تصوير المنصة، 2025
خالد البلشي، المرشح لمنصب نقيب الصحفيين اثناء زيارته لـ المنصة، 27 أبريل 2025

خالد البلشي في المنصة: لا نتماهى مع الدولة في مفاوضاتنا ولن نذهب بقانون النقابة لهذا البرلمان

منشور الأربعاء 30 أبريل 2025 - آخر تحديث الأربعاء 30 أبريل 2025

على مدار عامين طرقت المواقع المستقلة أبواب مكتب نقيب الصحفيين خالد البلشي، من أجل رفع الحجب عنها أو تسهيل التراخيص أو التفاوض على حقوق الصحفيين المحبوسين والإفراج عنهم. لكن حتى الآن، ما زالت المنصة ومعها مواقع أخرى، محجوبة يتعذر الوصول إليها. ولا زال الزميل أشرف عمر، رسام الكاريكاتير، محبوسًا، بينما يترشح النقيب الذي وعد بالعمل على ملف الصحفيين المحبوسين، لدورة ثانية يستكمل خلالها مسار المفاوضات مع مؤسسات الدولة في معركة الحريات.

البلشي الذي ذاق مرارة الحجب خلال فترة توليه رئاسة تحرير موقع درب، أوضح خلال نقاش مع صحفيي المنصة، التي زارها الأحد الماضي ضمن جولاته الانتخابية، أن التفاوض خلال سنتَي نقابته، كان سبيله الوحيد من أجل حرية الصحافة ورفع الحجب عن المواقع "لما جت شكاوى الحجب على الأقل إحنا تحركنا فيها ورفعناها، ما قلناش إنها مش موجودة".

تجاوب في الغرف المغلقة.. فقط

لجأ البلشي خلال العامين الماضيين إلى المجلس الأعلى للإعلام "أظن في الوقت ده حصل تواصل مع المنصة من المجلس، بس فيه طول الوقت تعقيدات".

الحجب الذي رفعته السلطات عن موقع درب فور فوز البلشي بمنصب نقيب الصحفيين، لم تحظَ به مواقع أخرى، لكن النقيب يوضح "رفعوا الحجب عن بعض المواقع الأخرى الصغيرة، ومواقع خارجية تدخلنا لها"، لكنه يستطرد "بقى عندنا مشكلتين، لهما علاقة بموقعين أو ثلاثة"، يبتسم النقيب مُلمِّحًا أن من بينها المنصة.

التعاون مع مؤسسات وأجهزة الدولة والذي لا يعني التماهي معها

يفسر البلشي "هناك من يُقدِّر تقديرات خفية طول الوقت، وكنت أنا نفسي بنضرب بيها طول الوقت، طول الوقت الحق، شوف بيعمل إيه، شوف جاي منين، بيشتغل لمين"، مع ذلك يلفت إلى أن المفاوضات التي جرت بشأن المنصة كانت "أكثر تجاوبًا من أماكن تانية".

"إحنا نتمنى إنه يُترجم لرفع الحجب عن كل المواقع، ونتمنى أن يُترجم لقانون أو للتعديلات التشريعية التي تقدمنا بها على الأقل، فلا يجب أن يحدث الحجب بقرار إداري، وليس بقرار مأمور ضبط"، يقول البلشي موضحًا أن التغيير في هذا الملف ليس سهلًا ويحتاج مفاوضات طويلة.

يتحدث البلشي عن مبررات الأمن القومي التي تذرع بها البعض خلال موجة الحجب الأولى التي طالت المواقع الإلكترونية في 2017، موضحًا أنه كان يرأس حينها تحرير موقع البداية واتخذ خطوات للعمل على مواجهة هذه الموجة "عملنا مؤتمر في البداية، جبنا فيه النقابة وجبنا فيه أطراف، وبعد كده رحنا عملنا مؤتمر في النقابة".

يشير إلى تحذيره حينها من دفع أثمان غالية نتيجة هذا الحجب "قلنا في ناس هيتشردوا، بخلاف إن ده طبعًا رسالة سيئة جدًا لها علاقة بحرية التعبير، المفاجأة أن النقابة خرجت إلا قليلًا، العضوين الثلاثة اللي وقفوا معانا".

أما النقيب حينها، عبد المحسن سلامة "اعتبر إن ده عادي يعني فيه ضرورة أمن قومي دلوقتي" يوضح البلشي مستنكرًا "المفاجأة أنه هو نسي لما جالكم".

وحُجِبَ المنصة للمرة الأولى إلى جانب عشرات المواقع الأخرى في يوليو/تموز 2017 دون أن تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن حجب المواقع. وبعد صدور قانون تنظيم الإعلام رقم 180 لعام 2018، الذي خوَّل للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حق حجب المواقع الصحفية بقرارات مسببة يمكن الطعن عليها قضائيًا؛ تعرَّضت المنصة للحجب عدة مرات كان آخرها في 2022، دون إعلان أيضًا. 

https://www.youtube.com/watch?v=YnffAFRTHIY

إغلاق الباب الدوار

في يوليو/تموز الماضي خاض نقيب الصحفيين مفاوضات للإفراج عن أشرف عمر، لكن حتى الآن لم ينل عمر حريته، بينما يوضح البلشي "من اللحظة الأولى تحركنا".

