آنسبلاش برخصة المشاع الإبداعي
تمثال الأوسكار

اختيارات المنصة بين الأفضل والأجدر في الأوسكار!

مفاجآت "كل شيء كل مكان في الوقت نفسه" لن تتوقف

منشور الأحد 12 مارس 2023

بقدرة قادر، خلال أسابيع معدودة، تحول فيلم "كل شيء كل مكان في الوقت نفسه" من مجرد فيلم جيد ومسلٍّ، يحمل بعض اللمعات البارزة على مستوى السيناريو والمونتاج، إلى المتصدر الأول لمعظم ترشيحات جوائز الأوسكار، ثم المتصدر الأكبر لمعظم الجوائز السابقة عليها، ومن المتوقع خلال الساعات القادمة أن يحصد معظم المسابقة السينمائية الأبرز.

سر غير مفهوم وراء هذا الفيلم، فلو تحدثنا عن الإنجازات التقنية فيه، من سيناريو ومونتاج وإخراج، فلطالما أبهرتنا أفلام مارفل بفرضيات وحبكات سيناريوهاتها، بل إن فكرة الكون المتعدد العوالم Multiverse هي من ابتكارها، وطالما شاهدناها في أعمال جيدة من أحدثها "سبايدرمان: لا سبيل إلى الوطن" و"دكتور سترينج في الكون المتعدد العوالم للجنون".

ومع تسليمنا بألمعية فكرة نقل فرضية الكون المتعدد العوالم للأبطال الخارقين إلى أسرة عادية تكاد تكون معدومة المواهب، وتسليمنا ببراعة تصوير ومونتاج تداخل تلك العوالم في مكان ولحظة واحدة، فإن الفيلم لا يحمل شيئًا أكثر من ذلك سوى الفكرة المكررة بأن أفعالنا الآنية تتحكم في المستقبل، وأنه لو استطعنا تغيير سلوك أو فعل ما في الماضي فسوف يتغير الآني، وهي فكرة طالما استهلكتها السينما في أعمال مثل "العودة للمستقبل" (إخراج روبرت زيمكس، 1985)، وبشكل أكثر فنية وإنسانية في "يوم الجراوند هوج" (إخراج هارولد رامس، 1993).

ترايلر فيلم "كل شيء.."


ولو تحدثنا عن التقنيات، فإن "أفاتار 2" و"توب جن 2"، يحملان تطويرًا وحرفيات غير مسبوقة في فن السينما، من المؤكد أنها أصعب وأعقد من تقنيات "كل شيء كل مكان في الوقت نفسه".

ربما الفارق أن الخيال العلمي والتقنيات مدمجة هنا داخل قصة عائلية كوميدية تتناول بعضًا من شواغل عصرنا مثل قبول الاختلاف والتسامح وتقوية النساء والمهمشين، مع الاستدراك بأن حتى أفلام مارفل الحديثة باتت تصطبغ بتلك الصوابية السياسية، والاستدراك الآخر بأننا لسنا ضد أفكار الصوابية السياسية ولكننا نتحفظ على بعض ممارساتها التي تأتي على حساب قيم أخرى مثل التقييم الموضوعي والنزيه للأعمال الفنية.

سوف يكتسح "كل شيء.." كل شيء في جوائز الأوسكار، عن حقٍّ حينًا، وعن غير حق أحيانًا.

من الجوائز التي سينالها بجدارة المونتاج والسيناريو وأفضل ممثل مساعد لكي هوي كوان، ومن الجوائز التي سينالها عن استحقاق لتوفر معظم المعايير عليه جائزة أفضل فيلم. ومعايير تلك الجائزة تكون فنية وإنتاجية وسياسية في الوقت نفسه. وأعتقد أن ذلك أكثر من كاف لـ"كل شيء كل مكان في الوقت نفسه"!

جائزة أفضل مخرج يستحقها مارتن ماكدوناه عن فيلمه البديع "جنيات إنشرين"، ويليه ستيفن سبيلبرج عن فيلمه "آل فيبلمان". وغالبًا ستذهب الجائزة لسبيلبرج، بالرغم من أن معظم الترشيحات ونتائج الجوائز السابقة على الأوسكار ترجح فوز كل من دانيل كوان ودانيل شايبرت عن فيلم "كل شيء".

جائزة أفضل سيناريو أصلي يستحقها مارتن ماكدوناه أيضًا عن جنياته، ولا ينبغي أن تذهب لأي فيلم أو جني آخر.

جائزة أفضل سيناريو مقتبس عن وسيط آخر يجب أن تذهب لفيلم "كلام ستات" للمبدعة سارة بولي، ولن تذهب غالبًا إلى أي فيلم آخر.

