صورة متداولة برخصة المشاع الإبداعي
سجن، أرشيفية

"العفو الدولية": السلطات المصرية تعاقب المحبوسين لاحتجاجهم على ظروف احتجازهم القاسية

قسم الأخبار
منشور الخميس 6 مارس 2025

قالت منظمة العفو الدولية، اليوم الخميس، إنه يتعين على السلطات المصرية أن "تضع حدًا للأعمال الانتقامية الموجهة ضد سجناء في سجن العاشر من رمضان، حيث بدأوا إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على احتجازهم التعسفي وللمطالبة بإنهاء ظروف احتجازهم القاسية واللا إنسانية".

وأشارت المنظمة، في بيان حصلت المنصة على نسخة منه، إلى إضراب عدد من المحتجزين في سجن العاشر من رمضان 6 عن الطعام، مطالبين "بالإفراج عن الأفراد المحبوسين احتياطيًا لأكثر من ستة أشهر، والحق في التريّض في الهواء الطلق، والتمتع بحقوق الزيارة كاملةً، وإقالة ضابط الأمن الوطني المسؤول عن السجن والمعروف بقمعه وانتهاكاته.

ومنتصف يناير/كانون الثاني الماضي، قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في تقرير إن عددًا من المحتجزين في مقر مركز الإصلاح والتأهيل "العاشر من رمضان 6" بدأوا إضرابًا عن الطعام، فيما امتنع آخرون عن استلام التعيين اعتراضًا على استمرار حبس عدد منهم احتياطيًا دون مبرر قانوني "إلى جانب تردي أوضاع احتجازهم بالمخالفة لقانون تنظيم السجون ​رقم 396 لسنة 1956". 

وفي أعقاب هذا التقرير فتحت النيابة العامة تحقيقًا مع المدير التنفيذي للمبادرة حسام بهجت بتهم تتعلق بـ"بإذاعة بيانات وأخبار كاذبة، ومشاركة جماعة إرهابية وتمويلها".

وفي الشهر نفسه، نقلت المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن محاميها أن 6 متهمين بسجن العاشر أداروا أجسادهم أمام كاميرات تجديد الحبس عن بُعد أمام الدائرة الأولى بمحكمة جنايات إرهاب القاهرة، احتجاجًا على استمرار حبسهم احتياطيًا.

وفي يناير أيضًا، قالت المفوضية إن الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق أعلن خلال جلسة النظر في أمر تجديد حبسه وقتها أمام نيابة أمن الدولة دخوله في إضراب عن الطعام اعتراضًا على استمرار حبسه وسوء أوضاع احتجازه.

وأوضحت منظمة العفو الدولية، في بيانها اليوم، أنه في أعقاب ذلك نقلت مصلحة السجون ثلاثة سجناء على الأقل من سجن العاشر 6 "لسجون أخرى سيئة السمعة بسبب ظروف الاحتجاز القاسية فيها، بعدما صادرت متعلقاتهم الشخصية كعقاب لهم".

وقال الباحث المعني بالشؤون المصرية في منظمة العفو الدولية محمود شلبي "بدلًا من معالجة ظروف الاحتجاز المروّعة في سجن العاشر من رمضان، تعاقب السلطات السجناء المحتجين على أوضاعهم في محاولةٍ لإخماد أصواتهم. وحتى عند احتجاز السجناء في سجون حديثة البناء مثل سجن العاشر من رمضان، تستمر معاناتهم على أيدي سلطات السجون الذين يعملون دون رقابة كافية أو مساءلة".

دعت العفو الدولية السلطات المصرية لـ"ضمان أن تكون ظروف الاحتجاز إنسانية ومتوافقة مع القانون الدولي والمعايير الدولية، بما في ذلك قواعد نيلسون مانديلا. كما يجب عليها الاستجابة لدعوات منظمة العفو الدولية والمدافعون المصريون عن حقوق الإنسان التي طال أمدها، بالسماح للمراقبين المستقلين، المصريين والدوليين، بإجراء زيارات غير مقيدة ودون إخطار مسبق للسجون لمراقبة ظروف الاحتجاز في البلاد".