يفسِّر ثبات وضع عمر كما هو عليه طوال هذه الفترة "طول الوقت بيخرج ناس، لكن أعتقد إن كان فيه انتكاسة في الفترة دي، لكن قبلها كان فيه تحركات"، موضحًا أن المفاوضات نجحت في إخراج 11 صحفيًا محبوسًا، لكن "هذا الملف تراجع شوية، ومع ذلك لم نتركه، أشرف وكل المحبوسين حاضرين في التفاوض، وأظن إن المسألة بدأت تنفرج من جديد".

"النقيب ده هو مدير التفاوضات" هكذا يرى البلشي دوره، موضحًا أن التعاون مع مؤسسات وأجهزة الدولة لا يعني التماهي معها "النقيب لازم يقعد مع كل الناس ومع كل الأطراف، عشان لو حد محبوس مش هيخرج غير لما تتفاوض مع أطراف بعينها".

ورغم ما حققته المفاوضات من نجاح "حصل نكسة وردَّة كده" حسبما يعتقد، مُشبِّهًا حالات القبض على الصحفيين بالباب الدوار الذي يلف ليبتلع الصحفيين، مشيرًا إلى أنه توقف لنحو عام "ثم عاد مرة أخرى وخسرنا ثلاثة، ونجحنا في إيقافه فيما بعد".

لا تتوقف النقابة في إدارتها لملف المحبوسين عند التفاوض فهو ليس المسار الوحيد حسب النقيب، متحدثًا عن تخصيص إعانات اقتصادية لأسر المحبوسين، فضلًا عن الدعم النفسي والمعنوي من خلال الزيارات والتكريمات.

أزمة صحفيي المواقع

خالد البلشي المرشح لمنصب نقيب الصحفيين في المنصة، 27 أبريل 2025

انضمام صحفيي المواقع الإلكترونية للنقابة كان نقطة محورية في النقاش مع البلشي الذي يناصر حقوق ممارسي المهنة من نقابيين وغير نقابيين، ورغم ذلك شهد عهده نقاشات بشأن سبل الانضمام دون تغيير في القانون أو اللائحة.

"النقابات في العالم هي بِنت جمعيتها العمومية، محدش يقولي إن أنا ممكن أفرض على جمعيتي العمومية ده". يشير إلى مقاومة قطاع من أعضاء الجمعية العمومية انضمام صحفيي المواقع الإلكترونية إلى النقابة.

لكن رغم المقاومة "تقديري إن النقاش بدأ وبدأ بقوة"، يقول المرشح لمنصب النقيب.

ينفي البلشي الذي تحرك خطوة بإعلان العمل على انتساب صحفيي المواقع للنقابة باعتباره الحل المتاح الآن، تراجعه عن هذا الاتجاه، موضحًا أن سبب التوقف "لأن حصل هبة شديدة تقول تريث وحق الناس إنها تتناقش".

لدينا أجندة تشريعية

تهتم المنصة بالبيئة التشريعية المنظمة للعمل الصحفي، فكان غياب قانون الحق في تداول المعلومات حتى الآن محورًا أساسيًا في النقاش مع البلشي، الذي رد موضحًا مساراته التي خاضها من أجل الوصول لقانون يمثل استحقاقًا دستوريًا منذ أكثر من عشر سنوات.

أشار البلشي إلى أن الجمعية العمومية الماضية كلفت مجلس النقابة الجديد، بالاشتباك مع الحوار الوطني، "بقيت مكلف بده، بقيت إنت بتشترك مع ده، وبتقول احنا عايزين إيه، ولما بتشترك مع الناس بتقول لهم فيه مشكلة اسمها حرية تداول المعلومات، والموضوع ده مش للصحافة، ده للصحافة والبحث العلمي والاقتصاد كمان".

يرى البلشي أن المجلس نجح في إعداد أجندة تشريعية لنقابة الصحفيين

"كان لا بد أن نقدم رؤيتنا، لم نكتفِ بمشروعات القوانين المقدمة من آخرين، لأن الحقيقة المشروعات التي كانت مطروحة فيها كتير من المطاعن بالنسبة لنا، وكثير من الملاحظات"، يقول البلشي موضحًا فتح حوار داخلي بالنقابة، وإعداد المشروع ورفعه للحكومة.

يرى البلشي أن المجلس نجح في إعداد أجندة تشريعية لنقابة الصحفيين "ظني إن ده، لازم الناس ينتبهوا ليه وأنت تقارن، بين مكان مغلق، ما كانش مسموح فيه بالنقاش، ولا حتى بالقعاد، وبين أنه هو بياخد الخطوات".

