ينوي المتضامنون الدوليون المشاركون في المسيرة العالمية إلى غزة التوجه إلى سفارات دولهم في القاهرة لطلب تدخلها، فيما واجهت قافلة الصمود المغاربية حصارًا واعتداءً على المشاركين فيها في شرق ليبيا قبل أن يعلنوا الانسحاب إلى مصراتة، في وقت حذر رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي من محاولات تنظيم مسيرات أو التوجه إلى المناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق أو الحصول على التصاريح القانونية اللازمة عبر القنوات الرسمية.
واعتصم مئات المتضامنين من جنسيات مختلفة أمام بوابتي طريق القاهرة - الإسماعيلية مساء الجمعة بعدما حاولوا المرور في طريقهم من القاهرة نحو معبر رفح للمشاركة في المسيرة العالمية إلى غزة، قبل أن يعتدي عليهم مجموعة من المواطنين بحضور أفراد الأمن الذين تدخلوا وأجبروا المتضامنين على ركوب أوتوبيسات عادت بهم إلى القاهرة.
وقال أحد المتحدثين باسم المسيرة العالمية إلى غزة سيف أبو كشك لـ المنصة إنهم سيتوجهون اليوم إلى سفاراتهم في القاهرة لطلب تدخلهم لدى السلطات المصرية لتنسيق الموافقة على تنظيم المسيرة التي تستهدف كسر الحصار الإسرائيلي على غزة.
وكشف الطبيب الكندي ييبينج جي، أحد المشاركين في المسيرة العالمية إلى غزة، تفاصيل اختفاء منسق المجموعة الكندية المشاركة في المسيرة مانويل تابيال وزوجته أمس بعد القبض عليهما من أحد فنادق وسط القاهرة.
وقال على إكس اليوم إنه "عند الساعة 2:30 بعد ظهر أمس شارك مانويل تابيال في اجتماع حضره عدد قليل من المشاركين في المسيرة، وبعد نحو ساعة انتهى الاجتماع وبدأ المشاركون في مغادرة الفندق، إلا أن أفراد من الشرطة المصرية أوقفوا مانويل وزوجته".
وأضاف "حاول بعض من شاهدوا الواقعة تصوير القبض على مانويل وزوجته إلا أن الشرطة صادرت هواتفهم وأعادتها إليهم" بعد حذف كل ما عليها.
وأكد جي أن مكان مانويل غير معروف حتى الآن، فيما وضعت زوجته على متن طائرة وأجبرتها السلطات المصرية على مغادرة مصر.
وقال أحد المشاركين في المسيرة لـ المنصة، طلب عدم نشر اسمه، إنهم يشعرون بقلق كبير وصعوبة في التحرك من مقار إقامتهم خوفًا من توقيفهم أو إجبارهم على الرحيل من مصر.
في الأثناء، حذر رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي من محاولات تنظيم مسيرات أو التوجه إلى المناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق أو الحصول على التصاريح القانونية اللازمة عبر القنوات الرسمية، وذلك تعليقًا منه على دعوات تنظيم مسيرة عالمية للتضامن مع غزة عند معبر رفح، التي واجه المشاركون فيها اعتقالات واعتداءات عند بوابة الإسماعيلية مساء الجمعة.
ورغم تأكيد المتضامين الدوليين أكثر من مرة على التزامهم بالضوابط التنظيمية واحترامهم للقانون المصري وتقدمهم بطلبات رسمية للسلطات المصرية، شدد جبالي عقب افتتاح الجلسة العامة اليوم على ضرورة الالتزام بالضوابط التنظيمية المعتمدة "التي وضعتها الدولة المصرية حمايةً لأمنها القومي، وصونًا لسلامة مواطنيها وزائريها، لا سيما وأنها تخص الوجود بمنطقة شديدة الحساسية والدقة في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة بأسرها".
وقال "يُذكِّر مجلس النواب كل من يحاولون التوجه بمسيرات صوب منطقة رفح الحدودية، ولا نشكك أبدًا في نيّاتهم النبيلة، بأن على الجميع أن يعلم أن نصرة القضية الفلسطينية والوقوف إلى جوار شعبها الصامد لا يكون إلا من خلال احترام سيادة مصر وقوانينها، وهو واجب لا يقبل فيه الجدل أو التهاون".
دون أن يذكر كلمة عما لاقاه المتضامنون الدوليون من اعتداءات واعتقالات أمام بوابة الإسماعيلية وفي بيت شباب الإسماعيلية، وجه جبالي كلمة للرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلًا "أتوجه إلى فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بحديث يخرج من قلب رجل يعايش الواقع، ويدرك تمام الإدراك حجم المسؤولية الثقيلة التي تتحملونها فوق عاتقكم، يا فخامة الرئيس، في مرحلة بالغة الدقة، تمضي فيها مصر بخطىً واثقة على طريق البناء، بينما تعصف بمحيطها رياح الفتن والأزمات".