جائزة أفضل ممثل يستحقها كولين فاريل عن "جنيات إنشرين"، ولكن غالبًا سيفوز بها أوستن باتلر عن "إلفيس"، وربما يفوز بها بريندان فريزر عن "الحوت". عادة ما يكتسح ممثل واحد جوائز الجولدن جلوب والبافتا واتحاد الممثلين، ولكن الثلاثة تقاسموا تلك الجوائز: فاريل فاز بالجولدن جلوب (عن أفضل أداء كوميدي)، فريزر فاز بجائزتي "اتحاد ممثلي السينما" و"اختيارات النقاد"، وأوستن باتلر فاز بالجولدن جلوب (عن أفضل أداء درامي) والبافتا. ولكن الأرجح أن يفوز باتلر بالرغم من سخف فيلم "إلفيس" الذي يجسد فيه شخصية إلفيس بريسلي، وقد اعتدنا انحياز أعضاء الأكاديمية للممثلين الذين يؤدون أدوار ممثلين ومغنيين حقيقيين.

جائزة أفضل ممثلة تستحقها كيت بلانشيت عن فيلم "تار" دون منازع، وربما تذهب إلى ميشيل يوه.

بلانشيت حصدت جوائز الجولدن جلوب والبافتا واختيارات النقاد، وميشيل يوه حصلت على جائزة "اتحاد ممثلي السينما"، ويبدو أن الممثلين ليسوا أفضل من يقيم الممثلين.

كفة بلانشيت أرجح في المعايير الحرفية والفنية، وكفة يوه أرجح سياسيًا، فهي صينية الأصل ولم تحصل على الجائزة من قبل، وربما آن الأوان لتكريم مسيرتها، بالرغم من أن دورها في "كل شيء.." عادي للغاية.

بلانشيت هي الأحق رغم كل شيء!

أفضل ممثل مساعد ستذهب غالبًا إلى كي هاو كوان كما ذكرت قبلًا، فهو البطل الحقيقي للفيلم بقدرته على التلون وإضفاء الطابع الكوميدي على العمل، وهو الشخصية الوحيدة تقريبًا التي تجذب تعاطف المشاهد وإعجابه. وليس معنى ذلك أن الدور عظيم أو صعب، ولكنه القبول وفكرة تأدية عدد من الشخصيات المختلفة في الوقت نفسه (على طريقة "جوكر" محمد صبحي).

جائزة أفضل ممثلة مساعدة تستحقها كيري كوندون عن فيلم "جنيات إنشرين"، ولكن غالبًا ستذهب إما إلى جيمي لي كيرتس عن "كل شيء.." أو أنجيلا باسيت عن فيلم "الفهد الأسود"، والأغلب أنها ستذهب للأخيرة لأسباب سياسية تتعلق بالتمثيل العرقي، خاصة أن الاتهامات المعتادة للأكاديمية بتجاهل الممثلين الأمريكيين الأفريقيين ترددت مجددًا خلال الأسابيع الأخيرة.

أما أفضل فيلم تحريك طويل. فتنحصر هذه الجائزة بين فيلمين فقط، هما "بينوكيو جيليرمو دي تورو" و"مارسيل القوقعة التي ترتدي حذاءً". شخصيًا أفضل "بينوكيو" لأسباب يطول شرحها، ولكن "مارسيل.." رائع ومبهج ومن النوع الذي "يشرح" القلب، وعادة تذهب جائزة أفضل تحريك لتلك المعايير.

أفضل فيلم عالمي. سوف تذهب غالبًا إلى فيلم "كل شيء هادئ في الجبهة الغربية" كتعويض له عن خروجه من الجوائز الأخرى، وكالعادة في ذلك الفرع يوجد أكثر من عملين أو ثلاثة آخرين يستحقون الجائزة، وبجانب "كل شيء هادئ" هناك "الأرجنتين 1985" و"قريب".

أفضل تصوير. ستذهب إلى "كل شيء هادئ في الميدان الغربي" لفخامة تصويره، مع إن تصوير فيلم "تار" إبداع من نوع نادر، عادة لا يلفت الانتباه.

أفضل مؤثرات خاصة: "أفاتار طريق الماء".

أفضل موسيقى تصويرية: غالبًا ستذهب إلى تحفة دامين شازيل المظلومة "بابيلون"، صاحب "لا لا ند"، وصاحب الأذن الموسيقية الأجمل بين مخرجي اليوم.

أفضل أغنية: ستذهب غالبًا إلى "ناتو ناتو" من فيلم RRR الهندي، نظرًا لروعتها وجدتها بالنسبة للأذن الغربية، وكنوع من التقدير للفيلم الذي حقق شعبية عالمية هائلة.  

أغنية ناتو ناتو