وجهت مصر، اليوم الأحد، خطابًا إلى مجلس الأمن، بشأن تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، المتعلقة بالمرحلة الخامسة من ملء سد النهضة، وحجز كمية من مياه النيل الأزرق، مؤكدة أنها "غير مقبولة جملة وتفصيلًا"، في وقت عد خبير ذلك خطوة لتذكير المجتمع الدولي بمخاطر سد النهضة.
وكان رئيس وزراء إثيوبيا أعلن، قبل أيام، اكتمال سد النهضة 100% بحلول ديسمبر/كانون الأول المقبل، مشيرًا إلى أن نسبة المياه المحتجزة في بحيرة السد بلغت 62.5 مليار متر مكعب ومن المتوقع أن تبلغ حتى ديسمبر ما بين 70 إلى 71 مليار متر مكعب من إجمالي السعة الكلية للسد 74 مليار متر مكعب.
وذكر الخطاب المصري، الموجه من وزير الخارجية بدر عبد العاطي، أن القاهرة تظل متابعة عن كثب للتطورات، ومستعدة لاتخاذ جميع التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه، مشيرًا إلى أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة، أسهما في التعامل مع الآثار السلبية للتصرفات الأحادية لسد النهضة في السنوات الماضية.
وكان وزير الري، الدكتور هاني سويلم، أقرّ في مارس/آذار الماضي بتأثر مصر بسد النهضة، لكنه أكد أن "الدولة المصرية قدرت تتعامل معاه بتكلفة ما"، مؤكدًا في الوقت ذاته أن "اتفاقية إعلان المبادئ بتقول لو تسبب السد في أضرار لدول المصب، فيه ثمن لازم يندفع، ولازم مصر هتطالب به في يوم من الأيام".
وجدد خطاب وزير الخارجية إلى مجلس الأمن، رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، والتي تُشكل خرقًا صريحًا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر/أيلول 2021.
وذكر الخطاب أن انتهاء مسارات المفاوضات بعد 13 عامًا من التفاوض بنوايا مصرية صادقة، جاء بعدما وضح للجميع أن أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل لحل، مع سعيها لإضفاء الشرعية على سياساتها الأحادية المناقضة للقانون الدولي، والتستر خلف ادعاءات لا أساس لها، وهي أن تلك السياسات تنطلق من حق الشعوب في التنمية.
ونبّه البيان أن اللجنة العليا لمياه النيل، برئاسة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أكدت في اجتماعها الأسبوع الماضي، "حق مصر في الدفاع عن أمنها المائي واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق ذلك على مختلف الأصعدة".
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت مصر انتهاء المسارات التفاوضية مع إثيوبيا بشأن سد النهضة.
سد غير آمن
في غضون ذلك، رأى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية الدكتور عدلي سعداوي، ضرورة لجوء مصر في هذا التوقيت إلى مجلس الأمن، قائلًا إن المجلس هو الجهة الأممية المنوط بها صون الأمن والاستقرار في العالم، وأن التجاوزات الإثيوبية تشكل تهديدًا للسلم بالمنطقة؛ لذا كان ضروريًا تذكير المجلس بمستجدات هذا التهديد.
وأوضح سعداوي، في تصريح إلى المنصة، أن الخطاب يطلع المجلس على مستجدات سد النهضة، ويذكر المجتمع الدولي كافة بمخاطره، وبموقف مصر الرافض لأي خطوات أحادية من إثيوبيا.
وقال سعداوي، وهو أيضًا العميد السابق لمعهد بحوث ودراسات حوض النيل، "لم يحدث في التاريخ أن شيدت دولة مشروعًا مائيًا، دون تبادل للبيانات مع الدول المتشاطئة، بدايةً من دراسات الآثار البيئية والاقتصادية، ودرجات أمان المنشأ، وصولًا إلى الملء والتشغيل، واستدرك "حدث هذا فقط في سد النهضة".
وسبق أن خاطبت مصر مجلس الأمن الدولي بشأن سد النهضة في 8 مناسبات، بدايةً من أبريل/نيسان 2020 حتى سبتمبر/أيلول 2023.
ونبّهت القاهرة، في مذكرة أرسلتها إلى مجلس الأمن قبيل الملء الأول لسد النهضة، إلى أن انخفاضًا في المياه بمقدار مليار متر مكعب فقط سيؤدي، في القطاع الزراعي وحده، إلى فقدان 290 ألف شخص لدخولهم، وفقدان 130 ألف هكتار من الأراضي المزروعة، وزيادة قدرها 150 مليون دولار في الواردات الغذائية، وخسارة قدرها 430 مليون دولار في الإنتاج الزراعي.
طريق بديل
من جانبه، أكد أستاذ القانون الدولي، الدكتور محمد مهران، ضرورة إيجاد إطار قانوني جديد يتعامل مع تحديات الأمن المائي بجدية أكبر، مضيفًا أن العالم يحتاج إلى تطوير الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية لعام 1997، لتكون اتفاقية دولية شاملة تنظم استخدام الموارد المائية المشتركة، وتضع آليات ملزمة وفعالة لحل النزاعات.
وشدد، في تصريحات صحفية عبر واتساب، على أهمية الوقت في التعامل مع الأزمة، قائلًا إن "كل يوم يمر دون حل عادل يزيد من مخاطر حدوث أزمة لا يمكن السيطرة عليها".