استخدمت الولايات المتحدة، أمس، حق النقض "الفيتو"، ضد مشروع قرار تقدمت به الجزائر يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، مبررة ذلك بـ"تأثيره سلبًا على المفاوضات الجارية"، وسط انتقادات دولية واسعة لموقف واشنطن، في وقت يصل منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكجورك، إلى القاهرة، اليوم الأربعاء، ضمن جولة جديدة من المفاوضات للوصول إلى هدنة وإتمام صفقة لتبادل المحتجزين.
وتعد هذه هي المرة الثالثة التي تعرقل فيها الولايات المتحدة قرارًا لوقف النار في غزة. كانت المرة الأولى ضد مشروع قرار قدمته 10 دول في الربع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أي بعد نحو شهر فقط من الحرب، ثم عرقلت مشروع قرار آخر قدمته الإمارات في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد، لمجلس الأمن، إن القرار الذي اقترحته الجزائر سيؤثر سلبًا على المفاوضات الحساسة الجارية في المنطقة، حسب سي إن إن.
وأضافت جرينفيلد بعد التصويت "إن المضي في التصويت اليوم كان مجرد تمنٍ وغير مسؤول، ولذا فرغم أننا لا نستطيع دعم قرار من شأنه أن يعرض المفاوضات الحساسة للخطر، فإننا نتطلع إلى المشاركة في نص نعتقد أنه سيتناول الكثير من المخاوف التي نتقاسمها جميعًا".
وكانت الولايات المتحدة تقدمت خلال اليومين الماضيين بمشروع قرار إلى مجلس الأمن، يتضمن الدعوة إلى هدنة مؤقتة في غزة، دون تحديد وقت تنفيذها، إلى جانب رفض عملية الاجتياح البري المرتقبة لرفح، لخطورتها على المنطقة.
في غضون ذلك، أعربت مصر عن "أسفها البالغ ورفضها عجز مجلس الأمن مجددًا عن إصدار قرار يقضي بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، على خلفية استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لحق النقض للمرة الثالثة، وذلك ضد مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر نيابةً عن المجموعة العربية"، وفق بيان لوزارة الخارجية مساء أمس.
واعتبرت مصر أن "إعاقة صدور قرار يطالب بوقف إطلاق النار في نزاع مسلح ذهب ضحيته أكثر من 29 ألف مدني، معظمهم من الأطفال والنساء، يُعد سابقةً مشينةً في تاريخ تعامل مجلس الأمن مع النزاعات المسلحة والحروب على مر التاريخ، الأمر الذي يترتب عليه المسؤولية الأخلاقية والإنسانية عن استمرار سقوط الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، واستمرار معاناتهم اليومية تحت نيران القصف الإسرائيلي".
كما انتقدت السعودية والإمارات الفيتو الأمريكي، وقالت الرياض إن "هناك حاجة أكثر من أي وقتٍ مضى إلى إصلاح مجلس الأمن، للاضطلاع بمسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين بمصداقية ودون ازدواجية في المعايير"، ووصفت أبوظبي الفيتو الأمريكي بـ "المؤسف"، وفق بوست للمستشار الرئاسي الإماراتي، أنور قرقاش، عبر إكس.
ووصفت الصين الفيتو الأمريكي بـ"المخيب للآمال". وقال سفير الصين لدى الأمم المتحدة تشانج جون، الأربعاء، "بالنظر إلى الوضع على الأرض، فإن التجنب السلبي المستمر لوقف إطلاق النار الفوري لا يختلف عن إعطاء الضوء الأخضر لاستمرار المذبحة"، حسب سي إن إن.
وتابع تشانج أن الفيتو الأمريكي "يبعث برسالة خاطئة" ويدفع "الوضع في غزة إلى وضع أكثر خطورة"، بينما دعا إسرائيل إلى التخلي عن خطتها لشن هجوم على رفح.
في غضون ذلك، يصل منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكجورك، إلى القاهرة، اليوم، لمناقشة مساعي التوصل إلى اتفاق بشأن تبادل المحتجزين والضغط من أجل الحصول على ضمانات من إسرائيل بشأن الهجوم على رفح، حيث سيتوجه إلى تل أبيب الخميس،حسب بي بي سي.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي إن ماكجورك سيجري محادثات "لمعرفة ما إذا كان يمكن التوصل لاتفاق بشأن المحتجزين"، كما سينقل مخاوف الرئيس جو بايدن بشأن تنفيذ عملية في رفح من دون حماية المدنيين، موضحًا أنه "في ظل الظروف الحالية، وبدون مراعاة سلامة وأمن هؤلاء اللاجئين بشكل صحيح، ما زلنا نعتقد أن تنفيذ عملية في رفح سيكون كارثة".
وكانت حماس أعلنت وصول وفد من الحركة برئاسة إسماعيل هنية إلى القاهرة، أمس، "لإجراء مباحثات مع المسؤولين المصريين بشأن الأوضاع السياسية والميدانية في قطاع غزة".
واستضافت القاهرة، الأسبوع الماضي، جولة محادثات بمشاركة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، ورئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي دافيد برنيا، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، لمناقشة التهدئة بقطاع غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، ووقف إطلاق النار بالقطاع.