثة وقالت " فين رئيس الوزراء؟ ايه الخطة اللي عملتها الوزارة اما عرفت بموعد السيول والا نقفل هيئة الارصاد طالما لا نستفيد منها"
وبعد انتهاء أحاديث النواب تحدث عبد العال موجها اللوم للحكومة، التي لم تحذر المواطنين رغم علمها بموعد السيول، والتي لم تطلق تحذيرات بعدم استخدام الطرق.
رد الحكومة
تحدث وزير الري والموارد المائية محمد عبد العاطى، عن خطة الحكومة لمواجهة أزمات السيول مشيرا لوجود "خطة قومية"، وتفعيل غرفة عمليات مركزية في الأسبوع الثاني من أكتوبر، ورفع حالة الطوارئ يوم 10 أكتوبر.
كلام الوزير لم يعجب عبد العال، ولم يقدم اجابات عن تساؤلات النواب. وقال رئيس المجلس "هل الحكومة غير جاهزة للرد؟" وصفق النواب لعبد العال على موقفه الحاسم من الرد "المايع" للحكومة.
ومع مقاطعة النواب لعبد العاطي، حل محله في الرد أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية، وبدأ الوزير المخضرم في تقديم مبررات غير منطقية للكارثة فقال "إن السيول متوقعة لكن كمياتها غير متوقعة".
وقال وزير التعليم العالي الأسبق ووزير التنمية المحلية حاليًا: "إن البحر الأحمر سقط عليه 100 مليون متر مكعب من مياه الأمطار، وهذه الكمية لا تحتملها أي مخرات أو سدود".
لكن كلام بدر لم يشف غليل النواب، بل أدى لاحتجاجهم أكثر وإثارة غضب عبد العال مرة أخرى، فقال رئيس المجلس إن وزارة الري أكدت قبل شهرين أنها على استعداد كامل لمواجهة السيول. "قلتم إن الكميات كانت كبيرة، لكن لماذا لم تنبهوا المواطنين بعدم المرور من الطرق؟".
وأضاف: "ما استنتجته هو أنه ليس هناك تنسيق بين الوزارات المعنية وهيئة الأرصاد الجوية". وأضح أن هيئة الأرصاد تخاطب وزارات أخرى وحكومة أخرى".
الرد على الاساءة للسيسي
قبل طرح قضية السيول وتوابعه الإهمال الكارثية في مواجهتها؛ كانت الجلسة قد بدأت ببيانات عاجلة تدين العبارات المسيئة للرئيس عبد الفتاح السيسي، التي قالها إياد مدني أمين عام منظمة المؤتمر الاسلامي. وكان القاسم المشترك في كلمات النواب هو التأكيد على العلاقات الوطيدة بين مصر والسعودية، وأن "مدني" لا يعبر عن السعودية.
وقال سعد الجمال، رئيس لجنة الشئون العربية: "إن أمين عام منظمة المؤتمر الاسلامي خرق كل قواعد السياسة والدبلوماسية والأخلاق والقيم والدين".
واعتبر أنه وجه "عبارات رخيصة" تحمل الإهانة لرئيس مصر وشعبها، واعتبر أن "التصرف الشاذ" الذي قام به إياد مدني قد أساء للمنظمة التي يشغل فيها منصبا مرموقا، وأنه أساء للمملكة العربية السعودية "قبل أن يسيء لمصر ورموزها".
وتابع أن المنظمة التي يمثلها مدني تعمل على تعزيز التعاون بين دولها، لكن أمينها العام "ضرب عرض الحائط بكل ذلك لنزوة في نفسه".
واشاد برفض السعوديين لهذه الإساءات وطالب منظمة التعاون الإسلامي بمحاسبته.
بينما قال مصطفى بكري إن حديث مدني يعبر عن نفسه، ولا يؤثر على العلاقات المصرية السعودية. وأضاف: "نتمنى ممن وجدها فرصة لضرب العلاقات التاريخية أن يرفعوا أيديهم عنها. وشدد على عمق العلاقات وثوابت الأمن القومي العربي".
أما النائب مصطفى الجندي، فقال إن: "العلاقة تاريخية بين مصر والسعودية، ونحن أخوال الرسول، وعلاقتنا علاقة رحم، والذي أتاكد منه أن الإدارة السعودية ستحاسب هذا الرجل".
وقال سامح شكري وزير الخارجية ردا على البيانات العاجلة: إن الوزارة أصدرت بيانا يدين التصريحات التي قيلت على لسان شخص مسئول في منظمة دولية. وأضاف أن ما حدث يخرج عن قواعد التعامل المتعارف عليه في هذا المستوى. وأشار إلى توجيه مذكرة احتجاج رسمية، وتعميمها على كافة أعضاء المنظمة، للتأكيد على أن ما بدر من الأمين العام، يلقي بظلال الشك إلى قدرته على أداء المهام المطلوبة في منصبة، وفقا للنظام الأساسي للمنظمة، والقواعد التي تحكمها.
وقال: إن هذا الأمر بدر عن موظف دولي، ولا نتعرض لجنسيته وإنما وظيفته.