التغريبة

أبلغت امرأتان من أفراد عائلات المحتجزين منظمة العفو الدولية أن السلطات نقلت أقربائهم إلى سجون نائية تبعد مئات الكيلومترات عن عائلاتهم "ويُعد النقل إلى سجون نائية، أو ما يعرف بالتغريبة، ممارسة عقابية شائعة تستخدمها السلطات لتعاقب السجناء وتجعل زيارتهم أكثر كلفةً ومشقةً على عائلاتهم" حسب البيان.

وقالت إحدى قريبات المحتجزين لمنظمة العفو الدولية "عندما نقلوه من زنزانته في سجن العاشر من رمضان 6، اعتقد أنهم أخيرًا نقلوه إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية مؤجلة منذ وقتٍ طويل. ولكن بدلًا من ذلك تبيّن أنهم كانوا ينقلونه إلى سجن آخر". وقالت إنه عوقب لمجرد محاولته إرسال رسالة إلى الحزب السياسي الذي ينتمي إليه، يحثهم فيها على الدعوة إلى الإفراج عنه.

وتابعت المنصة مؤخرًا تغريبة النقابي العمالي شادي محمد، وهو عضو مؤسس في المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية، ألقي القبض عليه في 29 أبريل/نيسان الماضي من أمام منزله، بعد يوم واحد من القبض على 5 شباب بينهم طلاب من منازلهم بالإسكندرية، ليظهروا جميعًا يوم 30 أبريل في نيابة أمن الدولة العليا، حيث دارت التحقيقات حينها حول تعليقهم "بانر" أعلى أحد الكباري بالإسكندرية تعبيرًا عن تضامنهم مع فلسطين، في القضية 1644 لسنة 2024 حصر نيابة أمن الدولة.

ووجهت النيابة لشادي محمد تهمة "تأسيس جماعة إرهابية"، إضافة إلى التهم الموجهة للشباب الخمسة، وهي "الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام والاشتراك في تجمهر الغرض منه الإخلال بالنظام العام". وطالب محاموه مرارًا بمساواته والشباب الخمسة بمن أُخلي سبيلهم في مظاهرات دعم فلسطين، حسبما قالوا سابقًا لـ المنصة.

ودخل شادي محمد في إضراب كلي عن الطعام منذ 29 يناير الماضي احتجاجًا على تغريبه من سجن العاشر 6 إلى سجن برج العرب، وتجريده من متعلقاته. قبل أن ينهي إضرابه بعد تحسن المعاملة معه من قبل إدارة السجن.

محرومون من ضوء الشمس

أفاد ثلاثة محامين وثلاثة من أقارب محتجزين في سجن العاشر 6 لمنظمة العفو الدولية بأن "جميع السجناء داخل عنابرهم محرومون من ضوء الشمس، حيث لا يُسمح لهم بالتريّض اليومي في الهواء الطلق كما تنص قواعد نيلسون مانديلا" حسب البيان.

وقالت ندى مغيث، زوجة رسام الكاريكاتير في المنصة المحبوس احتياطيًا منذ 22يوليو/تموز الماضي أشرف عمر، للعفو الدولية، إن زوجها لم يرَ ضوء الشمس منذ سبعة أشهر. وحسب ندى وقريبتا السجينين الآخرين، يقضي المحتجزون 23 ساعة يوميًا داخل زنازينهم، إذ لا يُسمح لهم سوى بساعة واحدة من التريض في ممر داخل مبنى الاحتجاز. ووفقًا للوائح الداخلية للسجون في مصر، يحق للمحتجزين احتياطيًا ساعتان من التريض يوميًا خارج زنازينهم.

وفي 3 فبراير/شباط، أبلغ عبد الخالق فاروق، المحتجز أيضًا في سجن العاشر من رمضان لأسباب سياسية، النيابة العامة بأنه بعدما اشتكى لمسؤولي السجن من عدم السماح له في التريض تحت أشعة الشمس، نُقل هو ومحتجَزيْن اثنين آخرين إلى عنبر خالٍ ومعزول، وذلك حسبما نقلت العفو الدولية عن أحد أفراد عائلته. كما قال إن ضابط شرطة هدّده بالنقل إلى سجن سوهاج، الذي يبعد حوالي 500 كيلومتر عن القاهرة حيث تقيم عائلته.

