ضرب زلزال ثالث إثيوبيا، مساء السبت، بقوة 4.7 درجة، على عمق 10 كيلومترات، وعلى بُعد 570 كيلومترًا من سد النهضة، وحوالي 400 كيلومتر من الحدود الشرقية لبحيرة السد، في وقت تسود فيه مخاوف بشأن إجراءات الأمن والسلامة المطبقة في السد الإثيوبي، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، الذي يثير توترات مع دولتي المصب، مصر والسودان.
وشهدت إثيوبيا زلزالين مشابهين في القوة في 1 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. وزلزال أمس هو الـ16 خلال 5 أسابيع، ورقم 31 هذا العام في إثيوبيا ومحيطها، حسبما أوضح أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، على فيسبوك.
وقال شراقي إن إثيوبيا سجلت العام الماضي 38 زلزالًا، كان أشدها بقوة 5.6 درجة.
وحذر شراقي من أن "النشاط الزلزالي فاق التوقعات خاصة في الأسابيع الخمسة الأخيرة.. لا بد من مراقبة دقيقة لسد النهضة والبحيرة التي يصل مجموع أطوالها أكثر من 200 كيلومتر".
وبشأن معدل الأمان بسد النهضة مع تكرار الزلازل في إثيوبيا، قال شراقي للشرق الأوسط "من المهم وجود دراسات جيولوجية حديثة تتابع زيادة معدلات النشاط الزلزالي في إثيوبيا".
وحسبما قال شراقي، الأسبوع الماضي، فإنه توجد دراسات جيولوجية قديمة للمنطقة "تم على أساسها تحديد مواصفات فنية للسد، ولم تلتزم بها إثيوبيا أيضًا، ورفضت كل التقارير والخطط التي وضعها خبراء دوليون، ومنها خطة المكتب الاستشاري الفرنسي عام 2018".
وكشف شراقي أن مواصفات ومعدلات أمان سد النهضة قضية مثارة من قبل بدء إنشائه "فما بين عامي 1958 و1964 أجرى مكتب الاستصلاح الأمريكي دراسات بطلب من حكومة أديس أبابا، وضع خلالها مواصفات السد الذي كان يسمى حينها سد الحدود، لأنه على الحدود السودانية، وكان من بين هذه المواصفات التي وضعت بسبب الطبيعة الزلزالية للمنطقة ألا يتجاوز حجم تخزين المياه خلف السد 11.1 مليار متر مكعب، لكن إثيوبيا تجاهلت كل الدراسات، ووصل تخزين السد إلى 64 مليار متر مكعب".
وإلى جانب شراقي، دعا أستاذ الاستشعار عن بعد بجامعة تشابمان الأمريكية الدكتور هشام العسكري إلى ضرورة "إجراء دراسات جيولوجية شاملة للمنطقة المحيطة بسد النهضة، وتقييم دوري لسلامته"، وفق الشرق الأوسط.
وأضاف العسكري "الزلازل التي وقعت في إثيوبيا مؤخرًا تبعد نحو 500 كيلومتر عن سد النهضة، لكن هذا لا يعني أن السد في مأمن من الخطر، خصوصًا أن منطقة الفالق الإفريقي تشهد نشاطًا زلزاليًا مزدادًا".
وأواخر الشهر الماضي، أعلن رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد إتمام عملية ملء سد النهضة بنسبة 100%، مؤكدًا أن بلاده ليست لديها رغبة في الصراع، لكنها "ستواجه بحزم أي جهود لتقويض استقرارها"، وقال إن عملية حجز مياه السد "تمت دون أن يلحق ضرر بدول المصب"، وفق وكالة الأنباء الإثيوبية.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت مصر انتهاء المسارات التفاوضية بشأن سد النهضة، مؤكدة في بيان لوزارة الري أنها ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر.
وكان وزير الري الدكتور هاني سويلم أقرّ في مارس/آذار الماضي بتأثر مصر بسد النهضة، لكنه أكد أن "الدولة المصرية قدرت تتعامل معاه بتكلفة ما"، مؤكدًا في الوقت ذاته أن "اتفاقية إعلان المبادئ بتقول لو تسبب السد في أضرار لدول المصب، فيه ثمن لازم يندفع، ولازم مصر هتطالب به في يوم من الأيام".
وخلال الشهر الماضي، صرح الرئيسي عبد الفتاح السيسي بأن نهر النيل قضية ترتبط بحياة الشعب المصري وبقائه، كونه يشكل المصدر الرئيسي للمياه في البلاد، بنسبة تتجاوز 98%، مضيفًا أن الحفاظ على هذا المورد الحيوي هو مسألة وجود تتطلب التزامًا سياسيًا دؤوبًا وجهودًا دبلوماسية وتعاونًا مع الدول الشقيقة لضمان تحقيق الأهداف المشتركة.
وفي سبتمبر/أيلول، أحاطت إثيوبيا، مجلس الأمن، بما وصفته بـ"تهديد مصر المتكرر باستخدام القوة" لإنهاء أزمة سد النهضة، زاعمة استعدادها لحل الخلافات من خلال مفاوضات حقيقية على أساس القانون الدولي.
جاء ذلك ردًا على خطاب وجهته مصر وقتها إلى مجلس الأمن، بشأن تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا، المتعلقة بالمرحلة الخامسة من ملء سد النهضة، وحجز كمية من مياه النيل الأزرق، مؤكدة أنها "غير مقبولة جملة وتفصيلًا".