يعتزم نواب في البرلمان التقدم بتعديلات على مشروع قانون العمل، الذي يناقشه المجلس حاليًا، تتضمن إضافة مواد تمنح العامل الذي ثبت تعاطيه للمخدرات فرصة أخرى للعلاج.
وذكر تقرير اللجنة المشتركة من لجنة القوى العاملة ومكتبي لجنتي الشؤون الدستورية والتشريعية والخطة والموازنة بشأن مشروع القانون، اطلعت المنصة عليه، أن المادة 134 تنص على أن "يلتزم العامل بالخضوع للاختبارات الطبية بشأن تعاطي المواد المخدرة أو الأمراض المعدية، حينما يطلب منه صاحب العمل ذلك، وعلى نفقته، وإذا تأكدت إيجابية العينة يتم إحالة العامل للمحكمة العمالية المختصة لإعمال شؤونها".
كما نصت المادة على أن تتم الاختبارات الطبية بالهيئة العامة للتأمين الصحي، أو المعامل المركزية بوزارة الصحة، كما تتم الاختبارات والتظلم منها وفقًا للتنظيم والإجراءات والضمانات التي يصدر بها قرار من الوزير المختص، على أن يكون من بينها إجراء فحص لذات العينة في ذات يوم سحبها، وفي حالة اختلاف نتيجتي الفحص يتم إجراء تحليل توكيدي لدى أي من الجهتين السالف ذكرهما.
وقالت وكيلة لجنة القوى العاملة بمجلس النواب سولاف درويش لـ المنصة إن المادة 134 بمشروع القانون تحتاج إلى إضافة تعديل يسهم في منح العاملين المتعاطين للمخدرات فرصة للعلاج، مضيفة "نحن بصدد إعداد التعديلات التي سيتم طرحها خلال الجلسة العامة حول هذه المادة، لإحكام صياغتها والموافقة عليها بشكل يرضي كل الأطراف".
وحسب درويش، فمن حق العامل أن يقدم المستندات الطبية قبل عرضه على المحكمة العمالية، لا سيما إذا كان يتناول علاجًا يحتوي على مواد مخدرة بناءً على تقارير طبية.
وأشارت إلى أن العامل الذي يثبت تعاطيه للمخدرات يجب أن يُمنح فرصة أولى للعلاج إذا اعترف بالتعاطي "لكن إذا لم يلتزم بالعلاج وأظهرت التحاليل استمرار التعاطي، يتم تحويله إلى المحكمة العمالية لفصله، كحق للدولة وصاحب العمل لضمان أمان استثماراته وأمواله".
وعقب موافقة اللجنة على المادة في اجتماع لها، مؤخرًا، قال رئيسها عادل عبد الفضيل خلال الاجتماع إنه سيتم الإبقاء على مادة الكشف عن المخدرات كما هي مع إضافة آخر تعديل أصدره مجلس النواب، الذي يحدد 3 أنواع من التحاليل في المخدرات، وهي استرشادي وتوكيدي وتحليل آخر فاصل في حالة ظهور نتيجتين إيجابيتين، على أن يكون التحليل الثالث على نفقة العامل، بينما تجرى التحاليل الأخرى على نفقة صاحب العمل.
واتفق عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية عاطف المغاوري على أهمية منح فرصة ثانية للعامل الذي يثبت تعاطيه للمخدرات قبل إحالته للمحاكمة العمالية، وقال لـ المنصة "تقدمت في وقت سابق لتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 2021 في شأن شروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها، وهو الخاص بفصل الموظف المتعاطي للمخدرات، وبالتالي يجب مد منح الفرصة إلى العمال وليس للموظفين فقط، وهو ما سأطرحه خلال الجلسة العامة لمناقشة مواد مشروع القانون".
وأوضح أن مشروع القانون نص على أنه حال إيجابية العينة في الفحص لأول مرة يتم تنبيه العامل وتحذيره من مدى خطورة هذا الأمر على استمراره في العمل ويوقع على إقرار بالعلم بذلك، لافتًا إلى أنه حال ثبوت إيجابية العينة في الفحص الفجائي وللمرة الثانية يتم تحريزها وإيقاف العامل بقوة القانون عن العمل لمدة لا تزيد على 3 أشهر، أو لحين ورود نتيجة التحليل التوكيدي أيهما أقرب، مع استمرار صرف نصف أجره طوال فترة الوقف عن العمل.
وأكد المغاوري أن الهدف من هذه التعديلات هي معالجة الظواهر السلبية التي تؤثر على المجتمع وإصلاحه، وليس معاقبة أسرة العامل بفصله من عمله أو إحالته للمحاكمة.
وفي 20 مايو/أيار الماضي نظم العشرات من متضرري القانون 73 وأسرهم وقفة احتجاجية أمام مجلس النواب بشارع القصر العيني، وسبق ونظموا في الأول من الشهر نفسه وقفة احتجاجية بساحة حزب المحافظين، تزامنًا مع احتفالات الحزب بعيد العمال.
