صفحة البيت الأبيض على فيسبوك
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، 21 يناير 2025

"انتهاك للقانون".. رفض دولي لمخطط ترامب السيطرة على قطاع غزة

قسم الأخبار
منشور الأربعاء 5 فبراير 2025

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أعلن فيها أن الولايات المتحدة "ستتولى السيطرة على قطاع غزة وتمتلكه"، ردود أفعال دول عربية وأوروبية، إذ رفضت الأمم المتحدة ومصر وفرنسا وتركيا وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا مخطط ترامب.  

وأبدى ترامب، في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقد في البيت الأبيض مساء أمس، إصراره على تنفيذ مقترحه بتهجير الفلسطينيين إلى دول مجاورة، مشيرًا إلى أنه سيعلن موقفه من "سيادة إسرائيل على الضفة الغربية في الأسابيع المقبلة".

وفي بيان مشترك، أكدت مصر وفلسطين أهمية المضى قدمًا فى مشروعات وبرامج التعافي المبكر وإزالة الركام ونفاذ المساعدات الإنسانية إلى غزة دون خروج الفلسطينيين من قطاع غزة، خاصة مع تشبثهم بأرضهم ورفضهم الخروج منها، حسب البيان.

وشددت وزير الخارجية بدر عبد العاطي خلال لقائه مع رئيس الوزراء وزير الخارجية الفلسطيني محمد مصطفى، في القاهرة، الأربعاء، على "دعم الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف الشعب الفلسطيني"، مؤكدًا ضرورة السعي نحو التوصل لحل سياسي دائم وعادل للقضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط 4 يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما يمنع تكرار الدورات المتكررة للعنف بشكل نهائي ودائم.

ورفضت فرنسا، الأربعاء، تصريحات ترامب، واعتبرت الخارجية الفرنسية أن الخطة تمثل انتهاكًا للقانون الدولي وتؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستوف لوموان "فرنسا تكرر معارضتها لأي تهجير قسري للسكان الفلسطينيين في غزة، الذي من شأنه أن يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، وهجومًا على التطلعات المشروعة للفلسطينيين، ويعد أيضًا عقبة رئيسية أمام حل الدولتين وعاملًا رئيسيًا لزعزعة استقرار شريكينا المقربين، مصر والأردن، والمنطقة بأسرها أيضًا".

كذلك ندد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأربعاء، بمشروع ترامب واصفًا إيّاه بـ"غير المقبول". مؤكدًا أن "طرد الفلسطينيين من غزة مسألة غير مقبولة لا من جانبنا ولا من جانب بلدان المنطقة. ولا حاجة حتى لمناقشتها".

وفي بريطانيا، قال وزير الخارجية ديفيد لامي، الأربعاء، إنه يتعين ضمان مستقبل للفلسطينيين في وطنهم. مضيفًا في مؤتمر صحفي خلال زيارة إلى كييف "كنا واضحين دائمًا في اعتقادنا أنه يتعين علينا أن نرى دولتين، يتعين علينا أن نرى الفلسطينيين يعيشون ويزدهرون في وطنهم في غزة والضفة الغربية".

ومن جهته، رفض وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، الأربعاء، اقتراح الرئيس الأمريكي إعادة توطين سكان غزة في أماكن أخرى والسيطرة على القطاع لإنشاء "ريفييرا الشرق الأوسط".

وقال ألباريس للصحفيين "أريد أن أكون واضحًا للغاية في هذا الشأن، غزة هي أرض الفلسطينيين سكان غزة ويجب أن يبقوا فيها".

وأضاف "غزة جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية التي تدعمها إسبانيا ويجب عليها التعايش بما يضمن ازدهار دولة إسرائيل وأمنها".

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الأربعاء، إن قطاع غزة "ملك للفلسطينيين" وإن "طردهم منه سيكون غير مقبول ويتعارض مع القانون الدولي". وذكرت بيربوك، في بيان، "هذا من شأنه أيضًا أن يؤدي إلى معاناة جديدة وكراهية جديدة.. يجب ألا يكون هناك حل يتجاهل الفلسطينيين".

أما رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي فقال، الأربعاء، إن "موقف أستراليا صباح اليوم هو نفسه مثلما كان العام الماضي". وتابع "تدعم الحكومة الأسترالية حل الدولتين".

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، الأربعاء، إن بكين "تعارض الترحيل القسري للفلسطينيين من قطاع غزة". وأضاف خلال مؤتمر صحفي دوري "أكدت الصين دائما أن الحكم الفلسطيني على الفلسطينيين هو المبدأ الأساسي لحكم غزة بعد الحرب، ونحن نعارض الترحيل القسري لسكان غزة".

ولفت إلى أن بكين "تأمل بأن تعتبر كل الأطراف وقف إطلاق النار وإدارة القطاع بعد انتهاء الصراع، فرصة لإعادة التسوية السياسية للقضية الفلسطينية لمسارها الصحيح، استنادًا إلى حل الدولتين".

