أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، أمس، تعزيز قواتها في منطقة الشرق الأوسط، دعمًا لإسرائيل في مواجهة الضربة الإيرانية المرتقبة، ردًا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والذي جاء بعد يوم واحد من اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر جنوب لبنان.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن الولايات المتحدة ستنقل سربًا من الطائرات المقاتلة إلى الشرق الأوسط وستحتفظ بحاملة طائرات في المنطقة. كما أمر وزير الدفاع، لويد أوستن، بإرسال طرادات ومدمرات إضافية، قادرة على التصدي للصواريخ الباليستية، إلى مناطق في أوروبا والشرق الأوسط، وكذلك اتخاذ خطوات لإرسال المزيد من مضادات الدفاع الصاروخي الباليستي الأرضية، وفق الحرة.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، بنشر قوات عسكرية أمريكية جديدة للحماية من هجمات محتملة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وفقًا للبيت الأبيض.
وفي السياق ذاته، استعرضت القيادة المركزية الأمريكية، أمس، قدرات حاملة الطائرات يو إس إس ثيودور روزفلت (سي في إن 71) التي وصلت في 12 يوليو/تموز الماضي، إلى منطقة عمليات الأسطول الخامس الأمريكي، وتشمل منطقة الخليج والبحر الأحمر وخليج عمان وأجزاء من المحيط الهندي.
وقالت القيادة المركزية، في بيان عبر إكس، "إن نشر الحاملة روزفلت في المنطقة له أهمية استراتيجية قصوى. حيث تخدم عدة أغراض رئيسية، بما في ذلك تعزيز الأمن البحري، وتوفير الدعم الحاسم للعمليات، وتعزيز الردع والاستقرار، وتمكين عمليات الاستجابة السريعة".
من جانبه، قال دبلوماسي إيراني لجريدة وول ستريت جورنال الأمريكية، إنه "علِم من خلال حكومته أن محاولات الدول المختلفة لإقناع طهران بعدم التصعيد كانت وستظل غير مُجدية بالنظر إلى الهجمات الإسرائيلية الأخيرة"، مشددًا "لا جدوى من ذلك، إسرائيل تجاوزت جميع الخطوط الحمراء، وسيكون ردنا سريعًا وثقيلًا"، وفق ما نقله موقع الشرق.
وحذّرت الصحيفة، من أن نقص المعلومات هذه المرة دفع المنطقة إلى واحدة من "أخطر لحظاتها" منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ونقلت عن أندرو تابلر، وهو المدير السابق للشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، قوله "قلة المعلومات تعني إمكانية سوء تقدير الخطوة التالية على سلم التصعيد، والنتيجة قد تكون تصعيدًا يصعب السيطرة عليه بدلًا من رد محدود مثل الذي حدث في أبريل".
ووجهت إيران لأول مرة في أبريل/نيسان الماضي عشرات الصواريخ إلى تل أبيب، في هجوم استمر نحو 5 ساعات، لكنه لم يسفر عن قتلى أو جرحى، وذلك ردًا على استهداف قنصليتها في سوريا ومقتل 7 من مستشاريها.
وفي سياق ترقب الهجوم، أعلن التليفزيون الإيراني مساء أمس أنه "في الساعات المقبلة، سيشهد العالم مشاهد غير عادية وتطورات مهمة للغاية".
وقال مستشار قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني إيرج مسجدي، إن"دماء شهداء المقاومة الطاهرة ستبقى خالدة وستنتقم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لهذه الدماء من العدو الصهيوني"، وفق وكالة الأنباء الإيرانية إرنا.
كيف قُتل هنية؟
وفيما يترقب العالم الضربة الإيرانية لإسرائيل وسط مخاوف من اندلاع حرب إقليمية أوسع، لا تزال الروايات تتوالى عن عملية اغتيال هنية.
ونقلت صحيفة التليجراف البريطانية، عن مصدرين إيرانيين لم تسمهما، أن جهاز الموساد الإسرائيلي وظّف عملاء أمن إيرانيين لزرع متفجرات في المبنى، حيث كان يقيم هنية، وأن الخطة الأصلية كانت تنفيذ العملية، في مايو/أيار الماضي، خلال حضور هنية جنازة إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني السابق، غير أن العملية لم تتم بسبب الحشود الكبيرة داخل المبنى واحتمالية فشلها العالية.