وأفادت ندى مغيث واثنتان من أقارب المحتجزين الآخرين لمنظمة العفو الدولية بأن زيارات العائلات في السجن تقتصر على 20 إلى 30 دقيقة مرة واحدة شهريًا، إلا في حالات الزيارات الاستثنائية "ويشكل ذلك انتهاكًا للوائح السجون، التي تنص على السماح للمحتجزين احتياطيًا بزيارة أسبوعية لمدة ساعة، وللسجناء المحكوم عليهم بزيارتين شهريًا" حسب نص البيان.

وأشارت منظمة العفو الدولية إلى حرمان بعض المحتجزين من الزيارات العائلية تمامًا "فعلى سبيل المثال، لم يتلقَ أنس البلتاجي (نجل القيادي الإخواني محمد البلتاجي) المحتجز تعسفيًا منذ 11 عامًا على خلفية انتماءات عائلته السياسية، أي زيارة منذ نقله إلى سجن العاشر 2 في يونيو/حزيران 2023".

ووفق البيان، أفادت ندى مغيث واثنتان من أقارب المحتجزين بتعرضهن المتكرر لعمليات تفتيش جسدي مهينة على يد الحارسات. وذكرن أن الحارسات يفتشن النساء مرتين قبل دخول قاعة الزيارة، ويتضمن التفتيش إدخال أيديهن داخل ملابسهن ولمس حمالات الصدر.

كما أفدن بأن حراس السجن يفتشون الطعام الذي تحضره العائلات بأيديهم دون قفازات وبطريقة غير صحية "ويُعدّ الطعام الذي تحضره العائلات مصدر التغذية الأساسي للمحتجزين نظرًا لرداءة جودة الطعام الذي يقدمه السجن أو عدم كفايته" وفق البيان.

وحسب العفو الدولية، بدأ تشغيل سجن العاشر من رمضان في 2023 "وسط حملة إعلامية حكومية تروّج له باعتباره خطوة نحو تحسين ظروف الاحتجاز".

واستنادًا إلى بحث أجرته منظمة العفو الدولية حول الوضع في 16 سجنًا في مختلف أنحاء مصر، وجدت المنظمة أن مسؤولي السجون في مصر "يُخضعون سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين لأسباب سياسية للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة من خلال ظروف احتجازهم، كما يتعمدون حرمانهم من الرعاية الصحية عقابًا لهم على معارضتهم".

ولم يختلف الوضع في سجن بدر 3، ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي دخل نزلاء سجن بدر 3 في إضراب عن الطعام؛ بسبب سوء المعاملة والتعنت مع ذويهم خلال الزيارات، ورفض إدخال أغلب ما يحملونه من متعلقات الزيارة والطعام بصفة خاصة، حسبما نشرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات وقتها.

وقتها، عادت المفوضية إلى فبراير/شباط 2023، عندما أقدم نزلاء بسجن بدر 3 على "الانتحار الجماعي"، كما أعلن العشرات إضرابهم المفتوح عن الطعام "اعتراضًا على الظروف المعيشية المتدنية التي يعانونها، بداية من الإضاءة المستمرة، وكاميرات المراقبة التي تعمل طوال اليوم، والتوسع في منع العديد من الأطعمة مما يجلبه الأهالي خلال الزيارات".

على أثر الاحتجاج، نقلت إدارة السجن العشرات من السجناء من سجن بدر 3 إلى زنازين التأديب في سجن بدر 1، بالإضافة إلى "ترحيل وتغريب العشرات من السجناء إلى سجون متفرقة ما بين وادي النطرون وبرج العرب والمنيا وجمصة شديدي الحراسة"، وفق المفوضية.

وعادة ما تنفي وزارة الداخلية أي انتهاكات أو إضرابات داخل السجون، وترد على تلك التقارير ببيانات صحفية عبر صفحاتها الرسمية تؤكد فيها أن مثل تلك المزاعم "دأبت الجماعة الإرهابية على ترويجها لمحاولة إثارة البلبلة بعد أن فقدت مصداقيتها بأوساط الرأي العام"، مؤكدة أن "الأمور تسير بشكل طبيعي بجميع مراكز الإصلاح والتأهيل ويتم تقديم الرعاية الكاملة لكافة النزلاء".