مع ذلك ينبّه المرشح لولاية نقابية ثانية أصحاب التوقعات العالية إلى أن "النقابة مش هتحل المشاكل السياسية في البلد دي، ولا يجوز تحميلها ده، هي دورها إنها تبقى جزء من طرح قضاياها، وقضايا المجتمع طول الوقت".

وردًا على اشتباك النقابة مع مجلس النواب بشأن مشروعات قوانين أبرزها الإجراءات الجنائية وتأثير هذه المعركة على النقابة بشكل عام وعلى وضع البلشي أمام الجمعية العمومية، قال النقيب إن هذا "أعاد للنقابة دورها"، مفسرًا "ده المناخ اللي أنا بشتغل فيه، أسيبه ليه؟".

وأوضح النقيب أن المفاوضات التي جرت خلال مناقشة قانون الإجراءات الجنائية انتهت بالحصول على مكتسبات وتعديل مواد تخص الصحفيين "اشتبكنا بشكل هادئ، ونحافظ على علاقات بيننا وبين الأطراف المختلفة، بس كمان رؤية نقابة الصحفيين كانت إحدى الرؤى المحترمة في هذا المجتمع".

مخاطر الذهاب إلى البرلمان

أعلن البلشي في المؤتمر الصحفي الذي عقده لإعلان برنامجه الانتخابي تصديه لمحاولات تعديل قانون النقابة، فسألناه في المنصة عن الأسباب ومخاطر التعديل، فأشار إلى المفارقة التي حدثت بين حماسه لتغيير القانون في بداية دورته ثم رفضه المساس به الآن.

خالد البلشي أثناء زيارته لـ المنصة، 27 أبريل 2025

"لما بدأت الدورة دي، كنت متبني وجهة نظر، إن إحنا عندنا القانون في مجمله جيد، وعندنا باب الحقوق والحريات لا يوجد مثله في المنطقة، لكن عندنا مواد تقادمت".

يوضح البلشي أنه طرح تعديل بضع مواد على مجلس النقابة شريطة موافقة الجمعية العمومية مكتملة "بعض أعضاء المجلس اعترضوا، وأغلبهم من التيار الذي يدافع عن الحريات، وبعض من الطرف الثاني دفع بشدة نحو التعديل وعدم انتظار جمعية عمومية مكتملة".

أثار هذا الأمر قلق البلشي، وطرح الأمر على صحفيين أعضاء بمجلس النواب "جالنا تحذير واضح بعدم طرح أي تعديلات أمام هذه الدورة" البرلمانية. ورغم أن ما يُطرح في التعديلات يشمل مدَّ فترة النقيب من سنتين إلى أربع، ما يمكن أن يتيح لأي نقيب فرصة أطول لتنفيذ برنامجه دون ضغط، يؤمن البلشي أن "مصلحة الجمعية العمومية أن تُستدعى كل سنتين".

اعتصامات في مكتب النقيب

شهدت النقابة عدة اعتصامات في عهد البلشي، كان آخرها وأكثرها لفتًا للأنظار اعتصام صحفيي القيد الاستئنافي، المتظلمين ضد قرارات عدم قيدهم بالنقابة، في مكتب النقيب نفسه، متهمين إياه بالامتناع عن تنفيذ أحكام قضائية.

"لا مش أحكام القضائية" جاء رد البلشي قاطعًا على السؤال، موضحًا أن القرارات صادرة عن لجنة تظلمات الصحفيين، وغير موقَّع عليها من كل أعضاء اللجنة، ومع انعقاد اللجنة "فوجئوا إن عندهم في جلستين 46 زميل هناك قرارات جاهزة بقبولهم فرفضوا التوقيع ورفعوا لمجلس النقابة أنهم رفضوا التوقيع"، ويوضح "عندنا لجنة من خمسة فيها ثلاثة رفضوا التوقيع فالقرار نفسه مشوب بالبطلان إن لم يكن باطلًا".

وفي محاولة للحل مع تصاعد الشكاوى طرح البلشي فكرة الخضوع للجان من جديد، لكن المعتصمين رفضوا والنقابة تمسكت بعدم تنفيذ "قرارات باطلة لأن التنفيذ خطر على النقابة" وهو ما يوضحه بقوله "ناس داخلين بقرارات من صحف انتهت، ليس فقط الترخيص منتهي لكن الشركة نفسها انتهت من 2020".

يخوض البلشي معركته محاولًا الاستمرار في التفاوض من أجل مصلحة الجمعية العمومية، محذرًا من عودة فكرة مرشح الدولة مرة أخرى، وسط حاجة الصحفيين للخدمات وأزمات تدني الأجور مؤمنًا أن كل هذه الحقوق الأساسية تأتي في الأساس من تحسين ظروف وأوضاع المهنة أولًا.