لم يكن بوست الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تروث سوشيال السبت الماضي حول فكرة العبور المجاني للسفن الأمريكية عبر قناة السويس هو المرة الأولى التي يطرح فيها هذا المقترح، فحسب مصادر لم تسمها وول ستريت جورنال، أمس، طرح ترامب الفكرة في مكالمة هاتفية مع الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الشهر الجاري.
ومطلع الأسبوع الجاري، شدد ترامب على ضرورة السماح للسفن الأمريكية، العسكرية والتجارية على حد سواء، بالعبور مجانًا عبر قناتي بنما والسويس، وقال على تروث سوشيال "لم تكن القناتان لتوجدان لولا الولايات المتحدة الأمريكية. لقد طلبت من وزير الخارجية ماركو روبيو أن يهتم على الفور بهذا الوضع، وأن يتذكره!".
ومنذ بوست ترامب لم ترد مصر رسميًا على طلبه العبور المجاني للسفن الأمريكية، التجارية والعسكرية، عبر قناة السويس.
ووفق مصادر وول ستريت جورنال، قال ترامب للسيسي خلال مكالمة الشهر الجاري إن الولايات المتحدة تتطلع إلى دعمه في العملية ضد جماعة الحوثي في اليمن من خلال المساعدة العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية أو التمويل، بما أن ذلك يمكن أن يحسن حركة المرور في قناة السويس.
لكن السيسي اعترض، وقال للرئيس الأمريكي خلال المكالمة إن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة سيكون وسيلة أفضل لوقف الحوثيين، وفق وول ستريت جورنال.
وتشن الولايات المتحدة منذ منتصف مارس/آذار الماضي، غارات شبه يومية على مناطق مختلفة في اليمن تقول إنها "مستهدفة الحوثيين ودفاعًا عن المصالح الأمريكية في المنطقة"، بعد أن استأنفت الجماعة هجماتها على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ما دام جيش الاحتلال يمنع وصول المساعدات إلى غزة.
ومنذ يناير/كانون الثاني 2024 تعمل الولايات المتحدة الأمريكية بمعاونة بريطانيا على التصدي لهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر التي بدأتها في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 ردًا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جيمس هيويت لوول ستريت "إن عملية ترامب لاستعادة حرية الملاحة عبر البحر الأحمر تعود بالنفع المباشر على العمال والمستهلكين الأمريكيين، كما أنها تعود بالنفع على الدول الشريكة عالميًا، بما في ذلك مصر".
وأضاف "يجب تقاسم عبء عملية عسكرية ذات فوائد واسعة النطاق، وحرية مرور السفن الأمريكية عبر قناة السويس هي إحدى طرق تقاسم هذا العبء".
وتقول وول ستريت جورنال إن ترامب يسعى سرًا وعلنًا إلى "دفع مصر لتعويض الولايات المتحدة عن جهودها في الدفاع عن ممرات الشحن المتجهة إلى قناة السويس، الأمر الذي يضع البلاد المتعثرة في موقف سياسي صعب".
وتمر عبر قناة السويس قرابة 10% من حركة التجارة العالمية، وتعتمد عليها القاهرة لتأمين العملة الأجنبية، إذ بلغت إيراداتها في عام 2023 قرابة 9.4 مليارات دولار، وفق BBC. لكن الحركة التجارية في القناة تراجعت بعد أن بدأت جماعة الحوثيين في اليمن استهداف السفن التجارية "المرتبطة بإسرائيل" في البحر الأحمر، ردًا على الحرب المستمرة في قطاع غزة.
وتعليقًا على تصريحات ترامب، قال مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية والخبير في السياسة والأمن المصريين مايكل وحيد حنا "إنه يُطلق تصريحاتٍ مُطلقة حول قضايا حرجة لمصر دون أي عملية سياسية فعّالة أو مشاورات مع الحكومة المصرية، وبعد ذلك، تُترك مصر لتُفكّر في معناها، وتضع خطةً للدفاع عن مصالحها، وتفعل ذلك بطريقة لا تُغضب ترامب"، وفق وول ستريت جورنال.
يأتي طلب ترامب المرور المجاني في قناة السويس في وقت يضغط على مصر لاستقبال فلسطينيين من غزة، فمنذ نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، دعا الرئيس الأمريكي أكثر من مرة لتهجير سكان قطاع غزة وإعادة إعمار القطاع، لكن دعوته قوبلت بالرفض العربي والعالمي، وخاصة مصر التي قدمت اقتراحًا مقابلًا لإعادة الإعمار، وقال السيسي إن تهجير الفلسطينيين "ظلم لن نشارك فيه".
وخلال الأسابيع الماضية، أعلنت لجنة الشحن البحري الفيدرالية الأمريكية فتح تحقيق حول "نقاط الاختناق البحرية العالمية"، التي تشمل قناة السويس.
وقالت اللجنة إن الهدف من التحقيق، تقييم "الظروف غير المواتية" للتجارة الأمريكية، التي قد تتسبب فيها دول أو شركات شحن في الممرات الملاحية.
ولم يكن للولايات المتحدة دور في تأسيس قناة السويس، ورفضت إلى جانب دول أخرى منها بريطانيا والنمسا وروسيا شراء أسهم في الشركة المشغلة للقناة، لكن لها تاريخًا مع القناة يرتبط بالضغط على فرنسا وبريطانيا وإسرائيل لإيقاف العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.