وكانت قوات الأمن منعت مرور المتضامنين الدوليين صباح الجمعة عند نقطتَي التفتيش الأولى والثانية على طريق القاهرة الإسماعيلية، وصادرت جوازات سفرهم. وبينما هتفوا بالحرية لفلسطين أطفأت السلطات الأنوار عليهم، بالتزامن مع وصول سيارة إطفاء للمكان، وعدم تواجد أي سيارات إسعاف رغم وجود مصابين بينهم.
وانتشرت فيديوهات لقوات الشرطة أثناء اقتيادها متضامنين دوليين من بيت شباب الإسماعيلية وإجبارهم على استقلال أوتوبيسات تمهيدًا لترحيلهم، وفيديوهات لقوات الأمن أثناء توقيفها السيارات على طريق القاهرة الإسماعيلية وسؤالهم عن جوازات سفر الركاب.
وسبق أن قال المتحدث باسم المسيرة العالمية إلى غزة سيف أبو كشك لفرانس برس إن أفراد شرطة مصريين بلباس مدني دخلوا الفنادق يحملون قائمة بأسماء بعض الأجانب "وحققوا معهم، وعلى إثر التحقيق أوقفوا البعض وتركوا البعض الآخر"، مضيفًا أن "دخول أفراد الشرطة إلى غرف الفنادق ومصادرة الهواتف وتفتيش المتعلقات كان غير متوقع بالمرة".
"الصمود" تحت التهديد..
عقب ثلاثة أيام من تعطيلها على حدود مدينة سرت الخاضعة لسيطرة قوات خليفة حفتر في شرق ليبيا ومنع المشاركين فيها من المرور إلى الحدود المصرية، أُجبرت قافلة الصمود التي انطلقت من تونس في 9 يونيو/حزيران الماضي صوب معبر رفح الحدودي، على التراجع غربًا مرة أخرى والتخييم بالقرب من مدينة مصراتة الخاضعة لسيطرة حكومة الوحدة الوطنية في غرب ليبيا برئاسة عبد الحميد الدبيبة، حسبما قالت المتحدثة باسم القافلة جواهر شنة.
وأضافت الناشطة التونسية، في تصريحات صحفية، أن قرارهم بالانتقال إلى مصراتة جاء بعد تعرضهم لكم كبير من الضغط والمضايقات بمكان تخييمهم السابق على بعد أمتار من بوابة سرت، لا سيما قطع الاتصالات عنهم ما أدى إلى انقطاعهم عن العالم الخارجي، عوضًا عن تعرضهم لظروف "لم نشهدها من قبل".
وعن هذه الظروف أوضحت أن سلطات شرق ليبيا حشدوا المشاركين في القافلة على أطراف سرت، وقسّموها بمعنى "الناس اللي بتخرج من القافلة للتنقل أو الاتصال بعائلاتها أو لإحضار ماء أو دواء أو غيره، كانت لا ترجع، ومع الوقت فهمنا أنه أسلوب لتفتيت القافلة بعد مغادرة مجموعة كبيرة وتخلفها عن العودة".
ولم تقف الضغوط عند ذلك الحد، وفقًا لجواهر، بل تبنت سلطات شرق ليبيا أسلوبًا آخر عمدت فيه إلى قطع الطعام عن المشاركين في القافلة، مؤكدة إتلافهم للطعام الذي كان يتمكن المشاركين من إحضاره "وبالتالي قعدنا بلا طعام، ولا مياه تكفي، فضلًا عن تعرضنا لبرشا حوادث تحرش واختراق من مجموعات مجهولة الهوية فهمنا بعدها أنهم أمنيون متخفيون يدوروا في وسطنا لبث البلبلة والرعب".
في السياق ذاته، قال الناشط التونسي وائل نوار، المتحدث أيضًا باسم القافلة، إنه تعرض لعملية اختطاف وسحل وضرب واعتداءات لفظية وجسدية "لبسوني بطانية وجهزوني للإيقاف لكي لا يتعرف عليا الناس، وضربوني بالعصي، لكنهم تراجعوا عن القبض عليّ، وجاء بعدها مسؤول أمني كبير وخرجني مع عدد من الموقوفين".
هذا، وكانت إسرائيل طالبت الأربعاء السلطات المصرية بمنع الناشطين المؤيدين للفلسطينيين من الوصول إلى المنطقة الحدودية المحاذية لغزة ومحاولة الدخول إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان "أتوقع من السلطات المصرية أن تمنع وصول المحتجين الجهاديين إلى الحدود المصرية الإسرائيلية وألا تسمح لهم بالقيام باستفزازات أو محاولة دخول غزة، وهي خطوة من شأنها أن تعرض سلامة الجنود (الإسرائيليين) للخطر ولن يُسمح بها".
وأغلقت مصر معبر رفح منذ مايو/أيار 2024، إثر التوغل الإسرائيلي في مدينة رفح الفلسطينية والسيطرة على المعبر من الجانب الآخر ورفع العلم الإسرائيلي عليه. وأعلنت القاهرة آنذاك رفضها إجراء أي تنسيق مع جيش الاحتلال بخصوصه، مطالبة بانسحاب جيش الاحتلال منه.