وفي 2 يونيو/حزيران الماضي، أخلت نيابة قصر النيل سبيل 13 موظفًا من المفصولين بناءً على تقارير لجان تحليل المخدرات بضمان محل الإقامة. وكانت قوات الأمن ألقت القبض عليهم من محيط نقابة الصحفيين بتهمة التظاهر.
وسبق أن ألقت قوات الأمن القبض، فجر 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على 6 موظفين سابقين، يقيمون في محافظات مختلفة، من منازلهم، في اليوم التالي لمشاركتهم في مؤتمر بحزب المحافظين للمطالبة بتعديل قانون العمل، أُطلق سراح أحدهم، بعد استجوابه داخل جهاز الأمن الوطني بالسويس، فيما ظل الخمسة مختفين قسريًا إلى أن ظهر 4 منهم في نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس.
وتوجه النيابة للمتهمين تهم "الانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، واستخدام حساب على شبكات التواصل الاجتماعي بالمخالفة للقانون".
وتفقد أسر الموظفين المفصولين، وفقًا لقانون 73 لسنة 2021، مصدر رزقها، خاصة أن العامل المفصول وفقًا لهذا القانون لا يحصل على أي حقوق أو تعويضات مالية من جهة عمله، ويحتفظ فقط بحقه في المعاش طبقًا لقانون التأمينات والمعاشات عند بلوغه السن القانونية.
ولم يكن ضيق الحال النتيجة الوحيدة لقرار الفصل بموجب القانون 73، بل لاحق الوصم المجتمعي الموظفين المفصولين، وأصبح قرار إنهاء الخدمة بمثابة صحيفة جنائية وتهمة أبدية تلتصق بصاحبها.
ورغم أنه لم تصدر أي بيانات رسمية عن الحكومة، عن عدد المفصولين جراء القانون، منذ أعلن مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان عمرو عثمان في تصريحات تليفزيونية يناير/كانون الثاني 2023، أن 1000 موظف بالحكومة تم إنهاء خدمتهم بعد ثبوت تعاطيهم المخدرات، فإن عضوة مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن النائبة إحسان شوقي قالت في تصريحات سابقة لـ المنصة إن "الأقاويل كثُرت حول عدد المفصولين وبعضها يقدره بـ60 ألف موظف".
ويشكك المفصولون جراء القانون في نتائج لجان تحليل المخدرات، ويتهمونها بالعشوائية وغياب الدقة والتعنت.
وتنص اللائحة التنفيذية لقانون 73 لسنة 2021 على أن تُشكل لجان فحص المخدرات لموظفي الهيئات الحكومية من جهات محددة من عدد من الوزارات على سبيل الحصر، ولا يجوز لأي جهة أخرى تشكيل هذه اللجان.
واشترطت اللائحة "ثبوت عدم تعاطي الشخص للمخدرات عند شغله الوظائف في الجهات الخاضعة لأحكام القانون، بالتعيين أو التعاقد أو الاستعانة أو الترقية أو الندب أو النقل أو الإعارة، أو الاستمرار فيها، من خلال تحليل فجائي استدلالي".
وحددت اللائحة التنفيذية الجهات المختصة بتطبيق أحكام القانون، وهي وزارة الصحة والسكان ممثلةً في الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، والمستشفيات التابعة لها، والإدارة المركزية للمعامل واللجان الطبية بالهيئة العامة للتأمين الصحي، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ممثلة في المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية، ووزارة التضامن الاجتماعي، ممثلة في صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي.
وفي 19 فبراير/شباط الماضي، وافقت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب بشكل نهائي على مشروع القانون، وتمت إحالته للجلسة العامة.
وفي وقت سابق من فبراير الماضي، أصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريرًا حقوقيًا رصد فيه ملاحظاته على مشروع القانون، مؤكدًا أنه لا يحقق التوازن المطلوب بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، رغم بعض التحسينات التي تضمنها.
وأشار التقرير إلى تضمن مشروع القانون نصوصًا تنحاز في حقيقتها لصالح أصحاب الأعمال، وتقلل من التزاماتهم تجاه العامل، ولا توفر آليات الأمان الوظيفي الكافي للعمال وضمان استقرار العلاقة بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بمرتكزات نشأة علاقة العمل والطبيعة العقدية لها، وكيفية إنهائها.
وانتقد التقرير تقليص العلاوة السنوية المستحقة للعمال، إذ يجعلها بواقع 3% من الراتب، في حين تبلغ نسبتها في القانون الساري 7%، مشددًا على عدم جواز انتقاصها باعتبارها حقًا مكتسبًا للعمال، لا سيما في ظل ثبات القوة الشرائية للجنيه.