
بعد "مجازر الساحل".. الشرع يوقع اتفاقًا مع "قسد" لدمجها في مؤسسات الدولة
وقع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي، مساء أمس، اتفاقًا يقضي بدمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في إطار الدولة السورية، وفق ما أعلنت الرئاسة.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية التي يُشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري على معظم المناطق الغنية بالنفط في شمال شرق سوريا، وتلقى دعمًا من الولايات المتحدة، حسب رويترز.
وينص الاتفاق على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة، بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية، وأن تكفل الدولة كافة حقوق الأكراد الدستورية.
كما ينص على وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، ودمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.
ويضمن الاتفاق الذي من المقرر تطبيقه قبل نهاية العام الحالي، عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، ودعم الدولة في مكافحة فلول بشار الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري.
ويأتي الاتفاق في لحظة فارقة إذ يواجه الشرع تداعيات أحداث القتل الطائفي في الساحل السوري التي بدأت الخميس الماضي، وأسفرت عن مقتل نحو ألف مدني من المنتمين للأقلية العلوية حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأمس، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية حسين عبد الغني "انتهاء" العملية العسكرية في محافظتي اللاذقية وطرطوس بمنطقة الساحل غرب البلاد، فيما أكد المرصد السوري أن "مجموعات مسلحة تواصل أعمالًا إجرامية وانتهاكات بحق السكان".
وأطاحت المعارضة السورية في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، بنظام بشار الأسد المنتمي للأقلية العلوية والذي فر إلى روسيا التي دعمته لفترة طويلة.
وقبل توقيع الاتفاق بساعات اتهم قائد قوات سوريا الديمقراطية "الفصائل المدعومة من تركيا بالوقوف وراء عمليات القتل في الساحل الغربي".
واستغلت أنقرة سقوط نظام بشار الأسد، وتوغلت قوات تابعة لها شمال سوريا، إذ كشفت وسائل إعلام تركية، ديسمبر الماضي، عن سيطرة "الجيش الوطني السوري" بشكل كامل على مدينة منبج.
وفي أول تعليق رسمي له بعد التوقيع، قال مظلوم عبدي، عبر إكس، إن الاتفاق يمثل "فرصة حقيقية لبناء سوريا جديدة تحتضن جميع مكوناتها وتضمن حسن الجوار".
وذكر أن قوات سوريا الديمقراطية تعمل مع الإدارة السورية "في هذه الفترة الحساسة لضمان مرحلة انتقالية تعكس تطلعات شعبنا في العدالة والاستقرار".
وشكلت أعمال العنف في غرب سوريا أكبر اختبار يواجهه الشرع منذ توليه السلطة، حاولت خلاله القوات الحكومية وجماعات داعمة لها سحق ما وصفته بأنه "تمرد"، حسب رويترز.
وفي مقابلة مع رويترز أمس، تعهد الشرع بمعاقبة المسؤولين عن الأحداث حتى لو كانوا "أقرب الناس إليه".
وتعليقًا على الاتفاق، قال آرون لوند الباحث في مركز سينشري إنترناشونال ومقره الولايات المتحدة إن "المجازر أضعفت الشرع، إنه يواجه الكثير من المشاكل داخليًا ومع الولايات المتحدة، وقد يساعده ذلك في إظهار أنه ليس معاديًا لكل الأقليات"، حسب رويترز.
وأضاف لوند أنه بالنسبة لعبدي، فإن الاتفاق يشكل تحوطًا ضد خطر سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجأة لقوات بلاده، التي دعمت قوات سوريا الديمقراطية على مدى عقد لمواجهة "تنظيم الدولة الإسلامية" في سوريا.
وكان عبدي أعرب في وقت سابق عن رغبته في انضمام قوات سوريا الديمقراطية إلى وزارة الدفاع لكن كتكتل وليس كأفراد، وهي فكرة رفضتها الحكومة الجديدة آنذاك.
وخاضت قوات سوريا الديمقراطية صراعًا مع جماعات مسلحة مدعومة من تركيا في شمال سوريا على مدى سنوات، وهو صراع استمر بعد الإطاحة بالأسد.