نفذت إسرائيل، فجر اليوم، هجومًا سريعًا على إيران استهدف مواقع عسكرية في 3 محافظات. وأكد الجيش الإيراني، في بيان، "نجاحه" في التصدي للهجوم مع وقوع خسائر "محدودة"، قبل أن يعلن، في بيان ثانٍ، مقتل اثنين من قواته خلال مواجهة الضربة الإسرائيلية.
وكانت إيران أمطرت إسرائيل بأكثر من 200 صاروخ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ردًا على اغتيال إسماعيل هنية على في طهران، والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله في بيروت. وهذا هو الهجوم الثاني الذي تشنه طهران على تل أبيب بعد ضربة مماثلة في أبريل/نيسان الماضي، ردًا على اعتداء إسرائيلي على السفارة الإيرانية في دمشق.
وبرر جيش الاحتلال هجومه على طهران بقوله إن "النظام الإيراني وحلفاءه في المنطقة لم يتوقفوا عن مهاجمة إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 على سبع جبهات، بما في ذلك عبر هجمات انطلاقًا من الأراضي الإيرانية من حقّ دولة إسرائيل وواجبها أن تردّ"، وفق موقع تايمز أوف إسرائيل.
وقال مسؤول إسرائيلي لشبكة "إن بي سي" إن "تل أبيب لم تكن تستهدف المنشآت النووية أو حقول النفط الإيرانية، بل كانت تركز على الأهداف العسكرية"، حسب ما نقله الموقع الإسرائيلي.
بدوره، أعلن الدفاع الجوي الإيراني، في البيان الأول عقب الهجوم، أنه "على الرغم من التحذيرات السابقة من قبل مسؤولي الجمهورية الإسلامية للكيان الصهيوني الإجرامي وغير الشرعي لتجنب القيام بأي عمل مغامر، فقد قام هذا الكيان المزيف هذا الصباح، في خطوة مثيرة للتوتر، بمهاجمة مراكز عسكرية في محافظات طهران وخوزستان وإيلام"، وفق وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا".
وقال "بينما تم اعتراض هذا العمل العدواني ومواجهته بنجاح من قبل المنظومة الشاملة للدفاع الجوي، فقد لحقت أضرار محدودة ببعض النقاط، ويجري التحقيق في أبعاد الحادث".
وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن "إيران لها الحق والواجب في الدفاع عن نفسها بعد الضربات الإسرائيلية".
ونقلت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية، عن مصادر مطلعة، لم تسمها، أن "طهران، كما أعلنت سابقًا، مستعدة للرد على اعتداء تل أبيب". وأضافت "إيران تحتفظ بحقها في الرد على أي اعتداء ولا شك أن إسرائيل ستتلقى ردًا متناسبًا على أي عمل".
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قال، في بيانه للإعلان عن الهجوم، أنه "على أهبة الاستعداد هجوميًا ودفاعيًا".
وتتضمن أهداف الضربة وفق المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي "وسائل إنتاج صواريخ قامت إيران بإطلاقها نحو إسرائيل في هجماتها. كما قمنا بمهاجمة منظومة الصواريخ أرض- جو والقدرات الجوية لإيران التي تهدف إلى تقييد حرية العمل الجوية لإسرائيل في إيران".
وأضاف أدرعي، عبر إكس،"أهداف الغارات تحققت ورسالتها كانت واضحة: من يهدد دولة إسرائيل سيدفع ثمنًا باهظًا".
واستأنفت طهران رحلاتها الجوية بشكل طبيعي عقب الهجوم. وقال المتحدث باسم منظمة الطيران المدني جعفر يازرلو لوكالة الأنباء الإيرانية، "لا توجد أي مشكلة في أي من مطارات البلاد"، مطالبًا الركاب بالإطلاع على جدول الرحلات قبل التوجه إلى المطار تحسبًا لأي تأخير. كما أعلن العراق إعادة مجاله الجوي بعد إغلاقه بسبب "التوترات الإقليمية".
"على إيران عدم الرد"
واعتبر مسؤول أمريكي، في تصريح إلى رويترز، أن الضربات الإسرائيلية على المواقع العسكرية في إيران تبدو ردًا متناسبًا مع الضربة الإيرانية السابقة لتل أبيب، مع انخفاض مخاطر إلحاق الضرر بالمدنيين، حسب ما نقله موقع سويس إنفو.
وأضاف المسؤول الأمريكي أن "هذا يجب أن يكون نهاية تبادل إطلاق النار المباشر بين البلدين"، مضيفًا أن الولايات المتحدة لديها قنوات اتصال متعددة مباشرة وغير مباشرة مع إيران، وأوضحت موقفها.
الأمر نفسه دعمه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، قائلًا إن إيران يجب ألا ترد على الضربات الإسرائيلية، وحث جميع الأطراف على ضبط النفس.
وقال الخبير وكبير محللي معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي مالكولم ديفيس، لـ سي إن إن، إنه في حين أبقت إسرائيل على هجومها "محدودًا" و"دقيقًا"، إلا أنه كان "محرجًا بالتأكيد" لإيران، مضيفًا أنه في حال ردت إيران انتقامًا للضربة فسترد إسرائيل، وقد تستهدف منشآت نووية أو نفطية، معلقًا "لذلك أعتقد أن مصلحة إيران هنا هي في الأساس تلقي هذه الضربة والتراجع وقبول حقيقة أن إسرائيل شنت هذا الهجوم".
وقبل الهجوم، لم تستبعد التصريحات الإسرائيلية أن يتضمن الرد ضربًا لمنشآت نووية لإيران، وهو ما تخوفت منه الولايات المتحدة، وأكدت ضرورة الابتعاد عنه.
وقال الكاتب الإيراني، أراش عزيزي، إن الضربات الإسرائيلية التي تجنبت البنية التحتية المدنية ومنشآت الطاقة، السبت، تركت الإيرانيين "مرتاحين إلى حد كبير"، حسب سي إن إن.
وتابع إنه تحدث إلى عدة مصادر بعد الهجوم، وأشار إلى أن مخاوف معظم الناس لم تتحقق، مشيرًا إلى أن إسرائيل لم تصل إلى حد مهاجمة مصافي النفط والبنية التحتية للطاقة ومرافق المياه، كما أنها لم تستهدف مسؤولين سياسيين أو عسكريين.
ردود الفعل الدولية
في غضون ذلك، أدانت مصر والسعودية وقطر والإمارات والعراق وسوريا وباكستان الهجوم الإسرائيلي على إيران. ووصفت السعودية الهجوم بأنه "يعد انتهاكًا لسيادتها ومخالفة للقوانين والأعراف الدولية"، مؤكدة "رفضها استمرار التصعيد في المنطقة وتوسع رقعة الصراع الذي يهدد أمن واستقرار دول المنطقة وشعوبها"، حسب الشرق الأوسط.
ودعت قطر إلى ضبط النفس. وأعربت الإمارات عن قلقها العميق إزاء استمرار التصعيد وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة. وحذر العراق من "مغبة النتائج الخطيرة" جراء "صمت المجتمع الدولي"، إزاء الهجوم الإسرائيلي على إيران.
من جانبها قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، إن مصر "تتابع بقلق بالغ حالة التصعيد الخطيرة والمتسارعة بالشرق الأوسط والتي كان آخرها الهجوم الإسرائيلي على إيران صباح اليوم، وتدين كل الإجراءات التي تهدد أمن واستقرار المنطقة وتؤدي إلى تأجيج الوضع الهش بالإقليم وإذكاء حالة الاحتقان واحتدام الصراع بالمنطقة".
وحذرت مصر "من مخاطر التصعيد الراهنة التي قد تؤدي سواء عن عمد أو نتيجة لحسابات خاطئة لانزلاق المنطقة إلى مواجهة خطيرة تهدد الأمن الإقليمي والدولي"، داعية إلى "سرعة التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة في إطار صفقة يتم بموجبها إطلاق سراح الرهائن والأسرى، باعتبارها السبيل الوحيد لخفض التصعيد والأساس الذي سيؤدى إلى إقرار التهدئة المطلوبة في هذا الظرف الحرج بالإقليم".
وكان وزير الخارجية الأمريكي عقد اجتماعًا أمس في لندن مع عدد من وزراء الخارجية العرب، لبحث مفاوضات غزة، وذلك عقب جولته الأخيرة بالشرق الأوسط.
وأدانت حركة حماس "بأشد العبارات" العدوان الإسرائيلي على إيران، مشيرة إلى أنه "يُعد انتهاكًا صارخًا للسيادة الإيرانية، وتصعيدًا يستهدف أمن المنطقة وسلامة شعوبها"، وحملت الاحتلال "كامل المسؤولية عن تداعيات هذا العدوان المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية"، وفق بيان للحركة عبر قناتها على تليجرام اطلعت عليه المنصة.