فيما حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، من توسع دائرة الصراع في المنطقة، مطالبًا بضرورة وقف التصعيد للحيلولة دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة، اتفق مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على أهمية استمرار المسار الحالي لاستكشاف آفاق التطوير المشترك للعلاقات بين البلدين.
وهذه أول زيارة لمسؤول إٍيراني بهذا المستوى إلى مصر منذ 2013، وتأتي في خضم التصعيد في الشرق الأوسط حيث تخوض إسرائيل حربًا مع حركة حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان.
وقال السيسي، خلال استقباله عراقجي بالقاهرة بحضور وزير الخارجية بدر عبد العاطي، إن توسيع دائرة الصراع والانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة، ستكون له تداعيات خطيرة على أمن ومقدرات جميع دول وشعوب المنطقة، حسب بيان لرئاسة الجمهورية.
وأكد الرئيس ضرورة استمرار وتكثيف الجهود الدولية الرامية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، ووقف الانتهاكات والاعتداءات في الضفة الغربية، وإنفاذ المساعدات الإنسانية العاجلة والكافية لإنهاء المعاناة المتفاقمة للمدنيين.
ووصل عراقجي إلى القاهرة آتيًا من عمّان، في إطار جولة إقليمية شملت أيضًا لبنان وسوريا والعراق والسعودية وقطر وسلطنة عمان، وتأتي الجولة في ظل تهديد إسرائيل بالرد على هجوم صاروخي إيراني استهدفها مطلع الشهر الجاري، وتوعّد طهران بالرد على أي اعتداء يطالها.
ونفذت إيران هجومين صاروخيين واسعي النطاق على إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي، بعد استهداف الاحتلال قنصليتها في دمشق ومقتل 7 مستشارين عسكريين، وأكتوبر/تشرين الأول الجاري ردًا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله.
وخلال لقاء منفصل بين وزيري الخارجية المصري والإيراني، أكد عبد العاطي ضرورة التعامل بحذر فى هذه المرحلة الدقيقة والمنعطف الخطير الذي تمر به المنطقة، مشددًا على أهمية تجنب استدراج الإقليم إلى مواجهة كارثية قد تؤدي إلى حرب إقليمية واسعة ذات عواقب مدمرة لكافة أطرافها، لن تكون أي دولة بالإقليم بمنأى عن تداعياتها.
ولفت وزير الخارجية المصري، في بيان، إلى أهمية احترام حرية الملاحة البحرية وتحديدًا منطقة البحر الأحمر، كما شدد على أهمية تمكين المؤسسات اللبنانية ودعمها في هذه المرحلة الحرجة وتحديدًا الجيش اللبناني لتمكينه من بسط سلطته ونفوذه على كامل أراضيه ضمانًا للأمن والاستقرار فى لبنان الشقيق.
وعلى صعيد العلاقات الثنائية شهد لقاء السيسي وعراقجي توافقًا على أهمية استمرار المسار الحالي لاستكشاف آفاق التطوير المشترك للعلاقات بين البلدين، وفق بيان الرئاسة.
وتأتي زيارة عراقجي للقاهرة في ظل تقارب في العلاقات بين مصر وإيران خلال الأشهر الأخيرة.
وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، إن العلاقات المصرية الإيرانية بدأت في التحسن بنهاية العام الماضي وخلال العام الجاري، إذ هنأ السيسي، نظيره الإيراني مسعود بزشكيان بعد فوزه بالرئاسة في يوليو/تموز الماضي، بالإضافة للقاءات جمعت وزيري الخارجية السابقين المصري سامح شكري والإيراني حسين أمير عبد اللهيان على هامش اجتماعات ومؤتمرات دولية.
واعتبر رخا، في تصريح إلى المنصة، اللقاءات السابقة والمتواصلة حاليًا دليلًا على حرص البلدين على إعادة العلاقات لطبيعتها على مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى درجة السفراء، مرجحًا حدوث ذلك بعد إنتهاء الحرب الدائرة في المنطقة.
وكانت الخبيرة المتخصصة فى شؤون السياسة العربية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، صافيناز محمد أحمد، قالت إنه رغم اتجاه إيران للتهدئة مع عدد من الدول في المنطقة وعودة علاقاتها مع السعودية لطبيعتها في مارس/آذار 2023، إلا أن مصر آثرت التريث وتقييم مدى استجابة طهران لوجهات نظر القاهرة.
وأضافت صافيناز، في افتتاحية العدد 62 من دورية بدائل التي ترأس تحريرها، أن القاهرة أبدت قدرًا من المرونة تجاه محاولات إيران المتعددة لإعادة العلاقات لطبيعتها، فلم تغلق الباب أمام تلك المحاولات كليةً، ولم تفتحه على مصراعيه.
ودللت على حديثها بإعلان الحكومة المصرية في مارس 2023، فتح المجال أمام حركة السياحة الإيرانية بعد فترة انقطاع طويلة، وربطتها بشروط محددة، وقدمت القاهرة تلك الخطوة بادرة على حسن نيتها كمرحلة أولى فى مسار دراستها إمكانية إعادة العلاقات مع طهران.
وأرجعت الباحثة المشاركة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية آمنة فايد، أسباب تريث مصر تجاه توطيد العلاقات مع إيران إلى رغبة القاهرة في معرفة مصير الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، واختبار علاقة طهران بدول الخليج.
وكان البلدان قطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979، قبل أن تُستأنف من جديد بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح، وشهدت الفترة الأخيرة تحركات إيرانية من أجل تطبيع العلاقات، وتعززت الاتصالات في ظل الحرب الأخيرة على غزة.
واندلعت الحرب في قطاع غزة منذ أطلقت حماس عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، ردًا على الانتهاكات الإسرائيلية قبلها بشهور، وعلى أثرها أعلن حزب الله فتح جبهة إسناد لغزة، وبعد قصف متبادل مع إسرائيل عبر الحدود لحوالي سنة، صعدت إسرائيل الشهر الماضي ضرباتها في لبنان حيث تنفذ غارات عنيفة وعمليات برية محدودة في لبنان تتركز على حد قولها على أهداف لحزب الله.