وأضافت الصحيفة عن عملية الاغتيال أن "عميلان وضعا أجهزة متفجرة في ثلاث غرف في دار ضيافة تابعة للحرس الثوري الإيراني في شمال طهران، حيث قد يقيم هنية، وشوهد العملاء يتحركون بخفة أثناء دخولهم وخروجهم من غرف متعددة خلال دقائق"، وفقًا للمسؤولين الذين لديهم لقطات كاميرات المراقبة للمبنى، حسب ما نقله موقع الحرة.
وأوضح المصدر ذاته، أن العملاء تسللوا بعد ذلك خارج البلاد، ولكن كان لديهم مصدر لا يزال في إيران. وفي الساعة الثانية صباحًا من يوم الأربعاء، فجروا المتفجرات عن بُعد في الغرفة التي كان يقيم فيها هنية.
لكن مسؤول حركة حماس في طهران خالد القدومي، قدم رواية مغايرة تقوم على أن هنية استهدف بقذيفة أو صاروخ.
وقال القدومي، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية إرنا، إنه بعد انتهاء مراسم التنصيب ومأدبة العشاء انتقل هنية إلى مقر إقامته شمال طهران، والذي "لم يكن سريًا وكان معروفًا لدى الكثير من الناس، وكان خاصًا بكبار الضيوف القادمين إلى البلد".
وأوضح ممثل حماس أنه "بعد وصولنا إلى مقر الإقامة في وقت متأخر من الليل، صلى القائد الشهيد صلاة العشاء، ثم جلسنا وتحدثنا عن مراسم اليمين الدستورية للرئيس وأجوائها الطيبة، وقال لي مباشرة إن العديد من وزراء الخارجية وممثلين عن دول بعضها لا تعترف بحماس تقدموا للسلام عليه وتبادلوا التحيات معه".
وأضاف القدومي "تحدثنا عن حادث الاغتيال للشهيد فؤاد شكر وفضل الشهادة وحسن الخاتمة، وقال هنية إن هذه هي نهاية سعيدة لكل أخ مجاهد يقاتل الكيان الصهيوني".
وبعد ذلك توجه هنية إلى غرفته للنوم، وفقًا للقدومي، موضحًا أنه "في تمام الساعة 1:37 دقيقة حدثت صدمة للمبنى، فخرجت من المكان الذي كنت فيه، ورأيت دخانًا كثيفًا، وبعد ذلك عرفنا أن الحاج أبو العبد قد استشهد".
وأضاف "من شدة الصدمة التي حصلت للمبنى ظننت أنه حصل رعد أو زلزال، ففتحت النافذة لم أجد مطرًا أو رعدًا، فالجو كان حارًا، وذهبنا إلى الطابق الرابع الذي كان فيه الشهيد فوجدنا أن جدار وسقف المكان الذي كان فيه قد سقط وتدمر".
وتابع القدومي "من الواضح من شكل المكان بعد الهجوم وما حدث له، ومن جثة الشهيد القائد إسماعيل هنية، أن الاستهداف قد تم بواسطة مقذوف من الجو، سواء كان صاروخا أو قذيفة"، مستدركًا أنه لا يريد الخوض في تفاصيل أكثر "هناك فرق فنية تخصصية من الأشقاء في الجمهورية الإسلامية تقوم بالتحقيق وستعلن عن النتائج لاحقًا".
وفي غضون ذلك، قال الحرس الثوري الإيراني، اليوم السبت، إن هنية اُغتيل بمقذوف صاروخي قصير المدى.
ووفق بيان للحرس فإن اغتيال هنية "إجراء صممه النظام الصهيوني بدعم من الحكومة الأمريكية"، وفق ما نقله موقع الشرق الأوسط.
وأضاف البيان "التحقيقات أظهرت أن هذه العملية الإرهابية تمت عبر إطلاق مقذوف قصير المدى برأس حربي زنة نحو 7 كيلوجرامات، مصحوبًا بانفجار قوي، من خارج منطقة سكن الضيوف".
وختم الحرس الثوري الإيراني بيانه مهددًا "سيتلقى النظام الصهيوني المغامر والإرهابي الرد على هذه الجريمة، وهو العقاب الشديد في الزمان والمكان والكيفية المناسبة".