وفي روسيا، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الأربعاء، إن روسيا "تعتقد أن التسوية في الشرق الأوسط ممكنة فقط على أساس حل الدولتين".

ومن جهته، قال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا،  إن تصريحات ترامب بشأن السيطرة على قطاع غزة "ليست منطقية".

وأمميًا، قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، الأربعاء، إن أي نقل قسري أو ترحيل للأشخاص من أراض محتلة، محظور تمامًا بموجب القانون الدولي.

وأضاف المكتب، في بيان "من المهم أن نتحرك نحو المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار، إطلاق سراح جميع المحتجزين والمعتقلين بشكل تعسفي، وإنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة، مع الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان".

وعربيًا، شددت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية على أن ثوابت القضية الفلسطينية تظل محل إجماع عربي كامل لا يرقى إليه التشكيك، وأن من أهم هذه الثوابت حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وأكدت الجامعة العربية، في بيان اليوم، أن الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، يشكلان معًا إقليم الدولة الفلسطينية المستقبلية، في إطار حل الدولتين، ومن دون فصلٍ بينهما، أو إفتئاتٍ على حقوق الفلسطينيين الذين يُمثل بقاؤهم على أرضهم عنوان قضيتهم العادلة.

وأوضحت أن الطرح الذي تحدث به ترامب ينطوي على ترويج لسيناريو تهجير الفلسطينيين المرفوض عربيًا ودوليًا، والمخالف للقانون الدولي، مؤكدة أن هذا الطرح يُمثل وصفة لانعدام الاستقرار ولا يُسهم في تحقيق حل الدولتين الذي يُمثل السبيل الوحيد لإحلال السلام والأمن بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي المنطقة على اتساعها.

وكان ترامب قال أمس إن "الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة، سنمتلكه وسنكون مسؤولين عن تفكيك كل القنابل غير المنفجرة والأسلحة الأخرى الخطيرة في هذا الموقع".

وأضاف "سنسوي الموقع بالأرض ونوجد تنمية اقتصادية"، زاعمًا مسؤوليته عن توفير فرص عمل وإسكان لسكان غزة في مناطق مختلفة في دول مجاورة.

وعندما سُئل ترامب عمن سيعيش في غزة لاحقًا، قال إنها قد تصبح موطنًا "لشعوب العالم"، وتوقع أن تصبح "ريفييرا الشرق الأوسط" وعن العدد  المتوقع تهجيره قال إنه يبلغ 1.8 مليون مواطن.

وقال ترامب إنه يرى في "تملك الولايات المتحدة لقطاع غزة حلًا طويل الأمد للحرب المدمرة التي شهدها القطاع"، متوقعًا "إعادة تطويره اقتصاديًا، بما يشمل مشاريع تنموية واسعة".

من ناحيته، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن خطة ترامب "قد تغير التاريخ"، بقوله "ترامب لديه فكرة مختلفة جديرة بالاهتمام، وإنه يرى مستقبلًا مختلفًا لغزة".

ووصف نتنياهو الرئيس الأمريكي بأنه "أعظم صديق لإسرائيل على الإطلاق"، مضيفًا "قلت هذا من قبل وسأقوله مجددًا أنت أعظم صديق لإسرائيل على الإطلاق في البيت الأبيض".

وخلال المؤتمر لفت الرئيس الأمريكي إلى أنه تحدث إلى زعماء آخرين في الشرق الأوسط بشأن اقتراحه نقل الفلسطينيين من غزة، وأشار إلى أن الزعماء الآخرين "راقت لهم الفكرة"، مشيرًا إلى أنه يخطط لزيارة غزة وإسرائيل والسعودية خلال رحلة مستقبلية، لكنه لم يذكر موعدها. وقال ترامب إن "السعودية تريد السلام، ولا تطالب بدولة فلسطينية في المقابل".

لكن الموقف السعودي جاء واضحًا في بيان أعقب مؤتمر ترامب ونتنياهو، مؤكدًا رفض أي تغيير لموقف المملكة من القضية الفلسطينية، إذ أكدت وزارة الخارجية السعودية أن موقف المملكة "ثابت وراسخ"، وأنها لن تتراجع عن دعم إقامة دولة فلسطينية.

ونهاية يناير/كانون الثاني الماضي، دعا ترامب مصر والأردن لاستقبال عدد من سكان قطاع غزة، لكن دعوته قوبلت بالرفض القاطع من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بقوله إن ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني "ظلم لا يمكن أن نشارك فيه"، كما قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين.

لكن الرئيس الأمريكي جدد دعوته في وقت لاحق، متجاهلًا الرفض المصري والأردني، وقال، خلال لقاء مع الصحفيين في البيت الأبيض، إن مصر والأردن "سيفعلان ذلك (...) نحن نقدم لهما الكثير، وسوف يفعلان ذلك".

وأصدر وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات والسعودية وقطر، خلال الأسبوع الجاري، بياني رفض لمقترح ترامب ولكافّة أشكال التهجير سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، مؤكدين على أحقية الشعب الفلسطيني بأرضه، أحدهما تم توجيهه إلى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو.